رغم انتهاء الحوار الوطني الثالث قبل عدة أيام، والذي استضافته المدينة المنورة، إلى أن العديد من التساؤلات والتأويلات ظهرت ولا تزال، في سماء الصحافة والمتابعين.
فالحوار الوطني الذي حمل على عاتقه مناقشة قضايا حقوق المرأة، شهد العديد من الخلافات الطبيعية، والتي يفرضها وجود الحوار ذاته، جامعاً بين أفكار وخلفيات ثقافية وتوجهات مختلفة.
إلا أن بعض وسائل الإعلام، التي تمتلك "أجندة" معينة في طرحها ورؤيتها في المجتمع، عملت على خلق بلبلة بين صفوف المجتمع، مستفيدة من بعض الخلافات البسيطة لتمرير أفكارها وسياساتها، صانعة بذلك أزمة ثقة بين أفراد المجتمع.
ومن بين تلك التساؤلات والتأويلات التي لا تزال موجودة في عقول الكثير من المتابعين، الأزمة المفترضة التي حدثت بين الدكتور محمد عبد الرحمن العريفي، والدكتورة وفاء الرشيد.
ولإزالة اللبس والغموض، وتقديم رؤية حقيقية بعيدة عن التأويلات والاجتهادات الشخصية، أجرى موقع (لها أون لاين) لقاءً مع الدكتور العريفي، مستوضحاً منه حقيقة ما حصل:
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أنت تعلم أن الحوار عادة لا يتم إلا بين الأشخاص المختلفين في وجهات النظر، إذا كان الأشخاص متفقين في وجهة النظر لا يمكن أن يجري بينهم حوار، فعلى سبيل المثال لو اختلفت أنا وأنت مثلاً على لون السماء أنها زرقاء أو خضراء سيوجب هذا الحوار بيننا، لكن لو نتفق جميعاً أنها زرقاء لا يمكن أن يقع بيننا حوار فأنا أعني بهذا أن وجود الخلاف أمر طبعي، لكن المهم ما الذي يمكن أن نفعله عندما يقع بيننا الخلاف والحوار، بعض الناس يتشنج عندما يسمع الرأي المخالف، وبعض الناس يقبل الرأي المخالف ما دام أنه لا يمس الشريعة والعقيدة، يقبل الرأي المخالف، أنا قد يأتيني إنسان ويخالفني في مسألة تتعلق بجمع الصلاة في السفر والحضر، لكن لو جاءني إنسان يناقشني في مسألة الخمر حرمته وحله، في مسألة الربا ونحو ذلك، فهذا من الأمور التي لا يقبل الإنسان النقاش فيها؛ لأنها أمور محسومة في الشريعة.
- الجلسات التي دار فيها الحوار الوطني الثالث هي جلسات مغلقة ولم يُسمح لأحد من وكالات الأنباء أو القنوات بالدخول. أنا عجبت في الحقيقة كيف استطاعت (العربية) بأن تعرض بالأمس شيئاً مما وقع مع أنني لم أرَ شيئاً جديداً غير الكاميرتين اللتين كانتا موجودتين من بداية الحوار منذ بدأنا من ثلاثة أيام! هذا يدل أن أشرطة التسجيل التي سُجلت سُربت إلى هذه القناة وبالتالي عرضتها، والمشكلة أن قناة (العربية) عرضتها كما يقرأ القارئ "ويل للمصلين" ويسكت، فيترك الناس الصلاة لأجله، هي بترت الكلام من أوله ومن آخره وأخذت ما يخدم توجهاً معيناً وطرحته.
- بالنسبة لطبيعة الحوار فإن الباحث يقرأ بحثه في أمر معين مثل المرأة والتعليم والمجتمع ونحو ذلك، ثم نبدأ نحن نعطيهم مداخلات على هذا الحوار، ويبدأ كل شخص في تبيان وجهة نظره.
في هذا الحوار تكلموا عن المرأة والتعليم فقدمت مداخلتي فأذنوا لي بالمداخلة، فذكرت أربع نقاط:
النقطة الأولى: ما يتعلق بالتعليم: قلت: " إن هناك بعض الأشياء التي تدرس لأولادنا الصغار يشغلونهم بها دون أن يكون فيها فائدة" وضربت مثالاً قلت: "أنا ابنتي في سادس ابتدائي، وقبل أيام جلست لأراجع لها "جغرافيا".. وفيها: ما هي عاصمة جزر القمر وما هي حدود البرازيل وما هو الميناء الموجود في فنزويلا وما هي تضاريس المالديف... طيب البنت ماذا تستفيد من مثل هذا يعني يمكن أنها تحفظ بعض الأشياء الظاهرة، يعني الدول المشهورة.. عواصمها.. بريطانيا فرنسا، إلى غيره، حتى تفهم، أما الدول التي لا تحتاج إليها فلماذا تحفظ تضاريسها ومنتجاتها وصادراتها ووارداتها وهي سوف تنساها بعد أسبوع؟ وافقني كثير من الإخوان على هذا الطرح، فقال أحدهم: ابني في أولى متوسط وأنا جالس أدرسه قبل أمس حدود كينيا فإذا يحدها 11 دولة! هذه نقطة.
النقطة الثانية: تكلمت عن التدريس عن بعد، عن التعليم عن بعد، وقلت إن بعض الإخوان ينتقد التعليم عن بعد الذي يقع في كليات البنات عندما يكون الدكتور في غرفة وينقل صوته وصورته إلى الطالبات، بينما يمتدح الجامعات التي في أمريكا وغيرها التي تعلم عبر الإنترنت عن بعد تعلم، ناس في لندن وفي باريس ويتخرجون مهندسين وأطباء ونحن نمدح مثل هذه التكنولوجيا المتطورة، طيب لماذا نمدح هؤلاء ونترك الآخرين.
ثم ذكرت بعد ذلك نقطتين أخريين الحقيقة لا تقل أهمية عما قبلها، ذكرت أن هناك أمراً صدر من رئاسة تعليم البنات سابقاً ووزارة التعليم حالياً حول ما يتعلق ببعض الأمور السلوكية التي تلزم بها الطالبات، مثل بعض نوعيات العباءات، بعض قصات الشعر، إلى غير ذلك، وقلت: يعني نكتشف بين حين وآخر أن بعض المعلمات تقع في بعض المخالفات السلوكية، كيف نطالب الطالبات أنهن يلبسن لبساً معيناً ويقصصن شعرهن قصة مقبولة ولا تكون قصة سيئة، بينما بعض المعلمات تقفن أمام الطالبات في خمس حصص في اليوم وهي بهذا الشكل؟!
ثم ذكرت النقطة الأخيرة حول بعض التوجهات الفكرية المخالفة لتوجه البلاد، والمخالفة أيضاً لتوجه الدين، سواء عند بعض "الدكاترة" الرجال في الجامعة، سواء جامعة الأولاد أو البنات، أو عند بعض "الدكتورات" الإناث، وقلت إنه ينبغي حقيقة إذا كان أحد عنده نوع من التوجه السيئ، سواء كان هذا التوجه علمانياً أو كان تطرفاً دينياً مثلاً أو نوعاً من أنواع التشدد أو نحو ذلك.. ينبغي في الحقيقة إيقافه وعدم فتح المجال له، وضربت بعض الأمثلة لذلك.
- انتهت مداخلتي، وكان الإخوة نظامهم مداخلة للرجال ومداخلة للنساء في الغالب، فلما انتهت مداخلتي جاءت مداخلة لإحدى الأخوات الفاضلات الدكتورة "وفاء الرشيد" وهي رئيسة برنامج الأمم المتحدة ودرست فترة في أمريكا، وهي دكتورة فاضلة عموماً، والأخوات ذكرن أن لها نشاطاً جيداً سابقاً في أمريكا لما كانت هناك، وهي حقيقة دكتورة فاضلة كما ذكرت، تكلمت وكانت بدأت حديثها بالحادث الذي وقع مساء السبت.. وقع في الرياض قتل أمريكي واختطاف آخر فكانت متأثرة.. فقالت: البلد تعيش إرهاباً ونحن نناقش هذه القضايا؟! طبعاً أنا ناقشت القضية؛ لأننا لا نستطيع أن نناقش الإرهاب؛ لأنه نوقش أصلاً في اللقاء الماضي، ولو ناقشت الإرهاب لأسكتني الإخوان وقالوا: ما هو موضوعنا. أنا مضطر أناقش التعليم، وإلا بلا شك ما وقع من إرهاب أعظم عندنا من مسألة التعليم، هذا موت وقتل... قالت: أنا الآن صرت أخاف على أولادي، أنا صرت أخاف على.. كذا.. ثم بكت، فسّر بعض الناس الحاضرين ومن ثم بعض الصحفيين بأن بكاءها لأجل كلامي، وهي إنما جاءت مداخلتها قدراً بعد مداخلتي، فقط هذا الذي وقع، يعني لو أن مداخلتها جاءت بعد مداخلة الشيخ "عبد الله المطلق" لقال الناس: أبكاها الدكتور عبد الله المطلق، لو جاءت مداخلتها بعد مداخلة زيد من الناس لقالوا: أبكاها زيد.. فهي قدراً فقط جاءت مداخلتها بعد مداخلتي فبكت، الدليل على ذلك أني اتصلت بها بعدما انتهينا، حاولت أستوضح الأمر معها، فإذا فعلاً هي امرأة فاضلة وقالت: لا أنا ما بكيت لأجلك، أنا بكيت لأننا نطرح شيئاً والبلد بعد يعيش شيئاً آخر، فوضحت لها أن موضوع الحوار ليس أصلاً الكلام على واقع البلد الآن، وأن هذا نوقش كثيراً في وسائل الإعلام، ونوقش أيضاً في لقاءات سابقة.
