الحياء شعبة جميلة من شعب الإيمان وإن الله ليكره الرجل الذي لا يستحي وهو للمرأة التي لا تستحي أشد كرها ذلك أن الحياء زينة لها لو افتقدته لكانت أولى بالإزدراء من الرجل.
ورغم اكتساح النساء المسلمات في مجتمعنا للأسواق وخوضهن في هاك وهات و مبالغتهن في مخالطة الرجال بغير حق ورفع أصواتهن بوقاحة عند الباعة وفي الطرقات .....
إلا أنني أحب أن أبشّركم بأنه ولله الحمد مازال في الأمة عفيفات طاهرت شديدات الحياء لم ير ضحكتهن بعد محارمهنّ احد .
و أعرف إحدى الأمهات الصالحات أجزم أن لم يرها أحد دخل بيتها إلا مغطاة لا يظهر منها ظفر و لا حاجب .
وهنا حدث الموقف الطريف فبمناسبة العيد الأضحى وبعد أن أدخل زوجها الكبش إلى ساحة الدار إذا بإبنها الصغير يصرخ : أمي تحجبي إنّ الكبش يراك !!!
سبق إلى ذهن الولد أن أمه لا يجب أن يراها أحد.
أما الصورة الثانية فبطلتها عجوز قد قاربت المئة أو جاوزتها إذ أن تواريخ الولادة لم تكن مضبوطة عندنا في الجزائر أثناء التواجد الفرنسي.
هذه العجوز هي خالة أمي ماتت منذ شهر تقريبا رحمها الله. والموقف الذي أرويه لكم بصدق يثلج صدورنا ويبين أن لعائشة وفاطمة رضي الله عنهماّ حفيدات أصيلات رأس مالهن الإيمان والحياء.
لقد كانت تقريبا تحتضر وطالت آلامها لشهور وأيقن الجميع بقرب أجلها فكان خالي وهو من أبرّ الناس بها يحضر بعض أصحابه بقفون على حافة سريرها منهم من يطيّب خاطرها بتلاوة آية ومنهم من يدعو لها جهرا تخفيفا عليها و منهم من يطلب منها أن تسامحه وهذه عادة جزائرية بحتة .
فإذا بها تدير وجهها إلى الجدار مغضبة تبكي بحرقة .ظنوا في البداية أنها الآلام قد عاودتها واشتدت بها ولكن إستغربوا لما عرفوا سبب عويلها .
تقول : إبني فلان يحضر من لآ أعرفه من الرجال كل قد شاهد وجهي قبل موتي وقد كان وجهي عن الخلق مصان . كيف ينتهك حرمتي ألا يحترم شيبتي.
رحمها الله وأوسع عليها قبرها ما كان أشدّ حياءها مهما قيل لها إن هؤلاء أبناؤك بل أحفادك جاؤوا يسلمون عليك و يدعون لك بالشفاء . ترفض بشدة لا تريد أن يراها أحد هذا مع كونها مغطاة لا يظهر منها غير وجه قد أذهبت سكرات الموت بهاءه....
الصورة الثالثة
ذهبت إلى مستشفى مايو** الجامعي ولم أكن مريضة والحمد الله ولكنني رافقت صديقة لي كان عندها موعد لإجراء فحوصات على عظامها .
وأثناء جلوسنا في غرفة الإنتظار ولتمرير الوقت الذي كان يبدو طويلا وسط رائحة الأدوية المزعجة والممرضة بدأت كل واحدة تسأل الأخرى عن سبب مجيئها وطبيعة مرضها وعلاجها.
وهنا لفت انتباهي سيدة قد تكون في الثلاثين من عمرها تحمل كتيبا للأذكار في يدها تردد ما فيه حتى يحين دورها .
عرفت منها أنها جاءت لإجراء راديو على ثدييها mamographie وأنها تعاني من خلل هرموني .
وبدا لي أنها قريبة من ربها مستسلمة لقضائه فقد سمعتها تقول : الحمد الله على ما يمنع وعلى ما يعطى وإن كان ابتلانا أياما فقد عافانا شهورا وأعواما ....
وبينما نحن نتحدث نودي عليها فأسرعت إلى غرفة الفحص ولكنها لم تلبث أن خرجت منها بعد دقائق معدودة والغضب قد علا وجهها فأسرعت إليها وقد راعني أمرها ...
قالت : ما إن دخلت غرفة الفحص وقبل أن أنزع ثيابي قلت وبكل أدب وهدوء : أيها الأطباء من فضلكم لا أحب أن يفحصني رجل بل أطلب إن يوكل فحصي إلى النساء الطبيبات وهن والحمد الله متوافرات وكثيرات ولا أحبّ ان يبقى في الغرفة أثناء فحصي أحد غيرهن.
فأجابني أحدهم : الأمر ليس إليك فهنا القطاع العام و الطب المجاني و نحن من يقرر من يتولى الفحص ومن كان عندها شروط تمليها علينا فلتذهب إلى القطاع الخاص .
قالت السيدة : وذلك فعلا ما نويت القيام به وإن كان ثمن الراديو غاليا فلست أبالي
قلت : لله درّك ما أعفك وأشدّ حياءك لو كانت غيرك من النساء لتعللت بالضرورة ولأستسلمت للواقع . ثم اقترحت عليها المساعدة لدفع ثمن الفحص فامتنعت وقالت أنها ستتدبر أمرها.
في هذه اللحظة بالذات إقتربت منا عاملة تلبس مئزرا أبيضا قد تكون ممرضة إن لم تكن طبيبة تنظر يمنة ويسرة وهي تنادي : أين الممتنعة عن الفحص بحضور الرجال ؟
فقالت صاحبتي : ها أنذا
قالت الممرضة : تعالي معي سنتولى أمرك أنا وزميلتي
عندها قلت في نفسي متعجبة سبحان الله ما أسرع ما أتاها الله بالفرج.
ألم يقل سبحانه وهو أصدق القائلين "" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "" الم يقل عزّ من قائل "" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا""
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستحون من الله حق الحياء وهؤلاء يستحي سبحانه أن يعذبهم بناره لأن الجزاء من جنس العمل.
** مايو Maillot إسم جنرال فرنسي لأن المستشفى من مخلفات الحقبة الإستعمارية أما إسمه الرسمي اليوم فهو ''مستشفى الشهيد محمد الأمين دباغين" غير أن التسمية الفرنسية هي المتداولة بين الناس تجري بها الالسن إلى يومنا هذا
:39::39::39:
للوفا عاشقه @llofa_aaashkh
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
وَعَالِمَ الخَفِيَّاتِ ، المُطَّلِعُ عَلَى الضَّمَائِرِ وَالنِّيَّاتِ ،
يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْماً ، وَوَسِعَ كُلّ شَيْءٍرَحْمَةً ، وَقَهَرَ كُلّ مَخْلُوقٍ عِزَّةً وَحُكْماً ،
اغْفِرْ لِها ذُنُوبِها ، وَاسْتُرْ عُيُوبِها ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِها
وجعل كل ماتكتبه وتقدمة في ميزان حسناتها
آآآآآآمييييين