الحلقة الثانية من سلسلة ( لمن يهمه أمر نفسه ) الجزء ( 3 / 3 )

ملتقى الإيمان

الإخوة والأخوات الأفاضل ...

السلام عليكم ورحمة الله ...

كتبت في الجزئين السابقين من هذه الحلقة عن مجموعتي الأحاديث المتعلقة بآداب دخول الخلاء وآداب لبس الحذاء ، والتي سنقوم بتطبيقها بإذن الله تعالى كمجموعة بدءاً من يوم السبت الموافق 16 / 1 / 1431 هـ ، 2 / 1 / 2010 م ..

رابط الجزئين السابقين
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=2108252

ولكن تطبيق الأحاديث التي سبق تحديدها في الجزئين السابقين يتطلب الإلتزام بالأساسيات التي سبق ذكرها في الحلقة الأولى ولكني سأعيد تذكيركم بها :

1- توجيه النية قبل أي عمل ..
عن عُمرَ أَنَّ رسولَ اللّهِ  قال : ( الأعمالُ بالنِّيَّةِ ، وَلِكلِّ امرئٍ ما نَوَى ، فمَنْ كانتْ هِجْرتُه إِلى اللّهِ ورسولهِ فهجرتُه إِلى اللّهِ ورسولهِ ، وَمَن كانتْ هِجرتُه لِدُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يَتزَوَّجُها فهجرتهُ إِلى ما هاجرَ إِليه ) رواه البخاري في كتاب الإيمان / باب ما جاءَ أنَّ الأعمالَ بالنِّيَّةِ والحِسبةِ ، ولكلِّ امرئ ما نَوَى .
والنية من تفعيل سنة الحبيب محمد  في حياتنا هي إرضاء الله  وكسب محبته باتباع سنة نبيِّه  .

2- المداومة على العمل الصالح مهما كان يسيراً ..
• قال النبيُّ  : ( أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى الله مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، وَإِنْ قَلَّ ) رواه مسلم .
• عن مَسْروق قال : سألتُ عائشة  : أيُّ العمل كان أحبَّ إلى النبيِّ  ؟
قالت : الدائم . رواه البخاري في كتاب الرقاق / باب القَصْد والمداومة على العمل .
• عن عائشةَ أنها قالت : كان أحبُّ العمل إلى رسولِ الله  الذي يَدومُ عليه صاحبه . رواه البخاري في كتاب الرقاق / باب القَصْد والمداومة على العمل .
- وميزة المداومة على العمل الصالح هي :
• عن أبي موسى قال : قال رسولُ الله  : ( إذا مرضَ العبدُ أو سافرَ كُتبَ لهُ مثلُ ما كانَ يعملُ مقيماً صحيحاً ) رواه البخاري .
• عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي  قال : ( ما مِن أحدٍ يَمرَض إلاَّ كُتِبَ لهُ مثلُ ما كان يعمل وهو صحيح ) رواه البخاري في الأدب المفرد / باب يُكتب للمريض ما كان يعمل وهو صحيح .
• عن أبِي مُوسَى قال : سَمِعْتُ النَّبيَّ  غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ مَرَّتَيْنِ يَقُولُ : ( إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلاً صَالِحاً فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أوْ سَفَرٌ كُتِبَ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ ) حديث حسن رواه أبو داوود في كتاب الجنائز / باب إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرضٌ أو سفر .

3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ  : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلَ خَيْرٌ . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ ، وَلاَ تَعْجِزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا ، وَلكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ . فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) رواه مسلم في كتاب القدر / باب في الأمر بالقوة وترك العجز ، والاستعانة بالله ، وتفويض المقادير لله .
• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عن النَّبِيَّ  قَالَ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلَ خَيْرٌ . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، وَلاَ تَعْجِزْ ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ ، فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) حديث صحيح رواه ابن ماجه .
" والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة ، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر احتمالاً للمشاق في ذات الله تعالى ، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ونحو ذلك ، وقوله  : « احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز » فمعناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده ، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة " ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .
إذن بجانب قوة العزيمة والحرص على طاعة الله والاستعانة به على ذلك ، تحتاج إلى عدم العجز واليأس والكسل بل استمر في محاولة فِعْلَ الشيء الصحيح حتى تنجح ، وفي حال أخفقت إحدى محاولاتك لفِعْل الشيء الصحيح فلا تضيِّع الوقتَ والجهدَ في قول : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا ، فما حصلَ قد حَصَل ولا سبيل لإرجاعِ الزمن بل ادخل مباشرةً في مرحلة البحث عن الحلول والخيارات المُتاحة ، واستفد من هذا الإخفاق في اكتشاف مواطن الخلل ونقاط الضعف التي عليك الانتباهُ لها لعلاجِها أو تلافيها في المستقبل ، وتجنَّب تكرار المحاولة الفاشلة حتى لا تَصِلِ لنفس النتيجة الغير مرضية ..
بمعنى أوضح : إذا نسيت مرةً تطبيق آداب دخول الخلاء أو لبس الحذاء فلا تضيِّع الوقتَ والجهدَ في قول : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا بل ادخل مباشرة في مرحلة البحث عن موطن الخلل أو نقطة الضعف التي بسببها نسيت تطبيق آداب دخول الخلاء أو لبس الحذاء باستخدام أداة السؤال : لماذا ....... ؟
لماذا نسيت تطبيق آداب دخول الخلاء أو لبس الحذاء ؟
وبعد أن تُجيب على نفسك وتُحدِّد السبب استخدم أداة السؤال : كيف ....... ؟
كيف أعالج هذا الخلل ؟
وبإجابة هذا السؤال حدِّد الحل المناسب لعلاج هذا الخلل وابدأ في تطبيقه مباشرة وتجنَّب تكرار المحاولة الفاشلة حتى لا تَصِلِ لنفس النتيجة الغير مرضية ..

