بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله تعالى فلا مُضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله
اللهم صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد
اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد
أما بعد ،،
فإني أسأل الله تبارك وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً ينفعنا
اللهم اجعل عملنا كله صالحا ولوجهك خالصا ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئا
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيِّء لنا من أمرنا رشدا
أختـــاه، من الممكن أن يفاجئك هذا السؤال .. ويمكن لم تفكري فيه كثيراً قبل ذلك .. ويمكن الإجابة التلقائية: أكيد طبعًا هذا أمر لا يحتاج لأحد أن يفكر فيه .. يمكن لن تُقَدِّري تماماً صعوبة هذا السؤال .. في الحقيقة السؤال ليس سهلاً .. السؤال يحتاج منك إلى تفكير ... السؤال يحتاج منك أن ترجعي بعقلك لمواقف كثيرة وُضِعتِ فيها، انظري كيف تصرفتِ فيها ..
السؤال هو:: هل أنتِ راضية بالله؟!! .. هل أنتِ راضية عن الله؟!!
ألم يحدث أنكِ تمنيتِ شيئاً و لم تأخذيه؟! .. ألم تجدي نفسك بعدها حزينة وقد تكوني اكتأبتي، ولم تجدي بداخلك إجابة عن السؤال الذي يوسوس لكِ به الشيطان: لماذا يحدث كل هذا؟! ..
ألم يحدث أنكِ ابتُليتي ببلاء لم يكن على بالك؟ .. وأخذتِ تفكرين لماذا يحدث لكِ كل هذا رغم الإجابات التلقائية والتقليدية؟ ..
أكيد طبعاً كل هذا يحدث لي بسبب عيوبي .. بسبب ذنوبي .. لم تجدي شيء بداخلك يقول لكِ وماذا كنتِ ستفعلي لقد حاولتِ ولكن بدون فائدة ..
ألا يحدث كثيراً أن تسمعي عن بعض أحكام وأوامر شرعية، ومن داخلك تقولين: لماذا شرَّع ربنا هذه الأمور؟ .. على أنكِ ترينها لا تضر، بل بالعكس قد ترينها نافعة لكِ .. لذلك كثيراً ما تقصري أو تقعي في معاصي؛ بسبب شعورك أن هذا ليس بذنب ..
يعني ألستِ أحياناً تبرمجي نفسك على بعض الأمور تكون خير، وتريدين أن تقومي بأعظم الأعمال الصالحة .. تضعي جدول تريدي أن تحفظي القرآن، أن تحافظي على ورد القيام والصيام والذكر وسماع الدروس، تريدي أن تكوني إنسانة ملتزمة بحق .. إمرأة صالحة بمعنى الكلمة .. ثم تجدي كل شيء يُهدم ولا تستطيعي عمل شيء، ويوم بعد يوم ترجعي لعاداتك وأحوالك القديمة وتقولي: وما آخر كل هذا؟، أنا بصراحة مللت من نفسي ومللت من المحاولات، ويبدو أن الله يعلم حالي وإني لا أصلح في هذا الطريق .. ولذلك ربنا لا يريدني، أنا أشعر إني لا أصلح ..
هذه هي أكبر مشكلة أنتِ فيها؛ لذلك درسنا اليوم من أخطر ما يكون ..
لأنه يتكلم عن البلسم الشافي لهذا المرض الخطير؛ مرض التسخط .. مرض عدم الرضا ..
{ لأنه يتكلم عن أعظم مقامات الإيمان .. كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه "ذروة سنام الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر" .. وكان أبو سليمان الداراني يقول "الرضا عن الله عز وجل والرحمة للخلق من درجات المرسلين" .. وكان الفضيل يقول "درجة الرضا عن الله، هي درجة المقربين ليس بينهم وبين الله إلا روح وريحان وهم في جنة نعيم".
نعم، كلامنا اليوم موجه لكل أخت تريد أن يكون اسمها في السماء::
الراضية بالله وعن الله
{ هل تعرفي أن هذا الرضا كان من أكبر مطالب الصالحين ومطلب الأنبياء في كل زمان .. ربنا يقول على لسان سيدنا زكريا وهو يتمنى أن يكون ابنه في أفضل المنازل فيقول { وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } مريم6 .. ربنا يصف سيدنا إسماعيل ويقول: { وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } مريم55 .. سيدنا موسى يتعجل أن يقابل ربنا سبحانه وتعالى، لماذا تعجل قال
{وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} طه 83،84 .. سيدنا سليمان لما سمع كلام النملة {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ } النمل19
حتى الإنسان الذي يبلغ سن الكهولة ويبلغ أربعين سنة يقول: { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ } الأحقاف 15 .. هذا الرضا هو أكثر شيء ممكن تضبطيه، هذا الرضا هو هدفك الذي يجب أن تضعيه نصب عينيكِ .. هذه الكلمة سأظل أحفرها في وجدانك وفي أعماق قلبك أن يقول قلبك وأن يكون أملك الحقيقي::
{ فقط أنت ترضى يــا رب {
هل تعرفي أنك لن تصيري ملتزمة التزام حقيقي أبدًا إلا عندما تذوقي معنى الرضا، فالرضا هو تمام العبودية ..
العبودية لا تتم بدون صبر، بدون توكل، بدون ذل، بدون خضوع، بدون افتقار، بدون رضا ..
لذلك النبي صلى الله عليه وسلم في ما رواه مسلم قال: "ذاق طعم الإيمان- من التي ستشعر بمعاني الإيمان؟ من التي سيغمر الإيمان قلبها؟- ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا "
هل تعرفي أنكِ ستظلي حزينة، مُبتَلاة بالأمراض والمشاكل النفسية، لو لم تعرفي معنى الرضا؟
لأن الواحدة تكون غير راضية لسبب من اثنين؛ إما لفوات شيء كنتِ تتمني أن يكون موجودًا .. كنتِ تحبي أن يحدث .. أو لشيء أصابك وأنت كارهة أن يحدث ..
لذلك الشخص الذي عنده تسخط وعدم الرضا، دائماً يعيش القلق والاضطرابات؛ لأنه دائماً أبداً لا يجد دواءً لما في نفسه ..
لذلك ربنا سبحانه وتعالى دلنا على طريق الرضا وبيَّن لنا أن الرضا يمنع هذه الآلام النفسية .. {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } الحديد23
الرضا يخلصك من الهم والغم والحزن وشتات القلب وسوء الأحوال،،
الرضا جنة، التي ستدخلها في الدنيا هي التي ستدخل جنة الآخرة .. الرضا يوجب طمأنينة القلب، تشعري بالسكينة .. تشعري بالقرار .. تشعري بمعاني الإيمان الحقيقية .. الرضا هو الذي يُنزِل على قلب العباد السكينة؛ لذلك قال ربنا {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } الفتح18
لماذا رضي عنهم ؟ .. لأن قلوبهم ما كان فيها ذرة التسخط .. لأن قلوبهم كانت قلوب راضية، فالله رضي عنهم لما رضوا عنه وهو من قبلهم قد رضي عن هؤلاء لأنهم أصحاب قلوب سليمة، فأنزل عليهم السكينة ..
لذلك الراضية بالله والراضية عن الله لا تُبتِلى بتلك العلل، التي أصبحت أدواء هذا الزمان ..
