الدرس الثالث من سلسلة الأخلاق والآداب والرقائق لفضلة الشيخ سعيد بن يوسف شعلان

ملتقى الإيمان

الأخلاق والآداب والرقائق من القرآن والسنة (3)

3- (لا يجاهد إلا بإذن الأبوين):

"روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أجاهد؟ قال ألك أبوان؟ قال نعم قال ففيهما فجاهد".

• التعليق على الحديث:

عرفنا فيما سبق أن بر الوالدين وطاعتهما والإحسان في معاملتهما أمر مقدم حتى على الجهاد في سبيل الله ثم هاهو ذا حديث آخر يدل على عدم جواز الخروج إلى الجهاد إلا َّ بإذن الوالدين وذلك كما قال جمهور أهل العلم في حالة كون الجهاد فرضَ كفاية أي هناك من يُغني من المسلمين في القيام به أما إذا طلب إمام المسلمين من جميع القادرين على الجهاد أن يجاهدوا فلا يشترط إذن الوالدين.

ومن العجيب أن بعض المسلمين – وبكل أسف – يسهلُ عليه الخروج إلى الجهاد ويفرح بذلك فرحاً عظيماً في الوقت الذي يصعبُ عليه بر الوالدين وإذا قام ببرهما لم يكن فرِحاً بذلك ولا مسروراً بل يظهر عليه الشعور بالتعب والمعاناة والضيق، وهذا مما يدل على أن هناك أموراً كثيرةً تحتاج إلى تصحيحِ فهمٍ لأن كثيراً من المسلمين وهم يريدون نيل رضا الله والفوز بثوابه يشتغلون بالمرجوح دون الراجح وبالمهم دون الأهم وينظرون لسبب عدم العلم إلى المرجوح والأقل ثواباً على أنه هو الراجح والأعلى أجراً ومن هنا تأتي المشاكل والمتاعب والخلافات والانتقادات.

وهناك حديث رواه أحمد وابن ماجه يدل على أن جهادَ عدوِّ الإسلام أهون بكثير جداً من المواظبة على الطاعات والصبر عليها والتي من أعظمها بر الوالدين.
ولهذا سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم المواظب على الطاعة الصابر عليها هو المجاهد الحقيقي لأن مجاهدة العدو من الممكن أن تنتهي بعد يوم واحد أو أكثر وحتى لو استمرت سنة ً فإن لها يوماً تنتهي فيه ولكن مجاهدة النفس في طاعة الله وفي الصبر على الطاعة أمر لا ينتهي إلا بالموت وخروج الروح.
" ونص الحديث عند أحمد وابن ماجه عن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب".

فعلى كل مسلم أن يسأل أهل العلم الموثوق بهم في دينهم وعلمهم وعملهم: فيما أراد الإقدام على فعله تماماً كما فعل هذا الصحابي عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم واستأذنه في الجهاد فدلَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو أفضل في حقه وهو بذل الجهد في بر الوالدين وفي إيصال الخير إليهما ودفع الشر والضرر عنهما فاعتبروا يا أولي الأبصار وصححوا المفاهيم وإياكم والعجلة والاندفاع والتهور والمشي وراء العواطف دون النظر فيما أوجبه العلم أو حرَّمه أو استحبه أو كرهه أو أباحه وأعني بالعلم العلم المتلقي من القرآن والسنة.

وقد روى أحمد والنسائي عن جاهمة ابن العباس ابن مرداس ما يحتمل أن يفسر به الرجل السائل عن الجهاد من هو.
وعليه فمن المحتمل أن يكون ذلك السائل هو جاهمة فإنه قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله أردت الغزو وجئت أستشيرك فقال صلى الله عليه وسلم هل لك من أم؟ قال نعم قال الزمها فإن الجنة تحت رجليها (هذا عند النسائي) (وعند أحمد) فإن الجنة عند رجلها".

وفي رواية لحديث عبدالله بن عمرو الذي ذكرناه في أول الموضوع عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل السائل ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما.
وعند أبي داوود وابن حبان عن عبدالله بن عمرو: (ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما) ولأبي داوود وابن حبان أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للسائل ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما.

وفي هذا الحديث من الفوائد:-

1- فضل بر الوالدين.
2- تعظيم حقهما.
3- كثرة الثواب على برهما.


وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

برجاء إرسال الدرس إلى كل من تعرف مع وصية الجميع بإرسال الرسالة إلى كل من يعرفون ليعظم أجركم ويزداد ثوابكم وفقكم الله.


لمزيد من الاستفسار حول ذات الموضوع الاتصال على saiedshalan@hotmail.com

حق الخالق والمخلوق
إعداد: سعيد شعلان
0
337

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️