الحضن الدافئ لمشاكل المراهقة

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

-
*بقلم: د. محمد هشام راغب
المشرف العام على موقع الشباب. كوم
مفكرة الإسلام : عندما تنتقل الفتاة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والمراهقة فإنها تنتقل إلى عالم جديد تمامًا عليها يصاحبه ثورة عارمة في جسدها ونفسها، ولعل هذا التغيير يكون أهم تغيير في حياتها كلها. وتكون الفتاة الصغيرة خلال هذا الانتقال شديدة الحاجة لأم تقف بجوارها تمدها بالحنان والحب وتزودها بالمعلومة والفهم الصحيح والحوار الهادئ. وإن لم تجد الفتاة الصغيرة هذا العون فربما تنزلق لمشاكل نفسية خطيرة تشوّه فترة حساسة في حياتها.
تتأرجح الفتاة في مرحلة البلوغ بين رغبتها في أن تعامل كفتاة كبيرة راشدة وبين رغبتها وحاجتها أن يهتم بها من حولها مما يحدث إرباكًا للوالدين، ولكن لا مفر للوالدين من التحلي بالصبر في التعامل مع التغييرات المتلاحقة التي ستمر بفتاتهما الصغيرة، وعلى الأم أن تتحمل مسئوليتها في العبور بابنتها إلى بر الأمان في هذه المرحلة الحساسة.
يتراوح سن البلوغ لمعظم البنات بين 10 و 14 سنة، وفي المناطق الحارة ربما يبدأ قبل ذلك؛ ولذلك تبدأ الأم من قبل سن العاشرة في حوار هادئ مع ابنتها حول ما سيطرأ على جسدها من تغيرات كظهور الشعر في أماكن من جسمها، وزيادة مطردة في طول قامتها و بروز ثديها، وهذا التنبيه يساعد الفتاة ويشعرها بالطمأنينة عندما ترى وتلمس هذه التغيرات الفسيولوجية قد وقعت بالفعل. ويصاحب هذا الحوار زرع للثقة في نفس الفتاة بأن تبيّن لها الأم أنها أصبحت الآن فتاة كبيرة جميلة لها شخصيتها واحترامها وأصبح لها حياؤها الذي يزينها ويزيدها جاذبية وجمالاً، ومما يساعد في بث هذه الثقة أن تبتعد الأم تمامًا عن العتاب والتوجيه المباشر، وأن تتجنب تعبيرات مثل و بل تبدأ الحوار في كل مرة بذكر محاسنها وصفاتها الجميلة ولا تمل من ذلك.
ثم تحدثها عما سيحدث عندما يأتيها الحيض لأول مرة، وهي تجربة شديدة الحساسية بعيدة الأثر في نفس كل فتاة، وتوضح لها أنها تغيرات طبيعية جدًا، وتشرح لها الشعور ببعض الآلام المصاحبة، وهيئتها وكيف يحدث الحيض. وتغلف كل هذا بالمعاني الإيمانية الراقية، وتقول لها إن الحيض هو الاستعداد الشهري للرحم لاستقبال البويضة الملقحة، والتي ستصبح بعد ذلك مولودًا وأن كل هذه التغيرات التي ستطرأ عليها ما هي إلا إعدادًا لها لدورها العظيم ورسالتها الكريمة في الحمل والولادة والأمومة. ولتحذر الأم من انزلاق الحوار المطلوب إلى جدال وخلاف؛ فإن هذا يصيب العلاقة مع ابنتها بالفتور والضيق، ولتوطّن الأم نفسها على الاستعداد للتنازل في بعض الأمور كلون الملابس ونوع الطعام، و تبدي في هذا مرونة يجعلها تلتقي مع ابنتها في منتصف الطريق عند حدوث خلاف في الرأي؛ لأن العصبية والتوتر التي تصاحب فترة البلوغ تحتاج إلى سعة صدر لاحتوائها.
وتوضح لها أن الأمر ـ مع ما يصاحبه من حياء طبيعي ـ لا يدعو للخجل والانطواء أو الشعور بالعيب، ولما اشتكت عائشة للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنها حاضت في حجة الوداع وهي محرمة؛ فقال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحنان وعطف يعني لا عيب فيه ولا ذنب لها، ولما سألت أم سليم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن احتلام النساء، أثنت عليها عائشة ـ رضي الله عنها ـ وقالت . ومعنى الكلام أن هناك فرق بين الحياء الطبيعي ـ وهذا شعور محمود مرغوب ـ وبين الخجل والإحساس بالعيب أو الذنب.
ومن الضروري أن تكون الأم قريبة من ابنتها عند حدوث الحيض لأول مرة، وتذكرها بما قالته لها نظريًا؛ فهذا يشعر البنت بالثقة والاطمئنان عندما ترى أن ما سمعته قبل ذلك تراه الآن يظهر و يتحقق أمامها، وفي هذه الأيام الأولى للحيض تفيض الأم على فتاتها كلام الحب والحنان وتمزجه بكلام الإيمان حول حكمة الله تبارك وتعالى في خلقه ورحمته بهم في الإعداد المتدرّج للمرأة لتتحمل مسئوليتها وعن قدرة الله في تهيئة الأسباب لحفظ النوع والنسل.
ومن المفيد أيضًا أن تتطرق الأم للكلام عن العلاقة مع الجنس الآخر، وأن فهم هذه العلاقة ليس سرًا أو معيبًا، وتحدثها عن حكمة الله تبارك وتعالى في خلق الإنسان من ذكر وأنثى؛ فيولد وله أب قوي يلبي حوائجه وأم حنون تحتويه، وليس من الضروري أن تغوص الأم في سرد تفاصيل العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة في هذه المرحلة، ولكن في نفس الوقت لا تتجاهلها بالكلية، بل تتحدّث مع فتاتها بالقدر الذي يفهمها أن هذه العلاقة الطبيعية ليست عيبًا أو شيئًا مستقذرًا أو لا يصح الحديث عنه. إن تجنب الكلام تمامًا عن العلاقة بين الجنسين ربما يوقع الفتاة الصغيرة التي بلغت لتوها في مشكلتين كبيرتين:
• فربما تنطوي البنت على نفسها وتشعر أن هذه علاقة معيبة فيتكون لديها موقف مضاد للجنس ورهبة من هذا المجهول يؤثر فيما بعد على علاقتها بزوجها وربما تتطور لأزمة زواج حقيقية، والشكاوى كثيرة من هذا الباب.• أو تغامر بنفسها في البحث عن هذا المجهول الغامض إما عن طريق زميلاتها أو عبر الانترنت أو بأية وسيلة أخرى، والتي عادة ما تجد فيها المعلومة إما بشكل غير تربوي أو بطريقة تجارية فجة.
*و كلا الأمرين يمكن تجنبه ببساطة، وكلام الأم المباشر مع ابنتها أغنى من أي كلام نظري يقدّم لها من أية جهة أخرى. تقول الإخصائية الألمانية 'مارلين ليست' .
و الأم كذلك تقدّم لابنتها الضوابط الشرعية لحياتها الجديدة، فهي الآن فتاة كبيرة جميلة تتأدب بأدب الحوار وآداب المجالس، وتلتزم بالفرائض من صلاة وصيام وحجاب، وتعلمها أحكام الغسل من الحيض وما يمنعه الحيض من مس المصحف والصلاة والصيام وقراءة القرآن.
*في الحقيقة نريد من الأم أن تبحث عن ابنتها ولا تدعها تبحث عنها، نريد لها أن تكون جزءًا من حياة ابنتها تشاركها أحلامها الصغيرة وخيالها الواسع، نريد منها ألا تتجسس عليها بل تحفظ لها خصوصياتها، ولكن في نفس الوقت تشجعها على الحوار و'الفضفضة'، ونريدها أن تعبّر بالكلام دائمًا عن مشاعر الحب؛ فتردد على مسامع ابنتها لدى عودتها من المدرسة مثلاً أنها افتقدتها طوال ساعات النهار، و تستخدم معها مهارات الإنصات وحسن الاستماع لها بالإضافة إلى متابعة هواياتها واهتماماتها المتنوّعة. نريد من الأم أن تكون العين الحانية والحضن الدافئ الذي تلوذ به ابنتها التي انطلقت من عقال الطفولة إلى رحابة وسعة المراهقة.
إن الفتاة المراهقة تملك عواطف متأججة وميلاً فطريًا للجنس الآخر ركّبه الله تبارك و تعالى فيها، وفي مرحلة المراهقة إن لم تجد هذا الإشباع العاطفي وهذا الحنان داخل بيتها فستبحث عنه بنفسها خارج البيت، وستقع فريسة سهلة لأول كلمات حلوة تصب في أذنيها من هنا أو هناك، وسوف لن تسعفها سنها الصغيرة ولا خبرتها القليلة أن تفحص بعقل ما وراء هذه الكلمات المعسولة.إننا نعوّل كثيرًا على الأم فمن تحت يديها تتخرج أجيال صالحة.
الأم مدرسة إذا أعددتها* أعددت شعبًا طيب الأعراق
والبديل لهذه الرعاية ولهذه العناية هو خروج فتيات بأزمات نفسية ضخمة تترافق مع الميول الطبيعية للمراهقات للتمرد على المألوف والتقليدي، ولإثبات الذات الجديدة التي بدأت تدب في جسدها ونفسها.

