(الرجاء) الشيخ سعيد شعلان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:--
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:--
الرجاء اصطلاحا: تأمل الخير وقرب وقوعه.
قال ابن القيم -رحمه الله-: الرجاء هو النظر إلى سعة رحمة الله.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
الفرق بين الرجاء والتمني:
والفرق بينهما: أن التمني يصاحبه الكسل، ولا يسلك صاحبه طريق الجد، والرجاء على الضد من ذلك.
ومن الناحية اللغوية فإن أداة الرجاء "لعل" وأداة التمني "ليت". ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
من معاني كلمة الرجاء في القرآن الكريم:
وقد ورد الرجاء في القرآن على ستة أوجه:--
أولها: بمعنى الخوف: "ما لكم لا ترجون لله وقارا" سورة نوح 13، أي: ما لكم لا تخافون من الله العظيم الذي يستحق أن يكون له في قلوبكم هيبةٌ ووقار.
ومنه: "إنهم كانوا لا يرجون حسابا" سورة النبأ 27، أي: لا يخافون الحساب والجزاء.
الثاني: بمعنى الأمل: "ويرجون رحمته" سورة الإسراء 57، "أولئك يرجون رحمة الله" سورة البقرة 218.
الثالث: بمعنى توقع الثواب: "يرجون تجارة لن تبور" سورة فاطر 29.
الرابع: الرجا المقصور بمعنى الطَرَف: "والملك على أرجائها" سورة الحاقة 17.
الخامس: الرجاء المهموز: "قالوا أرجه وأخاه" سورة الأعراف 111، أي: احبسه.
السادس: بمعنى الترك والتأخير: "ترجي من تشاء منهن" سورة الأحزاب 51، أي: تؤخر.
"وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم" سورة التوبة 106.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
حقيقة الرجاء:--
قال ابن القيم -رحمه الله-: الرجاء هو عبودية وتعلق بالله من حيث اسمه: البر المحسن، فذلك التعلق والتعبد بهذا الاسم
والمعرفة لله: هو الذي أوجب للعبد الرجاء من حيث يدري ومن حيث لا يدري، فقوة الرجاء على حسب قوة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وغلبة رحمته غضبه، ولولا رَوْحُ الرجاء لَعُطِّلَتْ عبودية القلب والجوارح.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: المقصود من الرجاء أن من وقع منه تقصير فليحسن ظنه بالله ويرجو أن يمحو عنه ذنبه، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها، وأما من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا في غرور. وما أحسن قول أبي عثمان الجيزي: من علامة السعادة أن تطيع وتخاف أن لا تقبل، ومن علامة الشقاء أن تعصي وترجو أن تنجو.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
الأحاديث الواردة في "الرجاء":-- 1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف على أناس جلوس فقال: "ألا أخبركم بخيركم من شركم"؟ قال: فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال: "خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره".
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
حاشية: الترمذي "2263" وقال: هذا حديث حسن صحيح.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
2- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال عند صلاة الفجر: "يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دَفَّ نعليك بين يدي في الجنة" -أي: تحريك نعليك- قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
حاشية: البخاري -الفتح 3- 1149.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
وفقنا الله وإياكم لتحقيق الرجاء المبني على قوة المعرفة بأسماء الله وصفاته، وأن رحمته سبحانه تغلب غضبه، آمين.