هل تعرفي أن الراضية بالله يُغفَر ذنبها وتُكَفَّر عنها سيئاتها؟
النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم قال " من قال حين يسمع المؤذن: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وبالإسلام دينا يغفر له ذنبه"
أتعرفي لماذا يغفر لها ذنوبها؟ .. لأن الرضا يُخلِّص العبد، ويُخلِّص إماء الله الصالحات من خطر خطير جداً اسمه (مخاصمة الله) .. أن تكوني معترضة ورافضة، لماذا يأمرني ربنا بكذا وكذا ؟! .. لماذا يأمرني ربي بالقرار؟! .. لماذا يأمرني ربي بالحجاب؟! .. لماذا جعل ربنا سبحانه وتعالى القوامة في يد الرجال؟! .. لماذا أنتظر حتى يطرق بابي الرجل فلان حتى أعيش حياتي بشكل مستقر؟! .. لمَ لا يكون كذا ..لمَ..لمَ..
هذا هو نفس موقف إبليس عندما أُمِرَ بالسجود عصى ورفض .. وقال: لماذا؟ .. { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } الأعراف12 .. أأسجد لبشر لمَ ؟! .. عدم رضا إبليس أدّاه إلى أن يعترض على أمر الله ..
وهذا شأن المنافقين في كل زمان .. هم الذين لا يرضون بحكم الله .. تقول الحجاب كذا، يقول لكِ: لمَ؟ ليس شرطاً الحجاب حشمة .. تقول: إنه هذه المعاملات يا جماعة .. ربا يقول ولمَ يعنى طالما ليس بها أذية لأحد؟! .. ليس بها مشكلة أو ما شابه .. تجدي الاعتراض على أمر الله .. إنما الراضية بالله تبارك وتعالى، ليست عندها هذه المخاصمة .. ليست عندها هذه الاعتراضات .. فيكون جزاء ربنا لها أن يغفر لها ويتجاوز عن سيئاتها ويكفر عنها خطاياها.
هل تعرفي أن الراضية من أسرع الناس في الاستجابة لأوامر الله؟
لما تجدي نفسك بطيئة في الاستجابة، كثيراً ما سمعتِ دروس وكثيراً ما سمعتِ أشياء كثيرة وأنتِ للأسف إلى اليوم مقصرة فيها .. أتعرفين لمَ؟ لأن قلبك لم يدخل فيه هذا المعنى .. إنما الراضية بالله شعارها عدلٌ فيَّ قضاؤك .. أنا يا رب مستشعرة عدلك عليّ، فلا أعترض عليك .. لا في قضائك .. ولا في عقوباتك .. أنا محرومة من أشياء، لكن أنا أعرف وموقنة أن هذا بذنبي .. لكن أنا لن أسكت ولن أيأس ولن أقنط .. أنا متأكدة وعندي حسن ظن فيك يا رب أنك ستأخذ بيدي وأنك لن تتركني هكذا وإن شاء الله سيفتح لي بابك وموقنة أن هذا سيحدث .. لا تجد اعتراض، ولا تجد تسخط في قلبها فتكون أكثر واحدة تسارع في مرضاة ربها هذه شعارها::
{ فقط أنت ترضى يا رب {
هل تعرفي أن الراضية بالله هذه هي أكثر واحدة قلبها طاهر؟
ألم نقل إن الرضا يفرغ القلب لله؟ .. التي تشتكي وتقول: قلبي مُعلَّق بفلان أو فلانة، أنا لا أستطيع أن أعيش بدون أهلي، بدون زوجي، بدون أولادي، أنا لا أستطيع أن أعيش بدون أصحابي .. أنا لا أستطيع العيش بدون ...أنا كنت سأتزوج فلان وللأسف لم يحدث نصيب، فقلبي ما زال معلقاً بهذا الموضوع .. قلبي مليء بهذه المشاكل ..
Û الحل:: الرضا.
الرضا يفرغ قلبك لله .. أنت سيدي ومولاي وقرة عيني ... أنا لك أمة فافعل بي ما شئت .. سُسنا كما شئت يا مولانا .. بعض سلفنا كان يقول هذه المعاني الغالية "سُسنا كما شئت يا ربنا" .. كما تريد يا رب، نحن لك عبيد فافعل بنا ما تريد .. دَبِّر لنا فإنا لا نحسن التدبير .. فسُسنا كما شئت ولا تكلنا إلى تدبيرنا يا ذا المعالي.
أنخنا في فنائك يا إلهي إليك معرضين بلا اعتلاء
كما تريد يا رب، لذلك قلبها يفرغ من كل شيء سوى الرب تبارك وتعالى ،،
الرضا يفتح باب السلامة من الغش والحقد والحسد ..
لأن التي تصبح راضية بما يقسمه الله لها، هذه عمرها ما تنظر إلى فلانة ولا تحسد علانة ولا يكون فيها أي معنى من المعاني التي تفسد عليها حياتها الإيمانية وعلاقتها بربها سبحانه وتعالى .. لذلك تجدي الراضية أكثر من تشكر لأنعم الله وربنا يقول { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } سبأ13 الرضا ينتج عن شكران المنعم سبحانه وتعالى ..
هل تعرفي أن الراضية بالله أكثر واحدة عندها يقين؟
الرضا لا يجعل في قلب الواحد شك في قضاء ربنا ولا في قدره ولا في حكمته ولا في علمه سبحانه وتعالى؛ لذلك قال العلماء "الرضا واليقين أخوان مصطحبان".
هل تعرفي أن الراضية بالله أكثر الناس قربة وطاعة؟
وهنا أريد أن أضع معنى وأود أن تفهميه جيداً، وليتكِ تكتبي ورائي هذه العبارة ودائما تذكري نفسك بها؛ لكي تصلي إلى هذه المقامات العالية ..
ÿمزيد الرضا أعظم عند الله من طاعات الجوارح ÿ
ما معنى هذا الكلام ؟ .. فالرضا شأنه عجيب جداً، يمكن من أعجب الأعمال حتى الأعمال القلبية .. ألم نتفق أن العمل نوعين::
µ عمل جوارح .. صلاة ، زكاة ، حج ، بر، صلة .. هذه الأعمال الظاهرة ..
µ وأعمال بواطن ، أعمال قلوب ذل ، وافتقار ، وورع ، وصدق ، وإخلاص ، ويقين ..
وقلنا إن أعمال القلوب أعظم من أعمال الجوارح، الرضا من أعمال القلوب؛ لأنه شيء مما يسكن في القلب وسبحان الله عجيب- ما أشد عجب الواحد - منا حين ينظر إلى معنى الرضا ...
لماذا قالوا إن الرضا أجره لا ينقطع وليس له حد، لماذا؟
أضرب لكِ مثال، مثلاً: واحد راضي .. أنتِ بفضل الله عز وجل ربنا منّ عليكِ بالمعنى الذي سنقول لكِ كيف تحصّليه وهو يحقق في الواقع وما معناه لو ربنا ملأ قلبك رضا .. لو أنكِ مشغولة بأي شيء، واحدة مشغولة مثلاً باحتياجات البيت في مطبخها وقلبها راضي، ويمكن عقلها صار مشغولاً الآن بالأشياء التي تقوم بها .. ممكن واحدة تقوم مثلاً ببعض الواجبات التي عليها والجوارح في اتجاه آخر، واحدة ربنا سبحانه وتعالى رزقها بالأولاد فتقول لك: يا شيخ، أنا لا أعرف ماذا أفعل الأولاد دائماً لعبهم و الضوضاء التي يحدثوها تجعلني لا أستطيع أن أركز لا وقت لأمسك مصحف لا أستطيع أن افعل كذا ....
الراضية بالله هذه .. العلماء يقولون:
"أجرها لا ينقطع، فإن شُغِل الذهن بشيء آخر وكان أصل الرضا في القلب فإنها تُثاب على ما في قلبها"
وهي مشغولة هكذا وفكرها شارد في أشياء أخرى، إلا أن قلبها راضي وقلبها مستودع فيه الرضا .. وطوال ما القلب طاهر من هذه التسخطات، تأخذ حسنات .. عداد الحسنات يعمل حتى ولو كانت هي بعقلها وذهنها شاردة في شيء آخر .. قالوا: لكن مثلاً إنسان يخاف من ربنا فتجده أحياناً يبكي وقلبه يجل نتيجة لهذا الخوف، فلو انشغل باله مع ولده مثلاً ابنه مريض فيعالجه .. ينشغل في أي شيء يمكن .. ينسى موضوع الخوف من ربنا سبحانه وتعالى .. فلذلك الخوف ممكن أن يزول عنه، بالتالي هنا الأمر يختلف ما بين الرضا الذي إذا صار القلب مُستودع فيه هذا المعنى يظل يستمر في الأجر بخلاف من قلبها ليس به هذه المعاني.
لذلك نأخذ القاعدة :
ÿ مزيد الرضا أعظم عند الله من طاعات الجوارح ÿ
الرضا هو غناكِ الحقيقي .. سيدنا موسى عليه السلام سأل الله سبحانه وتعالى عن ستة أشياء وكان من جملة هذه الأشياء أنه قال لله سبحانه وتعالى : "يا رب أي عبادك أغنى ، قال : الذي يرضى بما يُؤتى"
أغنى العباد الذين بهم هذا المعنى العظيم ، الذين يرضون عن الله حقا
وآخر معنى أريد أن أوقفكِ عليه في مناقب وفضائل الرضا ليكون لديك الشُحنة وتكونين مُتلهفة ، قل لي كيف أرضى؟ كيف أصل إلى هذا المعنى؟ ما معنى الرضا؟
أعظم هذه المعاني وهذه المناقب وهذه الفضائل :
أن الراضية بالله محبوبة عند الله
من ترضى عن الله ربًا ، الله سبحانه وتعالى يُحبها .. قال عبد الواحد بن زيد : ما أحسب شيئاً من الأعمال يتقدم الصبر ( أعظم الأعمال الصبر ) بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "الصبر ضياء" صححه الألباني في صحيح الترغيب فالصبر هو الأساس .. الصبر الذي هو صبرٌ على الطاعة، وصبرٌ عن المعصية، وصبرٌ على الابتلاءات .. فكان يقول: أرى أن الصبر هو أعظم شيء لكن لا يوجد شيء يعلو على الصبر إلا الرضا ..
قال : ولا أعلم درجة أرفع ولا أشرف من الرضا وهي رأس المحبة
رأس المحبة رضاكِ عن سيدكِ ومولاكِ
أريدكِ أن تكوني الراضية بالله ، تكوني الراضية عن الله ، أريدكِ أن تعرفي وصفها ، ما هي حكاية قلبها ؟ وكيف تنظر إلى الأمور ؟ وبأي طريقة تتعامل مع المواقف التي تُحير غيرها ؟ وبأي أسلوب تعيش الحياة ؟ أكيد طريقتها مختلفة .. وأريدك أن تعرفي أن هذه الشخصيات موجودة وإياكِ أن تتصوري أنها لم تعد توجد في زماننا هذا .. لا والله هذه الشخصيات تعيش بيننا، لكننا لا نشعر بهم كثيراً .. لأن للأسف مفهمونا للدين خاطئ، مفهومنا لمعاني الإيمان يحتاج أن يتم تصحيحه ويتجدد مثلما اتفقنا من أول هذه السلسلة
هيا بنا قبل أن أعرفك ما معنى الرضا، أضعكِ في مشاهد تُبين لك المعنى من خلال أنك ترين ..
ÿأحوال الراضيات عن الله تبارك وتعالى ÿ
ونبدأ هذا الكلام بقصة واقعية، امرأة نحسبها إن شاء الله زاهدة عابدة .. هذه المرأة ما شاء الله لا تترك صيام، قيام، قرآن، قليل جداً ما تجدها تخرج من بيتها، عندما تخرج فتخرج لحاجة .. تارة تخرج إلى بيت أهلها لتخدمهم، وتارة تجدها تذهب إلى أختها عندما تكون مريضة وهكذا، تذهب إلى الطبيب عندما تكون في حالة سيئة .. هي دائماً كذلك قارة في بيتها ..
هذه المرأة كان لديها ابن وابنه، ابنها قال أنه يتمنى أن يكون لديه دراجة نارية (موتوسيكل) ) حتى يُيسر له الحال وما شابه) .. فهذه الأم الحنون رفضت بشدة الأمر وقالت أنها تخاف على ابنها وتشعر أن هذا الموضوع يمكن أن يترتب عليه مشاكل، وكانت تقول له هكذا: أنا أخشى أن تشتري هذا الموتوسيكل فيكون ما أخشاه من أقدار الله ..
تقول له: إذا اشتريته قلبي ينفطر عليك، كل يوم وأنت ذاهب وآتي من الجامعة .. والجامعة كانت على طريق سريع، لكن المهم زوجها وافق على أن يشتري ابنه هذا الدراجة .. وبالفعل الأب والابن ذهبوا ليشتروا الدراجة وهذا حدث في رمضان، فما كان من هذه المرأة إلا أن ذهبت تدعو الله عز وجل وقالت : يا رب إن حدث ذلك الشيء الذي أخشاه، فأنا لا أعترض على أمرك أبداً ولكن أسألك يا رب ( انتبه إلى كلامها ) .. تقول: أنا لا أعترض على أمرك أبداً ولكن أسألك أن تُصَّبرني على هذا الشيء .. ابنها كان عزيز عليها جداً، وكانت دائماً تقول: أنه أغلى شيء عندها، لدرجة أنها كانت ترسل لابنها رسائل حب وكأنها تعشقه عشق العاشقين .. بالفعل الابن أشترى الدراجة مع والده، وبينما هو ذاهب في الطريق وقعت له حادثة ومات ..
انظروا إلى المرأة الراضية كيف ستتصرف؟ .. عندما وصلها الخبر ما كان منها إلا أن حَمِدت الله عز وجل، وسألت الله عز وجل أن يُصَّبرها على هذا الأمر .. ونحسب أن الله عز وجل بالفعل رزقها الصبر فهي من أول لحظة أتى لها الخبر وهي لم تنطق بكلمة بها أي شيء من التسخط، وكانت تقول: الله عز وجل رحيم بي ( تعلمي وانظري إلى معنى كلامها ) .. عندما نظرت إلى الابتلاء، لم تنظر إليه على أنه حرمان من أغلى شيء عندها وأن الله سبحانه وتعالى يُعذبها ولماذا تفعل بي كذا وكذا يا رب؟ .. إنما قالت: الحمد لله، فإن الله رحيم جداً، لم يشأ الله أن يُعذبني كل يوم عندما كنت سأتصور أنه آتي أو ذاهب بالدراجة وأتصور أنه سيحدث له شيء، كنت سأنفطر وسأُعذب كل لحظة وأنا أعيش هذا الخيال .. تقول : أشعر أن الله سبحانه وتعالى فعل بي هذا رحمة بي؛ حتى لا أُعذب بالألم ولا أُعذب أنه كان مثلا ً والعياذ بالله تقع له حادثة فتحدث له عاهة أو ما شابه .. المرأة لم تنظر إلى الموضوع على أنه فقدان لابنها، إنما نظرت للموضوع أن الله منعه عين العطاء .. وهذا من شعارات الراضيات، أنها تنظر إلى حكمة الله .. أنها تنظر إلى أن الله سبحانه وتعالى من وصفه الرحمة والحكمة فأكيد الله سبحانه وتعالى أراد هذا ليس بسبب العذاب والألم بل كان هذا الأمر لحكمة تستوجب الشكر والحمد.
