الخاتمة(قصة)

ملتقى الإيمان

وصلني بالبريد:

كان عملي متجددا وعشت مرتاحا . .

أؤدي عملي بجد وإخلاص . . ولكني عشت مرحلة متلاطمة الأمواج . .

تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه لكثرة فراغي وقلة معارفي ..

ثم بدأت أشعر بالملل . . ولم أجد من يعينني على ديني . . بل العكس هو الصحيح . .
مللت من المشاهد المتكررة في حياتي العملية للحوادث والمصابين . .
ولكن كان يوم مميز. .في أثناء عملنا توقفت أنا وزميلي على جانب الطريق . .

نتجاذب أطراف الحديث .فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي . .أدرنا أبصارنا . .
فإذا بها سيارة مرتطمة بسيارة أخرى كانت قادمة من الاتجاه، المقابل . .

هبينا مسرعين لمكان الحادث لإنقاذ المصابين . .حادث لا يكاد يوصف . .
شخصان في السيارة في حالة خطيرة. . أخرجناهما من السيارة . . ووضعناهما ممددين . .
أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية . . وجدناه قد فارق الحياة . .
عدنا للشخصين فإذا هما في حال الاحتضار..هب زميلي يلقنهما الشهادة. .
قولا . لا إله إلا الله . . لا إله إلا الله . .لكن لسانيهما ارتفعا بالغناء . .
أرهبني الموقف . . وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت . .

أخذ يعيد عليهما الشهادة . .وقفت منصتا . . لم أحرك ساكنا . . شاخص العينين أنظر. .

لم أر في حياتي موقفا كهذا. . بل قل لم أر الموت من قبل وبهذه الصورة . .

أخذ زميلي يردد عليهما كلمة الشهادة . . وهما مستمران في الغناء. .لا فائدة. .

بدأ صوت الغناء يخف شيئا فشيئا. . سكت الأول وتبعه الثاني . .لا حراك . .فارقا الدنيا .
حملناهما إلى السيارة. . وزميلي مطرق لا ينبس ببنت شفه . . سرنا مسافة قطعها الصمت المطبق .
مزق هذا السكون صوت زميلي . . فذكر لي حال الموت وسوء الخاتمة . .
إن الإنسان يختم له إما بخير أو بشر. . وهذا الختام دلالة لما كان يعمله الإنسان في الدنيا غالبا .
وذكر لي القصص الكثيرة التي رويت في الكتب الإسلامية وكيف يختم للمرء على ما كان عليه بحسب ظاهره وباطنه . .
قطعنا الطريق إلى المستشفى في الحديث عن الموت والأموات .. وتكتمل الصورة عندما أتذكر أننا نحمل أمواتا بجوارنا . .
خفت من الموت واتعظت من الحادثة. . وصليت ذلك اليوم صلاة خاشعة..
ولكن مع مرور الأيام نسيت هذا الموقف بالتدريج . .
بدأت أعود إلى ما كنت عليه . . وكأني لم أشاهد الرجلين وما كان منهما. .

ولكن للحقيقة أصبحت لا أحب الأغاني ولا أتلهف عليها كسابق عهدي . .

ولعل ذلك مرتبط بسماعي لغناء الرجلين حال احتضارهما . .
ومن عجائب الأيام . .بعد مدة تزيد على ستة أشهر. . حصل حادث عجيب . .
شخص يسير بسيارته سيرا عاديا . . وتعطلت سيارته . . في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة..
ترجل من سيارته . . لإصلاح العطل في أحد العجلات . .

وعندما وقف خلف سيارته. . لكي ينزل العجلة السليمة. .

جاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف . . سقط مصابا إصابات بالغة..
حضرت أنا وزميل آخر غير الأول . . وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله . .
شاب في مقتبل العمر. . متدين يبدو ذلك من مظهره . .
عندما حملناه سمعناه يهمهم . . ولعجلتنا في سرعة حمله لم نميز ما يقول ..

ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا . .سمعنا صوتا مميزا. ...

!نه يقرأ القرآن . . وبصوت ندي . . سبحان الله لا تقول هذا مصاب . .
الدم قد غطى ثيابه . . وتكسرت عظامه . . بل هو على ما يبدو على مشارف الموت . .
استمر يقرأ بصوت جميل .. يرتل القرآن . . لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة . .
كنت أحدث نفسي وأقول سألقنه الشهادة مثل ما فعل زميلي الأول . .

خاصة وأن لي سابق خبرة كما أدعي . . أنصتُّ أنا وزميلي لسماع ذلك الصوت الرخيم . .
أحسست أن رعشة سرت في جسدي. . وبين أضلعي . .
فجأة . . سكت ذلك الصوت . . التفت إلى الخلف . . فإذا به رافع إصبع السبابة يتشهد. . ثم انحنى رأسه . .

قفزت إلى الخلف . .لمست يده ..أنفاسه .لا شيء ..فارق الحياة . .
نظرت إليه طويلا. . سقطت دمعة من عيني . . أخفيتها عن زميلي . .

التفتُّ إليه وأخبرته أن الرجل قد مات . . انطلق زميلي في البكاء . .
أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف . . أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا ...

وصلنا المستشفى . .أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجل . . الكثيرون تأثروا من حادثة موته وذرفت دموعهم . .
أحدهم بعدما سمع قصة الرجل ذهب وقبل جبينه . .

الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يصلى عليه ليتمكنوامن الصلاة عليه .
في الغد غص المسجد بالمصلين . . صليت عليه مع جموع المسلمين الكثيرة . .

وبعد أن انتهينا من الصلاة حملناه إلى المقبرة . . أدخلناه في تلك الحفرة الضيقة . .
وجهوا وجهه للقبلة . . باسم الله وعلى ملة رسول الله . .بدأنا نهيل عليه التراب .
اسألوا لأخيكم التثبيت فإنه يسأل . .استقبل أول أيام الآخرة . .
وكأنني استقبلت أول أيام الدنيا . .
تبت مما عملت عسى الله أن يعفو عما سلف وأن يثبتني على طاعته وأن يختم لي بخير..
وأن يجعل قبري وقبر كل مسلم روضة من رياض الجنة
1
520

هذا الموضوع مغلق.

عزيزة
عزيزة
هذه مشكلتنا اختي الكريمة
نتأثر في لحظتها ،، لكن وآه من لكن
ماان يمر اسبوع على الحادثة والتأثر بما
رأيناه يعود كل شيء لوضعه الطبيعي وننسى
لكن نسال الله ان يثبتنا على دينه والامتثال لاوامره
نسأل الله السلامة

شكرا لك اختي وبالفعل القصة مؤثرة جداً