( إنَّ اللهَ وملائكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبي
يا أَيُّها الذِّين آمَنوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ً)
حين يكون الإنسان متصفاً بالصدق.
ويتحدث عن نفسه ..
فإن حديثه يكون أقرب إلى الحقيقة .. من حديث غيره عنه ..
فليس أعرف بالنفس .. من ذاتها .
...
والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ..
نور البشرية .. والهادي إلى الحق .. الأمين صفة وفعلاً
عرف بأنه الصادق ..
المشهود له بالصدق من الله .. وكفى بالله شهيداً على ذلك ..
فهو لاينطق عن الهوى
والمشهود له بالصدق .. بين الناس جميعاً ..
ولذا فحين تحدث عن نفسه ..
كان حديثه هو بيان لحقائق شخصيته
وشخصية النبي الكريم .. بحار تتماوج ..
لانستطيع إلماماً وإحاطة بعمقها وبكل أبعادها ..
ولكن لننظر إليها من خلال هذا الحديث الشامل :
...
( لايؤمن عبد ، حتى يؤمن بأربع :
( يشهد أن لاإله إلا الله ..
( وأنّي محمد ، رسول الله ، بعثني بالحق ..
( ويؤمن بالموت ، وبالبعث بعد الموت ..
ويؤمن بالقدر ..) .. أخرجه الترمذي
...
ومكنون الحديث ..
أن أيمان العبد لايكتمل حتى يتحقق تصديقه بأربع ..
يشهد شهادة صادرة من قلبه ..عن صدق ويقين ..
بوحدانية الله .. فيتوجه إليه وحده ..
...
( وإني محمد .. )
مجردة من كل لقب .. مجرد بشر في الظاهر ..
(( ولكن حقيقة شخصيتي تختلف عنكم ..
هنا يكمن أعلى درجات الشعور بالذات في أعلى وأكمل مقام
هو يعرف هنا .. من هو محمد صلى الله عليه وسلم ..
(( لست كأحدكم .. ولكني رسول الله ..
هذا هو أعلى درجات الامتياز ..
قررتها ذات الشخصية في أعلى درجات الصدق ..
لازيادة في الوصف ولا نقصان..
في قوله إني محمد تقرير لبشريته ..
وفي قوله رسول الله تقرير لتميزه عن البشر ..
...
( بعثني بالحق .. )
وفي هذا الكلام أبعاد عميقة من الحقائق ..
فالله بعثني بالحق ..
وأوحي إليّ بالحق ..
وبالحق أمرني بالبلاغ .. فبه أتكلم .. فلا أنطق عن الهوى ..
وبه أؤدي إليكم أكمل وأشمل رسالة ..
فأنا النبي. الذي تحقق به الحق
وتحقق منه الحق ..!
...
وبعد ذلك له وقفة وتذكير أمام النهاية الحتمية
( ويؤمن بالموت )
فالموت واقع بكل نفس ..
وما لأحد من خلود ..
(( أنا أموت .. وأنتم تموتون ..
وماذا بعد الموت ..؟
(( ثم أبعث وتبعثون ..
البعث بعد الموت .. وما يستتبع ذلك من مواقف ..
ومشاهد وصور يوم القيامة ..
...
( ويؤمن بالقدر )..
خيره وشره ..
ويعلم أن ماأصابه.. لم يكن ليخطئه ..
وما أخطأه .. لم يكن ليصيبه ..
ولا يكتمل إيمان عبد .. حتى يؤمن بهذا ..
يؤمن بأن القدرة الإلهية خطت القدر ..
ماكان .. وما هو كائن .. وما سيكون .. إلى الأبد .
وأن علينا التسليم لما قدر الله
فذلك من كمال الإيمان ..
فالله قدّر .. وما شاء فعل ..
ثم لنمضي بعزم على مواصلة الحياة..
إن شخصية محمد صلى الله عليه وسلم ..
تسطع أنوارها .. في هذه الحقائق الثلاث :
(( إني محمد .. رسول الله .. بعثني بالحق ))
وكل حقيقة منها بحر زاخر ..
فبشريته كملت واعتدلت على أحسن تقويم ..
ورسوليته اكتملت وقامت على أعلى صور الكمال ..
فكان هو سيد المرسلين .. وخاتم النبيين
والجامع لصفاتهم أجمعين ..
ورسالته بلغت بالحق ..
على أكمل وأوسع صور البلاغ والبيان ..
اللهم صل على محمد وعلى أل محمد
كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،
وبارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
في العالمين..إنك حميد مجيد.
