هو أبو العاصي , الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل , ويلقب بالربضىّ , أشهر أمراء الأندلس , ولد سنة 154هـ / 771م في قرطبه و ونشأ في بيت الإمارة الاموية بالأندلس , وولى الأمر بعد موت أبيه هشام سنة 180هـ وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره .
وكان "الحكم" أول من أظهر فخامة الملك في الأندلس ، وأول من أنشأ بلاطا إسلاميا ملكيا ، ورتب نظمه ورسومه.
ورث الحكم عن والده الٌذي كان لأسباب مجهولة , يفضله عن أخيه الأكبر عبد الملك , كانت بداية حكمه صعبة حيث أنٌه في سنة 796م طلب ملك أستورياس ألفونس الثاني مساعدة شارلمان واحتلٌ مدينة لشبونة في سنة 798م , أحد أعمام الحَكم كان قد طلب مساعدة شرلمان أيضا, حتى قرر هذا الأخير مهاجمة الأندلس سنة 798م , وفي سنة 800 م أسقط الأميرلويس الأول مدينتي وشقة ولاردة وحاصر مدينة برشلونة التي سقطت سنة 803م >
إغتنم الولاة, ومن بينهم بنو قاسي هذه الخسائر في الحرب كعلة للثورة عليه , مما جعله يصبح شديد البطش في حكمه لينهي هذه الثورة , في تلك الأثناء حاز عبيد الله على السلطة في مدينة طليطلة وأعلن استقلالها فلم يتردد الحكم في إعدام جميع أعيان المدينة.
لم يستطع الحكم مقاومة تقدم غزوالفرنكيين ، بيد أنٌ النتائج التي حققها هؤلاء لم تكن في حجم العتاد الٌذي استغلوه في الحرب , عزٌز الحكم نفوذ ومكانة الأمراء في المنطقة , وترك لأبنه الٌذي خلفه عبد الرحمن الثاني إمارة في حالة سلم واستقرار , ممٌا سمح لهذا الأخير بالعمل على ازدهار الحضارة الأندلسية , ولم يكن الحكم غريبا عن ميدان الفنون , فقد كان هو من دعى زرياب إلى قرطبة , كما أنٌه كان من أدخل إلى الأندلس العادات الشرقية في ميادين الفنٌ , العلوم والثقافة.
وقد عرف بكثير من التحرر الذي أسخط عليه الفقهاء وأبعده وأبعده كثيرا عن قلوب الشعب ؛ فقد كان ميالا إلى اللهو , مولعا كثيرا بالصيد , يؤثر الندماء والشعراء على الفقهاء والعلماء ؛ فآنسوا تصدع مركزهم الذي كان مدعما في عهد أبيه هشام , فحنقوا عليه وألبوا العامة ضده , وكان أكثر الناس تأثرا بهذه الإثارة هؤلاء المولدون الذين يسكنون الر بض , والذين عرفوا بثورتهم الجامحه التي كادت تقضي على الحكم وربما على الإمارة الأموية كذلك .
وقعة الربض :
وقعة الربض هي ثورة حدثت بقرطبة في13 رمضان202 هـالموافق ل25 مارس818مقام بها أهل قرطبة، خاصة سكان حي الربض، ضد الحكم بن هشام. وقعت ثلاث حوادث متتالية أدت لاشتعال تلك الثورة، أولها زيادة الضرائب عليهم ثم قيام الحكم بقتل عشرة من رؤوس البلد وصلبهم منكوسين ثم قيام مملوك له بقتل أحد أهل المدينة لأنه طالبه بثمن صقل سيفه فهاج أهل قرطبة عند هذه الحادثة وكان أول من هاج منهم أهل منطقة الربض وكان معظم أهلها من الفقهاء.
وقضى الحكم كجده شطرا كبيرا من حكمه في قيادة الجيوش ومنازلة المتمردين , وكان أخطر ماعانى ثورة الربض سالفة الذكر .
