الخوف من الله " حملة و جعلت قرة عين لي في الصلاة

السلام عليكم ورحمة الله


حياكن الله و بلغكن خير الشهور و أفضلها و أهاليكن جميعا
بالمرة الماضية خاطبت فيك حب الله عز و جل و حب رسوله صلوات الله و سلامه عليه
لأجل الحفاظ على صلاتك و لأجل أن تجعليها نصب عينيك و تسارعين لتأديتها بكل حب
لأنك تحبين ربك و تسعين لكسب رضاه




هذه المرة سوف نقف عند الخوف منه سبحانه و نلمس الجانب الكبير فيه
فالخوف من الله عبادة عظيمة تضاف للحب له و الرجاء لرحمته
و أننا بالحياة لنا أمور نخافها و هو طبيعي جدا لكننا نخاف بعض الناس
و منهم من تخاف زوجها و تخشاه و تتجنب غضبه و الخالق أحق بالخشية من المخلوق
و إنك إن خفت من العبد فررت منه و إذا خفت من الخالق فررت إليه
قال تبارك وتعالى ""
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ .




و قد مدح الله الذين يخشون و يسارعون للخيرا و الأعمال الصالحات بقوله "
: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ *
وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ *
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ .


وللعلامة ابن القيم - رحمه الله - كلام جميل في كتابه مدارج السالكين:
قال أبو حفص: الخوف سوط الله، يقوم به الشاردين عن بابه، وقال: الخوف سراج في القلب به
يبصر ما فيه من الخير والشر وكل أحد إذا خفته هربت من إلا الله فإنك إذا خفته هربت إليه،
فالخائف هارب من ربه إلى ربه وقال أبو سليمان، ما فارق الخوف قلباً إلا خرب.



والخوف ليس مقصوداً لذاته بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف،
فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".
و لهذا الخوف أيضا عند الله الجزاء العظيم تأملي قوله عز من قائل ""


"" و لمن خاف مقام ربه جنتان "" الرحمن 46

فهاتان الجنتين تفضلان غيرهما بفضائل ومميزات أعد الله تلك الفضائل لمن خاف مقام ربه
عز وجل بل إن الجزاء أعظم وأكبر أن يعده عَاد يقول سبحانه
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ .
و في قوله أيضا ""وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ .




و قد سبقنا بهذا الخوف ساداتنا و خيرة الخلق في الارض و هم الانبياء و المرسلون و في هذا
دلائل قوله تبارك وتعالى للبعض منهم ""
وهكذا يكون خوف العارفين والله تعالى قص علينا تضرعهم وابتهالهم وطلبهم المغفرة فقال في آدم -
عليه السلام ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ .
وقال في نوح - عليه السلام - ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ .




وقال في إبراهيم - عليه السلام ﴿ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾} ،
وقال في موسى - عليه السلام - ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
وقال في يوسف - عليه السلام - ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ
مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ .
وقال في زكريا ويحيى - عليهما السلام - ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ .



و بالأخير أحب أن أقول لك يا أختي أن الخوف يهدي لكل بر و أن البر يهدي للجنة
و اختم بثمرة من ثمار الخوف من الله اقرئيها و تمعنيها و اجعليها نصب عينيك لأن فيها
ما تجدينه هناك عند ربك فتبدئين من الآن بالحفاظ على صلاتك و التي هي عمود الأسلام
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلًا كان قبلكم رَغَسَهُ الله مالًا، فقال لبنيه لَمَّا حُضِر:
أيُّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أبٍ، قال: فإني لم أعمل خيرًا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني،
ثم ذَرُّوني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عز وجل، فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته))؛
رواه البخاري ، ومسلم، (رَغَسه الله مالًا: رزقه الله مالًا وفيرًا).





و نيل الأمان يوم القيامة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل: وعزَّتي، لا أجمع على عبدي خوفينِ،
ولا أجمع له أمنينِ؛ إذا أمِنَني في الدنيا أخفتُه يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمَّنتُه يوم القيامة))؛
رواه ابن المبارك في الزهد وحسنه الألباني في الصحيحة




جعلني الله و إياكن ممن بلغ فأوعى و سارع فأفلح و وفق بمحبة الله و الخوف منه
فاشتد بطلب العفو و مجاهدة النفس للوصول لما يريد الله عز وجل