الراضية عن الله في كل أحوالها، لا تتمنى على الله ... أتعرفون قصة الربيع ابن خثيِّم من رأى في منامه امرأة سوداء رآها زوجة له في الجنة، فسأل عنها ووجدها راعية غنم كبيرة في السن .. فاستأذنها أن يُقيم قريباً منها ليتتبع أحوالها، فأقام عندها ثلاثة أيام، فما كان يراها تزيد على الفريضة عندما تأتي بالليل تأتي بالعنزة الخاصة بها تحلبها وتشرب منها وهي كذلك طوال اليوم في أعمالها وتقيم الفرائض وليس لها كبير عمل، فبدأ يندهش من هذا الحال، فهذه المرأة أين أحوالها؟ ماذا تفعل ؟ فسألها هل أنت لا تصنعين أكثر مما أرى ؟ .. قالت : لا والله هذا ما رأيت هو صنيعي، إلا أني ما أصبحت على حال قط فتمنيت أني على حال سواها رضاً بما قسم الله لي ..
فقال: يا هذه هل علمت أن الله عز وجل قد بشرك بالجنة، فقد رأيت في المنام أنك زوجتي في الجنة ..
فقالت له : أنت الربيع ابن خثيَّم؟ .. قال : وكيف علمتِ؟ ( لم تكن قد سألته من قبل ) فكأن الله عز وجل كان قد بشرها قبل أن يُبشَّر الربيع) ..
ما هي قصة هذه المرأة ؟
هو شيء واحد أيضاً من شعار الراضيات بالله :
لا تتمنى أن تكون في حال غير الحال التي قضاها الله لها ..
أي: أنكِ قد قضى الله عليكِ بمرض معين، فتقولي: الحمد لله أن الله سبحانه وتعالى عاملني هكذا لعله كفارة ولعله إن شاء الله بحسن الظن يكون من أسباب دخولي الجنة وإعلاء درجتي بالجنة إن شاء الله ..
امرأة مُتأخرة في الزواج، فتقول: لعل الله عز وجل حفظني من فتنة الزوج وفتنة الولد؛ لأنه لا اختيار لكِ مع اختيار الله
إذا أردتِ أن تسألي فقولي: اللهم ارزقني زوجاً صالحاً؛ لأن الله هو الذي يعلم هل هو صالح أم لا .. تقول مثلاً سأدعي له أن يكون إنسان صالح فأقول لها: هذا نوع من التعلق الفاسد، هي تكون تعلقت من ذكر محاسن بعض الناس فتقول ياليت فلان يكون زوجاً لي .. وأنا أقول هذا يتنافى مع معنى الرضا المطلوب،،
هذا هو معنى ترك الاختيار قبل القضاء، فلا تختاري قبل قضاء الله عز وجل .. إنما تمني واطلبي المعنى ..
ليس أنكِ تقولين أنا أريد كذا وكذا بعينه ، لأنك لا تعرفين ما تطلبينه هل فيه الخير لكِ أم لا ..
فمن الممكن أن تطلبي الخير نفسه وهو : اللهم إني أسألك الخير كله عاجله وآجله ..سره وعلانيته ..
فتكوني بذلك تسألين الخير، لكن لا تُدبري أمرك وإنما قولي دائماً:: اللهم دبِّر لي فإني لا أُحسن التدبير ..
وثاني شيء قالها في معنى الرضا: أن يفقد الإنسان المرارة بعد القضاء .. بعد أن يقضي الله سبحانه وتعالى، فحينها يعرف أن هذا قديم اختيار الله له .. وإذا كان الله عز وجل قد اختار لنا هذا، فلابد أن يكون القلب غير مُتسَّخط ولا يجد الألم ..
الراضية لا تختار قبل القضاء ولا تتألم بعد القضاء ..
الراضية يهيج حبها لربها في أثناء البلاء .. وهي مُبتلاه تجد قلبها يقول : هذا آتٍ من حبيبي وسيدي وحبيبي ومولاي وقرة عيني ، أن لا أذوق المرار ولا أشعر بذلك لأن المُتحببة إلى ربها والراضية عن ربها تستعذب العذاب ، هذا هو...
إذاً ثلاثة أشياء :
لا تختار قبل القضاء ولا تتألم ولا تتوجع ولا تجد في نفسها المرارة بعد القضاء، وتراها مُتحببة، وتراها وهي ساكنة إلى ربها في ظل البلاء ..
سيدي ومولاي وقرة عيني أنا لك محبة فاصنع بي ما تُريد
معاني حلوة جداً وياليت القلوب تُسكن فيها هذه المعاني ..
قالوا: أن الرضا أن يستقبل الإنسان أحكام الله .. أوامر الله سواء كانت هذه الأوامر التي يُطالبنا بها الله من الأوامر الشرعية أو الأوامر الكونية التي تتحقق في الواقع، أقضية الله سبحانه وتعالى .. قضاء الله .. يستقبله بالفرح؛ لأني أعرف أنه من ربي وأعرف أن أي شيء من ربي أنا أحبه حتى ولو كان ظاهره بالنسبة لي فيه شيء مما أكره .. لأنه جاءني من ربي وسيدي ومولاي.
الرضا معانيه عالية وغالية لكن مدارها على هذه الأمور :
ارتفاع الاختيار ، ارتفاع الجزع ، سكون القلب تحت مجاري الأحكام
هذه هي الراضية الساكنة إلى أقدار الله تبارك وتعالى ..
Û قالوا: الرضا ثلاثة أقسام: القسم الأول هو رضا عامة الناس .. وهؤلاء يرضون بما يقسمه الله لهم وهذا ما يُمكن أن نطلق عليه القناعة
أنه ما أعطاه لي راضي به وهذا ما نقول عليه، وقنَّعه الله بما أتاه .. طوبى لمن رُزق كفافاً وقنَّعه الله بما آتاه .. أنا راضي بما يصنعه الله سبحانه وتعالى لي أو يقسمه لي ..
القسم الثاني أعلى: المفروض يا أيتها الملتزمة، يا أيتها المرأة الصالحة تصلي إلى هذا المعنى وهو .. قالوا عنه:
Û رضا الخواص؛ وهو الرضا بما قدَّره وقضاه .. وما سنقوله الآن وما يُسمى، وهو الرضا عن الله تبارك وتعالى ..
وهناك منزلة أعلى ..
Û رضا خواص الخواص؛ وهذا ألا يرضى بدلاً عن الله سبحانه وتعالى .. وهذا ما سنُسميه الرضا بالله ..
إذاً هناك رضا عن الله وهناك رضا بالله ، ما الفرق بينهما ؟
ÿ الرضا بالله .. أن الواحد يرضى به سبحانه وتعالى رباً، أي يرضى بأنه هو المُدبر لأمره .. لا يتخذ رباً غيره سبحانه ..
والرب معناه : هو من يرزقني وهو من يُدبر أمري، وهو من يتكفلني وهو البداية من عنده والنهاية من عنده، وأنا راضٍ بكل تدبيره {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ...} .. إذاً المعنى الأول: أن يرضى به رباً ويرضى به إلهاً، أي راضي بالله إلهاً فلا أحب إلا هو ولا يميل القلب إلا له هو سبحانه وتعالى، أن يكون الله أحب الأشياء إلى العبد .. أن يكون الله أعظم في قلبه من كل شيء، أن يكون الله أحق بالطاعة من كل أحد، هذا هو من يكون راضٍ عن الله إلهاً.
