تأكيداً لكل ما نشرته "نبأ نيوز" حول مقتل زعيم المتمردين في صعدة عبد الملك الحوثي، كشف النقاب أمس الجمعة عن قيام قيادات التمرد الحوثية بمبايعة "عبد السلام بدر الدين الحوثي" أميراً للجماعات الحوثية، خلفاً لشقيقه الأكبر "عبد الملك"، وذلك خلال مراسيم خاصة أقامها الحوثيون في منطقة "النقعة"، والتي أكدتها أيضاً "شمر برس"، ليسدل الحوثيون بهذه المبايعة الستار على أحد الفصول الدامية الذي شهد في عهد "عبد الملك" حربين "الخامسة، والسادسة"!!
وكان موضوع مقتل زعيم التمرد "عبد الملك الحوثي" مثار جدلٍ طوال الأيام الأخيرة من الحرب السادسة؛ غير أن الحوثيين- وبفضل ما يتمتعون به من دهاء، وقدرات إحترافية فائقة في إدارة الإعلامية- نجحوا في حسم الجدل لصالحهم، عبر حوار مع "عبد الملك" في صحيفة لبنانبة، ثم من خلال شريط فيديو أظهر "عبد الملك" منتصباً على كرسي، ويدلي بتصريحات تفند "الشائعات"..
وبذلك فإن الجميع بلعوا ألسنتهم، وعاودوا الايمان بأن "الحوثي" ما زال حياً،.. باستثناء "نبأ نيوز" التي ظلت المصدر الاعلامي الوحيد الذي يؤكد أن "عبد الملك الحوثي" لقي مصرعه- مستندة في ذلك إلى مصادرها الموثوقة، التي كشفت حينها أن عبد الملك الحوثي تعرض لاصابتين، الأولى في منطقة "النقعة"، وانتقل على أثرها الى أحد المنازل في "ساقين"، لكنه بعد عشرين يوماً تقريباً تم قصف مخبأه، فأصيب بإصابة بليغة جداً مزقت ساقه اليسرى وجزء من بطنه ويده، فتم اسعافه الى أحد المنازل في "مرّان"، فمكث فيه (11) يوماً ثم فارق الحياة متأثراً بجراحه.
وأضافت المصادر: أن ما يتم تناقله حالياً، من قبل جهات مختلفة بينها السلطات الحكومية، حول كون الحوثي ما زال حياً هي "تسريبات مضللة من قبل جهات خارجية لها مصلحة في إشاعة نجاة عبد الملك الحوثي".
وحول الحوار الصحافي مع عبد الملك الحوثي الذي نشرته إحدى الصحف اللبنانية يوم 5 يناير 2010م، أكد المصدر: أن هذا الحوار "مزيف"، متحدياً أي شخص يدعي أنه التقى بعبد الملك الحوثي أو حتى تواصل معه هاتفياً بعد يوم 25 ديسمير 2009م، مشيراً إلى وسيط من "حزب الله" اللبناني هو من قام بفبركة الحوار.. ثم كشفت "نبأ نيوز" أن مقطع الفيديو "مدبلج"، ونشرت تحليلاً لذلك، مستندة إلى فحوصات مخبرية علمية للفيديو كشفت أن الفيديو صوره الحوثي بعد إصابته الأولى في "نقعة"، وأنه دبلج بيان فيديوي لما قبل سنة، مضللاً بذلك الرأي العام.. وكان الهدف الرئيسي لذلك التضليل هو الحفاظ على الروح المعنوية لأتباعه، والحيلولة دون أن يكون إعلان وفاته مدعاة فتنة بين بعض قيادات التمرد، وقسم كبير من القواعد التي عادة ما يكون ولائها في التنظيمات العقائدية المماثلة "للقائد"، فإذا انهار انهارت بعده.. فآثر الحوثيون التحفظ على الخبر ريثما يعيدون ترتيب أنفسهم.
ومنذ بث ذلك الفيديو، ثم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، فإن "عبد الملك الحوثي" لم يظهر إطلاقاً، ولم يصدر باسمه أي تصريح أو بيان.. كما أنه لم يشترك في أي مفاوضات، سواء مع الحكومة اليمنية أو مع الجانب القطري، رغم أن الاتفاقية كانت كافية لتمنحه الأمان، وحرية الحركة في أرجاء اليمن.
وهنا تثار أسئلة: لماذا تم توقيت "المبايعة" في هذه الفترة، رغم أنها ستؤكد موضوع وفاة "عبد الملك الحوثي؟ وهل معنى ذلك أن الحوثيين انتهوا من إعادة ترتيب أوضاعهم، والاطمئنان على وحدة صفهم..؟
عتقد الكاتب والمحلل السياسي نزار العبادي، أن الحوثيين يحاولون منذ فترة بناء تحالفات قبلية، كتكتيك جديد، يعززون به نفوذهم، أولاً من ناحية الولاء، وثانياً باستحداث هوية "جغرافية"، إذ أنهم طوال الحروب الستة الماضية لم تكن لهم خارطة مكانية معلومة نظراً لاعتماد مواجهاتهم على أسلوب "الكر والفر".. لكن من خلال جغرافيا الولاءات القبلية سيتشكل ميدان أي حرب محتملة، ويضاف أيضاً بعداً سياسياً من خلال إمكانية تحريك القبائل الموالية لتنفيذ أنشطة "سلمية" مؤثرة، كالاضرابات وإعلان العصيان وغيرها..
ويتابع قائلاً: من هنا فإن العرف القبلي يتطلب لبناء هذه التحالفات القبلية اتفاق زعماء وليس ممثلين عنهم، فمشائخ القبائل لا يمكن أن تبرم أي اتفاق تحالف إلاّ مع "رأس" التنظيم الحوثي، ولس من ينوبه، الأمر الذي لم يعد بالامكان الإبقاء على زعامة التمرد "مجهولة"، وأصبح الأمر ملحاً باستعادة "واجهة" التنظيم.
كما يشير "العبادي"- حول إعادة تنظيم الصفوف- إلى أن فترة ما بعد وقف الحرب السادسة هيأت للحوثيين ظرفاً مثالياً لدراسة تجاربهم في الحرب السادسة، وإعادة تشكيل أنصارهم وفق التصورات الجديدة.. والأهم من ذلك أنهم بعد أن كان يؤاخذ عليهم طبع "ملازم" تروج لأفكارهم، أصبحت لهم مساجد، ومدارس، ومراكز دينية يتحدثون فيها بمكبرات الصوت- من باب حريات التعبير- وأصبحت الاستريوهات التسجيلية ملء الحدقات في كل مكان.. أي أن التعبئة "المحدودة" التي خاضوا بها الحرب السادسة تحولت إلى تعبئة مفتوحة حتى على مستوى البيوت.. ولا شك أن التنظيمات التي تنطلق من أيديولوجيات دينية، يهمها البناء العقائدي اكثر من التسليح الحربي- وخير مثال على ذلك "تنظيم القاعدة" الذي لايملك تقنيات حربية، لكنه يملك عناصر "معبئة عقائدياً" لا تمانع بالانتحار مقابل كسب "دعائي" يلحق ضرراً بالغاً على الاقتصاد، والمكانة السياسية للدولة، والرأي العام الخارجي..!
دلوعه ماما سارة @dloaah_mama_sar
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️