- في الحقيقة جاء بعض الصحفيين إلي بعدما خرجت، واجتمعوا عليّ وقالوا: "نريد قصة الشجار الذي وقع بينك وبين الدكتورة وفاء"، قلت: " أنا ما وقع بيني وبينها أي شجار.. بالعكس"، وأصر الصحفيون، وكان الإخوة في جدة في رئاسة اللقاء قد وجهوا لنا بأن لا نصرح إلى الصحافة بشيء أبداً، فكنت ملتزماً بهذا بعدها اكتشفت أن بعض الناس صرح للصحفيين بأكاذيب.. تحليلات من عنده وآراء شخصية؛ لأنه لم يتصل عليها ويأخذ الكلام منها، وبالتالي اضطررت إلى أني أصرح اليوم بمثل هذا التصريح، وإلا ليس بيني وبينها أي خلاف، وأنا لم أتكلم عن قيادة المرأة للسيارة، ولم أتكلم عن عباءتها، كان كلامي عاماً ومجملاً، لكن هم الذين فسروا هذا التفسير.
- في الحقيقة، هذه التوصيات لم تكتبها رئاسة اللقاء، وإنما كتبها الإخوة الأعضاء والعضوات، وذلك أنه في كل جلسة بعدما ننتهي من نقاش بحث معين يوزعون علينا أوراقاً لكتابة التوصيات، فكل إنسان يكتب التوصيات التي يراها، سواء توصيات موافقة للشريعة، مخالفة للشريعة، كل إنسان يكتب الذي يريد دون تقييد عليه، بل إنهم لم يطالبوهم أيضاً بكتابة أسمائهم، وذلك دلالة على الصدق في تلقي ما عندهم وفي استخراج ما عندهم من مفاهيم.
رُفعت هذه التوصيات للإخوة وكان عدد كبير منها في الحقيقة متشابهاً، يعني يمكن أكثر من 85 – 87% كانت متشابهة بين جميع الأعضاء؛ وذلك لأننا أصلاً ما كتبت إلا بعد ما تناقشنا وأقنع بعضنا بعضاً، بعد ذلك رتبها الإخوة في رئاسة اللقاء وصاغوها صياغة جيدة وتليت علينا اليوم.
الحقيقة.. هذه التوصيات رائعة، منها مثلاً وضع مكاتب لاستقبال النساء في المحاكم، يعني تلقي استفساراتهم، بعض النساء تدخل المحكمة تريد أن ترى أولادها في مشكلة حضانة أو في قضية خلع أو عضل للأب أو نحو ذلك، وهي لا تدري من تسأل، فاقترح أن يُجعل بعض المكاتب لأجل الشرح للنساء.
أيضاً ما يتعلق بإصدار دفتر عائلة، يكون للرجل وصورة منه للمرأة بحيث ما تقول له كل مرة: أعطني الدفتر.. يكون معها دفتر هي أيضاً. يعني هناك بعض التوصيات التي أحسبها جيدة في الحقيقة ونافعة جرى نقاشها.
كان هناك توصية جيدة حول ما يتعلق بالطبيبات اللاتي يناوبن في آخر الليل، وقيل إنه لا بد أنها تفكر في أولادها أو تفكر هذا المريض، قد تعطي المريض بعض الأدوية خطأ لشدة انشغالها؛ فطولب بأن تقلل مناوباتهن (التي تبيت في المستشفى) بقدر المستطاع؛ حتى يكون أنفع لها وجمعها بينها وبين أسرتها.
كان هناك أيضاً تحديد مفهوم مهم، وهو مفهوم المرأة الموظفة: من هي المرأة الموظفة؟ وهل المرأة التي تجلس في البيت هي امرأة عاطلة باطلة.. وأن المرأة أياً كانت موظفة في أي مكان هي أفضل من التي جلست في البيت؟! فكان هناك تحديد بأن المرأة ربة البيت هي في الحقيقة موظفة، وكان هناك ثناء عليها بحيث هي موظفة.. هي المشرفة على البيت، هي المربية للأولاد، هي المعلمة للأولاد الصغار، غالباً هي التي تدرسهم، وكان هناك تحديد بهذا لأجل أن لا يقال إن عندنا 4 مليون امرأة ـ كما ذكرت إحدى الأخوات ـ ليس منهن إلا 260 ألف موظفة والبقية عاطلة، الحقيقة ما هن عاطلات، هن جالسات.. تشتغل في البيت، لكن تلك المرأة التي من 260 ألفا خرجت تشتغل ووظفت عندها موظفتين أو ثلاثة؛ وظفت عندها طباخة ومربية وخادمة، ونحو ذلك، فكان هناك نقاش لهذا. لكن العبرة الحقيقية ليست في كتابة التوصيات، هي توصيات رائعة كما ذكرت، لكن العبرة في مسألة تطبيقها، طلب بعض الإخوة جدولاً زمنياً لتطبيقها حتى نراها على أرض الواقع، ولعل الله ييسر هذا إن شاء الله.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️