ابن القيم يقول : "وهذا لا يحدث إلا عندما يكون بالإنسان ثلاثة أشياء: أن تسبق محبته إلى القلب كل محبة .. أي قلبك يُحب ربك جداً جداً، لا أشك في ذلك أبداً وأبداً ما أُشكك في هذا المعنى لكن من الممكن أن تحبي أحداً مثل الله {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ...}
ومن الخطر أن تحبي فلان أو فلانة .. ممكن أن تُحبينها وممكن تعصي الله أو تخالفين أمر الله في شيء من أجلها .. فيكون أمر الله سبحانه وتعالى لك أن تفعلي كذا وكذا .. ممكن أن تُفرطين لأن قلبك راكن على غيره وأنت لا تدري
Ûوهذا يحدث كثيراً بالذات في العلاقات التي تكون بين الرجل والمرأة ..
تكون مخطوبة ومتعلقة، تكون عاقدة ومُعلقة القلب بهذا الرجل أو ما شابه من هذه الأمور .. حتى بعد أن تتزوج ممكن أن يكون زوجها فتنة شديدة عليها فتُقدِم محبته على محبة الله ، فتعطى الله الفضلة وهي أهم شيء أن تُرضي زوجها ولو بسخط الله ..
وهذا يحدث كثيراً والأخوات يعرفون هذا الكلام ولا نريد أن نخدع بعضنا فكثيراً، ما تحدث أشياء كثيرة تحت مسمى أنا أرضي زوجي عني وتجديها تقع في مخالفات وتقع في أمور لا يرضى الله عنها الله عز وجل .. ممكن تتنمص حتى يرضى زوجها عنها .. ممكن تفرط في صلاة حتى تتزين لزوجها ويرضى عنها .. ممكن تفرط في أورادها حتى يرضى زوجها عنها .. ومن هنا يكون المعنى غير متحقق ... أنتِ هكذا غير راضية عن الله إلهاً .. من ترضى عن الله إلهاً يكون حب ربنا أسبق عن حب أي شيء حتى وإن كان أعز الناس على الواحد منا ..
الأمر الثاني: يقول ابن القيم "أن تقهر محبته كل محبة ..
ما معنى ذلك؟ .. لما القلب جُبِل على حب .. محبة بعض الأشياء أنا سأحب ابني وسأحب ابنتي وسأحب أمي، سأحب أختي، سأحب الناس الذين يحسنون إليَّ .. هذه الأشياء الواحد منا فُطِرَ على هذه الأمور لكن كيف يصبح ربنا الأول .. كيف تكون محبة ربنا مقدمة ؟؟!!
أنا عندي استعداد أن أضحي بأي شيء كي يرضى الله عني .. لكن محبة الله تكون مستقرة في قلبي ... هذه هي الراضية بالله ربًا، لذلك ربنا أحب الاشياء إلى تلك الأمة وأولى الأشياء بالتعظيم سبحانه وتعالى ..
الأمر الثالث: أن تكون محبة غيره تابعة لمحبته .. هي لا تحب أي أحد لذاته .. وهذا الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس أيضاً في مسألة التعلق بغير الله تعالى ..
وتضحك الأخت على نفسها وتقول لك: أنا أحب زوجي في الله، وهي لا تحب زوجها في الله ولا في شيء ... هي متعلقة به تعلق المرأة بالرجل، لذلك ممكن تتسخط وتُسخِطُ الله عز وجل بأعمال؛ لأنها تفهم أنها تحب زوجها في الله سبحانه وتعالى .. لما تكون محبة ربنا غامرة قلبك فأي شيء بعد ذلك يأتي تبعاً لها ..
لذلك لو أن زوجك هذا الذي هو قرة عينك لو كان يعصي الله .. لو كان مفرط في حق الله .. لو وجدتيه بعد قليل فُتِن وحدث أنه أصبح والعياذ بالله فاسق ويقع في المنكرات والمخالفات، حتى لو كان يؤنسك كامرأة .. فيكون حق ربك عليكِ أعظم من حق البشر، حتى لو كان هذا سيترتب عليه أن أقع في مشكلات اجتماعية .. حتى لو وصل إلى طلاق .. لا يمكن أن يكون خليلي رجل فاجر .. لا يصح أن يحدث هذا .. فالمرء على دين خليله .. هذه هي الراضية بالله ربًا، وهذه هي الراضية بالله معبوداً وإلهاً.
الراضية بالله تعرف أن الحكم له فقط، لا لغيره .. ترضى بما شرعه الله عز وجل، لذا فإن الرضا بالله لا يمكن أن يدخل فيه المؤمن والكافر لا يكون الرضا بالله إلا للمؤمن ..
ÿأما الرضا عن الله .. معناه أنها ترضى عما قضاه الله وقدره، تكون راضية عما أحدثه الله لها وما خلقه الله عز وجل من المقادير .. ممكن هذا كافر يتحلى به .. ممكن تجدي امرأة كافرة وصابرة وراضية بالقضاء ولا مشكلة، إنما الرضا بالله لا يتحقق إلا للمؤمنة ..
والمؤمنه يجب أن يكون لديها الاثنين راضية بالله رباً وإلاهاً ومعبوداً .. والرضا بالله هذا فرض على كل مسلم ومسلمة ..
أما الرضا عن الله اختيار العلماء أن أصله فرض .. أن يكون الواحد أن يرضى عن كل ما قدره الله وقضاه، لكن له منازل وهي مستحبة وليست بفريضة ..
الرضا بالله من آكد الفروض باتفاق الأمة .. فلا يصح للمؤمنة إسلام ولا عمل حتى ترضى بالله ..
أما الرضا عن الله العلماء قالوا: لها تفصيل .. غالب الأمر أن الأحوال التي ممكن تعيشها تكون في الغالب مستحبة، والبعض فصل في القضاء الرضا بالقضاء .. قال: إن القضاء نوعين: شرعي وقضاء كوني ..
الشرعي .. أن ربنا سبحانه وتعالى قضى ألا نعبد إلا إياه، قال تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } الإسراء23 .. قضى علينا يعني: شرع لنا وأمرنا أن نلتزم بهذا الأمر .. القضاء الشرعي هذا ممكن تلتزم به، وناس لا تلتزم به .. المؤمنة الراسخة في الإيمان المحققة معنى الرضا الحقيقي التي تمتثل لأمر ربنا سبحانه وتعالى ولا تعمل المخالفة ..
لكن هناك قضاء كوني .. أي: كن فيكون .. ربنا قضى بموت هذا، بشفاء هذا، بغنى هذا، بفقر هذا .. أنه يُنزِل مطر الآن .. أن يحصل كذا .. هذا اسمه قضاء كوني، وهذا لا يتخلَّف؛ لأن هذا الأمر من قِبَل الله سبحانه وتعالى قضاه بألا يتخلَّف في الواقع .. فما شاء الله كان .. بالنسبة للقضاء الشرعي المطلوب أن يكون عندنا رضا به قطعاً ..
ليس عندي أي حرج .. لا معارضة .. لا منازعة {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } النساء65 .. الرضا بالمقادير هنا في منزلتين، وأنا أريدكِ أن تفهمي بالله عليكِ وانتبهي واكتبي لأن هذه المعاني مهمة جداً
الرضا بالمقادير يخضع لمنزلتين:
المنزلة الأولى: هي منزلة الصبر، والمنزلة الثانية: هي الرضا ..
فيجب أولاً أن يكون هناك صبر فما الفرق ؟؟
الفرق أن الصبر معناه في اللغة: حبس .. يعني اللسان لا يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله .. لماذا يا رب؟! .. يعني لا يتسخط اللسان، والقلب لا يكون فيه هذه الشكوى .. فاللسان لا يتشكى ولا يتسخط، وكذلك القلب والجوارح .. لا نلطم الخدود ونقع في تلك المعاصي .. هذه حقيقة الصبر ..
