الحوار حل شرعي

ملتقى الإيمان

د. عائض القرني

دعانا الكتاب والسنَّة إلى الحوار وإلى الجدال بالتي هي أحسن؛ ليفهم بعضنا بعضا، ونُفهِم الآخرين، ونفهم منهم، والحوار هو الطريق الأرحب للإقناع وإزالة الشُّبه، وبناء الحقائق، وغرس البراهين، وأمَّةٌ ليس عندها حِوار، أمَّةٌ مسيطرة مستبدة مغلقة، لن يفهم منها أحد، ولن تفهم من أحد، وعلينا أن نربي أبناءنا على الحوار، وعلى سماع الرأي الآخر، بأريحية، وعدم تشنُّج وانفعال، وعدم اتخاذ موقف مسبق رافض مغْضَبْ؛ لأن السيطرة تكونت معنا، من نشأتنا الأولى في بيوتنا ومدارسنا، فالأبُ في بيته في الغالب الحجَّاج بن يوسف، ومدير المدرسة يغلب عليه حبُّ النفوذ على من تحت يده، والمدير فرحٌ مسرور، لأن الله مكَّنه من رقاب الموظفين، وهكذا ..

لقد اختُصِرت حياتنا في رأيٍ واحد، لا يقبل المناقشة، ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، فعلينا إعادة تدريس مادة الحوار في مدارسنا وبيوتنا، ومساجدنا، وإعلامنا، فنحن في الصف الأول في مدرسة الحوار، وإذا أحسنَّا اللياقة في تعلُّم هذه المادة، فسوف ننجح إلى الصف الثاني، وإن رسبنا، وعضَّ بعضنا بعضاً، فإن المدرسة سوف تُغلَق، ويُسرَّح الطلاب إلى بيوت أمهاتهم.

إن القرآن يمنعنا من الاستفراد بالرأي، والإعجاب بالنفس (ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) فيا أيها الإخوة قبل أن نتضارب، ونتصارع، تعالوا نتحاور، ولا يجعل أحدنا عقله نبيّاً معصوماً، ولا يجعل كلامه وحياً منـزلاً، فكلنا نأكل الطعام، ونمشي في الأسواق، والحقُّ ضالَّة منشودة، يجدها من بحث عنها بعقل طاهر، وضمير حي، ونفسٍ مشرقة، أما البليد العنيد الرعديد القوي الشديد، فلن يحصل إلا على تجهُّم الوجه، وانقباض الجبهة، وغضب القلب، وفي الأخير يفقد الحقَّ والحقيقة، ويستعدي الخليقة.
0
325

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️