قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ)
فالعلماءُ هم ورثةُ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، القائمون في أمَّته بمهمَّة البلاغ والتعليم والتوجيه، وبيانِ حدود الحلال والحرام.
فإذا كانوا كذلك، فإنه يجبُ على الأمَّةِ طاعتهُم في طاعة الله، وموالاتُهم واحترامهُمُ، والسعيُ إليهم، والأخذ عنهم، وعلى هذا جرى سلفُنَا الصالحُ رضوانُ الله عليهم.
والناسُ في نظرتهم للعلماءِ على أصناف:
· قومٌ رأوا أن العلماءَ كسائرِ الناسِ، ليس لهم قدرٌ ولا منزلةٌ، فضلُّوا وأضلُّوا وفرَّقُوا دينهم شيعاً وأحـزاباً.
· وقومٌ قدَّسوا العلماءَ ورفعوهم فوق أقدارهم، فقلَّدوهم تقليداً مطلقاً، وردُّوا النصوص الشرعية.
· وقوٌم رأوا للعلماءِ منزلةً وقدراً، ولكنهم لم يعاملوهُم المعاملة الصحيحة التي كانَ عليها السلفُ الصالح.
· وقومٌ هم على الهدى والاستقامة، عَرَفوا منزلة العلماء وعاملوهم المعاملة الشرعية الصحيحة، وساروا على هدي سلفهم الصالح في التعامل مع العلماء كما سيأتي معنا.
فما هي المعاملةُ الصحيحةُ للعلماء ؟
لماذَا نتكلَّمُ في موضوعِ التَّعاملِ مع العلماءِ ؟
· لنعرف منزلةَ العلماءِ في الإسلام، وفضلهم على هذه الأمَّة.
· لنزدادَ حرصاً على طلبِ العلم، ونرتقي في مدارجِهِ لنكونَ منهم، وننال درجتَهُم العالية.
· لنجمع كلمة المسلمين، فإنَّ طريق الوحدة هو الاعتصام بالكتاب والسنَّة ولزوم جماعة المسلمين، والعلماءُ هم الأدِلاَّءُ على ذلك، فإذا أنزلناهم منازلَهُم، واعتبرنا أقوالَهُم تَوَحَّدَ الصفُّ، واجتمعت كلمةُ المسلمين.
· لنعرفَ طائفةً من أهلِ العلمِ، فيكونُ ذلك دافعاً لحبِّهم وموالاتِهِم والإكثارِ من ذكرهم.
· ولجهلِ كثيرٍ من المسلمين كيف يتعاملون مع علمائِهِم.
· وترغيباً في العلم.
((الدلائلُ الدالَّةُ على عِلم العالم وفضلِه))
(1) أنَّ العلماء يُعرفون بعلمهمِ، وبرسوخِ أقدامهم في مواطن الشُّبَهِ حيثُ تزيغُ الإفهام.
قال ابنُ قيِّم الجوزية: (إنَّ الراسخ في العلم لو وَرَدَتْ عليهِ من الشُّبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينَهُ، لأنَّه قد رسخ في العلم؛ فلا تستفِزُّهُ الشبهاتُ، بل إذا وردت عليه ردَّها حرسُ العلم وجيشُه ...)().
(2) أنَّ العلماء يُعرفون بجهادهم ودعوتهم إلى الله، وبذلِهِمُ الأوقات والجهود في سبيل الله.
(3) ويُعرفون بنُسُكِهِم وخشيتهم لله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
(4) ويُعرفون باستعلائِهم على الدنيا وحظوظهِا، بهذه الصفاتِ وغيرِها يعرفهم الناسُ.
(5) وممَّا يُعرفُ به العالمُ شهادةُ مشايخِه له بالعلم، وهكذا كان السلفُ ومن تبعهم بإحسان، كانوا لا يتصدَّروُن حتى يروا إقرارَ مشايخِهم لهم بالعلم وإذنِهِم لهم بالتصدُّرِ والإفتاءِ والتدريس.
قال الإمامُ مالكُ رحمه الله: (لَا يَنْبَغِي لرجل أَن يرى نَفسه أَهلا لشَيْء حَتَّى يسْأَل من كَانَ أعلم مِنْهُ وَمَا أَفْتيت حَتَّى سَأَلت ربيعَة وَيحيى بن سعيد فأمراني بذلك وَلَو نهياني انْتَهَيْت)().
وقال أيضاً: (ليس كلُّ مَن أحبَّ أن يجلس في المسجد للتحديث والفُتيا جَلَس، حتى يشاور فيه أهلُ الصلاح والفضل، وما جلستُ حتى شَهِدَ لي سبعون شيخاً من أهلِ العلمِ أني موضِعٌ لذلك)().
(6) وممَّا يدلُّ على علم العالمِ وفضلِهِ: دروسُهُ وفتاويه ومؤلفاته.
هذه بعضُ الدلائل الدالَّة على عِلْمِ العالِم وفضلِه، أمَّا المناصب ونحوها فهي ليست الدليل على العلم.
الشيخ:
إبراهيم بن عبد الله المزروعي

ombraa20 @ombraa20
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بارك الله فيكِ
شكرًا عالنقل
ويعطيكِ العافية