4- تحقيق مبدأ ( إِنَّ لِربِّك عليكَ حقاً ، ولنفْسِكَ عليكَ حقاً ، ولأهلِكَ عليكَ حقاً فأعْطِ كلَّ ذي حَقّ حقَّه ) .
أعطِ كل ذي حقٍّ حقه ، وأعطِ كل شيءٍ حقه من التركيز والاهتمام .
بمعنى : عندما تريد دخول الخلاء توقف لثانية وقل دعاء دخول الخلاء بتركيز ، وعندما تخرج من الخلاء قل دعاء الخروج من الخلاء بتركيز .
عندما تريد لبس الحذاء ، وجِّه تركيزك نحو عملية لبس الحذاء ، ونحو تطبيق آداب لبس الحذاء ، ألا تعتقد أنَّ سنة الحبيب محمد  تستحق منَّا التركيز والاهتمام عند تطبيقها !!
أعطِ تطبيق الأحاديث المتعلقة بآداب دخول الخلاء ولبس الحذاء حقها من التركيز والاهتمام وهذا هو دليل حرصك على ما ينفعك من طاعة الله  واتباع سنة نبيه  .

وستجني من اتباع سنة الحبيب محمد  :

- كسب محبة الله  وغفران الذنوب .
قال تعالى : } قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم { ( آل عمران : 31 ) .
- ويترتب على هذه المحبة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ الله  : ( إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ . قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ . ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ الله يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ . قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ : إِنِّي أُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضْهُ . قَالَ : فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضُوهُ . قَالَ : فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ ) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب / باب إذا أحبَّ الله عبداً ، حببه إلى عباده .

- طاعة الله  بطاعة النبي  .
عن أبي هريرةَ  ، أنَّ رسولَ الله  قال : ( مَن أطاعني فقد أطاعَ اللهَ ، ومن عصاني فقد عصى اللهَ ) رواه البخاري في كتاب الأحكام / باب قول اللَّهِ تعالى : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } ، ورواه ابن ماجة في باب اتباع سنة رسول الله  .
- ويترتب على هذه الطاعة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ : ( قَالَ اللهُ  : إِذَا تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي شِبْراً ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً ، ـ أَوْ بُوعاً ـ ، وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار / باب فضل الذكر والدعاء والتقرُّب إلى الله تعالى .
ومعنى الحديث : " من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة ، وإن زاد زدت ، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود ، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه " ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .

- دخول الجنة بإذن الله تعالى .
• عن أبي هريرة أن رسولَ اللَّه  قال : ( كلُّ أمتي يَدخلونَ الجنة إلا من أبى ) . قالوا: يا رسولَ الله ومن يأبى ؟ قال : ( من أطاعني دخلَ الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب الاقتداء بسنن رسول الله  .
• عن جابر بن عبد الله قال : جاءت ملائكة إلى النبيِّ  وهو نائمٌ ، فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظانُ ، فقالوا : إِنَّ لِصاحبكم هذا مثلاً ، فاضربوا له مثلاً ، فقال بعضهم : إِنه نائمٌ ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظان ، فقالوا : مثلهُ كمثلِ رجلٍ بَنى داراً وجَعَلَ فيها مأدُبةً وبَعثَ داعياً ، فمن أجابَ الداعيَ دخلَ الدارَ وأكلَ من المأدبة ، ومن لم يجبِ الداعيَ لم يدخل الدار ولم يأكل منَ المأدبة ، فقالوا : أوِّلوها له يَفقهها ، فقال بعضهم : إنه نائمٌ ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظانٌ ، فقالوا : فالدارُ الجنة ، والداعي محمدٌ  ، فمن أطاعَ محمداً  فقد أطاعَ الله ، ومن عصى محمداً  فقد عصى الله ، ومحمدٌ  فرْقٌ بينَ الناس . رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب الاقتداء بسنن رسول الله  .

الواجب :

- حضور محاضرات أو الاستماع إلى محاضرات في أشرطة كاسيت أو في الإنترنت عن صفة وضوء النبي  ، وتعلُّم فروض الوضوء وواجباته وسننه ، وذلك خلال الفترة المحددة لتطبيق آداب دخول الخلاء ولبس الحذاء لأننا في الحلقة القادمة من السلسلة سنأخذ دعاء بعد الوضوء ، فمن الضروري قبل تعلُّم الدعاء أن نتعلم صفة وضوء النبي  لاتباعها ، كما أتمنى أن تضعوا روابط المحاضرات إن وجدت في المنتدى حتى يتسنى للجميع الاستفادة منها .
- تطبيق آداب دخول الخلاء ولبس الحذاء والالتزام بالأساسيات المتفق عليها .
- المشاركة في المنتدى بذكر العقبات التي تواجهكم خلال فترة التطبيق ، والحلول التي أوجدتموها لتخطي هذه العقبات حتى يستفيد الجميع من خبرة الجميع .
- بإمكانكم استخدم جدول متابعة أو أي طريقة تناسبكم لتحديد مدى التزامكم وقياس مدى تطوركم في تطبيق الأحاديث المتفق عليها وتسجيل العقبات التي تواجهكم وحلولها .

تنبيه : الرجاء عدم نقل الموضوع لمنتديات أخرى وذلك حفاظا على خط سير السلسلة ، وحفاظا على الحقوق الفكرية لصاحبتها .
2
429

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول