الحميراء عائشة قدوة النساء

ملتقى الإيمان




الحمد لله هو لكل خير يرتجى ، وإليه من كل شر المتلجى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن بهم اقتدى ، وإن هدى الله هو الهدى، من تمسك به اهتدى ، ومن حاد عنه ظل وغوى .


منهي الحميراء هي " عائشة رضي الله عنها " فعائشة رضي الله عنها كما قال الذهبي : " بنت الإمام الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافه عثمان بن عامر " ، القرشية التميمية المكية النبوية أم المؤمنين رضي الله عنها، قد حازت الفضل من كل جوانبه ونالت الشرف من سائر وجهه وهي التي ولدت في ظلال الإسلام كما قالت : " لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين "،
فقد ولدت في الإسلام وفي بيئة إسلامية .
وحتى ندرك بإيجاز أول ما يتعلق بسيرة عائشة رضي الله عنها ، نقول : أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد عليها وهي ابنة ست سنين ، ودخل بها وهي ابنة تسع سنوات ، وتوفي عنها صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثماني عشر سنة

من خصائص عائشة التي ذكرها ابن كثير
وقد أوجز ابن كثير في هذه الترجمة ما سأذكره بإيجاز ثم يأتي تفصيل بعضه، ذكر جملة وافرة من خصائص عائشة رضي الله عنها :
1- لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكر سواها .
2- لم ينزل عليه الوحي في لحاف امرأة غيرها .
3- لم يكن في أزواجه أحب إليه منها .
4- قد أتاه الملك بها في المنام في سرقة من حرير مرتين أو ثلاثاً يقول له هذه زوجتك، فتزوج منها بأمر الله ووحي الله سبحانه وتعالى .
5- أنها كان لها في القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
6- أنه مات في يومها وفي بيتها ، وبين سحرها ونحرها صلى الله عليه وسلم ، وجمع إليه بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعات الدنيا له عليه الصلاة والسلام وأول ساعة من ساعات الآخرة ثم دفن في بيتها .
7- أنها أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي أعلم نساء الأمة على الإطلاق بلا نزاع في ذلك بين أهل العلم ، وقد قال أهل العلم في وصف علمها شيئاً كثيراً يأتي ذكره لاحقاً.
عائشة الفاضلة
1- الميزة الأولى : في سرقة من حرير
فهذه عائشة رضي الله عنها ربما ذكر في وصفها على سبيل الإجمال و فضائلها كثيرة مشهورة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قد جاء ونزل في حقها آيات تتلى من كتاب الله عز وجل الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، في الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أريتكِ في المنام ثلاث ليال جاء بكِ الملك في سرقة من حرير - يعني مغطاة بقطعة من حرير – فيقول : هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه ، فأقول : إن يك هذا من عند الله يمضه ) وقد أمضاه الله سبحانه وتعالى .
2- الميزة الثانية : القرب من الوحي
وفي فضيلة قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم واستيلائها على عظيم محبته ، ورد الحديث الصحيح عن عمر بن العاص وهو ممن أسلم في السنة الثامنة للهجرة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة، قال : فمن الرجال ؟ قال : أبوها .
فكانت هي حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولذلك قال الذهبي بعد إيراده هذا الحديث تعليق عليه : " وهذا خبر ثابت صحيح رغم أنوف الروافض ، وما كان عليه السلام يحب الا طيباً، وقد قال : ( لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل ) فأحبَّ أفضل رجلٍ من أمته ، وأفضل امرأة من أمته ، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو حريٌ أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله " .


{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) }
(النور 23-25)

