بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات
ذكر في هذه الآيه سبحانه وتعالى ..
أنه ..
ابتـــــــــــــــلاء و اختبــــــــــار
قال تعالى :
(( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ))
أَخْبَرَنَا تَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَلِي عِبَاده : أَيْ يَخْتَبِرهُمْ وَيَمْتَحِنهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّى نَعْلَم الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُو أَخْبَاركُمْ " فَتَارَة بِالسَّرَّاءِ وَتَارَة بِالضَّرَّاءِ مِنْ خَوْفٍ وَجُوعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَأَذَاقَهَا اللَّه لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف" فَإِنَّ الْجَائِع وَالْخَائِف كُلّ مِنْهُمَا يَظْهَر ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف وَقَالَ هَاهُنَا " بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف وَالْجُوع " أَيْ بِقَلِيلٍ مِنْ ذَلِكَ " وَنَقْص مِنْ الْأَمْوَال " أَيْ ذَهَاب بَعْضهَا " وَالْأَنْفُس " كَمَوْتِ الْأَصْحَاب وَالْأَقَارِب وَالْأَحْبَاب " وَالثَّمَرَات " أَيْ لَا تُغِلّ الْحَدَائِق وَالْمَزَارِع كَعَادَتِهَا قَالَ بَعْض السَّلَف : فَكَانَتْ بَعْض النَّخِيل لَا تُثْمِر غَيْر وَاحِدَة وَكُلّ هَذَا وَأَمْثَاله مِمَّا يَخْتَبِر اللَّه بِهِ عِبَاده فَمَنْ صَبَرَ أَثَابَهُ وَمَنْ قَنَطَ أَحَلَّ بِهِ عِقَابه وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ" وَقَدْ حَكَى بَعْض الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَاد مِنْ الْخَوْف هَاهُنَا خَوْف اللَّه وَبِالْجُوعِ صِيَام رَمَضَان وَبِنَقْصِ الْأَمْوَال الزَّكَاة وَالْأَنْفُس الْأَمْرَاض وَالثَّمَرَات الْأَوْلَاد وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَاَللَّه أَعْلَم .
وذكر في هذه الآيه سبحانه وتعالى ..
أنه ..
عقــــــــــــاب بسبب كفر النعـــــم
قال تعالى :
(( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ))
هَذَا مَثَل أُرِيدَ بِهِ أَهْل مَكَّة فَإِنَّهَا كَانَتْ آمِنَة مُطْمَئِنَّة مُسْتَقِرّه يَتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهَا وَمَنْ دَخَلَهَا كَانَ آمِنًا لَا يَخَاف كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا" وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا " يَأْتِيهَا رِزْقهَا رَغَدًا " أَيْ هَنِيئًا سَهْلًا " مِنْ كُلّ مَكَان فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّه " أَيْ جَحَدَتْ آلَاء اللَّه عَلَيْهَا وَأَعْظَمهَا بَعْثَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار " وَلِهَذَا بَدَّلَهُمْ اللَّه بِحَالَيْهِمْ الْأَوَّلَيْنِ خِلَافهمَا فَقَالَ " فَأَذَاقَهَا اللَّه لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف " أَيْ أَلْبَسَهَا وَأَذَاقَهَا الْجُوع بَعْد أَنْ كَانَ يُجْبَى إِلَيْهِمْ ثَمَرَات كُلّ شَيْء وَيَأْتِيهَا رِزْقهَا رَغَدًا مِنْ كُلّ مَكَان وَذَلِكَ أَنَّهُمْ اِسْتَعْصَوْا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَوْا إِلَّا خِلَافه فَدَعَا عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُف فَأَصَابَتْهُمْ سَنَة أَذْهَبَتْ كُلّ شَيْء لَهُمْ فَأَكَلُوا الْعِلْهِز وَهُوَ وَبَر الْبَعِير يُخْلَط بِدَمِهِ إِذَا نَحَرُوهُ وَقَوْله وَالْخَوْف وَذَلِكَ أَنَّهُمْ بُدِّلُوا بِأَمْنِهِمْ خَوْفًا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه حِين هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَة مِنْ سَطْوَته وَسَرَايَاهُ وَجُيُوشه .
ثم هنا ذكر سبحانه وتعالى وجوب شكر النعم وأن الشكر به الزياده والتكفير للنعم يوجب العقاب ..
قال تعالى :
(( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) " وَقَوْله " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ " أَيْ آذَنَكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِوَعْدِهِ لَكُمْ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى : وَإِذْ أَقْسَمَ رَبُّكُمْ وَآلَى بِعِزَّتِهِ وَجَلَاله وَكِبْرِيَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّك لَيَبْعَثَن عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " وَقَوْله " لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنكُمْ " أَيْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ لَأَزِيدَنكُمْ مِنْهَا " وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ " أَيْ كَفَرْتُمْ النِّعَم وَسَتَرْتُمُوهَا وَجَحَدْتُمُوهَا " إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " وَذَلِكَ بِسَلْبِهَا عَنْهُمْ وَعِقَابه إِيَّاهُمْ عَلَى كُفْرهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث " إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ" وَفِي الْمُسْنَد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ سَائِل فَأَعْطَاهُ تَمْرَة فَسَخِطَهَا وَلَمْ يَقْبَلْهَا ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخَر فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَقَبِلَهَا وَقَالَ تَمْرَة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَسْوَد حَدَّثَنَا عِمَارَة الصَّيْدَلَانِيّ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِلٌ فَأَمَرَ لَهُ بِتَمْرَةٍ فَلَمْ يَأْخُذْهَا أَوْ وَحِشَ بِهَا - قَالَ - وَأَتَاهُ آخَر فَأَمَرَ لَهُ بِتَمْرَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّه تَمْرَةٌ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ " اِذْهَبِي إِلَى أُمّ سَلَمَة فَأُعْطِيه الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا الَّتِي عِنْدهَا " تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَام أَحْمَد وَعِمَارَة بْن زَاذَان وَثَّقَهُ اِبْن حِبَّان وَأَحْمَد وَيَعْقُوب بْن سُفْيَان وَقَالَ اِبْن مَعِين : صَالِح وَقَالَ أَبُو زُرْعَة لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِم يُكْتَب حَدِيثه وَلَا يُحْتَجّ بِهِ لَيْسَ بِالْمَتِينِ وَقَالَ الْبُخَارِيّ رُبَّمَا يَضْطَرِب فِي حَدِيثه وَعَنْ أَحْمَد أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : رُوِيَ عَنْهُ أَحَادِيث مُنْكَرَة . وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَيْسَ بِذَلِكَ وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ اِبْن عَدِيّ لَا بَأْس بِهِ مِمَّنْ يُكْتَب حَدِيثه .
جمع من تفسير ابن كثير
الحمدلله على النعم والحمدلله على كل حال
فقوده @fkodh
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
فقوده
•
وين الغاليات
الصفحة الأخيرة