د . عائض القرني
الحب ماء الحياة ،وغذاء الروح ، وقوت النفس .
تعكف الناقة على حوارها بالحب ،
ويرضع الطفل ثدي أمه بالحب وتبني الحمرة عشها بالحب ،
بالحب تشرق الوجوه ،
وتبتسم الشفاه ،
وتتألق العيون .
الحب قاض في محكمة الدنيا ،
يحكم للأحباب ولو جار ،
ويفصل في القضايا لمصلحة المحبين ولو ظلم ،
بالحب وحده تقع جماجم المحاربين على الأرض كأنها الدنانير ،لأنهم أحبوا مبدأهم ، وتسيل نفوسهم على شفرات السيوف ،
لأنهم أحبوا رسالتهم ،
أحب الصحابة والمنهج وصاحبه ،
والرسالة وحاملها ، والوحي ومنزله ،
فتقطعوا على رؤوس الرماح طلبا للرضا في بدر ،
وأحد ، وحنين ، وهجروا الطعام والشراب ،
والشهوات في هواجر مكة ، والمدينة ،
وتجافوا عن المضاجع في ثلث الليل الغابر ، وأنفقوا طلبا لمرضاة الحبيب .

بالحـــــــــــــــــــــــــب
صاح حرام بن ملحان مقتولا :
فزت ورب الكعبة !،
بالحـــــــــــــــــب
نادى عمير بن الحمام إلى الجنة مستعجلا :
إنها لحياة طويلة إذ بقيت حتى آكل هذه التمرات !
، بالحــــــــــــــــــــــــــب
صرخ عبد الله بن عمرو الأنصاري
: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى
!. لما أحب الخليل ـ عليه الصلاة والسلام ـ صارت له بردا وسلاما ،
ولما أحب الكليم موسى ـ عليه السلام ـ انفلق له البحر ،
ولما أحب خاتمهم حن له الجذع ، وانشق له القمر .
المحب عذبه عذاب ،
واستشهاده شهد لأنه محب .
أحبك لا تسأل لماذا لأنني * أحبك هذا الحب رأي ومذهبي

بالحــــــــــــــــــب
يثور النائم من لحافه الدافئ ،
وفراشه الوثير لصلاة الفجر ،
بالحـــــــــــــــــــــــب
يتقدم المبارز إلى الموت مستثقلا الحياة ،
بالحـــــــــــــــب
تدمع العين ، ويحزن القلب ،
ولا يقال إلا ما يرضي الرب ،
الحب
كالكهرباء في التيار يلمس الأسلاك فإذا النور ،
ويصل الأجسام فإذا الدفء ،
ويباشر المادة فإذا الإشعاع ،
الحب كالجاذبية به يتحرك الفلك ،
وتتصاحب الكواكب ، وتتآلف المجموعة الشمسية ،
فلا يقع بينهما خصام ولا قتال ، بالحب تتآخى الشموس في المجرة ،
فلا صدام هناك ،
ويوم ينتهي الحب يقع الهجر والقطيعة في العالم ،
وسوء الظن والريبة في الأنفس ،
والانقباض والعبوس في الوجوه ،
يوم ينتهي الحب لا يفهم الطالب كلام معلمه العربي المبين ،
ولا تذعن المرأة لزوجها ولو سألها شربت ماء ،
ولا يحنو الأب على ابنه ولو كان في شدق الأسد ،
يوم ينتهي الحب تهجر النحلة الزهر ، والعصفور الروض
، والحمام الغدير ،
يوم ينتهي الحب تقوم الحروب ،
ويشتعل القتال ،
وتدمر القلاع ،
وتدك الحصون ،
وتذهب الأنفس والأموال ،
ويوم ينتهي الحب تصبح الدنيا قاعا صفصفاً ،
والوثائق صحفا فارغة ،
والبراهين أساطير ، والمثل ترهات ! .
لا حياة إلا بالحب ،
ولا عيش إلا بالحب ،
لا بقاء إلا بالحب ،
إذا أحببت شممت عطر الزهر ،
ولمست لين الحرير ، وذقت حلاوة العسل ،
ووجدت برد العافية ،
وحصلت أشرف العلوم ،
وعرفت أسرار الأشياء .

وإذا كرهت صارت كل كلمة عندك جارحة ،
وكل تصرف مشبوها ، وكل حركة مشكوك فيها ،
وكل إحسان إساءة .
المحب هجره وصال ،
وغضبه رضا ،
وخطيئته إحسان ،
وخطؤه صواب .
ويقبح من سواك الفعل عندي * وتفعله فيحسن منك ذاكا !

الحب حبان
: حب ارضي طيني سفلي إنما هو هيام وغرام ،
وحب علوي سماوي إلهي ،
وهو طاعة وعبادة وشهادة وسيادة .
فحب الأرض للعيون السود والخدود والقدود ،
ووادي الغضا ، وأهل البان ، وذكريات سلمى ، وأيام ليلى .
وحــــــــــــــــب الإله تعلق بشرعه ،
وانقياد لأمره ،
وامتثال لدينه ، وتقرب منه .
حب الطين آهات وزفرات وحسرات وندامات .
وحب رب العالمين
علو ورفع وكرامة وسلامة وسعادة وريادة ،
كيف لا تحب الله وما من نعمة عليك إلا هو منعمها ،
ولا بلية إلا هو صرفها؟ !
هو المحسن وحده _ جل في علاه _
.، فقضاؤه عدل ، وشرعه رحمة ،
وخلقه جميل ،
وصنعه حكيم ،
وفضله واسع ،
ووصفه حسن ،
فلا عيب في شئ من صفاته ،
بل الكمال كله فيها ،
ولا نقص في تدبيره ،
بل الحكمة أجمعها فيه ،
ولا خلل في صنعه ، بل الحسن أوله وآخره فيه ،
فحبه واجب ، والتقرب منه فريضة ،
وشكره حتم ، وطاعته لازمة .
أما الحب سواه فمنافع متبادلة ،
وأهواء مشتركة ، وأغراض مادية ،
يشوبه الخلل والزلل والإسراف وعدم الاستقرار ،
مع ما يعقبه من أسف وندامة وحسرة .
ولا أحد في الكون يسكن له العبد ، ويتوكل عليه إلا الواحد الأحد ، ولذلك سمى نفسه ( الله ) . قيل هو الذي تأله النفوس إليه .
وتسكن إليه في علاه .
الحب للرحمن جل جـلاله * وهو مستحق الحب والأشواق
اذا اعجبك الموضوع و اردت نشره في المنتديات الاخرى فاستخدمي هذا الرابط:
الحـــــــــــــــــــــــــــــــب
http://forum.hawahome.com/t294637.html
اللهم اهدني لصالح الاعمال والاخلاق لا يهدي لصالحها الا انت
واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها الا انت
ولا أحد في الكون يسكن له العبد ، ويتوكل عليه إلا الواحد الأحد ، ولذلك سمى نفسه ( الله ) . قيل هو الذي تأله النفوس إليه .
وتسكن إليه في علاه .
الحب للرحمن جل جـلاله * وهو مستحق الحب والأشواق
جزاك الله عنا عزيزتي الغالية على ما سطرته من درر خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهره وباطنه