فما بال الرضا؟ .. الذي تقول لنا عليه (استقبال القضاء بالسعادة ) .. عندما يحدث له أي شيء يقول: اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله .. الحمد لله على كل حال .. أنا لك أمة فاصنع بي ما شئت .. تستقبل الأمر بالابتسامة، تستقبل الأمر لقد جاء من حبيبي وربنا سبحانه وتعالى لن يضيعني .. لذا فإنه مقام عالٍ؛ لذلك الرضا عملية ليست سهلة .. لذلك قال العلماء "أن الرضا ليس بواجب في المقدور" .. ليس بالضرورة أن يصل كل الناس لهذا لمعنى العالي .. كون الواحد يتجرع المرارة وألم المصيبة ويمسك نفسه ويحبسها عن المعاصي عن التشكي هكذا يكون الواحد صابر، لكن لو استقبل الأمر وهو ساكن ومطمئن وقلبه فيه معنى هيجان الحب عند البلاء فهذا هو الراضي بالقضاء .. هذا هو الراضي بقضاء الله سبحانه وتعالى.
عرفنا الآن أن هناك رضا بالله .. رضا بالله رباً رضا بالله إلهاً .. هذا هو ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا .. " .. راضي أن يدبر لي أمري، راضي بما يعاملني به سبحانه وتعالى .. أتحبب إليه وأتودد إليه .. لا أحد حبه في قلبي يعظم حب ربي سبحانه وتعالى .. حب ربنا في قلبي يقهر كل المحاب .. حب أي أحد يأتي تبعاً لحب ربي سبحانه وتعالى.
إنما الراضي عن الله .. أنا راضي بما يقدره ربي، وبما يقضيه عليَّ سواء كان الابتلاءات بالنعم أو الابتلاءت بالنقم .. راضي بكل ذلك، قلبي لا يجد أي من هذه المعاني من التسخطات أو المرارة .. قلبي مطمئن .. قلبي ساكن .. هذا هو من يحقق معنى الرضا عن الله تبارك وتعالى.
مراتب الرضا
العلماء قالوا: أن هناك مراتب للرضا .. الرضا أقسام: رضا للعامة وللخاصة وخاصة الخاصة .. قالوا هناك مراتب عن الرضا عن الله .. وسنضرب مثال حتى نقرب المعنى .. فاصبروا معنا اليوم حتى نخرج من المحاضرة وقد فهمنا هذا المقام العالي؛ حتى نبلغ الثمرات التي قلناها في هذه المحاضرة ..
ماذا قالوا ؟؟ .. قالوا: مراتب الرضا كما لو واحد أصيب بموت ابنه فبكى، رحمةً بهذا الولد الذي كان أعز شيء عليه .. قالوا: هل هذا ينافي مقام الرضا؟ .. قالوا: خير الأحوال وخير الأمور ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بكى عندما مات ابنه إبراهيم، وقال "إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" ..
ذكروا أن الفضيل بن عياض مات له ابن، فرُؤيَ في الجنازة ضاحكاً .. فقيل له: أتضحك وقد مات ابنك؟، قال "إن الله قضى بقضاء، فأحببت أن أرضى بقضائه" .. هو يفهم أن معنى الرضا؛ أن يستقبل هذا المعنى بدون تمرر أو تسخط .. فلما كان هكذا ابتسم، قال: هذا من قِبَل ربي وقدر ربي لا يأتي إلا بالخير.
قالوا من أعلى؟؟ .. طبعاً مقام النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم اتسع لجميع المراتب فرضي عن الله، وفي نفس الوقت كان في قلبه الرحمة للصبي ... قلب النبي صلى الله عليه وسلم حقق مقام الرحمة ورقة القلب، مع مقام الرضا .. أما الفضيل فلم يتسع إلا لمقام الرضا فقط.
قالوا مراتب الرضا أربعة::
1) من يجتمع معه الرضا مع الرحمة .. كما في شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
2) ومقام الفضيل الذي غالبه الرضا عن الرحمة ..
3) والثالث من في قلبه الرحمة .. وهذا أغلب أحوال الناس، تجد الأم تبكي ولا تستطيع أن تتحمل هذا المعنى .. لا تأتي بمخالفات، لكنها لا تتحمل الرضا.
4) المرتبة الرابعة من لا رضا عنده ولا رحمة .. وهذا أسوأ الخلق بلا شك.
فالذي يتحمل قلبه أكثر من مقام من مقامات الإيمان، هذا أعلى مرتبة يليه من يستغرقه شيء من الرضا ..
ستسألوني وأظن أن هناك أسئلة كثيرة ..
يعني مثلاً هل الرضا يتنافى مع الدعاء ؟؟ .. عندما تدعو واحدة ربنا سبحانه وتعالى أن يكشف عنها البلاء، يتنافى مع الرضا؟ ... لا، لسبب بسيط جداً أن الدعاء يرضي الله وهو مما أمر الله عز وجل به، فالإنسان إذا دعا أن يزيل الله عنه المصيبة هذا يُعَدُّ راضياً؛ لأن الله هو الذي طلب منا أن نصنع ذلك ..
قال {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر60 ووصف بذلك عباده الصالحين { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} السجدة16 والله هو الذي أمرنا أن نسأله الرزق { فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ } العنكبوت17 كون الواحد يدعوا هذا لا يتنافى مع الرضا
هل الرضا يتنافى مع البكاء على الميت؟؟ .. قد قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بكى رحمة للميت، لا يتعارض الرضا مع البكاء.
هل نحن مأمورون ويجب علينا أن نتحرى رضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟؟ .. نعم، نحن مكلفون أن نرضي ربنا سبحانه وتعالى ونرضي رسوله صلى الله عليه وسلم .. يقول تعالى { وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} التوبة62 ..اكتبي هذه الكلمة، ربنا والله ما يستحق منك بعد هذه الأفضال وهذا الإنعام أن يكون في قلبك ذرة سخط أو يكون في قلبك تسخط وأنتِ لا تدرين ..
إياكِ أن تكوني ساعية في رضا الشيطان ولا ترضيه .. إياكِ تكوني ساعية في رضا نفسك بسخط الرحمن .. إياكِ أن ترضي الناس بسخط الله ..
ولا تستطيعين أن تأخذي قرار بأن تفعلي كذا وكذا من أمور دينك مخافة كلام الناس .. والنبي صلى الله عليه وسلم وضع لنا الأساس في هذه القضية الخطيرة "من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس" صحيح الجامع
إياكِ أن تخافي من أهلك لو ارتديتِ الحجاب الشرعي .. ستكون هناك ضغوط ومشاكل وأنتِ لا تتحملي المشاكل، من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس .. أليس عندكِ يقين؟! .. أليس عندكِ يقين أنكِ لو امتثلتِ لأمر الله سبحانه وتعالى، لو أخذتِ قرار كقرار النقاب وغيره من القرارات وحتى تكوني إنسانة مؤمنة بحق خائفة من كلام الناس ولا تخافين من سخط الله عليكِ أن تعرفي الصح وتعرفي أين رضاه وتنظري في اتجاه آخر .. ومن أرضى الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس ...
والله الآية تقطع القلوب، لو أن بالقلوب حياة .. ربك وسيدك، وحبيبك محمد الذي سيقابلك على الحوض وأمرنا، وقال لنا وعاتبنا والكلام والله تتفطر له القلوب وقال: لا تسودوا وجهي .. لا تسودي وجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بمخالفاتك وأن يمتلئ قلبك بهذه المعاني ..
