نساء أمام أبواب المحاكم والشرط يستجدين لرؤية أطفالهن!

تحقيق - الرياض- هدى السالم، أبها , مريم الجابر
رؤية المطلقة لأبنائها أحد أكثر القضايا حساسية وإثارة للجدل، وتعبرعن واقع مرير ومستمر من المعاناة التي تعيشها الأم المطلقة؛ دون أن يكون هناك حلول لهذه المعاناة.
وقد عرضت "الرياض" في الجزء السابق قصصاً واقعية لأمهات يعانين من رؤية أبنائهن في ظل تعسف الزوج وجهل المرأة بحقوقها ..واليوم نستكمل الحديث عن هذا الموضوع، من خلال عرض وجهات النظر لعدد من المتخصصين في هذا المجال.
آلية رؤية المطلقة لأبنائها

يقول المحامي الدكتور والمستشار القانوني سامي بن عبد الرحمن الدريفيس التميمي
بعد أن يتم الطلاق ويكون هناك أولاد من هذا الزواج، فقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالأسرة بدءاً وانتهاء، فلم تترك الأولاد عند الفرقة أو الافتراق عرضة للضياع، بل عالجت ذلك بدقة وحكمة، حيث وضعت الشريعة قواعد للحضانة، وشروطاً للحاضن ومدة لبقاء المحضون لديه، وابتغت في ذلك مصلحة الصغير المحضون، كما لا يفضل أحد الطرفين على الآخر إلا بالتقوى، وتوافر الشروط، فإذا ما استقرت أمور الحضانة لأحدهما فلا يجوز أن يمنع الطرف الأخر من حق الرؤية للأولاد سواء كان الأب أو الأم، أوينفصل الأولاد عن أحدهما أو يحرمون توجيه وعطف وبر الطرف الآخر، لذا كان حق الرؤيا حق تؤيده الشريعة الغراء وقد يكون ذلك برضا من الطرفين فإن تعذر ذلك فيحكم به القاضي ويحدد مدته، وكذلك المكان بحيث يجوز للأم إذا كان الأولاد عند أبيهم أن يحضروا إليها.
ويجيب الدكتور التميمي حول آلية رؤية المطلقة لأبنائها الذين يعيشون مع والدهم في حالة الخلاف بأن تلجأ الأم المطلقة للمحكمة العامة التي تتبع محل إقامتها؛ عن طريق تقديم دعوى بطلب الحكم لها بالحضانة أو الزيارة والرؤية لأولادها، طالبةً إلزام الأب بذلك، ويحكم هذه المسألة عمر المحضون وجنسه ذكر أم أنثى، وأما تنفيذ هذا الحق فبعد صدور الحكم لصالح الأم و يكتسب القطعية أي يكون الحكم نهائياً .. تحال المعاملة كاملة بخطاب من رئيس المحكمة مصدرة الحكم إلى السلطة التنفيذية، ممثلة في مقام الإمارة والشرط لاستدعاء وإحضار المحكوم عليه لتنفيذ ما صدر بحقه وتسليم الأولاد للأم في المواعيد المحددة بالحكم الصادر.
ويقترح التميمي أن يكون هناك شق مستعجل في هذه القضايا يحكم فيه مؤقتاً وبشكل عاجل برؤية الأم لأبنائها ويحدد مدة هذه الرؤية لحين الفصل في القضية الأصلية حتى لا تحرم هذه الأم من رؤية أبنائها مدة التقاضي طالت أم قصرت، وخصوصاً أن بعض الآباء يحترفون ويبدعون في تطويل مدة التقاضي لزيادة حرمان الأم من أولادها كيداً لها والجميع يعلم أن الشق الإجرائي في الدعاوى يأخذ وقتاً طويلاً لاستيفائه أمام القضاء ..
الشرطة تنفذ
إلى ذلك أوضح المسئول الإعلامي في شرطة الرياض الرائد سامي الشويرخ أن مراكز الشرط في هذه النوعية من القضايا هي جهاز تنفيذي فقط، وقال " إن أمور رؤية المطلقة لأبنائها تتم عن طريق الشرطة في حالة واحدة فقط، وهي عند امتناع أحد الأطراف تنفيذ أمر القاضي وتدخل الشرطة يأتي بناءً على أمر صريح من المحكمة وحسب ما أمره القاضي بشكل محدد .."
مواعيد الرؤية
ويرى المستشار الشرعي والقانوني الأستاذ باسم بن سعد العتيق بأنه لا يمكن
تنظيم آلية معينة لرؤية الأم المطلقة لأبنائها، وأن الوضع يعتمد على الظروف المحيطة بكل حالة، وقال: من يسكنون في غير مدينة الأم قد تكون زيارتهم لوالدتهم كل شهر لمدة ثلاثة أيام .. هذا في غير الإجازات وأما في الإجازات فلهم الحق في المكوث عند أمهم كامل الإجازات وهكذا بحسب الظروف وتفاصيل الحالة، مقترحاً نشر استبيانات خاصة بالموضوع عبر وسائل الاتصال المختلفة من أجل سماع صوت المطلق والمطلقة عن ما هي الآلية المناسبة للتواصل بين الأم وبين أبنائها، ومن ثم عمل ورش عمل للمتخصصين لتتعقب هذا الاستبيان، ومن ثم الخروج بتوصيات تلامس الجراح بدقة ومداواتها بكل رحمة وعدل، ورفع تلك التوصيات للجهات المختصة لكي تقرها وتعتمدها كنظام فاصل وعادل يضمن حقوق الأطراف الثلاثة ..
فصل القضايا

