الحياة.. على طريقة عمرو خالد
الحياة.. على طريقة عمرو خالد حوار أجراه وليد فاروق محمد مع الأستاذ عمرو خالد لمجلة الشباب المصرية بتاريخ مايو 2004، وهذا هو نص الحوار: صناع الحياة ليس مجرد برنامج ديني للداعية عمرو خالد بل هو مشروع أخلاقي هادف جذب ملايين الشباب في كل أنحاء العلم، وخرج عن نطاق الخطاب الديني المباشر أو سرد القصص والحكايات وامتد ليشمل برامج عملية حول فن صناعة حياة إيجابية وصالحة دينياً ودنيويا، "عمرو خالد" كل أفكاره وأرائه الدينية وكيفية تطبيقها بشكل عملي.."الشباب" اتصلت بالداعية الشاب ليروي قصة برنامجه بالإضافة لآرائه في بعض قضايا الشباب المثارة حالياً، كما تطرق الحوار إلى حياته خارج مصر وبعض أنشطته المتنوعة.. في البداية..
ماذا تعني ب"صناع الحياة" وما أهدافه؟
ما قصدته هو محاولة غَرْس قيم في جيل يتحمل مسؤلية مجتمعه وليس نفسه فقط ، شباب يبحثون عن القيمة المضافة لبلادهم، لم أقصد بصناع الحياة هؤلاء الذين يبحثون عن الأموال والشهرة وغيرها من الأحلام الشخصية لأنني لا أقدم "وصفات" للثراء السريع، وكما يقول مصطفى صادق الرافعي "إذا لم تزد على الحياة شيئاً تكن أنت زائداً عليها"، وكان دافعي الأول من وراء هذا المشروع ما وصل إليه شبابنا والأمة بصفة عامة من تفاوت واختلاط للقيم والمفاهيم وعدم تطبيق ما نؤمن به من أفكار،هدفي من وراء ذلك ليس عمل مجد شخصي لي فأنا وكل من معي راحلون ، ولكن الإسلام وبلادنا هما الباقيان وتبقى الفرحة بلقاء النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة عندما نقول له: نحن عملنا شيئاً إيجابياً يا رسول الله ولم نكن عَالَةً على الآخرين، نحن كنا مسلمين بالقول والفعل، دائماً ما أقول إن الأمل موجود فيها نتحرك ونعطي، وليس صحيحاً أننا في زمن المستحيل لأن أجدادنا عاشوا ظروفاً أسوأ ولكنهم بإيمانهم العملي كانوا أعظم، ولذلك كان أول هدف لي هو إيجاد جيل له دور مؤثر وفعَّال لصناعة المجتمع، أما هدفي الثاني فهو بث روح الأمل والتفاؤل بين الشباب، فأنا أندهش كثيراً عندما أجد شاباً مسلماً لا يعرف لماذا يعيش رغم أن أُولَى درجات الإسلام هي تحديد سبب الحياة والوجود، وطبيعي أن يؤدي الهدفان الأولان للهدف الثالث وهو قدرة أكبر على التشبث بالدين ومقاومة المعاصي.
ولكن البعض يتحفظ على كثرة استشهادك بالنماذج الغربية رغم أنك تدعوللاقتداء بالرواد المسلمبن والصحابة؟
في البداية أنا لم أقصد بأن يكون الشباب إيجابيين ويعتمدون على أنفسهم أن يكونوا مثل النموذج الغربي، ولكنني أعرض الجانب الإيجابي لديهم لكي تكتمل الصورة، فمثلاً في عهد الدولة العباسية كانت بغداد هي مركز علوم الأرض ويعيش بها كبار الفلاسفة والعلماء ولكننا الآن وطبقاً لآخر الأحصائيات فإن العرب يترجمون 20 كتاباً فقط لكل مليون من السكان وفي دولة مثل اسبانيا نجد 900 كتاب لكل مليون من السكان، اليابان دولة بلا موارد طبيعية ،ألمانيا كانت بلا موارد بشرية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد 30 عاماً فقط أصبحتا علىقمة دول العالم، ونحن لدينا كل شىء ونتراجع كل يوم خطوة، ولكن الأصل دائماً في حديثي هو الإشارة إلى تراثنا الإسلامي لأنه لا يوجد أحد غيرنا يملك الحل الكامل ولكن إذا عدنا للتمسك بديننا بالقول والفعل معاً، انظر فعلاً إلى قصة سيدنا يوسف..