الحنين الى الماضى

الحنين إلى الماضي
اليوم ذهبت إلى صديقة لي عادت للتو من رحلة شهر عسلها إلى اسبانيا ..... كنا مجموعة من الفتيات, أحضرت لنا ألبوم صور رحلتها فبدأنا بالتفريج الواحدة تلو الأخرى, وكانت المناظر خلابة وأخاذة. ولم يخلوا الأمر من بعض التعليقات على العريس أحيانا وأخرى على العروس. وكانت الصور تمرر من واحدة إلى أخرى حتى وصلني الدور فقلت لهن: الآن جاء دوري لا أريد أن يزعجني أحد وأنا أنظر إلى تاريخ الأجداد الضائع. فقهقهن من الضحك وقلن لي وهن شبه ساخرات: حسنا يا أستاذة التاريخ. أخذت الصور وبدأت في مطالعتها صورة بعد أخرى, وكنت أمعن النظر في المعالم والطبيعة ولم أكترث إلى الأشخاص حتى وصلت إلى صورة هزت كياني وقلبت موازيني..... كانت الصورة لزوج صديقتى ورجل آخر يقفان جنبا إلى جنب , عندما رأيتها سقطت من يدي بقية الصور وانتابتني قشعريرة ولم أدرى بنفسى حتى سألت صديقتي عن الرجل ؟ فقالت وهى غير مبالية: انه رجل تعرف به زوجي في اسبانيا وهو مهندس آثار يبحث في الآثار الإسلامية في اسبانيا . فقالت إحدى الحاضرات: أعتقد أنه عريس مناسب لك يا سلوى. لأن لديه نفس اهتماماتك , مات الجميع من الضحك . فزاد ذلك التعليق من أوجاعي وألامى فغصت في الذكريات وتمثلت صورة الثانوية أمامي وكأنها البارحة, تذكرت طلته البهية ووجهه الوسيم والذي ما كانت أية فتاة تستطيع مقاومتهما , وأخلاقه الحسنة وطيبته مع الجميع وحتى مع من يسيء إليه . وكيف كنت أسترق النظر إليه من بعيد خوفا من أن يأخذ فكرة سيئة عنى وكيف كنت لا أتحدث إلى اى شاب حتى لا يسيء فهمي . وتذكرت يوم تخرجنا حين تقدم نحوي بثقة جعلتني أطير لشدة فرحتي لقدومه إلى وقوله لي : منذ أن رأيتك للمرة الأولى هنا أدركت أنك نصفى الضائع الذي لن تكتمل حياتي بدونه , ربما لن أراك بعد اليوم ولكن لن أسامح نفسي إذا لم أخبرك بشعوري هذا حتى وان رفضت . وكنت سأفقد صوابي وهو يخبرني بمشاعره نحوي. تنهدت فقال : مابك ألن تعلقي على ماقلته الآن ؟ وقال متابعا : أعرف أنى فاجأتك وربما تحبين شخصا آخر لكن على أن أخبرك بما في قلبي .......... ويومها كان الطلبة ينظرون إلينا باستغراب لأننا لم نتبادل أي حديث طيلة الثلاث سنوات مضت . نظرت طويلا ثم قلت: أحقا ما تقوله. قال: أجل, أنت فتاة أحلامي ومهما حدث فلن أحب سواك....قالت : إذا اسمع أنا أيضا أحببتك منذ البداية بل عشقتك واعتبرت نفسي ملكا لك ومنعت أي شخص من الاقتراب منى حتى لا تأخذ فكرة سيئة عنى, وكنت أراقبك كل يوم وما اختلسته من نظرات كان الهواء الذي يحييني , ولم يمنعني عنك سوى حيائي وخوفي الشديد من ردة فعلك ... فقاطعني قائلا: هذا يكفيني لأعيش به طيلة حياتي, وتابع اليوم سأزور أهلك وأطلبك رسميا منهم. ثم قال حسن دعيني أوصلك إلى منزلك. قلت: تعلم أن سائق والدي سيأتي بعد قليل ليقلنى الى المنزل . فقال : إذا سأراك ياحبيبتى في المساء ثم انصرف...... كانت المرة الأولى التي تقال لي فيها كلمة حبيبتي بهذا اللحن العذب..في الطريق إلى المنزل ظللت أقرص نفسي حتى أتأكد أن ماحدث معي حقيقة وليس حلم . بعد الظهر حاولت النوم لكنني لم أستطع فاستحممت وارتديت ملابسي ووقفت أمام المرآة أعدل شعري وأغير تسريحته كل ثانية حتى جاء نضال مع والديه فاستقبلهم أهلي , ودار ما دار بينهم من حديث وفرحتي جعلتني أبقى لا يكتشف أحد أمري , وبعدها علمت بانصرافهم فدخلت على والدي فسألتهم لكنهم لم يخبروني بما حدث فعلمت أن هذا معناه عدم موافقتهم على نضال .... دخلت على والدتي بعد خروج والدي فأخبرتها أنني أعلم سبب زيارتهم لنا, وأعرف ذلك الشاب وهو ذكى و مجتهد وأنه أمامه مستقبل زاهر. لكنها أخبرتني أن أنسى الأمر برمته لأن والدي يستحيل أن يزوجني لشاب من عائلة ليست غنية كعائلتنا وأن اجتهاده وذكائه لن يغيرا رأى والدي....... وقد اعتراني غضب عارم فصرخت على والدتي وقلت لها: وهل أن بحاجةالى ماله ؟ بكيت لساعة ثم أقسمت لها أنني إن لم أتزوجه فلن أتزوج غيره مهما طال الزمان وهذا تحدى منى لرفض والدي.... لم أستطع إقناعهم للزواج من حبيبي لكنهم لن يستطيعوا اجبارى على أحد آخر ما حييت . أعادتني صديقتي إلى الواقع وهى تقول لي : أظن أنك انسجمت بما فيه الكفاية وجاء دور غيرك للتفريج فأعطيتها الصور .... وأحسست وأنا أعطيها لها وكأنني أعطيها روحي , وأنتابنى تعب مفاجئ وكأن حمة تسرى في جميع أعضاء جسمي . فأقتر بت منها واستأذنتها فعدت إلى المنزل وأنا خائرة القوى وفكرت أنه لو لم يرفض أهلي زواجي من نضال لكنت معه سعيدة الآن ونجوب معا شوارع اسبانيا ......... آآآآه ليتنى أقابله مرة أخرى لكنت حاربت نفسي من أجله وليس عائلتي فقط لكن الزمن لا يعود وليس كل مايتمنى المرء يدركه .................
بقلم : رقية الأنصاري