
أحداث هذه القصة أقتطفها
من واقع الحياة التعليمية
وهي صورة لاتزال تتكرر في الحياة
لكن العبرة أن نتعلم منها وأن لانمر عليها دون أن نعتبر .
دخلت المدرسة التي تعمل بها بحيوية ونشاط ،
وهي توزع تحياتها وابتسامتها على الجميع....
الكل يحبها .... بدءا بناظرة المدرسة ووصولا إلى المعلمات والطالبات والعاملات . كيف لا وهي إنسانة تحب الجميع ؟!
قلبها الكبير يعطي بغير حدود ،
تعمل بجد وتهتم بإرساء القيم والأخلاق في قلوب وعقول طالباتها قبل العلم ،
ولا تتوانى عن مساعدة اى زميلة لها قبل أن تبادرها بالطلب ،
كل من في المدرسة يشهد باستقامتها وطيب خلقهاوصفاء معدنها
حتى استحقت ونالت لقب المعلمة المثالية .
وفوق كل ذلك كانت متواضعة لأبعد الحدود شفوق حنون .

في صباح أحد الأيام حين دخلت غرفة الإدارة كالعادة لتوقع في سجل الحضور ،
قدمت لها ناظرة المدرسة نائبتها الجديدة التى عينت من قبل مالكة المدرسة
فهى صديقة مقربة وجارة لها .
رحبت بالنائبة التي بادرتها بالقول :
إن ابنتي إحدى طالباتك ، وأنا أشكرك على ما لاحظته من تقدمها وارتفاع مستواها
في اللغة العربية ، علاوة على أنها بفضل معاملتك أصبحت متعلقة بالمادة .
فجزاك الله خيراً لإحسانك في التعليم .
فردت وهي تشعر بالسرور والامتنان :
عفوا. اختي الفاضلة ، لم أعمل غير الواجب !
وانطلقت بنشاط مضاعف بعدها لتستقبل يومها الدراسي الجديد .
ولكن بمرور الأيام لاحظت أن النائبة تطلب منها طلبات كثيرة،
وتضع على عاتقها أعباء مضاعفة ، ولم تدر ما السبب ؟
ولم تقتنع بما قالته زميلة لها ذات يوم :
أنها تفعل ذلك لأنك لا تجامليها أو تحاولي التزلف لها ، أنت تعامليها كزميلة .
وفعلاً كان هذا تصرفها ، لم تكن ترى أنها يجب ان تميزها بمعاملة خاصة
عن باقي الزميلات ،
هي فقط تعامل الجميع بحب وود واحترام دون استثناء ،
ومنهم نائبة المديرة .
ومع اقتراب اختبارات نصف العام فوجئت بطلب غريب من النائبة!
لقد طلبت منها أن تعطيها نسخة من اختبار مادتها بصفة شخصية،
وقالت لها:
أنا أخذت نسخة من بعض الاختبارات من بعض المعلمات ، وأرجو منك نسخة
من امتحان اللغة العربية !
و بالطبع لم تقبل تلك المدرسة !
وكيف تقبل بأمر يتعارض مع دينها وقيمها وأخلاقياتها ؟ !!
كيف تساعد على الغش والرسول الكريم يقول :
( من غشنا فليس منا )؟!
إنها بذلك تناقض مبادئها !!
واعتذرت بأسلوب مهذب وهي تتوقع منها الأذى خاصة وأنها رمقتها بحدة
وكأنما كانت تهددها ... ثم انصرفت .
بقيت تلك المعلمة الطيبة تضرب أخماسا بأسداس ،
وتعجب من إنسانة تربوية كيف ترضى لابنتها
الحصول على أعلى العلامات بالغش ، وتعودها عليه ؟!
ألا تدرك أن ابنتها ستكبر على تلك العادة ، وسينسحب ذلك على سائر حياتها ؟!
كيف تقبل ان ترتقي سلم النجاح على اكتاف غيرها ؟!
وماذا عن مستقبلها ؟
هل ستكون من فئة الأطباء الذين يتسببون بموت مرضاهم ؟
أم من فئة المهندسين الذين يقيمون البناء على أساس مغشوش فينهار على ساكنيه ؟!
وغير ذلك الكثير من الأمثلة للذين بنوا حياتهم على الغش !
وعلى كل حال بقيت تلك المعلمة على موقفها مسلمة أمرها لله تعالى واثقة
أنه لن يصيبها إلا ماقدر الله لها .
وبالفعل اشتكتها النائبة عند المديرة ملصقة بها من التهم ماليس فيها انتقاما منها.
وبعد مدة ظهرت نتيجة الطالبات،
و حصلت ابنة النائبة على الدرجات النهائية إلا في مادة اللغة العربية !
وعندها طلبت مالكة المدرسة من الناظرة أن تحقق في المشكلة القائمة
بين النائبة والمعلمة المعنية ، ولم تتزحزح المعلمة عن موقفها ،
ولم توافق على تعديل درجة الطالبة ، وفوضت أمرها لله،
واحتسبت عنده راضية بما سيكون .
ويأتي الفرج !
ويشاء الله أن تحضر لجنة من الوزارة للمدرسة ،
تفتش وتراجع الاوراق الرسمية لجميع العاملين ،
وإذا بهم يصدرون قرارا بفصل النائبة ، لعدم استيفاء أوراقها لشروط التعيين . !!
هكذا في لحظة فاصلة نصر الله الحق ، وفرج هم المعلمة
ولم تستطع النائبة أن تضرها لأن الله شاء أن ينفعها ..
وارتقت المعلمة الى مشرفة عامة على المادة .
هذه القصة حقيقية عاصرتها وأكدت لى انه من يتق الله يجعل له مخرجا ،
وان الخير باق بقاء هذه الامة .

لم ترضخ للخطأ رغم الضغوط. وبالتالي ...لايصح إلا الصحيح ..فمن توكل على الله في كل اموره فهو حسبه ...ضربت هنا نموذجاً رائعا لذلك ...طرح قيم جزاك الله كل خير ودمت بود