لقد رماه أخوته في البئر وعمره 12 سنة، وتم بيعه كعبد لمدة 10 سنوات، ودخل السجن لمدة 9 سنوات، كل هذه المعوقات أخذت من عمره سنوات طويلة ليخرج بعد ذلك وزيراً لاقتصاد مصر، المسلمون في غزوة مؤتة كانوا ثلاثة آلاف يواجهون 200 ألف من الروم، المسلمون لديهم ألف فرس والرومان 50 ألف فرس، للأسف البعض يتحدث عن هذه المعركة بشكل يوحي بأن المسلمين تواكلوا أو جائهم النصر من عند الله بلا فعل منهم وهذا ليس صحيحاً، فقد عملوا بالأسباب واكتمل الإيمان عندهم، لقد فرض المسلمون على الرومان المواجهة في مكان ضيق بحيث كان يتسع لثلاثة آلاف رجل فقط فاضطر الرومان إلى مواجهتهم بهذا العدد ففقدوا ميزة التفوق واستمرت المواجهة ستة أيام سقط فيها من المسلمين 12 شهيداً بينما فقد الرومان 1500 رجل وحين سمع "هرقل" عما حدث قال "إن كان محمداً وأصحابه بهذا فسيرثوا مُلْكي هذا بعد عشر سنين، وبالفعل بعد 10 سنوات كان خالد بن الوليد هناك، ولا يوجد إنسان يضع أمام عينيه فكرة يعيش من أجلها ويبذل الجهد بإخلاص إلا ويحققها، لقد أعجبتني مقولة جميلة لأحد الفلاسفة تقول "لماذا يجب أن أكون فرشاة وألوانا وبيدي أن أكون أنا الفنان؟!".
هل تعتقد أن مشروعك صناع الحياة سيصمد في منافسة برامج الفضائيات حيث يتعلم الشباب الرقص والغناء واللعب؟
سمعت أن أحد هذه البرامج تقدم له 70 ألف شاب وشارك فيه الملايين ولكن هل هذا يعني أنه لا توجد فائدة، هل الحل أن نضع الأيدي على الخدود ونتأمل في صمت، أو نضيع الوقت في مجرد الهجوم على الآخرين بشكل سلبي، فكلمة "صناع " أنا أتيت بها من القرآن حينما قال الله لسيدنا موسى "ولتصنع على عيني"، فلما اكتملت صناعته قال له الله تعالى " واصطنعتك لنفسي"، فانا أدعو الشباب أن يصنع نفسه لله تبارك وتعالى، أدعوه أن يفكر كيف يصبح صناعة ربانية، لابد أن يعلم كل شاب وفتاة أنه لا اكتمال للإيمان سوى بالإيجابية التي نجح بها المسلمون الأوائل، وكما يقول غاندي "كُنْ أنت التغيير الذي تريد أن تراه في هذا العالم"، ولذلك حرصت على التأكيد دائماً وبشكل واضح على أنه يمكن الانطلاق بإيجابية وسط ظروف سلبية وهذا ليس عيباً، أنا لست مع أن يلجأ كل شاب للهجرة من بلاده لمجرد أنه يريد أن يكون إيجابيا "ولكن كل ما حوله سلبياً" عموماً. "صناع الحياة هو شكل من أشكال التعبير الذي يبدأ دائماً من الداخل، من حيث يريد الأنسان لنفسه،والله تعالى يقول:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
لنقترب أكثر من بعض أفكارك في هذا المشروع..ماذا تعني بالإتقان في العمل؟
بعض الشباب للأسف يلجئون إلى "الفهلوة" ومن أكثر العبارات الشائعة لدى الكثير منهم حاليا" لتبرير عدم قيامهم بعملهم على أكمل وجه هي "أنا أشتغل بما يساوي ما يعطونني "ونسوا قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" وليس معنى أن الموظف راتبه قليل أن يعمل بلا إتقان، انظر معي إلى هذه القصة الرائعة..حينما تُوفِّي إبراهيم "ابن النبي عليه الصلاة والسلام وبعد أن وضع رفاته في القبر لاحظ النبي أن القبر لم يغلق جيداً وأن هناك فتحه صغيرة فقال النبي عليه الصلاة والسلام لمن يسوي القبر "سوى هذه الفرجة" فقال: يا رسول الله: هل تنفعه؟ فرد النبي عليه الصلاة والسلام" أما أنها لا تنفعه ولا تضره ولكنها تُسْعِد عين الناظر، النبي عليه الصلاة والسلام يبحث عن الإتقان في العمل في لحظة حزنه على فراق ابنه، والله تعالى يقول "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً"، ولكي يتحول هذا الكلام إلى واقع عملي فيما نعيشه لابد هنا من سرد أمثلة أخرى عمن كانوا واقعيين وإيجابيين في إتقانهم لعملهم لنرى كيف جزاهم الله كل الخير، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال في حديث صحيح لتفتحن القسطنطينية على يد رجل، فلنعم الجيش جيشها؟ ولنعم الأمير أميرها" وفي حديث آخر "أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور له" ولذلك حاول كبار الصحابة مثل عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس فتحها ولكنهم عجزوا عن ذلك، حتى جاء "محمد الفاتح" الذي لم يكمل عامه العاشر حتى كان حافظاً للقرآن ومتقناً لخمس لغات ويعلم في الفلك والتاريخ والجغرافيا، لقد عرف حديث رسول الله وَصمَّم منذ صغره على أن يكون ذلك الرجل الذي يفتح مدينة قيصر، أتقن في عمله ولم يلجأ إلى "الفهلوة" مات أبوه وعمره 23 عاماً وصار حاكماً للمسلمين واخترع أسلحة جديدة وقام بتشييد قلاع ومراكب وسفن حربية واتبع أساليب سياسية قمة في الذكاء فكانت النتيجة الحتمية هي توفيق الله له وفتح القسطنطينية وكان أول ما فعله بعد دخول مدينة قيصر هو الصلاة شكراً لله، هذه ثمار إيجابية وإتقان شاب مسلم نشأ مثلنا في ظروف صعبة ولكن كانت لديه همة وقلب كالصخر وعين تدمع من خشية الله.
ولكننا نرى الكثير من الشباب الذين يتوقف قبولهم لهذه الأفكار عند حد الاعتقاد والموافقة ولا يتعداه للفعل..ما السبب في رأيك؟
نحن لا ينقصنا أي شيء للوصول إلى معادلة النجاح وهذا ليس كلاماً فحسب حيث لدينا المنهج وهو القرآن والقدوة وهو رسولنا الكريم والموارد المادية والحضارة والشباب ولكن هل تعرف ما الذي ينقصنا؟ بالطبع هي الإرادة والتي جعلت كثيراً من الشعوب والتي لا تمتلك أي شيء تفوقت علينا.. المسلمون ليسوا ضعفاء حالياً كما كانوا في البداية ولكن الفارق في الإيمان والإرادة، الصحابة الكبار كلهم من الشباب وربما لا يعرف الكثيرون أن سيدنا علي كرم الله وجهه والذي كانت له صولات وجولات ومواقف مشرفة في حياة النبي..هل نعرف أنه عندما تُوفِّي الرسول الكريم لم يكن سيدنا علي يتعدى عمره الثلاثين عاماً؟ لقد كانوا جيلاً مقتنعاً بأن النجاح في الحياة فرض واجب لأوامر الله حيث إنه خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض، الإرادة والإيمان هما السبب في العمل بدليل أن كل الآباء والأمهات يؤمنون بأن الأبناء هم وديعة وملك لله عز وجل ولكنهم قد يتجاوزون في تعبيرهم عن حزنهم في حالة فقدهم، وبالتالي ما الفرق بينهم وبين الخنساء تلك الشاعرة الشهيرة التي استشهد أبناؤها الأربعة فقالت في ثبات "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم" ولذلك أقول دائماً لكل المشاركين معي في هذا المشروع أنّ الاستماع والاقتناع وحده لا يعنيني بقدر العمل والفعل ولابد من الإرادة والقراءة والتدبر ثم العمل، فربما يجهل البعض أن الإمكانيات اللازمة لإنجاح أي مشروع ليست فقط مادية بل جزء كبير منها نفسية أصلاً تتعلق بالإرادة والشعور بالمسئولية المهم هو وجود هدف في الحياة يعيش من أجله.