لأن الرافضة قالت في عائشة رضي الله عنها أقوالاً مرفوضة مرذولة قبيحة ، حتى أن بعضهم قد غالى في ذلك قولاً يكفر به صاحبه إن أعتقده ؛ حيث أنهم فسروا قول الله عز وجل : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ، قال بعض الغلاة ممن كانوا على هذه النحلة والملة : " هي عائشة " ، تعالى الله عما يقولون في كتابه علواً كبيراً .
3- الميزة الثالثة : أنها ابنة أبي بكر
كان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حزبين : فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه ، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ، فإذا كانت عند أحد هم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله فأخرّها حتى إذا كان في بيت عائشة بعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
4- الميزة الرابعة : أفضل من خديجة
وبالجملة فهناك خلاف بين أهل العلم في التفضيل بينها وبين خديجة رضي الله عنهن أجمعين، وقد مال الذهبي إلى تفضيل عائشة رضي الله عنها .
5- الميزة الخامسة : الثريد على سائر الطعام
ولذلك ورد عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .
وهذا تفضيل لها على سائر نساء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لما كان لها من علم وسبق وفضل كما سيأتي ذكره .
7- الميزة السادسة : زوجة في الجنة
وفي مستدرك الحاكم عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عائشة قالت :
قلت يا رسول الله مَن مِن أزواجك في الجنة ؟ قال أما إنك منهن، قالت : فخيِّل إليّ أن ذاك لأنه لم يتزوج بكراً غيري .
الميزة السابعة : قرب حتى آخر لحظة
ومن الفضائل التي كانت لها أيضاً أنه كما ورد عنها قالت : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وفي يومي وليلتي ، وبين سحري ونحري، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننت أنه يريده فأخذته - أي أخذت السواك - فمضغته ونفضته وطيبته ، ثم دفعته إليه فاستن به كأحسن ما رأيته مستناً قط، ثم ذهب يرفعه إليّ فسقطت يده صلى الله عليه وسلم، فأخذت أدعوا له بدعاء كان يدعوا له به جبريل صلى الله علي وسلم وكان هو يدعوا به إذا مرض يدعوا به في مرضه ذاك ، فرفع عليه الصلاة والسلام بصره إلى السماء وقال : الرفيق الأعلى ، وفاضت نفسه ، فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام الدنيا " .

يتبـــــــــــــــع






19
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الاميرة الشهري
عائشة الفقيهة العالمة
كانت أفقه الناس وأعلم الناس بالفقه غير العلم فالعلم حفظ والفقه استنباط فقد جمعتبين الأمرين معاً، وأحسن الناس رأياً في العامة أي أنها تعرف أمور الناس ومجريات الحياة
وذكر أن مسندعائشة من الأحاديث يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث اتفق البخاري ومسلم منها على مائة وأربعة وسبعين حديثاً ، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ، وانفرد مسلم بتسعة وستين حديثاً ، ولا يوجد في النساء من هي أكثر رواية لحديث رسول الله من عائشة، لميكن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد الكثير من النساء عبثاً ، وإنما كان ليطلعن على ما لا يطلع عليه المرأة من زوجها في شأن الأمور الدقيقة ، فينقلن هذاالعلم والأحكام الشرعية المتعلقة بأخص خصائص ما بين الرجل وزوجته لنساء الأمة ورجالها على حد سواء .

ولذلك قال الذهبي : " لا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقاً إمرأة أعلم منها " .
وقال الزهري : " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل " .
وقال عطاء بن أبي رباح : " كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأي
عائشة رضي الله عنها الزوجة والابنة
وننتقل إلى جانب مهمّ يهمّ الرجال والنساء معاً ، ذلكم هو جانب المعاملة الزوجية التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم - أفضل الخلق أجمعين - وبين عائشة رضي الله عنها ، وهي مَن علمنا فضلها وخصائصها، جملة من الروايات والقصص في معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة تكشف لنا عما ينبغي أن يكون عليه الرجل مع زوجته ، وما ينبغي أن تكون الزوجة عليه مع زوجها .
الموقف الأول :حسن التودد
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مظهراً لكل جوانب الرقة والحنان والمحبة والتودد لعائشة ، ويشهد لذلك ما وردفي الصحيح عن عائشة تقول : " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على بابحجرتي ، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ، وإنه ليسترني بردائه ؛ لكي أنظر الى لعبهم ، يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجاريه الحديثة السن الحريصة على اللهو " .
فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم - وهو مَن هو في عظمته - يتودد إلى عائشة ، ويمكّنها من أن ترى بعض ما يدخل السرورلنفسها ويقف لأجلها ، حتى يكون رداء وساتراً لها ، ولا يتحرك حتى تنتهي من فرجتها ومطالعتها ، ومن متعتها وسرورها تلطفاً منه عليه الصلاة والسلام، ومراعاة لهاولسنها ، فما بال الرجال يأنفون عن أقل من هذا بكثير ! بل يستكثرون به على أزواجهم، ويظنون أن في ذلك إذهاباً لهيبتهم ، وأنه لا بد أن يكون الواحد منهم متجهم الوجه، مقطب الجبين ، ينظر بعينه شزرا ، وتتقد عينه جمراً وإن لم يكن كذلك فلا يكونرجلاً.
الموقف الثاني :حسن الهجر
وكذلك من لطائف هذه المعاملة الزوجية ما ورد في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى !
أي أعرف الوقت الذي تكونين فيه غاضبة أو عاتبة علي ، فأولاً ليس هناك من غضاضة ولا جرم ولا كبيرة من الكبائر أنتغضب المرأة على زوجها، لما قد يقع من أسباب الإختلاف المعتادة في حياة الناس ولكن انظروا إلى أدب عائشة وإلى فطنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقالت له : كيف ذلك يا رسول الله ؟ أي كيف تعرف رضاي من غضبي ، فقال : ( إذا كنت راضية عني قلت : لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم ) ، فقالت عائشة رضي الله عنها : أجل والله ما أهجر يا رسول الله إلا اسمك.
الموقف الثالث : قبول الإسترضاء
ومن ذلك أيضاً ما ورد في حديث النعمان بن بشير قال :
" استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم ،فإذا عائشة ترفع صوتها عليه ، فقال : يا ابنة فلانة - وهذه أساليب للعرف عجيبة فيتعاملهم هي ابنته لكن في هذا الفعل لم يكن راضياً عنها فلم يرد أن ينسبها إليه وهي تفعل فعلاً لا يحبه ، فقال : يا ابنة فلانه نسبها الى أمها - ثم قال : ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها ،فقد أراد أبو بكر أن يتوجه لعائشة ليضربها ويعنفها " .
وقد استنبط بعض أهل العلم أنه يجوز لأبي البنت أن يربيها وأن يزجرها بحضرة زوجها ، لكن انظر " فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها " ، مع إن النبي صلى الله عليه وسلم، هو - إذا صح التعبير - المعتدى عليه ، وهي التي رفعت عليه صوتها، ومع ذلك حال بينهاوبينه .
" ثم خرج أبو بكر رضي الله عنه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاهاأي يترضى عائشة ويتلطف معها - ويقول : ألم تريني حلت بين الرجل وبينك - يستشفع بالموقف الدفاعي الذي وقفه صلى الله عليه وسلم - ثم إستأذن أبوبكر مرة أخرى فسمع تضاحكهما - النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها ـ قد أزال النبي صلى الله عليه وسلم بحسن معاملته هذا الأمر الذي كان سبب هذا الغضب ـ فقال أبو بكر : أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما "
ما أجمل هذاالموقف ! وما أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وما أحسن تأتي عائشة صلى الله عليه وسلم ولينها وانكسارها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ! ومعلوم أن الحياةالزوجية لا تخلو من المكدرات ، ولكن هذه المعاملة هي التي تزيل أسباب الكدر، وإذاكانت هناك مكدرات ؛ فإن هناك مهدئات ومسكنات من هذه
االموقف الرابع : سابقني فسابقته
ومن لطيف أيضاً حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث هنا لعله يكون أكثر توجيهاً للأزواج والرجالأكثر منه للنساء كل هذه المواقف تربيه في سيرة عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم لكلالجنسين، ففي حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته ما شاء - يعني أكثر من مرة - حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني، فقال: ( يا عائشة هذه بتلك)
الموقف الخامس :يضع فاه على موضع فمها
ومن لطفه صلى اللهعليه وسلم وعظيم محبته لعائشة رضي الله عنها، وهذا حبٌّ فريد منه فهنا يعلمنا انالحب في ظل الشرع أمر لا حرج فيه ؛ فإنه قد قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العظم فأتعرقه - أي تأكل عروق العظم ما بقي من اللحم - ثم يأخذه فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي) .
تحبباً وتلطفاً معها وإشعاراً لمنزلتها عنه .
الموقف السادس :يا رب سلط عليّ حية
هنا أيضاً حادثةلطيفة فيما يتعلق فيما بين الزوجات مع أزواجهن .. الرواية عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة معاً وكان إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث ، فقالت حفصة : ألاتركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر – أي نتبادل تجربين هذا البعير وأناأجرب – فقالت : بلى فركبت ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة و عليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة ، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول : يا رب ، سلّط عليّ عقرباً أو حية تلدغني ، رسولك ولا أستطيع أن أقولله شيئاً ! " .
يعني تبدي ما كان من ندمها في هذا الشأن
الموقف السابع :يا بنية إنك لمباركة
في مسند الإمام أحمدعن عائشة رضي الله عنها قالت : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذاكنا بتربان بلد بينها وبين المدينة بريد وأميال وهو بلد لا ماء به ، وذلك منالسحر انسلت قلادة من عنقي فوقعت ، فحبس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسهاحتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء فلقيت من أبي مالله به عليم من التعنيف والتأفيف - سقط عقدها فانتظر الرسول يبحث عنه حتى طلع الفجر ولم يتحرك القوم وليس عندهم ماء - ، فأنزل الله الرخصة في التيمم ، فتيمم القوم وصلّوا ، قالت : يقول أبي حين جاءمن الله الرخصه للمسمين : والله ما علمت يا بنيه إنك المباركة ! لما جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر .
فهذا مما كان في نزول حكم التيمم ولميكن فرض قبل ذلك، وهذا كان ببركة وبسبب ما حدث لعائشة رضي الله عنها.
الموقف الثامن : يُقبّل وهو صائم
ومن ذلك أيضاً فيمايتعلق بالأحكام الفقهية المنقوله والملتصقه بسيرة عائشة ، عن أبي قيس مولى عمر قال : بعثني عبد الله بن عمر إلى أم سلمة وقال : سلها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل وهو صائم ؟ فإن قالت لا ! فقل : إن عائشة تخبر الناس أنه كان يُقبّلوهو صائـم ! فقالت له أم سلمة لا ! فقال لها ذلك ، فقالت له : لعله أنه لم يكن يتمالك عنها حباً أما إياي فلا !
لأنها كانت رضي الله عنها كبيرة في السن، وهذاحكم أيضاً فقهي فيما يتعلق بهذا .

