لمار** @lmar_38
محررة ذهبية
الحكمة في تفاوت الناس في الرزق
بيان الحكمة في تفاوت الناس في الرزق
الحمد لله الواحد القهار الحكيم في خلقه وشرعه، ففي خلقه وفي شرعه غاية الحكم والأسرار، قسم الرزق بين عباده ما بين غنى واقتار، لتقوم مصالح العباد في المعاش والمعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الغني الكريم الجواد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة العباد، وأبلغ الناس في الزهد والورع والشكر والصبر على أحكام الملك الجبار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان آناء الليل والنهار وسلم تسليمًا.
أما بعد... أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله له الحكمة البالغة في الخلق والتقدير والتضييق على عباده والتيسير، وله الحكمة البالغة في الحكم والتشريع، فأحكام شريعته كلها عدل ورحمة وحكمة مصلحة للعباد في دنياهم وأُخراهم: }وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ{ .
فله الحمد في منعه وعطائه، وعلى العباد إذا وسع عليهم أرزاقهم أن يشكروه، ويقوموا بما يجب عليهم في هذه الأرزاق، وعلى العباد إذا قدرت عليهم أرزاقهم أن يصبروا على تقدير الواحد الخلاق، فهو أعلم بمصالحهم وهو أرحم بهم من أُمهاتهم،
لقد قسم العليم الحكيم الرزق على عباده، فمنهم من بسط له في رزقه، ومنهم من قدر عليه رزقه، وذلك لِحَكمٍ عظيمة باهرة، قسم الله الرزق على عباده ليعرفوا بذلك أنه المدبر لجميع الأمور، وأن بيده مقاليد السموات والأرض، فهذا يوسَّع عليه والآخر يضيَّق عليه، ولا راد لقضائه وقدره: }يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ .
بسط العليم الحكيم الرزق لبعض العباد، وضيَّقه على بعضهم، ليعتبروا بهذا التفاوت في الدنيا تفاوت ما بينهم في درجات الآخرة، فكما أن الناس في هذه الدنيا متفاوتون، فمنهم من يسكن القصور المشيدة العالية، ويركب المراكب الفخمة الغالية، ويتقلب في ماله وأهله وبنيه في سرور وحبور، ومنهم من لا مأوى له ولا أهل ولا مال ولا بنون، ومنهم ما بين ذلك على درجات مختلفة، فإن التفاوت في درجات الآخرة أعظم وأكبر وأجل وأبقى: }انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً{ .
فإذا كانت الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً فإنه ينبغي أن نتسابق إلى درجاتها العالية وحياتها الباقية ذلك خير وأحسن تأويلاً،
قسم الله الرزق بين عباده ليعرف الغني قدر نعمة الله عليه بالإيسار فيشكره عليها ويلتحق بالشاكرين، ويعرف الفقير ما ابتلاه الله به من الفقر فيصبر عليه وينال درجة الصابرين: }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ ، وهو مع ذلك لا يزال يسأل ربه الميسرة وينتظر الفرج من رب العالمين،
قسم الله الرزق بين عباده لتقوم مصالحهم الدينية والدنيوية، فلو بسط الرزق لجميع العباد لبغوا في الأرض بالكفر والطغيان والفساد، ولو ضيق الرزق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوت من معيشتهم الأركان،
لو كان الناس في الرزق على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضًا سخريًا، لم يعمل أحدهم للأخر صنعة، ولم يحترف له بحرفة، لأن الكل في درجة واحدة، فليس أحدهم أولى بهذا من الآخر، أين الرحمة والعطف من الغني للفقير، إذا قدرنا أن الناس كلهم في درجة واحدة، أين الموقع العظيم الذي يحصل بصلة الأقارب بالمال إذا كان الكل في درجة واحدة، إن هذا وأضعافه من المصالح يفقد لو تساوى الناس في الأرزاق،
ولكن الحكيم العليم قسم بينهم أرزاقهم، وأمر الأغنياء بالشكر والإنفاق، وأمر الفقراء بالصبر وأنتظار الفرج من الكريم الرزاق،
فعلينا معشر المسلمين أن نرضى به ربَّا فنرضى بقسمه وأقداره، وأن نرضى به حَكَمًا فنؤمن بحكمه وأسراره، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: }اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{
من كتاب تذكير الخلق باأسباب الرزق من تأليف عبدالله الجارالله
اللهم أني أحمدك وأشكرك على نعمك الظاهرة والباطنة ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضي ولك عند الرضا,,
اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لا يحصيها غيرك
اللهم رضني بما قسمت لي وارض عني يا كريم
اللهم قنعني يما رزقتني واخلف لي كل غائبة بخير
احمدوا الله واشكروه يابنات حـــواء على نعمه
وانتظروا موضوعي الثاني من نفس الكتــاب بعنوان(موجبــات الشكر)
48
4K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الى الصلاه