ذات يوم كانت ألوانه ممزوجة بالأبيض والأسود،يتميز
بالغرابة، والغموض،والخفة،والحركة،كلها اشارات
ترشدنا لضدين عجيبين ومخيفين،حقيقتهما يعلم
بها الجميع،ويدركونها تماما (الحياة والموت):
نظرت الحياة باحتقار إلى الموت وقالت: أنت الحقيقة
التي يكرهها الجميع،وأنا الحقيقة التي يحبها الجميع،
فأنت تعني العدم،تعني اللاشيء.
فرد الموت بكل ما أوتي من سخرية:أنت اللا شيء
أنت السراب الذي يركض خلفه الجميع،والحقيقة التي
لن تدوم،أما أنا الموعظة التي تأتيهم لتوقظهم من
الغفلة والضياع.
ردت الحياة قائلة:أي غفلة ؟!
وأي ضياع؟!
أنا أشعرهم بالوجود ولأي شيء خلقوا،إنهم يتنفسون
في كل يوم،ويعيشون في مراحل مرتبة:طفولة-
مراهقة-شباب-شيخوخة.
يكونون في جميع هذه المراحل قد عاشوا حياتهم
بطريقة ما وشكل ما مختلف تماما،أما أنت تأتي
لتدمر كل هذا،لا تعرف كبيرا ولا صغيرا،ولا صحيحا
ولا مريضا،تأتي فقط لتدمر،أنت فعلا (هادم اللذات).
أعجب الموت بلقب (هادم اللذات)،فنظر للحياة بكل
فخر وكبرياء قائلا: أعجبني هذا اللقب،أنا فعلا كذلك
لأني كما سبق وشرحت لك أوقفظهم من الغفلة،
فأنت وكل مافيك سراب لا يدوم،أما أنا ومابعدي فهي
الحقيقة التي ستدوم للأبد،وهي التي ستحدد مصير
البشرية،أما أنت كفصولك الأربع تتغيرين عليهم،ولا
تبقين على حال أبدا،تغريهم بالملذات والشهوات،و
من فيك يطاردك بلا تفكير،فتغوينهم كشارب خمر
لا يعي شيئا،وبعد أن يعود إليه عقله،يعود كطفل
بكاء،وكأنه قد فقد أمه،أنت مؤلمة،ومزعجة.
ردت الحياة وهي متعجبة!:
أيا صديقي الموت!
مهلا مهلا!
أتدري لماذا يحدث كل هذا؟!
إنه يحدث لكل يتعلم الانسان ويتعظ،أنا المدرسة
لهؤلاء البشر،أوسعهم ضربا وألما حتى يتعلموا الدرس
جيدا،فأنا يا صديقي لا "أعطي الدروس بالمجان"،لابد
من ثمن يدفع،فمقابل كل ألم،أو حزن،أو فشل،هناك
درس يا صديقي.
ضحك الموت منها فقال:أنا أيضا أعطي الدروس،و
دروسي أعظم من دروسك،فأنا الموعظة لكل البشر
ما إن يسمعوا بأن فلانا قد مات،ارتعبت القلوب و
تذكروا بأنهم هم زائلون وأنت أيضا زائلة،فيتذكرون
الله ويعودون إليه ،لأنه عن طريقي أنا تكون البداية
الحقيقية لدار الخلود.
غضبت الحياة منه قائلة: لست أنت وحدك من
يذكرهم بالعودة إلى الله عز وجل،أنا أيضا أذكرهم
به،فتلك الابتلاءات التي تحدث كما قلت لك،تزيدهم
قوة،وإيمانا،وعقلا،وذكاءأكبر تجعلهم جميعا يعودون
إلى الله،ويتعاملون مع كل الأحداث بعقل أكبر،وفهم
أحسن.
ضحك الموت بقوة وقال:اصمتي رجاء!
أنت قد قلل الله عز وجل من قيمتك،فوصفك في
كتابه العزيز : (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا).
وقال أيضا: (وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
والرسول صلى الله عليه وسلم : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).
كل هذا وأكثر تقليل لقيمتك فمن أنت؟!.
فانتكست برأسها خائبةوغادرت دون أن ترد ولو بحرف.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
فيضٌ وعِطرْ
•
إن شاء الله لي عودة للقراءة
ماشاءالله ..
حوار فيه حكمة ومواعظ .. بقلم جميل وتعبير موفق وسليم
أعجبني الطرح وطريقة الحوار التي اتبعتيها ياملوك
وتعبيرك ازداد نضجاً وجمالاً ..
استمري ! لتزدادي حروفك إتقاناً ونضجاً ..
طرحك رائع موفق هادف
بارك الله بك ياغالية .
حوار فيه حكمة ومواعظ .. بقلم جميل وتعبير موفق وسليم
أعجبني الطرح وطريقة الحوار التي اتبعتيها ياملوك
وتعبيرك ازداد نضجاً وجمالاً ..
استمري ! لتزدادي حروفك إتقاناً ونضجاً ..
طرحك رائع موفق هادف
بارك الله بك ياغالية .
الصفحة الأخيرة