وقد كان الحكم فارسا شجاعا ومغامرا باسلا , حكوا أنه لما رأى جموع الثائرين تحيط بقصره يوم الربض , دعا بغالية فتغلل بها , وبمسك فذره على شعره ؛ فقال له أحد فتيانه : أهذا يوم طيب ياسيدي ؟! فانتهره وقال : هذا يوم وطنت فيه نفسي على الموت أو الظفر بعدوي , فأردت أن يعرف رأس الحكم من بين رؤوس من يقتل معه .
وكان الحكم أديبا مجيدا , شاعرا وناثرا , وقد سجل أدبه بعض ماكان له من أحداث .
وشعره يتردد بين الغزل والحماسه , ويصوره بهذين الجانبين اللذين يؤلفان شخصيته كفارس ؛ فهو في غزله رقيق لين خاضع متذلل , وهو في حماسته عنيف أبيّ متجبر , شأنه في ذلك شان كل الفرسان , الذين يعتبرون الخضوع للأحباب والقسوة للأعداء , من أهم معالم شخصيهم .
ومن غزل الحكم الذي يمثل خضوعه في الحب قوله عن نفسه :
ظلّ مـِـــن فـــرط حبـــه مملــــوكا ولقد كان قبل ذاك مليكا
إن بكى أو شكى الهوى زيِد ضلمـًا وبعاداً يدنى حِماما وشيكا
تركتـــــه جـــــآذر القصـــر صبـًا مستهامـًا على الصعيد تريكا
يجعل الخـــد راضيــًا فوق تُــرب للذي يرتضي الحرير أريكا
هكــذا يحســن الـــتذلـــل بالحـــر إذا كان في الوى مملوكا
ومن هذ اللون قوله أيضا :
قضبٌ من البان ماست فوق كثبـان ولـَّين عنى وقد أزمعن هجراني
مــــلكنني مَـلِكـــا ذلــــت عزائمــه في الحب ذل أسير موثق عان
مـَن لي بمغتصبات الروح من بدني يغصننى في الهوى عزي وسلطاني
أما شعره الحماسي الذي يمثل الجانب العنيف من شخصيته , يقول في تمجيد السيوف وأسلحة القتال :
غِناءُ صليل البيض أشهى إلى الأذن من اللحن في الأوتار واللهو والرَّدن
إذا اختلفـــت زرق الأسنـــة والقنـــا أرتك نجوما يطلعن من الطعـــــــــن
بها يهتدي الساري وينكشف الدجـى وتستشعر الدنيا لباسا من الأمــــــــن
والذي تدل عليه القطع الباقية من شعر الحكم , هو أن شعره كان ـ إلى جانب تردده بين الغزل والحماسة ـ يميل إلى شيء من المبالغه , التي مبعثها شخصية الشاعر وطبعه الفروسي ؛ فهو يبالغ في الضعف حين يتغزل , ويبالغ في القوة حين يتحمس وقد تباعد تلك المبالغة بين الشعر والصدق أحيانا .
ويلاحظ بعد ذلك على شعر الحكم ـ كما تدل تلك النماذج التي بقيت ـ أنه كان على حظ غير قليل من الجودة ؛ فقيه يتلاءم الأسلوب مع الموضوع وتنسجم التجربة مع التعبير , بشكل يدعو إلى الإعجاب , فإذا ما رجعنا إلى نماذجه الغزلية , وجدنا الرقة في الألفاظ والسلاسة في الأسلوب والرشاقة في الموسيقى , وإذا ما رجعنا إلى نماذجه الحماسية , وجدنا العنف في الألفاظ والوعورة في الأسلوب والصخب في الموسيقى .
{مجهودي الخاص قدم كواجب لمادة الأدب العربي في الأندلس وقد جمعت فيه بين المصادر الألكترونية (موقع ويكيبيديا )والورقية (كتاب الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة للدكتور أحمد هيكل ص (106- 108) وها انا ذا أقدمه لفتيات عالم حواء حتى يستفدن منه ... تحياتي}
girl avatar @girl_avatar
محررة
الحكم بن هشام الأموي القرشي( 154 هـ/771 - 26 ذي الحجة 206 هـ/22 مايو 822 )
2
2K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
girl avatar
•
رفع
الصفحة الأخيرة