الذاكرات

الذاكرات @althakrat

محررة ذهبية

الحـــــــــق ليـــــس ثقيــــلاً ..

ملتقى الإيمان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن الله عز وجل خلق الخلق على الفطرة كما قال تعالى { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ } ، وما فطر الناس عليه هو محبة الحق وإرادته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :" والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه " وقال أيضًا: "فإن الحق محبوب في الفطرة، وهو أحب إليها وأجل فيها، وألذ عندها من الباطل الذي لا حقيقة له، فإن الفطرة لا تحب ذلك" .

وفضلاً عما هو مركوز في النفوس في محبة الحق، فإن النفوس مفطورة على معرفة الحق كذلك، كما قال تعالى عن موسى - عليه السلام - { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : "في النفوس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في أنها ولدت على الفطرة" .

وقال أيضًا: " والله سبحانه وتعالى خلق عباده على الفطرة التي فيها الحق والتصديق به، ومعرفة الباطل والتكذيب به، ومعرفة النافع الملائم والمحبة له، ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة، فما كان حقًا موجودًا صدقت به الفطرة، وما كان حقًا عرفته الفطرة وأحبته واطمأنت إليه وذلك هو المعروف، وما كان باطلاً معدومًا كذبت به الفطرة، فأبغضته الفطرة فأنكرته، قال تعالى: { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ } " .

وما هو مركوز في النفوس من معرفة الحق وإرادته ومحبته مؤيد بشاهد الشرع، كما قال تعالى { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } ، فالبينة الوحي الذي أنزل الله ، والشاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصريح.
قال العلامة عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -: " فالدين هو دين الحكمة التي هو معرفة الصواب والعمل بالصواب، ومعرفة الحق والعمل بالحق في كل شيء" .

والنفوس إذا بقيت على الفطرة فإنها لا تطلب إلا الحق، والحق واضح بيّن لا غموض فيه.

قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : " فإن الحق نورًا " رواه الحاكم في المستدرك، وقال : على شرط الشيخين ووافقه الذهبي فالحق واضح سهل في نفسه، فطر الناس على معرفته ومحبته وقبوله إلا من انحرفت فطرته، فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: " أمرني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بسبع، وذكر منها : " وأمرني أن أقول بالحق وأن كان مرًا" رواه أحمد بإسناد حسن، فقوله - صلى الله عليه وسلم - عن الحق " وإن كان مرًا " فهذا إنما هو باعتبار من لم تتهذب نفسه وباعتبار نسبة الحق إلى البدع والأهواء، قال الراغب الأصفهاني - رحمه الله - : " قولهم ( الحق مر ) فهو باعتبار من لم تتهذب نفسه، ولم يزل مرضه.


فمن يكُ ذا فم مُرٍّ مريض *** يجد مُرًا به الماء الزلالاً



فأما من كمل فإنه يستطيب الحق وإن كان ثقيلاً، كما قال عليه السلام: " وجعل قرة عيني في الصلاة "ومن أصلح خلقه وهذب نفسه فقد حاز أعظم المآلين ".

وبين الشاطبي أن الحق ثقيل باعتبار نسبته وإضافته إلى أهل الأهواء فقال: " وسبب بُعده - يعني المبتدع - عن التوبة أن الدخول تكاليف الشريعة صعب على النفس لأنه أمر مخالف للهوى، وصادر عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جدًا لأن الحق ثقيل، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها لا بما يخافه" .

فإذا كانت النفس تنشط بما يوافق هواها لا بما يخالفه، فهي إذا تحتاج إلى رياضة وتربية لتعود إلى فطرتها وتألف الحق وتنقاد له، قال الخطابي - رحمه الله - " والبشر لا ينتقل عن طباعه، ولا يترك ما ألفه من عادته إلا بالرياضة البليغة، والمعالجة الشديدة" .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " إن النفوس إذا اعتادت المعصية فقد لا تنفطم عنها انفطامًا جيدًا إلا بترك ما يقاربها من المباح، كما قيل لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال، كما أنها أحيانًا لا تترك المعصية إلا بتدرج لا بتركها جملة، فهذا يقع تارة وهذا يقع تارة، ولهذا يوجد في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم خشي منه النفرة عن الطاعة الرخصة في أشياء يستغني بها عن المحرم، ولمن وثق بإيمانه وصبره النهي عن بعض ما يستحب له تركه مبالغة في فعل الأفضل " .
والله أعلم
8
482

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ورده الجوري
ورده الجوري
جزاك الله كل خير وجعله الله في ميزان حسناتك.
:26:
مسافره وراجعه
جزاك الله خير اختي الحبيبه
الغنية بالله
الغنية بالله
جزاك المولى خيراً ,,

وزادك علماً وعملاً ,,,

ونفع بعلمك ,,

وزادك فضلاً ..

سدد ربي حرفك وقلمك ونفع بك أمة ألإسلام ,,
كويتية حرة
كويتية حرة
جزاك الله خييير حبيبتى
الذاكرات
الذاكرات
جزاك الله كل خير وجعله الله في ميزان حسناتك. :26:
جزاك الله كل خير وجعله الله في ميزان حسناتك. :26:
الله يرفع قدركِ ويُعلي شأنكِ يا وردتنا الغالية ،،،