بالله أشربيها قلبك اليوم::
{ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} { وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} { وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ}
سأقول في نقاط كيف تكوني راضية بالله .. سأقول لكِ على طريقة عملية وعلى نقاط سريعة ..
ÿ الطرق العملية للتحلي بالرضا ÿ
الأولى طريقة عملية
أريدكِ أن ترجعي معي بفكرك وتتذكري شيء تمنيته من زمان، ووقتها قلبك كان سينفطر عليه ثم جاء القضاء على غير هواكِ .. كنتِ تودين أن تتزوجي فلان، ولم يكن هناك نصيب ..
وأريدكِ بعد فترة أن تنظري إلى الموضوع، ماذا حدث فيه .. نحن قمنا بعمل استبيان خاص بالدرس، وسألت عن المعنى تحديداً .. سبحان الله كل المعاني تدور تبعاً لهذه المعاني؛ مثلاً أخت يتقدم لها عريس تكون تحبه وهو كذلك يحبها ولكن يقدر الله وتحدث مشاكل ولم يوفق وتصبح الأخت مستاءة جداً وبعد ذلك تعرف أن هذا الشخص تزوج صديقة لها، تنظر إلى صديقتها وهي تشتكي منه ومن معاملته الصعبة .. الأخت تحمد الله وقتها ..
وأنا لدي قصة واقعية في ذلك المعنى؛ إحدى الأخوات اتصلت عليَ وطلبت مني أن أتدخل في إصلاح ذات البين بينها وبين زوجها .. وبالفعل تدخلت في الأمر ووجدت الأمور صعبة بينهم والرياح شديدة والأمواج عالية، نصحت الأخت وقلت لها: بالله عليكِ أنا كلمت زوجك ورطبت قلبه؛ ولكي لا تتصعد الأمور بالله عليكِ اتصلي بزوجك الآن وكلميه بطريقة طيبة .. فالأخت كان ردها: ولماذا أتصل به؟ ومن هو لكي أكلمه ؟ ولِمَ لا يتصل هو بي ؟؟ .. قلت لها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ظُلِمَت قالت: هذه*يدي*في*يدك، لا أذوق غمضًا حتى ترضى .. وقلت لها: حقك والله لن يضيع، وقلت لها: مادمتِ متمسكة بأمر ربك سبحانه وتعالى ربنا لن يضعيك .. *{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } الحج38 .. وقلت لها: ربنا قال في آية القوامة قال تعالى { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } النساء 34 إذًا ربنا أعلى من زوجك وأكبر منه، لو ظلمك ربنا سوف يقتصها منه يوم القيامة .. لكن الكِبر وقالت: لا لا وأنا آسفة جداً .. وظللت أتكلم معها، وقالت: يجب أن يكون لي كرامة .. وحدث ما حدث والزوج قال: لن تسير الأمور على هذا الحال، وطلق الأخت .. بعد فترة الأخت لما بدأت تذوق مرارة الطلاق بدأت تشتكي، وتقول: كان أفضل لي إن كنت رجعت لزوجي .. سبحان الله الأخت مر عليها كرب فظيع، وسبحان الله ربنا وفقها وبعد الطلاق بفترة بسيطة تقدَّم لها شاب وتزوجت .. أما زوجها الأول تزوج مرة ثانية، ولكن سبحان الله لم يوفق في حياته.
ولكن الشاهد هنا: لو الأخت عرفت أن الأخ الذي كان زوجها من قبل حاله الآن، التي كانت تريد أن تتزوجه وهي كانت متسخطة على أمر الله .. والله كان أرحم بي .. كان زماني يا رب مطلقة ومعي أولاد .. لو الواحد نظر بهذا المعنى يتعلم درس الرضا بطريقة واقعية ..
أريدكم أن تجلسوا مع أنفسكم، وتنظروا إلى شيء ما كنتم تنظرون إليه بطريقة، وبعد فترة قضى الله غير مرادك تماماً، وبعد فترة اتضح لكم أنه كان الخير كله؛ لكي يرضى قلبك عن الله ..
وأخت في الاستبيان قالت: دخلت الجامعة وكانت الدنيا مُنفتحة عليها، وكانت تعيش حياتها كما يحلو لها، وبعد فترة حدثت لها حادثة .. وفي هذه الفترة شعرت بالناس المريضة؛ لأني كنت في حالة صعبة جداً وعرفت كم من الناس المرضى في المستشفيات وأنا لم أمرض في حياتي قبل ذلك .. لكن هذا الدرس علمني معاني جديدة، هذا الابتلاء غيَّر فيَّ أشياء كثيرة .. هذه الأخت الآن منتقبة ومتزوجة وما كانت تتخيل أبداً أنها تتزوج من هذا الشخص .. وسبحان الله تم هذا كله بعد الحادثة، لكن للأسف نحن في أوقات كثيرة لا نكون فاهمين عن الله سبحانه وتعالى حكمه ولو تفهمنا الحكمة نرضى عن الله سبحانه وتعالى.
2) افعلي شيء ربنا يرضى به عنكِ ..
لأنكِ لو أرضيته ربنا يرضى عنك، الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أشياء كثيرة لو قمنا بها ربنا يرضى علينا .. قال رسول*الله*صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة*فيحمده عليها " .. وأنتِ تأكلين تذكري هذا الحديث، وأنتِ تقولي: الحمد الله على كل لقمة تدخل فمك هذه ترضي ربكِ عنكِ .. لو ربنا رضي بهذا العمل، إذاً سُيرضي قلبك .. ربنا يرضى أن نعبده ولا نشرك به شيئاً، وأن نعتصم بحبله ولا نتفرق، ويكره لنا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، رضا ربك من رضا الوالد .. لو الواحد تلمس رضا الله عز وجل في سخط الناس، هذا من أعظم الأسباب التي ترضي الله ..
يا أختاه إن مجرد أن تكوني نظيفة وتحافظي على نفسك، مجرد أن تستاكي الرسول صلى الله عليه وسلم قال "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب*تبارك وتعالى" .. مجرد أن ترضي زوجك حتى لو كان على شيء من التحامل عليكِ .. هل تعلمي أن هذا الكلام يرضي عنك ربنا سبحانه وتعالى؟ .. الملائكة تلعن المرأة المتمردة على زوجها الناشزة عن زوجها، حتى يرضى عنها فترضيه فقط لكي يرضى ربنا عنها .. مجرد أنك تستعيذي بالله سبحانه وتعالى وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول في السجود: أعوذ برضاك من سخطك .. لو الواحد منا عمل شيء وهذا الشيء ربنا يحبه ويرضاه، سواء كان قول أو فعل هذا الكلام شيء في الظاهر أو السر هذه الأمور ترضي الله عنا قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} البينة 8،7 .. عمن يرضى ربنا ؟ الذين يتلمسون رضاه والذين يخشونه حق الخشية .. إذاً، اعملي شيء ربنا يحبه لكي يرضى عنكِ.
هل تعرفي أهم وأخطر شيء يوصلك للرضا ؟ ..
3) أن تعرفي من هو ربك بطريقة عملية .. محتاجين ندرس أسماء الله وصفاته نعمل برنامج ..
خطة:: نأخذ كل شهر اسمين من أسماء الله الحسنى .. ولو عندكم همة نأخذ كل أسبوع اسم؛ لكي نتدراس حتى لو تدارسنا عشرة أو عشرين اسم .. المهم أن يدخلوا القلب .. أنا أريدكم في خلال هذا الشهر أن تدرسوا اسم الله تبارك وتعالى (الحليم)؛ لأن هذا الاسم سوف يحضر لنا معاني جميلة جداً في جددي إيمانك .. محتاجين ندرس اسم الله الحليم؛ لكي نتعرف على الله أولاً .. كل آية تستشعري فيها معنى حلم الله على العباد اكتبيها ..
إذاً أول شيء الخاتمة التي أنا فيها استخرج منها اسم الله الحليم أو معنى الحلم التي حلم فيها الله على العباد، وتقرأي في التفسير لذلك أعطيت لكِ فرصة شهر لكي يترسخ المعنى في وجدانك تتعرفي على ربنا الرحيم .. وربنا اللطيف، الحكيم، الغفور، العليم سبحانه وتعالى .. عندما تعرفي المعنى الصحيح يذوق القلب معنى رضا الله .. إذاً هذه الخطوة التعرف على الله، ومن تعرفك على الله يتولد عنه المحبة ..
وقالوا: أن ثمرة من ثمرات المحبة بالذات أن تتعرفي على صفات جمال الله .. انظري إلى ربك وهو حليم وهو كريم وهو الأكرم وهو الجواد وهو اللطيف سبحانه وتعالى .. تعرفي على اسم الله الشكور .. صدقيني ستحبيه، وليس الحب الذي هو في قلبك الآن الذي هو له حد معين .. لا ستشعري أن قلبك طائر بمحبة الرحمن ..
نحن تكلمنا وقلنا أن الرضا بالله إلهاً يستوجب أن يكون حب ربنا الأوَّل في قلبك، ويستوجب أن يقهر حب ربنا أي حب آخر .. هذا الكلام ستعرفيه عندما تعرفي من هو الله .. وقتها ستقولي هذا الكلام؛ هيجان الحب في ذل البلاء .. وقتها نفسك ستقول: أحبه إليه أحبه إليَ ..
مثل ما سلفنا الصالح، مثل عمران بن حصين الذي أصابه مرض الاستسقاء في بطنه، الذي جلس ثلاثين عام على الفراش من شدة ما نزل به من البلاء .. لكن قلب عمران بن حصين راضٍ عن الله، هذا قابل الموضوع بشكل آخر، وقال: أحبه إليه أحبه إليَ ..
تخيلي ثلاثين سنة على ظهره لا يقوم ولا يقعد، لدرجة أنهم ثقبوا*له*في*سرير*من جريد كان عليه موضع لقضاء*حاجته .. فلما دخل عليه بعض إخوانه ورأوا ما فيه، وبكوا من شدة الحالة العظيمة التي هو فيها .. فقال لهم: لا تبكوا، فإن أحبه إليه أحبه إليَّ .. ثم قال: أحدثكم حديثاً لعل الله أن ينفعكم به*واكتموا عليَّ حتى أموت، إن الملائكة تزورني فآنس بها، وتسلم عليَّ فأسمع تسليمها، فأعلم بذلك أن هذا البلاء ليس بعقوبة ..
إذ هو سبب هذه النعمة الجسيمة، فمن يشاهد هذا في بلائه، كيف لا يكون راضياً به؟! .. هل هناك من وصل لهذا المعنى من غير تسخط، صافحته الملائكة لما كان راضٍ عن ربه هذا هو الذي تحبب إليه .. تحبب لأنه رضي عن الله؛ لأنه عرف وفهم عن الله تبارك وتعالى.
4) أن ترضي بالقدر حلوه ومره ..
هل تعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بالقدر خيره وشره .. دائماً يكون على لسانك هذه الكلمة .. ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن .. أنا أحب أن أكون بصحة سليمة ويكون عندي كذا وكذا من الأمور، أن يمن الله عليكِ بالعافية أن ربنا يرزقني الغنى، أن ربنا يمن عليَّ بشيء من متاع الدينا .. لكن من الجائز أن هذه الأمور تكون فيها ما يجلعني أحطم أو فيها ما لا يحبه الله عز وجل، أرضى بقدر الله حلوه ومره .. الحلو حقه الشكر، المر الذي أصابه المرض المصائب حقه الصبر .. فهذا المرض حقه الصبر، ففي كلتا الحالتين أنا راضية عن الله عما يعاملني به ربي .. إذاً، ترضي بقضاء الله حلوه ودائماً تقولى:
ماشاء الله كان ومالم يشأ لم يكن،،
5) إياكِ أن تعاتبي أي أحد على عمله ..
إنكِ لاتحاسبي أحد ولا تعاتبيه؛ لأن المتسخط هو الذي دائماً يعاتب ويعترض على أمر الله سبحانه وتعالى .. إنما النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له أحد المنافقين: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله سبحانه وتعالى .. عندما أعترض الرجل على أمر الله، عامله النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين .. لأن صفات أهل النفاق دائماً هكذا، هم الذين يعترضوا على حكم الله .. فلا تعترضي على قدر الله، ولا تعاتبي أحداً على صنيع وقولي دائماً:
قدَّر الله و ماشاء فعل
لكن أنا لا أريدكِ أن تقولي: قدر الله وماشاء فعل، وقلبك يكون عنده شعور بالمرار .. لا قولي واستشعري قدَّر الله وماشاء فعل .. مادام قدر الله إذاً لا يأتي إلا بخير.
أختــاه، أتريدين أن تحققي معنى الرضا؟ .. العلماء قالوا:
6) لن يتحقق الرضا إلا عندما يتحقق التوكل ..
إنك تقولي الله حسبي الله ونعم الوكيل {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } آل عمران174 .. رضا الله عنهم التوكل الحقيقي من أهم الوسائل التي تحقق الرضا؛ لذلك الله قال {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ } التوبة59 ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية وقال "الرضا سبق التوكل في قوله وَقَالُواْ حَسْبُنَا"
أي أنهم بتوكلهم الحقيقي كانوا راضين .. بمعنى التوكل هو أني تارك الأمر على الله .. أنا أعرف أن ربنا سبحانه وتعالى يقدر لي الخير أنا راضي .. والرضا يحقق معنى أعلى بالتوكل، إذاً يكون العبد يتقلب من درجة إلى درجة .. من يصنع ذلك يبلغ أعلى الدرجات ..
إياكِ تحت أي ظرف من الظروف أن يتسخط لسانك بشيء مما لا يحبه الله عز وجل، أنتِ تعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن*ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" .. إذاً لسانك لا يتلفظ بتلك الأمور يسخط الله بها ولا يرضى، إنكِ دائماً في الرزق .. تعرفي أن ربنا سبحانه وتعالى ينظمها ويرتبها على ما يناسبك، لكن للأسف الشديد قضية الرزق معلومة الكل ينظر بحيث يكون غني .. أنا أريدكِ أن تقولي هذا الدعاء:
اللهم*إني*أسألك الرضا بعد القضاء ..
وتستعيذي بالله تبارك وتعالى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من جميع سخطه ..
أعوذ بك أن يحل عليَّ غضبك أو ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ..
الله يارب افعل بيَ ما تريده، يارب لك العتبى حتى ترضى .. دبِّر لي فإني لا أحسن التدبير ..كان بعض الصالحين يدعو فيقول:
اللهم هبنا عطاءك، ولاتكشف عنا غطاءك، وأرضنا بقضائك ..
قولوا هذه المعاني ورضوا قلوبكم ..
اللهم هبنا عطاءك، ولاتكشف عنا غطاءك، وأرضنا بقضائك ..
أسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا وأن يجعله حجه لنا لا علينا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم صلَ على النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
فضيلة الشيخ/ هــاني حلمي
رهف روحي @rhf_rohy
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ركايز
•
جزاك الله الجنة يارب
الصفحة الأخيرة