ويشارك الداعية الدكتور محمد النجيمي في الموضوع، قائلاً: إن من أهم أسباب المماطلات في تنفيذ الأحكام الخاصة بالسيدات هو عدم فصل قضايا الأحوال الشخصية عن القضايا العامة، لأن ذلك سيعمل على حل نسبة كبيرة من قضايا الأحوال الشخصية، حيث أن القضاة يعانون من تزايد القضايا وتنوعها من طلاق ومواريث وخلع، إضافة إلى القضايا الجنائية المختلفة والتي تثقل كاهل القضاة، مؤكداً على أن تطبيق الفصل في القضايا في المحاكم سيعمل على التخفيف من معاناة السيدات من المماطلات في تنفيذ الأحكام القضائية ..
كما طالب النجيمي بتوفير اختصاصات للحكم في المحاكم في القضايا الخاصة بالأحوال الشخصية، وان يكون هناك قضاة متخصصون في هذا المجال، إضافة إلى إيجاد قضاة مختصين في القضايا المرورية والعمالية والأحوال الشخصية أو القضايا الجنائية وغير ذلك من التخصصات.

وعن عدم اهتمام العديد من القضاة بسماع صوت المرأة في كثير من قضايا الأحوال الشخصية ودعا النجيمي بعض القضاة إلى الاهتمام بشكوى المرأة، كما طالب بوجود القضاء التنفيذي الذي يهتم بمتابعة تنفيذ الأحكام.
وقال: إن التنظيم الجديد الذي سيتم اعتماده في المحاكم سيعمل على إيجاد محكمة تنفيذية وأقترح إيجاد أقسام نسائية في المحاكم للاستماع إلى مشكلات النساء وتحري الدقة في أصل المشكلة، وتحديد المعلومات وإرسالها للقاضي، فوجود هذه الأقسام النسائية ووجود موظفات لاستقبال النساء وسماع شكواهن بحيث يترك للقاضي الاستماع في النهاية إلى المرأة ولملخص القضية من المرأة والحكم ..
وأضاف أن المماطلات في العديد من القضايا الخاصة بالمرأة ناتجة أيضا عن تخاذل بعض أولياء الأمور عن الاهتمام بقضايا بناتهم، مبينا أن الشريعة الإسلامية قد سنت أنظمة حول مسؤوليات أولياء الأمور تجاه بناتهم من القيام بمسؤولياتهم من الإنفاق عليهن والمطالبة بحقوقهن.
المماطلة في القضايا
وأوضح المستشار القانوني المحامي هادي اليامي أن من أهم المشكلات التي تواجه المرأة في الطلاق والحضانة هو عدم الاهتمام بإنهاء قضية الطلاق وعدم ربطها بقضية الحضانة ..
وقال: إن كثيراً من القضاة يحكمون بالطلاق دون النظر في موضوع الحضانة الذي يجب أن يتم البت والانتهاء منه مع موضوع الطلاق، وذلك لحماية الأسرة السعودية والأطفال من التشرد وحماية للزوجات من تعسف الرجال وتحديد المتكفل بالحضانة من البداية وعدم ترك أمور الأسرة معلقة بقضايا أخرى .. كما أن الكثير من الأزواج للأسف الشديد يستغلون هذه النقطة للانتقام من زوجاتهم ويحرمونهن من رؤية الأبناء ويمكن أن يكون هذا التصرف من السيدات في استغلال عدم إنهاء قضية الحضانة مع قضية الطلاق في ذات الوقت .. ولا شك أن الحسم في هذه القضية ادعى للحفاظ على الأولاد والأسرة من الضياع والتسويف والحرمان من الأبناء لأي طرف من الطرفين، داعياً إلى إيجاد قاض تنفيذي يقوم بمتابعة تنفيذ الأحكام بشكل دقيق وسليم من خلال اطلاعه عل كافة ملابسات القضية، وكذلك إنهاء كافة المشكلات الموجودة في المحاكم الخاصة بالمماطلات، مؤكداً على أن المماطلات في تنفيذ الأحكام من أهم المشكلات التي يعاني منها المدعي نتيجة لعدم الحضور والتهرب والسفر والتأخر في التعاون مع المحضر، وعدم حضور التبليغات، مبينا أن وجود قاضي التنفيذ سيحسم كل هذه المشكلات وأن يكون هناك مكان لهذا القاضي في الحقوق المدنية أو المحكمة.
لأثنين 23 جمادي الأولى 1430هـ - 18 مايو 2009م - العدد 14938