- منقول
11
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

انثى في عالم حواء
الله يعافيك على هالكلام الجميل جداَ
بس أمهات هالأيام موفاضيين لبناتهم ..
فاضيين للمكياج والصالونات والصبغات..
الله يهدينا وللخير يرشدنا..
®§[كحيلة^^العينين]§®
موضوع رائع

يعطيك العافية
shma2
shma2
موضوع رائع يعطيك العافية
موضوع رائع يعطيك العافية
كلام اكثر من رائع ومفيد جدا ......... جزاك الله خير
fahad
fahad
shma2 shma2 :
كلام اكثر من رائع ومفيد جدا ......... جزاك الله خير
كلام اكثر من رائع ومفيد جدا ......... جزاك الله خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أخت انثى في عالم حواء
وجعلها الله في موازين حسناتك

ربما نعم لكن لا تفقدنا الصبر مع الدعاء لهنا
الام مهما انشغلة عن البنت فهي داخل تفكيرها حتى ترها عروس ان شاء الله


جزاك الله خيرا أخت ®§§®
وجعلها الله في موازين حسناتك


جزاك الله خيرا أخت shma2
وجعلها الله في موازين حسناتك
(وجه القمر)
(وجه القمر)
جزاك الله الف خير على النقل الراااائع مجهووووووووووود تشكر عليه .................
وبالنسبة لكلام الدكتوووور اتمنى كل ام تقرا هذا وتعيه وانشا الله كل ام تدارك الموقف قبل فوات الاوان وتكون هي الملجأ لابنتها بعد الله سبحانه لانها اذا خسرت ابنتها في هذا السن لن تستطيع كسب ودها بعد ذلك ..........................