الرحمن ...
هو الله سبحانه وتعالى ..
ذو الرحمة التي لاغاية بعدها في الرحمة ..
ولا نظير له فيها ..
ولا تنقطع آثارها عن العباد ..
ولا تستغني عنها الحياة لحظة واحدة ..
رحمته تعالى متجددة ، وإحسانه دائم على خلقه .
*
لم يحل اسم من أسماء الله الحسنى بعد اسم الجلالة
في القرآن الكريم اكثر من اسم الرحمن ..
فقد ذكر فيه سبعاً وخمسين مرة ..
أما أكثر سورة ذكر فيها هذا الإسم فهي سورة مريم
فقد تردد في الآيات ستة عشر مرة .
*
ولاختصاص هذا الإسم وعلو قدره فقد وضعه الله عنده على العرش
( الرحمن على العرش استوى )
يقول ابن القيم :
استوى على عرشه باسم الرحمن ..
لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها ..
والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم :
( ورحمتي وسعت كل شيء ).
*
لنتأمل في مظاهر الرحمة الإلهية التي تحيط بنا
ابتداء من رحمة الهداية والإرشاد إلى الطريق المستقيم
طريق السلامة والخير ..
بإرسال من اختصهم تعالى من عباده بالرسالة ..
وبإنزال الكتب السماوية ..
ثم في جميع مايحيطنا من مظاهر الحياة والتي تتجلى فيها رحمة الله ..
في رعايته لنا بالليل والنهار ..
في إحياء الأرض بعد موتها ..
في كل نفس يتنفسه الكائن الحي ..
في تسبيح الأفلاك ..
في الحياة المتجددة التي لاينقطع مددها ..
( وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها ).
*
*
في سورة الرحمن ..
وهي سورة مكية ذات نسق خاص ملحوظ ..
ترتيبها الخامس والخمسين من بين سور القرآن الكريم..
وعدد آياتها ثمانٍ وسبعون آية
تعلن هذه السورة في ساحة الوجود الكبير آلاء الله الباهرة
وبين ثنايا آياتها ذات الوقع الرخيم تتجلى آثار رحمة الله ..
في عطاياه ، وفي نعمه التي لاتعد ولا تحصى ..
ولولا تلك الرحمة المتجددة ذات الآثار السرمدية ..
والمدد المستمر .. لكان العدم المطلق!.
*
في هذه السورة
بآياتها ذات الإيقاع والفواصل ..
تكررت آية ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) واحد وثلاثين مرة ..
والمتأمّل في هذه الآية يجد أنها تتضمن الكثير من المعاني .
فهي أولاً تكررت بعد ذكر كل نعمة من نعم الله تعالى ..
أسبغها على الإنس والجان ..
للتأكيد عليها .. والإقرار بها ..
كما أنه كان من عادة العرب تكرار الكلام لتأكيده ..
وأما اسلوب الاستفهام في الآية فهو للإقرار وعدم الإنكار ..
*
( فبأي الآء ربكما تكذبان )
إعلام في ساحة الوجود الكبير ..
عن آلاء الله ونعمه الباهرة التي تتجلى للخلق ..
في بديع صنعه ، وفي فيضان نعمائه ..
فكيف تكفرون يامعشر الإنس والجن بالله وآلائه الظاهرة
لاتخفى على كل ذي عينين ..؟!!
*
وبين كل مشهد يستعرض نعمة من النعم الإلهية وآخر ..
تتكررهذه الآية الكريمة ..
إبتداء من خلق الإنسان ..
ومنحه الصفة الإنسانية الكبرى ..البيان
ثم جميع صحائف الوجودالناطقة بآلاء الله ..
الشمس والقمر والنجم والشجر ..
والسماء التي رفعت
والميزان الذي وضع ..
والإنس والجان ..
والمشرفان والمغربان ..
والبحران بينهما حاجز لايبغيان على بعضهما ..!
كل تلك الآلاء..
يراها الكافرون .. بأعينهم ، ولا يستطيعون نكران رؤياها
فكأنها تتحداهم وتقول لهم :
كيف تقرّون بالمخلوق ... وتنكرون من خلق كل شيء ..؟!
هذا منتهى الجحود والغفلة وغياب العقل ..!
*
يقول ابن باز في تفسير تكرار الآية :
السبب والله أعلم التنبيه على عظم الآيات،
وأنها كلها جديرة بأن تشكر، لأن المحسن بها هو الله سبحانه وتعالى
فينبغي للمؤمن أن يشكرها دائماً،
وأن يصدق بما دلت عليه من حق الله وتوحيده،
وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم
وأنه المستحق أن يعبد ويطاع،
فهي نعم امتن الله بها وأحسن بها إلى عباده،
فلا ينبغي للمؤمن من الجن والإنسان أن يكذب بشيء من ذلك،
بل الواجب أن يشكر هذه النعم،
و يستعين بها على طاعة الله ،
*
*
أما الإعجاز العلمي الذي تضمنته الآية فهو ..
إن هذه الآية تكررت واحد وثلاثين مرة
وهي من مضاعفات الرّقم سبعة بالاتّجاهين،
والمتأمّل في الآيات وأعدادها يجد أنّ هناك علاقة رياضيّة
في أرقام هذه الآيات وتكرارها
وهي علاقة عجيبة أساسها الرّقم 7
ولم يأت ذلك من فراغ عبثيّ ..
وإنّما كانت هذه الآيات دليلاً على أنّ الله سبحانه وتعالى
الّذي خلق السبع سماوات بما فيها..
هو نفسه الّذي أنزل هذا القرآن الكريم المحكم.
**
( فبأي آلاء ربكما تكذبان )..؟!
سبحان من ينطق كل شيء بآلائه ..
ويتحدث بعظمته ..
ويسبح بحمده ..
اللهم اجعلنا من الشاكرين الذاكرين .
وحمده راحة
لكن
"وقليل من عبادي الشكور "
احيانا المحن او المرض أو الانشغال يجعل المرء يتقاعس
وكلما تقاعست عن الحمد تذكرت نعم الله علي
وتذكرت تلك الآية
فاحمد الله واستغفره
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
دائما وابدا في كل وقت وحين
موضوع جميل يا فيض نفع الله بقلمك وزادك من فضله
ودمت بود وحب دائمين غاليتي فيض