تتنوع تجهيزاتنا و استعداداتنا لإستقبال شهر الخير و البركات
و شوق الأنفس له و رغبتها بالخروج منه و هي جازمة و راجية أن تكون قد حصدت أجرا عظيما
و من منا لا يبغي له سبيلا للسعادة و قضاء أيام لا تصرفها الذاكرة إلا و قد بلغت الروح الحلقوم
و الذي لا يدركه الكثير من الناس أن كل ما تقوم به المرأة في رمضان من خير لها فيه ثواب كبير
و ككل ربة بيت يبدأ يومي بالنشاط و بعض الفتور و كثير الجهد و قلته
لكن الوجهة والنية تكون لرب العزة فتتوق الأعضاء للبذل أكثر و السعي بشكل أفضل
بعد صلاة الفجر آخذ لي نومة جيدة و في أول يوم لي أجدني أفكر ما يمكن تحضيره لمائدة الإفطار
العائلة قليلة العدد و كثيرها صغيرها و تفكيري بدخول المطبخ هو آخر أعمالي دوما
و من زاوية أخرى يقابلني بجداره قول المصطفى عليه الصلاة والسلام :
و بعد تأهب كبير أيضاً و من مدة سابقة لا تُذكر كنت أجمع أسرتي الصغيرة لأحدثها عن مزايا
هذا الضيف العابر و عبيره النادر و ما يتركه بالعقول والأفئدة فتشدني أسئلتهم البريئة
ماذا يقدم الله لنا مقابل صيامنا؟
لماذا نصوم؟
أنا أجوع كثيرا فهل يحق لي أن أفطر؟
الصيام متعب و مجهد و أنا يلزمني الصبر فكيف أحصل عليه؟
حدثينا عن صيام السلف يا أمي ؟
أبتسم لما يجول بخواطرهم و تختم عليهم جلستهم الصغيرة ريحانة بقولها :
أنا لا آكل الشامية لأنني صائمة لكن لي رغبة بأكل الفلان و الحلوى
تسمع ضحكاتهم عليها و هي بوجهها الخجول تحاول معرفة السبب و تنتبه لما نقول و تحتفظ ببعضه
و يقاسمني الزوج هذه التدريبات المسبقة و التوجيهات و الشروحات فتارة حب و تارة مزح
و تارة عذر و تارة شدة لوضع النقاط على الحروف و لمعرفة أن رمضان فرصة العبد لنيل الجنة فقد يكون آخر عهدنا به
تقودنا الساعات لإستقبال أيامه و ها نحن نحط الرحال بعتبته الأولى
تعجيل بالإفطار و تدارك الصلاة
أروح أسارع خطاي لجمع ما على الطاولة و أحضر نفسي و ابنتاي للخروج
إلى بيت الله فلنا فيه لقاء من أجمل اللقاء و سكون بالكون أتحسسه و كأنه يعم العالم بأكمله
و أستصغر هذه الدنيا التي تستحوذ على أتعابنا و جهودنا و سعينا الحثيث وراءها
و من بعد هلول روائح رحاب الله استجمع قوتي
فتهزني أشواق خاصة لمائدة السهر مع أطفالي و نتاجها الجليل القدر
و أن السهر في التنكيت و المزح و تضييع الوقت و الصلاة بموعدها المحدد لهو الواجب و المشروع
و كل هذا لترويض الناشئة على أن ما يقدم في رمضان كله له قيمة عند الله وعلى رأسها
عبادة السر و طهر القلوب و استسلامها و إذعانها لله تبارك وتعالى دون دراية أحد
و تقديم النية بالعمل فهي من زينة الخلوات و أكبر الخفايا بين خالقه
فتثبيتها بعقول الناشئة لَأَمر مهم و أكيد يصنع منهم صلاحا ظاهرا و باطنا و استشعارا لمراقبة الله بالسر والعلن
قال رسول الله صلى اله عليه و سلم :
فالطريق إلى باب الريّان لا يكون بصيام و امتناع عن الأكل و الشرب فقط
بل تشمله عبادات تستوجب الخفاء و الستر تجنبا للإصابة بالريّاء و الغرور و الكبر فـــــــ :
فمن وصف
بزورق النجاة قد قال صدقافمعاصينا لا يطلع عليها أحد سوى الله
فلنجعل لها طاعات خفية لا يعلمها سواه و لنمشي على تجميع أعمال مجبولة بالصدق محصنة بالكتمان
بعيدا عن الأنظار و مضار السمعة والثناء والتزكية
و لنسر تحت قوله تبارك وتعالى :
و أعمال البر صدقة
و صدقة السر تطفئ غضب الرّب جل وعلا
وتظهر أهمية العمل الصالح الخفي في تفريج الكربات وقبول الدعاء
و بلغ من السلف أن كانت لهم
ما علمت بها زوجاتهم و خيرهم سيد البشريةصلى الله عليه و سلم جسد نماذج للإقتداء و التسابق و التنافس
فلله دَرّهم من رجال ونساء أتقياء أنقياء أخفياء،
ربّاهم القرآن ورعاهم الرحمن، وقد بشّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
لدوحات البر أدعوك أختاه ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
و لا يغررنك قول إحداهن إنما الأعمال بالنيات
فتراهن يفسرن على عكس ما تجلى به الحديث الشريف
و لتعطي لنفسك مكسبا حلالا و أثقلي ميزانك بما يمليه عليك ربك و نبيه المصطفى
فتراك اليوم تسكنين هنا و غدا رائحة و
تثقل ميزانك إن شاء اللهينطلق موعد الإمساك ليوم آخر
و لسان حالي يقول : قوموا فإن في السحور بركة و تجهزوا لغد مختلف و جديد
و النعاس الشديد يغمض أعينهم و هي تردد : هيا يا أحمد فاليومُ حار و أنت شَرِه و لا تصبر على الطعام
.....بلى لقد تعودت على الصبر و لأجل الله و حتى يدخلني الجنة
هدى الله أولادنا وأصلح لنا ذرياتنا وجعلهم قرة عين
لنا في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين.
أسأل الله تعالى أن يثقل ميزانك يوم تلقينه وان يكتب لك أجر ذلك وأجر من استفاد وعمل بتذكيرك
بارك الله فيك وفي جهودك