وهل الإيجابية التي تدعو الشباب إليها مطلقة وواجبة مهما كانت العقبات؟
بالطبع لا ولكن بالنظر إلى معطيات الواقع ثم الانطلاق، المهم هو البداية ثم نأتي لتقويم النتائج بعد ذلك، ومن ينظر إلى الحكمة من دعوة الرسول للمسلمين بقراءة سورة الكهف يوم الجمعة يجد شيئاً عجيباً، فهذه السورة بأكملها تدعو إلى الإيجابية حتى في يوم الأجازة لنعمل بجد بعد ذلك مجموعة الشباب الذين تركوا بلدهم ولجئوا إلى الكهف تحركوا في البداية وفقاً لما اعتقدوه صحيحاً وسيدنا موسى سافر ليتعلم ويعرف، ذو القرنين أخذ يتحرك في الأرض ذهاباً وإيابا كقائد يعلم رعيته، المهم في فكرتي هو أن يحب الشباب عمل الخير كهدف في حد ذاته بغض النظر عن المكاسب الشخصية الصحابي الجليل "تميم الداري" لم يكن يعلم عندما قام وأنار مسجد رسول الله بدلاً من أن يصلي المسلمون في الظلام أن النبي عليه الصلاة والسلام سيدعو له قائلاً: اللهم أسعده في الدنيا والآخرة، هدهد سيدنا سليمان عندما تحرك بإيجابية وجاء له بخبر مملكة بلقيس التي تعبد الشمس بسبب هذه الإيجابية دخلت مملكة كاملة في الإسلام، صدقوني نحن في حاجة إلى جيل مثل هدهد سيدنا سليمان في إيجابيته، السيدة عائشة بمفردها عَلَّمت 232 من الرجال و67 من النساء، السيدة حفصة كانت أمية وتعلمت من السيدة أم سلمه ثم عَلَّمت بعد ذلك 20 رجلاً وسيدة ، الدورات التعليمية لمحو الأمية أليست من أدوار الشباب في الأجازة الصيفية، ولذلك أختتم دائماً كل حلقة في هذا البرنامج بمشروع لقياس درجة الاستجابة والتنفيذ حتى يتحول الكلام إلى واقع.
ما هي درجة الاستجابة التي وجدتها من الشباب حتى الآن؟
شعارنا دائماً في هذا المشروع هو أنه ليس من المهم أن تتقدم بسرعة ولكن الحلم هو أن تتقدم في الاتجاه الصحيح ولذلك ما شجعني على استكمال ما بدأته هو الاستجابة الكبيرة بحمد الله، فبعد أول حلقة أخذ عدد المشاركين معي يزداد حتى وصل إلى مائة ألف وهؤلاء فقط من وصلني صوتهم وبإذن الله يكون العدد أكبر من هذا، هؤلاء شاركوا بإيجابية في مجتمعهم حسب استطاعتهم سواء بالانضمام إلى حملات محو الأمية أو التجميل أو تنظيف الشوارع أو الجمعيات الخيرية للأيتام ودور المسنين وهناك من بدأ ومعي رحلة صناعة نفسه كما أمرنا الله فامتنع عن التدخين والمخدرات وتبرع بثمنها إلى المستشفيات والمحتاجين أو من داوم على الصلاة والعبادات وكثيرون تغيرت نظرتهم إلى القيم مثل الإيجابية والصدق والحياء والإتقان من مجرد الاقتناع إلى التنفيذ ليكونوا بالفعل خير أمة أخرجت للناس.
ولكن البعض يشير إلى وجود أبعاد سياسية لهذا البرنامج ما ردك؟
بالطبع لا، فهذا مشروع متكامل يخاطب الشباب ليغيروا أنفسهم ويحبوا أوطانهم لقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في آخر ما قاله للمسلمين "لا تُسَوِّدوا وجهي يوم القيامة".. وهدفي هو أن أسأل كل شاب ماذا ستقول للنبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة عما فعلته في دنياك؟ وبالمناسبة أنا لم أبتعد عن دوري كداعية لله تعالى وهذه الدعوة هي هدف أزلي يعيش معه الإنسان وبالتالي أنا أحقق هدفي حتى الآن، لأن الدعوة لا نهاية لها وبالتالي وجود أبعاد مباشرة مخالفة لما أدعو إليه خاصة أنني أغرس في الشباب بقدر الإمكان فعل الخير لحبه وليس للمصلحة التي تأتي من ورائه ، وذلك بالاقتداء بسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام.
نترك الحديث عن "صناع الحياة" لنقترب منك..ما هي أخبار رسالة الدكتوراه التي تقوم بتحضيرها؟
يضايقني كثيراً بالمناسبة أنه رغم مرور ما يزيد عن عام على سفري إلى الخارج فإن بعض الصحف ما زالت تشير إلى حقائق مغلوطة بشأن سفري فكل ما حدث هو أنني أردت استكمال دراستي العليا والعمل بشكل أوسع في مجال الدعوة وهو ما لم يكن ليتحقق سوى بالسفر خاصة أنني خريج تجارة وبالتالي لم يكن ممكناً أن أحصل على الدكتوراه من الأزهر، ولذلك أنا أدرس حالياً في جامعة ويلز الإنجليزية وموضوع رسالتي هو "المنهج النبوي في الإصلاح الاجتماعي" بمعنى مقارنة منهج الرسول عليه الصلاة والسلام في بناء مجتمع الإسلام بالنماذج الغربية في أمريكا وبريطانيا.