الموقف التاسع : تنزعي مقلتيك
ومن ذلك أيضاً ما روته بكرة بنت عقبة : أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة - أي لباس مزين أو فيه صفرة - فسألتها عن الحناء ؟ فقالت : شجرة طيبة وماء طهور، وسألتها عن الحفاء فقالتلها : إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعيها له أحسن مما هما فافعلي .
وهذا من أعظم فقه عائشة بالنسبة للنساء تقول إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك أي عينيك فتصنعينها أحسن مما هما عليه فافعلي، وذلك لكي تكون أقرب وأحب الى زوجها.

يتبـــــــع
الاميرة الشهري


حادثة الإفك
هذا موقف في الحقيقة جديرٌ بأن يكون درساً مستقلاً ، ولكني أدرجه في هذا الدرس ؛ لأن الحديث عن عائشة يستلزم ذكره وهو ما يتعلق بحادثة الإفك وهي حادثه طويلة، ذكرها الله تعالى في كتابه وبرأ فيها عائشة هذه الحادثة نوجزها :
أن عائشة كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بعض غزواته فلما أرادوا أن ينصرفوا كانت ذهبت لقضاء حاجتها ، فجاء القوم ليحملوا هودجها على البعير ، وحملوه ولم يشعروا بأنها ليست فيها ؛ لأنها كانت خفيفة الوزن في ذلك الوقت ، ومضوا فلما رجعت إلى مكانها وإذا القوم قد غادروا فظلت في مكانها لم تتحرك ؛ لأنهم سيشعرون بها ويرجعون ليأخذوها ، وإذا بصفوان بن معطل كان في آخر الجيش ، وبعد مضي الجيش بقليل مرّ ، فإذا به يرى سواداً فاقترب فإذا هو يرى عائشة رضي الله عنها ، قالت : وكان قد رآني قبل أن ينزل الحجاب فاسترجع - أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون - قالت فاستيقظت على إسترجاعه فأناخ جمله ،قالت : والله ما كلمني حتى بلغنا القوم، فلما بلغت عائشة رضي الله عنها القوم تكلم المنافقون ورأسهم عبد الله بن أبي بن سلول .
وخاضوا في وصم عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع صفوان بن معطل وكانت عائشة رضي الله عنها سليمة القلب سليمة النية ، لم تسمع بذلك ولم تشعر به، ثم لما قدمت المدينة وقدم القوم المدينة خاض الناس في ذلك وأشاعوا الكلام، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أثر فيه هذا القول وقال : من يعذرني في رجل يتكلم في أهلي ؟!
وكان هناك خلاف بين الأوس والخزرج في هذا الشأن ؛ لأن عبد الله بن أُبي كان من أحد الفريقين ، وكانت مسألة ومحنة عظيمة، ثم إن عائشة رضي الله عنها لم تكن قد شعرت بشيء حتى كانت في يوم من الأيام خرجت لتقضي حاجتها مع أم مسطح بن أثاثه - وكان أحد المهاجرين الذين خاضوا في هذا القول وقالوا بهذه الفرية - فلما رجعت عائشة رضي الله عنها وأم مسطح عثرت أم مسطح في حجرة ، فلما عثرت قالت : تعس مسطح ، فقالت عائشة رضي الله عنها - بسلامة فطرتها وحسن إسلامها - : بئس ما قلت في رجل من المهاجرين ممن شهد بدراً، تدافع عن مسطح، فقالت لها : إنك لا تعلمين ما قال فيك وعلمت بالخبر بعد ذلك .
ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها : إن كنت ألممت بشيء فاستغفري الله وتوبي فسكتت عائشة رضي الله عنها ولم ترد على رسول الله استعظاما لما قال لها، وظلت - كما تقول عائشة رضي الله عنها في وصف هذا - شهراً كاملا لا يرقأ لها دمع ، تبكي وهي حزينة على هذا الأمر حتى أنزل الله سبحانه وتعالى براءتها من فوق سبع سموات، واستأمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك واستشار بعض أصحابه فأما بريرة فاثنت وقالت خيراً ، وأما أسامه فقال كذلك، وأما علي رضي الله عنه فقال : سل الجارية فإن تسألها تصدقك الخبر، وكانت أزمة شديدة تتعلق بعرض رسول الله، ومن حكمة الله عز وجل أنه لم ينزل الوحي في ذلك سريعاً بل أبطأ شهراً كاملاً حتى أظهر الله المنافقين وبين مواقف المؤمنين .

وكان درساً عظيماً ذكره الله في سورة النور فيما يتعلق بوجوب التثبت في الأخبار ، وفي حسن الظن بالمسلمين ، وفي مقارنة المسلم نفسه بأخيه هل يتوقع ذلك من نفسه ؟ هل يرضى ذلك لنفسه ؟ فإن كان الجواب بالنفي ؛ فإنه ينفي ذلك عن أخيه المسلم أيضاً .
وفي ذلك أيضاً تعظيم لحرمة المسلم وعدم الإجراء عليه في عرضه أو في ماله أو في نفسه ، وكان هذا الدرس العظيم مدرسة كاملة متعددة الجوانب، حتى الإمام ابن حجر رحمة الله عليه لما ذكر هذا الحديث ذكر فيه من الفوائد أكثر من ثلاثين فائدة كل فائدة من هذه الفوائد تحتاج إلى درس طويل
.
للإستزادة من خبر عائشة رضي الله عنها
1- سير أعلام النبلاء للذهبي .
2- البداية والنهاية لابن كثير .
3- فصل في فضائل عائشة رضي الله عنها من كتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد رحمة الله عليه .
4-"عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين" ضمن سلسلة أعلام المسلمين .
5- "الإجابة فيما استدركته عائشة رضي الله عنهاعلى الصحابة" للزركشي .
7- رسالة في مسألة الزواج المبكر والرد على من نفوه وبيان فوائده وجوازه ومشروعيته ، للدكتور ملا خير خاطب .

وأكتفي بهذا وأسال الله عز وجل أن يكون في عائشة رضي الله عنها وغيرها من أزواج رسول الله ونساء الصحابة قدوة لنسائنا وأن نكون أيضاً نحن عاملين على تنشئة أزواجنا وبناتنا وأخواتنا على هذا النهج وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ميمي بنت ابوها
جزاك الله خيرا
الاميرة الشهري
عائشة المشرقة
بارك الرحمن فيك و نفع بك