الرجــــــــــــــــــــــــــــاء
الحديث القدسي
(( ياابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ماكان منك ولا أبالي , ياابن آدام لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي , ياابن آدام لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة))
تعريف الرجاء :
أما الرجاء : فهو ارتياح لانتظار ماهو محبوب عند الإنسان ,لكن هذا يكون لشيء متوقع له سبب فإن لم يوجد له سبب صار تمنيا؛ لأن الإنسان إذا انتظر شيئا من غير سبب لايسمى راجيا بل يسمى متمنيا .
وأما ماله سبب وينتظر الإنسان محبوبا بسبب عمله فهذا هو الرجاء .
فالرجاء هو الاستبشار بجود الله وفضل الرب تعالى والارتياح لمطالعة كرمه ومنته وهو الثقة بجود الرب وهو حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب ؛ وماهي بلاد المحبوب؟ إنها الجنة .
درجات الرجاء :
الرجاء درجات , درجة أرفع من درجة , ومراتب بعضها فوق بعض ....
الدرجة الأولى :
رجاء يبعث العامل على الأجتهاد بالعبادة , بل يولد عنده اللذة بالعبادة ولو كانت شاقة وصعبة فيتلذذ بها ويترك المناهي , ومن يعرف القدر المطلوب هان عليه مايبذل فيه ومن الرجا الأرباح العظيمة في سفره هانت عليه مشقة السفر , ألا ترى أن التجار يكابدون ويسهرون ويسافرون ويغتربون رجاء الربح الذي يتوقعونه !
وكذلك المحب الصادق الذي يسعى في مرضاة الرب تهون عليه مشقة صلاة الفجر , ومشقة الوضوءفي البرد ومشقة الجهاد ,ومشقة الحج والعمرة , ومشقة طلب العلم وتكرار الحفظ , ومشقة انتصاب الجسم في الليل ,ومشقة جوع الصيام ,بل تنقلب عنده إلى لذة..!!
فالدرجات العملية في التعبد لله : أولا المشقة , ومن ثم ألذة , يقول بعض السلف ) كابدت قيام الليل عشرين سنة ثم تنعمت به عشرين سنة)) , فالمرء لا يصل إحيانا إلى لذة العبادة إلا بعد أن يذوق مشقتها .
وإذا قوي تعلق الرجاء بالعوض سمحت الطباع بترك العادات وترك الراحة , فكيف للإنسان أن يعود نفسه على الطاعة والعبادة , يكون ذلك بأن يعرفها الأجر , فإذا عرفت النفس الأجر والثواب , سمحت بالتخلي عن الراحة . والكسل والدعة . إذا عرفت النفس بالتخلي عن المال , فالنفس متعلقة بالمال ,فكيف تسمح النفس بالتخلي عن الجشع والبخل ,إلا بمعرفة ثواب وأجر الصدقة والإنفاق .
فالإنسان مفطور أن لايترك محبوبا إلا لمحبوب أعظم منه , وهو رضا الرب , والجنة ,والحسنات والأجر . ماالذي يصبرك على الألم , والرضا بالقضاء والقدر , ما يصبرك أنك ترجو ثواب الصبر , فيصبح المر عندك حلوا , والعلقم يصبح عسلا.
الدرجة الثانية :
المجاهدون لأنفسهم بترك مألوفاتها واستبدال مألوفات خير منها , فرجاؤهم أن يبغلوا مقصودهم بالهمة , وهذا يلزم له العلم , وهو الوقوف على الأحكام الدينية ؛ لأن رجاؤهم متعلق بحصول ذلك لهم ,ولابد من علم وبذل الجهد بالمعرفة والتعلم وأخذ النفس بالوقوف عند الحدود طلبا وقصدا.
الدرجة الثالثة :
رجاء أرباب القلوب لقاء الخالق والاشتياق إليه سبحانه وتعالى , وهذا الذي يمكن أن يزهد الإنسان في الدنيا تماما وهو أعلى الأنواع ,قال الله تعالى : (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحد ) هذا الرجاء هو (رجاءا للقيا ) هو محض الإيمان وزبد ته , وإليه تشخص أبصار العابدين المجتهدين وهو الذي يسليهم ولذلك ضرب الله لهم أجلا تسكن إليه نفوسهم .
وأصحاب هذه الدرجة نفوسهم مضطربة حتى يلقوا الله تعالى لأنهم في اشتياق إليه ويريدون لقاءه ,فهم أعدوا العدة واجتهدوا ,وهم يردون ويتمنون اللقاء فلسان حالهم يقول :متى تنتهي الدنيا حتى يلقوا الله ؟! ولقاء الرب تبارك وتعالى عندهم أعظم من كل نعيم الجنة .
وهذا عمير بن الحمام الأنصاري لما ذكرلهم الرسول علية الصلاة السلام : (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ) اشتاقت نفسه إلى لقيا الله فقال العبارة التي تعبر عن هذا المعنى : لئن عشت حتى آكل هذه التميرات إنها لحياة طويلة . فقاتل حتى قُتل ولقي الله شهيداَ .
فلما علم الله شوقا هذه الطائفة من عباده ؛ وهم الندرة القلة ,وأن نفوسهم تضطرب حتى تلقاه ؛ ضرب لهم موعداَ تسكن إليه نفوسهم وتعمل حتى تقدم على الله فقال لهم : ( من كان يرجوا لقآء الله فأن أجل الله لآت وهو السميع العليم ).
وشتان بين كثير من الناس الآن وبين السلف في هذه الأمور . .!! فهذه المعاني في خضم الحياة والعمل ,نجد أن الناس لايلتفتون إليها , ولا يحوم طائر فكرهم حول مثل هذه المعاني , مع أنها أشياء كانت قائمة في نفوس الصحابة ومذكورة في الكتاب والسنة .

* أم البراء* @am_albraaa_13
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
وجعلة في موازين حسناتك