وأين تقيم بالتحديد؟
في شهر رمضان الماضي قابلني طفل جزائري في الحرم في العشر الأواخر وعرفني وسلم علي وقال لي أريد عنوانك فقلت له أنا ليس لي عنوان وظن أنني أتهرب منه فأقسمت له أنني بالفعل لا عنوان لي، بعد ذلك حصلت على مكانين للإقامة في بيروت ولندن ولكنها أماكن مؤجرة ليست ملكي ومؤقتة، وقد أراد أحد الأفاضل أن يهديني "فازه" جميلة منحوتاً عليها أسماء الله الحسنى لأضعها في بيتي فقلت لنفسي: وهل عندي بيت لأضعها فيه؟ ولكنني مستريح تماماً لقول الله تعالى "يا عبادي الذين أمنوا أن أرضي واسعة فإياي فاعبدون" وبالتالي عنواني وإقامتي في أي مكان بأرض الله. بالتأكيد هناك مواقف وذكريات خلال مشوارك مع الدعوة لا تنسى ما الذي يجول بخاطرك منها الآن؟
سأقول لك شيئاً غريباً أنا أقدم حالياً برنامجاً مشهوراً يشاهده الملايين في قناة معروفة وأسافر حالياً لإلقاء محاضرات في مراكز إسلامية كبيرة في بعض الدول الغربية والعربية ولكني مازلت لم أنس بل وأشتاق لأيام صلاة التراويح في رمضان قبل الماضي في جامع "الحصري" كان يأتي ما يقرب من 30 ألف شاب وفتاة يومياً من كل أنحاء القاهرة إلى مدينة 6 أكتوبر لأداء الصلاة، كانت أياماً شعرت فيها بمتعة لا حدود لها في العبادة والهدوء النفسي وبعدها بعام لم يكن يخطر ببالي أنني سأقوم بإلقاء محاضرة في كندا حيث كانت درجة الحرارة 40 تحت الصفر وقد أسعدني كثيراً خلال زيارتي لكندا أن وجدت الكثير من الشباب هناك مشاركين معي في مشروع صناعة الحياة.
في رأيك..ما الذي يجذب الشباب فيما يقوله "عمرو خالد"؟
هذه نعمة من الله سبحانه وتعالى ويمكنك سؤالهم عن ذلك ولكنني أحب الجميع بلا غرض و ولا أبغي إلا وجه الله فيما أقول. كما أنني إنسان بسيط وشاب وكلامي موجه لهم ولنفسي فأنا لست شيخاً ولا مفتياً، لأنني لست مؤهلاً لذلك، لكنني داعية ديني واجتماعي أعرف حدودي جيداً ولذلك احترمني الناس.
وما هي مؤهلات الداعية الناجح في رأيك؟
كثيرة ولكن أهمها أن يحب الناس فلا يبحث عن أخطائهم بقدر ما يتمنى لهم الهداية وأن يكون بسيطاً ويخاطب الناس كما أمرنا النبي الكريم على قدر عقولهم وأن يرغب قدر المستطاع لجذب القلوب أكثر مما يرهب وأن يكون مثقفاً ومطلعاً وصابراً على أخطاء الآخرين ويكثر من الدعاء، وليس مطلوباً منه الإلمام بكل علوم الدين لأنه ليس مفتياً أو فقيهاً متخصصاً ولكن يعلم الأمور الأساسية التي تعينه على الدعوة إلى الله وكتب السيرة وتراجم الصحابة ويقول الإمام "ابن تيمية" لا يقولن أحدكم لا أدعو ولا أنصح حتى يكتمل إيماني، وللأسف هذا خطأ يقع فيه بعض الشباب حينما يرفضون عمل الخير لمجرد أنهم يرتكبون الأخطاء فالداعية إنسان عادي يدعو إلى الله ويصلح من نفسه في أثناء الدعوة حتى لو تصادف في بعض الأحيان أن هذا الخطأ الذي ينصح منه موجود فيه، فهو ينصح به صاحبه ونفسه والله تعالى يقول "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم". عندما بدأت كداعية.. ما الذي كان في تفكيرك وقتها؟ قول الله تعالى "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" وقول الرسول عليه الصلاة والسلام.."لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير من أن يكون لك حُمر النعم". فأنا لا أقصد إلا خيراً.
أخيراً..هل تشعر بالغربة؟
الإمام الشافعي يقول: إن الغريب له مخافة سارق وخضوع مديون وذلة موثق فإذا تذكر أهله وبلاده ففؤاده كجناح طير خافق.
منقول من موقع الاستاذ / عمرو خالد
www.amrkhaled.net
naughty_girl @naughty_girl
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الله يجزاه خير عني وعن كل المسلمين :26: