الرضاعة في الاسلااام .... "موضوع للفائدة "

الأمومة والطفل



الرضاعة الطبيعية في الطب والتعاليم الإسلامية

ثبت علميا وطبيا أن الرضاعة الطبيعية ذات أهمية بالغة وفائدة كبيرة لصحة الطفل والأم المرضعة على حد سواء (بدنياً ونفسياً ووقائياً) ولم تُظهر الأبحاث العلمية الحديثة هذه الحقيقة إلا من عهد قريب.
فمنذ نهاية الأربعينيات من القرن العشرين وحتى منتصف السبعينات منه كان يعتقد أن حليب الأبقار أفضل من حليب الأم، وكانت تتم تغذية الغالبية العظمى من الأطفال حديثي الولادة في البلاد الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عن طريق هذا الحليب البديل. وكان النظام المتبع في مستشفيات الولادة هناك أن يصف الطبيب للأمّ ما يناسب طفلها الرضيع من أنواع الألبان البديلة عند مغادرتها المستشفى.
ولم يكن الأطباء يوصون بالرضاعة الطبيعية إلا عندما تكون الأم من أسرة فقيرة ولا تملك ثلاجة لحفظ الحليب لطفلها! وحتى في الحالات التي كانوا يصفون فيها الرضاعة الطبيعية فإن مدة هذه الرضاعة لم تكن تتعدى الشهرين أو ثلاثة أشهر. أما أولئك الأطفال الذين تمتد فترة رضاعتهم الطبيعية إلى خمسة أو ستة أشهر فلم تكن نسبتهم تزيد عن (5)% فقط من مجموع عدد السكان، وهذه النسبة لا تمثل العدد الحقيقي لهؤلاء الأطفال حيث تقل كثيرا بين المثقفين.
والى جانب الاعتقاد السائد بأفضلية الحليب البديل في ذلك الوقت كان هناك عامل آخر يغري الأمهات بالإقبال عليه والإعراض عن الرضاعة الطبيعية وهو خروج النساء للعمل في الدول الصناعية والتخلص من أعباء الرضاعة الطبيعية.
وأخذت هذه العدوى وهذا الاعتقاد الخاطئ ينتقل إلى البلدان النامية (دول العالم الثالث) في الوقت الذي بدأت الدول الغربية (الأوربية والأمريكية) تتخلى عنه حيث بدأ التشجيع للأمهات بأن يرضعن أطفالهن والتخلي عن الرضاعة الاصطناعية كلما أمكن ذلك ولمدة لا تقل عن ستة أشهر، وكلما كانت مدة الرضاعة الطبيعية تصل إلى العامين يكون أفضل, أما في الدول النامية فقد انحدرت نسبة الرضاعة الطبيعية.
فمثلا في الفلبين كانت نسبتها في عام 1950 حوالي 90% بينما انحدرت في عام 1978 إلى 66% لدى طبقة الفقراء من سكان المدن وتدنت بنسبة 27% لدى المثقفين من أفراد الطبقات العليا في مجتمع ذلك البلد .
وهناك عامل إضافي ساعد في هذا التدني في دول العالم الثالث إضافة إلى العامل المذكور سابقا (خروج المرأة للعمل) ألا وهو الدعاية الكاذبة لشركات تسويق الحليب الاصطناعي (شركات صناعة غذاء الأطفال), حيث تستورد هذه الدولما يعادل 2 مليار دولار سنويا منه مما يشكل هدرا كبيرا لدخلها القومي إضافة إلى الأمراض والوفيات الكثيرة الناتجة عنه حيث قدرت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة ( اليونيسيف) WHO & UNICEFبأن حوالي عشرة ملايين طفل يموتون سنويا بسبب أمراض التهاب المعدة والأمعاء وسوء التغذية جراء استعمال الحليب الاصطناعي , مما جعل هذه المنظمات الصحية الدولية تمنع هذه الدعايات وأطلقت على منتجي هذه الألبان ومصدريها من الشركات المصنعة لحليب الأطفال عبارة (قتلة أطفال العالم الثالث) .حيث أنه بالإمكان إنقاذ هؤلاء الأطفال بمجرد التحول إلى الرضاعة الطبيعية والاستغناء عن الحليب البديل.
أهم فوائد حليب الأم
وسنذكر أدناه أهم فوائد حليب الأم(الرضاعة الطبيعية)Breast feedingمقارنةً بحليب البقر cow's milk أو الرضاعة الاصطناعية ( رضاعة القنينة)Bottle feeding .
أولا:بالنسبة للطفل
1ـ حليب الأم محفوظ بصورة طبيعية وبنفس درجة حرارة الجسم وخال ٍمن الجراثيم الممرضة (معقم وغير ملوث) وجاهز للإعطاء في أي وقت يحتاجه الطفل الرضيع.
2ـ يحتوي حليب الأم على جميع المواد الغذائية الأساسية المطلوبة لنمو الطفل وبصورة متناسقة حسب عمره ووزنه ومقدرته على الهضم والامتصاص وهو يتغير يوميا لا بل بالساعات حسب متطلباته والأمثلة بهذا الخصوص متعددة ولكن سنذكر بعضاً منها:
أ ـ ظل أطباء الأطفال ولسنوات طويلة واقعين تحت تأثير المقولة بأن حليب البقر يحتوي على بروتين أكثر 3ـ4 أضعاف مما يحتويه حليب الأم وتوصلت الأبحاث مؤخرا إلى أن العبرة ليست دائما بالكم وإنما بالكيف والنوع إذ ثبت بعد ذلك أن نسبة البروتين هذه في حليب الأم تعتبر مثالية بالرغم من كمه المحدد نسبيا ثم إن تواجد بروتين مصل الحليب (الشرش) ذي القيمة الغذائية والمناعة العاليتين فيه تصل إلى حوالي 80% بينما تبلغ هذه النسبة في مصل الحليب البقري 20% فقط . كما اكتشف العلماء إن ما يحتويه حليب الأم من بروتين يتناسب عكسيا مع نمو الطفل (كلما كان الطفل صغيراً كانت كمية البروتين كبيرة ثم تقل كميته تدريجيا مع تدرج الطفل في نموه إضافة إلى تغير كميته من يوم إلى آخر , بل من وقت إلى آخر في اليوم الواحد تبعا لتغير حاجة الرضيع , علما أن بعض البروتينات الموجودة في حليب البقر تسبب أمراضا للطفل كالربو والاكزما والتهاب المعدة والأمعاء الحساسية المنشأ .
ب ـالأحماض الأمينية في حليب الأم موجودة بالشكل الذي يفي بالمتطلبات الخاصة للطفل ونموه ويظهر بوضوح في جهازه العصبي والدماغ (الذي ميزه الله تعالى به وكرمه على كافة المخلوقات بسببه) فمثلا التاورين Tawrinهو من أهم الأحماض الأمينية الخاصة لنمو الدماغ وما يحتويه حليب الأم أكثر في حليب البقر بمقدار (30 ـ 40) ضعف .
جـ ـ نسبة الكالسيوم إلى الفسفور في حليب الأم أكثر ملائمة لتمعدن العظام من نسبتها إلى بعضها في حليب البقر .

د ـ يتم امتصاص نسبة 50 ـ 70 % من الحديد الموجود في حليب الأمبينما لا تزيد هذه النسبة في حليب البقر عن 10 ـ 30 % مما يجعل أطفال الرضاعة الطبيعية اقل إصابة بفقر الدم .
هـ ـ نسبة سكر الحليب (اللاكتوز) Lactouseفي حليب الأم7 % بينما في حليب البقر 4.7 % واذا علمنا ان اللاكتوز من السكريات الثنائية (كلوكوز وكلاكتوز) وان الكلاكتوز يقوم بغرض فريد من نوعه حيث يشكل مع المادة الدهنية (Lipids) الجزء الأعظم من مادة الدماغ (Cerbrosidesglucolipids) علما ان نسبة اللاكتوز العالية في حليب الأم هي وراء مساعدة الدماغ في تكوينه ونموه وهو الذي يحتاجه الرضيع خاصة في الأشهر الأولى من عمره .
3ـ يحتوي حليب الأم على الخلايا المناعية الحية والاجسام المضادة للجراثيم والسموم كالخلايا اللمفاوية نوع (ب) والحبيبية والبلعمية والكلوبيولين Ig G &Ig Aواللاكتوفيرين والليازوزيم وعامل Bifidus وبعض المكملات Complementsوغيرها والتي تكسب جميعها وبشكل متكامل ومتناسق (تعاوني) الطفل مناعة وتجعله مقاوما للعدوى من الأمراض الانتقالية والمعدية خاصة التي تصيب الجهاز التنفسي والهضمي وهذا يفسر كثرة تعرض الأطفال الذين لا يرضعون طبيعيا من أمهاتهم لهذه الأمراض وكثرة نسبة الوفيات بينهم كما ذكرنا سابقا إضافة إلى الحليب الاصطناعي وحليب البقر أثناء إعدادها في القنينة يتعرضان للتلوث الجرثومي( الفيروسي والبكتيري) أو قد يكون التلوث موجودا فيهما أصلا كما ثبت ذلك في الحليب الاصطناعي .
وفي مادة اللباء الصمغية الصفراء (Colostrum)التي تفرزها الأممن ثديها لمدة ثلاثة ايام بعد الولادة قبل تكون الحليب الناضج فقد وجد انها تحتوي على كميات هائلة من الأجسام المناعية (95 %) والمقاومة للفيروسات والبكتيريا كاللكتوفيرين و الليزوزايم و الانترفيرون والكلوبيولين المناعية وبكميات كبيرة تقل بعد ذلك عند تكوين الأم للحليبالمكتمل إلى ( 25%) وتعمل المقاومة أنواع كثيرة من البكترياوالفيروسات مثلا :
Cholera vibrio , Salmonella , Shigella , E – Coli, Polio virus, Herbis simplex and Coxaki-B viruses
وقد يزداد وزن بعض الأطفال الذين يتغذون على الحليب البديل أكثر من أطفال الرضاعة الطبيعية عندما يتناول أطفال الرضاعة الاصطناعية وجباتهم بالكمية ودرجة الكثافة التي ترغبها أمهاتهم . لكي تضمن سرعة نموه وتسعد برؤية أطفالهن وقد كبر حجمهم ولكننا نعلم حديثا إن مثل هؤلاء الأطفال يكونون أكثر إصابة بالالتهابات الجرثومية المذكورة أعلاه وأكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والسكر وارتفاع ضغط الدم وغيرها عند الكبر .
4 ـ السعادة والاطمئنان للطفل وهو يسمع دقات قلب أمه وهي تضعه على صدرها بحنان ويشم رائحتها . هذه الدقات التي تعود على سماعها وهو في بطن أمه جنينا وهذه الرائحة التي تعزز فيه روح المحبة والعطف والوفاء ورابطة البنوة والطاعة والاحترام , مما يؤدي إلى نشوء طفل مستقر نفسيا وعاطفيا , إضافة إلى كونه صحيحاً جسميا وبدنيا فضلاً عن تقوية الصلات بين أبناء الأسرة الواحدة اجتماعياً .
ثانيا : بالنسبة للام
1. توفير السعادة للام وهي تشبع غريزة وعاطفة الأمومة لديها .
2. تكسب الأمراحة ووقتاً وجهداً اقل مقارنة بالجهد والوقت الذي تصرفه في إعداد الرضاعة الاصطناعية .
3. تعجل في عودة أجهزة جسمها إلى الحالة الطبيعية فيما قبل الحمل خاصةالرحم وملحقاته وذلك بتأثير إفراز هرمون oxytocyinمن القسم الخلفي للغدة النخامية والذي يزداد إفرازه بتأثير العامل الانعكاسي (المص من الثدي) suckling reflexالذي يتم عند الرضاعة من الأم.
4. الرضاعة الطبيعية تقلل من نسبة الإصابة بحالات النزف بعد الولادة postpartum bleedingوبالتالي مرض فقر الدم ومضاعفاته .
5. الرضاعة الطبيعية تعمل كمانع حمل طبيعي بتأثير إفراز هرمون (البرولاكين) prolactinمن القسم الأمامي للغدة النخامية الذي يزداد إثناء الرضاعة للطفل من أمه وهو إضافة إلى كونه مدراً للحليب فهو يثبط المبيض ويؤدي إلى إيقاف الدورة الشهرية لفترة محددة وفي بعض الأمهات طيلة مدة الرضاعة فبذلك يحصل التباعد بين الولادات مما يفيد الأم والطفل معاً .
6. الرضاعة الطبيعية تقلل من نسبة الإصابة بسرطان الثدي والمبيض فقد لوحظ أن الأمهات اللاتي يرضعن أولادهن خاصة في السن المبكرة يكن اقل إصابة بهذين الدائين بالمقارنة باللاتي لا يرضعن أو من النساء غير المتزوجات .
ثالثا : بالنسبة للاسرة والمجتمع
إن الرضاعة الطبيعية هبة مجانية من رب العالمين توفر مبالغ ضخمة للأسرة ممكن أن يستفاد منها في سد جوانب ملحة أخرى وبالتالي للمجتمع والدولة . والطفل حتى الشهر السادس من عمره لا يحتاج إلى إضافة إي غذاء إلى حليب أمه وإذا ما عرفنا أنها تقلل كثيراً من نسبة الإصابة بالأمراض أو الوفيات مقارنة بالرضاعة الاصطناعية عرفنا أهميتها الاقتصادية والسكانية خاصة في ظروفنا الحالية حيث الحصارالغذائي والدوائي على قطرنا العراقي وبعض الدول العربية والإسلامية .
فنحن إذن في أمس الحاجة لتوفير مبلغ (2) مليار دولار سنويا للدول في العالم الثالث والإفادة منها في مشاريع صحية وقائية وعلاجية وتربوية حيوية أخرى .
وفي دراسة أجريت في ولاية كارولينا الشمالية في أمريكا عن تكاليف الرضاعة الاصطناعية للطفل الواحد فكانت ألف دولار سنوياً إضافة إلى تكاليف المعالجة الطبية التي يتعرض لها جرآء ذلك في السنة الأولى من عمره والتي قدرت بألف وأربعمائة دولار أخرى بينما الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم طبيعياً لا يكلفون اوليآءهم أو الرعاية الصحية هذهالمبالغ !
من اجل ذلك كله دأبت المنظمات الطبية والصحية العالمية والجمعيات الطبية المتخصصة بالأطفال على تشجيع الرضاعة الطبيعية وعلى الأقل لمدة ستة اشهر الأولى من حياة الطفل ، بل كلما كانت مدتها تقرب من العامين كانت النتائج أفضل . وكذلك من خلال دراسات كثيرة ولا زالت مستمرة وتكشف يوميا عن هذه الفوائد. علما أن هذه النتيجة قد ذكرها القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة منذ أكثر من (14) قرنا كما سنبينه في الفقرة الآتية.
وخلاصة القول فإننا يجب أن ننظر إلى الرضاعة الاصطناعية كحالة استثنائية تلجأ إليها الأمفي ظروف محددة و باستشارة المختصين كما يلجأ المريض إلى تناول الدواء في حالة مرضه!
والآن بعد هذه النبذة المختصرة عن فوائد الرضاعة الطبيعية من الناحية الطبية، فما الذي ذكر عنها في الشريعة الإسلامية من قرآن وسنة وأقوال الصحابة و الفقهاء؟. وسنذكر أدناه مختصرا لأهم ما ورد بخصوص الرضاعة الطبيعية من هذه المصادر.
أولا : القرآن الكريم
ان كلمة الرضاعة والفصال ومشتقاتهما قد تكررت في القرآن الكريم اربع عشرة مرة في سبع سور وثماني آيات كريمات كما في الجدول أدناه :


ت
اسم السورة
رقم الآية
الكلمة
1.
سورة البقرة
233
يرضعن
الرضاعة
فصالاً
تسترضعوا
2.
سورة النساء
23
أرضعنكم
الرضاعة
3.
سورة الحج
2
مرضعة
أرضعت
4.
سورة القصص
7
12
ارضعيه
المراضع
5.
سورة لقمان
14
وفصاله
6.
سورة الاحقاف
15
وفصاله
7.
سورة الطلاق
6
ارضعن
فسترضع


في هذه الايات الكريمات في موضوع الرضاع وإحكامه دليل قاطع على أهمية الرضاعة الطبيعية , والحكمة الإلهية في ترسيخ المعاني الإنسانية والدلائل الشرعية الصحيحة لخدمة البشر , وهذا اكبر برهان أن يستدل بهذا العدد الكبير من الآيات القرآنية الكريمة حول موضوع الرضا ع لما في ذلك من تقدير شرعي وبعد إنساني , الغاية منه بناء جيل سليم وصحيح .
ونذكر ادناه بعضا من هذه الايات الكريمات . منها قوله تعالى:
1. (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) (البقرة /233)
2. (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (الاحقاف / 15)
3. (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان / 14)
4. (وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه) (القصص / 7)
ثانيا : الاحاديث النبوية الشريفة
هناك عدد لا بأس به من الأحاديث النبوية الشريفة بخصوص الرضاعة وفضلها وأحكامها وردت في كتب الأحاديث والصحاح منها :
1. قوله صلى الله عليه وسلم : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) رواه الشيخان
2. وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحرم من الرضاعة الا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام) صحيح الترمذي/1072.
3. وعن عبد الله بن مسعود قال: ( لا رضاعة إلا ما شد العظم وانبت اللحمَ) سنن أبي داود/1763. والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه وقال :..أنشز العظمَ.
4. وقال صلى الله عليه وسلم في الرضاعة الطبيعية : " ... وجعل الله تعالى رزقه (اي الطفل) من ثدي أمه في احدهما شرابه وفي الآخر طعامه " الوسائل ج/15 ص/176
ثالثا: من أقوال الصحابة
من أقوال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه : (ما من لبن رضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن امه) نهج البلاغة ج/5 ص/121
ومن اقواله أيضا انه قال: " تخيروا للرضاع كما تتخيروا للنكاح فان الرضاع يغير الطباع " المستدرك ج/2 ص/196
رابعا: من اقوال الفقهاء في حكم ارضاع الوليد
اتفق الفقهاء على وجوب ارضاع الطفل مادام في حاجة اليه وفي سن الرضاع لكنهم اختلفوا فيمن يجب عليه على ما يأتي :
1 ـ ذهب الشافعية والحنابلة إلى ان الاب يجب عليه استرضاع ولده ولا يجب على الأموليس للزوج ان يجبرها عليه سواء كانت دنيئة ام شريفة اللهم الا اذا لم يجد الأب من ترضع له غيرها أو لم يقبل هو ثدي غيرها ... فعند ذاك يجب على الأم الإرضاع.
2 ـ ذهب الحنفية إلى ان الأم يجب عليها ان ترضع ولدها ديانة لا قضاء
3 ـ ذهب المالكية إلى ان الرضاع يجب على الأمبلا اجرة ان كانت ممن يرضع مثلها اما الشريفة التي لا يرضع مثلها فلا يجب عليها الرضاع إلا اذا تعينت الأم لذلك بان لم يجد غيرها.
أ- حق الأمفي الرضاع
قال تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) البقرة / 233 قال جمهور المفسرين : إن هذين الحولين لكل ولد ... وروي عن ابن عباس أنه قال: هي في الولد:يمكث في البطن ستة اشهر فإن مكث سبعة اشهر فرضاعتة ثلاثة وعشرون شهراً , فإن مكث ثمانية اشهر فرضاعته اثنان وعشرون شهراً فإن مكث تسعة اشهر فالرضاعة إحدى وعشرون شهراًُ لقوله تعالى ( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) الاحقاف / 15 وعلى هذا تتداخل مدة الحمل ومدة الرضاع ويأخذ الواحد من الآخر / القرطبي ج3 ص108.
ومن حق الأمان رغبت في إرضاع ولدها أن تجاب إلى ذلك كافلا فلا يجوز لأحد منعها من الرضاع سواء كانت مطلقة أو غير مطلقة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مستدلين بقوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) (سورة البقرة / 233) ذلك أن الأم أكثر حنانا وشفقة على وليدها من غيرها ولبنها انسب له في الغالب .
ب - حق الأمفي اجرة الرضاع
ومن حق الأمان تطلب أجرة المثل بالإرضاع سواء كانت في عصمة الزوج ام لا والدليل قوله تعالى : (فإن ارضعن لكم فاتوهن اجورهن) الطلاق / 6 والى ذلك ذهب الشافعية والحنابلة.
اما الحنفية فقالوا: ان كانت في عصمة الزوج أو في عدته فليس لها طلب الاجرة في ذلك إذ أن الله اوجب عليها الرضاع ديانة مقيدا بايجاب رزق على الاب قال تعالى : (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) البقرة / 232 ومادامت المرأة في عصمته أو في عهدته فهو قائم بذلك بخلاف ما لم تكن في عصمته ولا في عهدته فإن الاجرة تقوم مقام الرزق . ولكن الأماذا طلبت اكثر من اجرة المثل ووجد الاب من ترضع له مجانا أو باجرة المثل جاز له ان ينتزعه منها لانها اسقطت حقها بطلبها ما ليس لها . فدخلت في عموم قوله تعالى (وان تعاسرتم فسترضع له اخرى) الطلاق/6
اما المالكية فقد قرروا ان الأمان كانت ممن يرضع مثلها وكانت في عصمة الاب فليس لها طلب الاجرة بالارضاع لان الشرع اوجبه عليها فلا تستحق بواجب اجرة. اما الشريفة التي لا يرضع مثلها والمطلقة من الاب فلها طلب الاجرة وان تعذرت للرضاع أو وجد من ترضع له مجانا.
جـ - الرضاعة المحرمة : زمنها ومقدارها
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم المصة والمصتان" رواه بخاري و مسلم
وعن ام الفضل قالت دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال: يا نبي الله إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الاولى انها ارضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " لا تحرم الاملاجة والاملاجتان " رواه مسلم والاملاجة المصة أو الارضاعة الواحدة وفي رواية " لا تحرم الرضعة أو الرضعتان أو المصة أو المصتان " رواه مسلم
وعن ام سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الامعاء وكان قبل الفطام " رواه الترمذي وصححه وكذلك صححه الالباني في ارواء الغليل (ج/2 ص/221) وعبارة (فتق الأمعاء) كناية عن مقدار الحليب (اللبن) فإنه من المقدار بحيث ينتشر أو يملأ الأمعاء الفارغة للرضيع المعتمد على الرضاعة ومنه الفتاق وهو الخميرة لأنه ينفخ العجين ويفتقه وأما عبارة "وكان قبل الفطام" فقد اختلف الفقهاء في حكمها فمذهب كثير من السلف يقتضي تفسير العبارة بوقت الفطام الا بعد وهو حولان فكل مقدار محرم من الرضاع في الحولين يؤدي عندهم التحريم سواء فطم الطفل خلال الحولين أو لم يفطم وذهب عدد من كبار السلف إلى انتهاء التحريم بحقيقة الفطام كما هو ظاهر الحديث فان فطم الطفل بعد سنة واحدة مثلا ثم امرأه في الحولين ولكن بعد زمن من فطامه لم يكن لهذا الرضاع بعد الفطام تأثير في التحريم (زاد المعاد لابن القيم ج/5 ص/577)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لارضاع الا ما كان في الحولين " رواه الدارقطني وصحح اسناده ابن القيم في زاد المعاد ج/5 ص/554 وهذا يجري مجرى الاحاديث السابقة .
د - الرضاعة المحرمة : الحكمة من سبب التحريم
قال عز وجل : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (النساء: 23)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة" رواه البخاري و مسلم
ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار المرضعة انه قال : (لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء فان اللبن يعدي) الوسائل ج/15 عيون الاخبار ص/202
وقال عليه الصلاة والسلام " لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يشب عليه " نفس المصدر السابق ويلاحظ من الآية السابقة ان الله تعالى قال " واخواتكم من الرضاعة " ولم يقل ( في الرضاعة) فلو قيل ( في الرضاعة) لتبادر إلى الذهن انهم اشتركوا في مجرد الرضاعة واما قوله تعالى (من الرضاعة) فيحتمل انهم اشتركوا في امر آخر بسبب الرضاعة وهذا كقولك : هؤلاء اخوة في الصلاح في عهد الشباب فلو حذفت عبارة "في الصلاح" فانه لا يعني انهم مجرد اخوة في الشباب ولكنهم اخوة في صفة منذ عهد الشباب . فكذلك القول في الآية الكريمة فإن الرضاعة منشأ أو مصدر أو مبدأ الاخوة في صفة فلو قال قائل مثلا انهم صاروا اخوة في بعض الصفات الوراثية أوالمناعية أو النفسية أو غيرها التي احدثتها الرضاعة لكان قولا محتملا وليس في الآية ما يمنع منه. وكذلك فإن لفظ الاخ يدل على الاشتراك في صفة أو امر.
قال الراغب رحمة الله : أخ هو المشارك آخر في الولادة من الطرفين أو من احدهما أو من الرضاع ويستعار في كل مشارك لغيره في القبيلة أو في الدين أو في صنعة أو في معاملة أو في مودة وفي غير ذلك من المناسبات. (المفردات/ للراغب الاصفهاني) .
فلا بد من البحث عن اخوة الرضاعة وفي أي صفة هي ؟ بحيث يصير الاجنبي قريباً !!! بل ان خمس رضعات مشبعات في اقل من يوم أو يومين تقرب الغريب ويحرم بها ما يحرم من النسب! كما قال عليه افضل الصلاة والسلام في الحديث أعلاه ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) رواه البخاري ومسلم . علما ان التبني بآثاره النفسية الكبيرة ليس له مفعول تلك الرضعات !! فلا بد ان يكون لتلك الرضعات مفعول عجيب !
الاحتمالات الطبية في سبب التحريم بالرضاعة ونظرية في الطب الوراثي
من الأمور الثابتة طبيا ان الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان أو بعضها على اقل تقدير غير متطورة أو غير ناضجة في الطفل عند ولادته ويتكامل نضجها تدريجيا خلال اشهر وسنوات ونذكر على سبيل المثال أربعة أمثلة معروفة :
1 ـ الجهاز العصبي المركزي ونضجه البطيء خصوصا الفعاليات العقلية . وبعض الفعاليات العصبية تنضج خلال اشهر واخرى خلال سنوات .
2 ـ الجهاز المناعي للجسم (Immune system) فإن فعاليته عند الولادة تختلف كثيرا عن فعاليته عند الكبار. ويتضح هذا الاختلاف (أو عدم النضج) من دراسة الخلايا اللمفاوية وكذلك الجسيمات المضادة التي يمكن للرضيع تكوينها وهذه الحقيقة هي احد الأسباب التي تقضي تأخير تلقيح الطفل ضد الإمراض المعدية إلى أشهر بعد ولادته واهم من ذلك إن الجهاز المناعي قبل نضجه يمكن اختراقه وتغيير بعض عمله فقد ثبت في علم المناعة خصوصا في التجارب على الحيوانات ان تعرض الجهاز المناعي إلى مواد غريبة قبل نضجه يمكن ان يؤدي إلى تحمل تلك المواد وقبولها بدلا من رفضها
3 ـ الجهاز الهضمي والنمو التدريجي في قدراته الهضمية وقدرة الطفل على الاعتماد على الغذاء الطبيعي للكبار.
4 ـ الجهاز التناسلي وتأخر نضجه إلى سن البلوغ.
ونأتي الآن إلى ان الإنسان الغريب يصير قريبا بالرضاعة وانه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب !!فلو فرضنا ان الجهاز الوراثي (الجيني) ليس ناضجا عند الرضيع إذ يمكن اختراقه والتأثير فيه اما بإظهار بعض العوامل المكونة فيه أو بإخفاء عوامل يمكن ان تظهر أو بإضافة عوامل ليست موجودة اصلا وقضية اختراق الجهاز الوراثي ليس بالأمر البعيد خصوصا بعد التجارب العلمية الحديثة في علم الجينات وهندستها فيحتمل على هذا الافتراض انه يوجد في حليب المرضع (غير الام) بعض المواد الغريبة التي يمكن ان تخترق الجهاز الوراثي للرضيع وتؤثر فيه خصوصا ان حليب الأمفيه انواع البروتينات الفعالة ومنها على سبيل المثال الجسيمات المضادة كما ان عدم نضج الجهاز الهضمي عند الرضيع يساعد على عبور كثير من هذه المواد إلى الدم وغيره من أجهزة الجسم.على الجهاز الوراثي
واذا صحت فكرة أو نظرية الاختراق الوراثي التي ذكرناها فهل يخشى من عملية الاختراق ان تستحث أو تضيف مواضع خفيفة أو حساسة لا يظهر أثرها عند الرضيع ولكن لو تزوج أخته من الرضاعة مثلا لظهرت الآثار السيئة في أولاده على نحو قريب من الآثار السيئة للزواج من المحارم في النسب ؟ و هل يوجد اثر شئ آخر يمكن توقعه من ذلك الزواج ؟ ذلك ان الذي ينظر إلى الأمور نظرة سطحية لا يجد تشابها ظاهرا بين الرجل وبنت من ارضعيه فيصيبه العجب كيف صاروا أخوة من تلك الصفات ؟ علما انه قد يوجد تشابه باطن له آثار كبيرة على الأجيال الآتية فيما لو تزوج الرضيع أمه أو أخته من الرضاعة وبعبارة أخرى إن عملية الاختراق الوراثي على تقدير وقوعها تكون محددة أو انتقائية (limited or selective) لمواضع معينة من الجهاز الوراثي وليس لكل موضع أو صفة ظاهرة ولما كانت أدنى جرعة مؤثرة خمس رضعات فإنه بسبب تحدد وانتقالية التأثير لا يلزم ان تقع زيادة محددة وقد لا تقع كما ان التشابه الباطن لا يلزم ان يحصل في كل أخ من الرضاعة بل يكفي حصوله في نسبة جيدة تقضي الحكم بالتحريم (كما هو الحال في الآثار السيئة للزواج من المحارم كما هو معروف طبيا) .
الرَّضاعة المُحرِّمة..علاج
قال عز وجل : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (النساء: 23)،وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) رواه الشيخان.
إن هذه النصوص الشرعية تفتح مجالا واسعا لبحوث طبية تطبيقية جديدة في غاية الأهمية و الفائدة باستعمال الرضاعة الطبيعية من غير الأم خلال فترة الرضاعة وقد أباح الله ذلك لقوله تعالى : )وَإِنْ أَرَدتُّمْأَنتَسْتَرْضِعُواْأولاَدَكُمْفَلاَجُنَاح َعَلَيْكُم(البقرة/233 وقوله تعالى:)وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى( الطلاق/6 .
وسنذكر أدناه بعضاً من التطبيقات المهمة والمفيدة لهذه النظرية
أ- في حالة زرع الأعضاء :
كالكُليه مثلاً يفضل أن يكون المتبرع من القرابة الصلبيين خاصة من كان من الدرجة الأولى كالأخ والأخت مثلاً ، وفي حالة تعذر ذلك يفضل الأخوة من الرضاعة إن وجدوا قبل اللجوء إلى الغريب ، والسبب في ذلك أن الجينات(العوامل الوراثية) في إخوة الرضاعة والعوامل المناعية قد تتشابه مع جينات أخوة النسب ومع العوامل المناعية أيضاً إذ كلما كان التشابه (التطابق) النسيجي والمناعي بينهما أكثر كانت نسبة نجاح العملية اكبر وتقبل جسم المريض للكلية المزروعة أفضل .
ب- في علاج الأمراض الوراثية :
والتي اكتشف الطب أن انواعها تزيد على ثلاثة الآف مرض وراثي تنتقل من الوالدين أو أحدهما إلى الذرية . وقد توصل الطب والعلم الحديثان من خلال استعمال التقنيات الحديثة من تشخيصها في خلال الحياة الجنينيه (في بطن الأم) . وفي تشخيص حالة كهذة يمكن من خلال الرضاعة من ثدي مرضعة أخرى من غير أقاربه (أجنبية) تملك بنية سليمة وصحة جيدة (خالية من الأمراض الوراثية) نلحقه بها بدلاً من امه التي تحمل الصفات الوراثية المرضية ، حيث نفترض أن الحليب من المرضعة الصحيحة سيزيح أو ينحي أو يتغلب على الصفة الوراثية المرضية التي إكتسبها من والديه وذلك من خلال اختراقه للجهاز المناعي والوراثي للرضيع وهو تطبيق لقوله تعالى: )وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (الطلاق/6 .
وقد قال المفسرون في تفسير هذه الآية
1- (هو خطاب للأزواج والزوجات الذين وقع بينهم الفراق بالطلاق في حالة وقوع خلاف بينهم في أجر الرضاع فأبى الزوج أن يعطي الأم الأجر الذي تريد وأبت الأم أن ترضعه إلا بما تريد من الأجر)فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى(أي يستأجر مرضعة أخرى ترضع ولده) .محمد سليمان عبد الله الأشقر /زبدة التفسير من فتح القدير ص749 ط2. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت1988م
2- وجاء في تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن-18 /169في تفسير قوله تعالى )وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ((وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها ، وهو خبر في معنى الأمر) أي لترضع .
والتعاسر هنا ليس بخصوصية اللفظ وإنما هو بعمومية المعنى فكل مشكل بين الزوجين عسرة ووجود مرض عضوي وراثي في الوالدين أو احدهما ينتقل إلى الأولاد ويكون أمراً عسيراً . وهذه إشارة طبية دقيقة من كتاب الله تعالى تدفعنا للبحث والتقصي والتوصل إلى الطرق العملية الفطرية السليمة للعلاج بدلاً من الطرق المعقدة الباهظة الثمن غير مؤمونة النتائج كالعلاج بنقل الجينات ((Gene Therapyأو العلاج بزرع نخاع العظم (Bone Marrow Transplantation)..
فإذن هذه الآية كما قلنا قد تحتمل هذا المعنى ولو انها نزلت بخصوص الخلاف بين الزوجين بعد الطلاق في أمر الرضاعة لأنه كما قال الفقهاء والمفسرون أن الأحكام الفقهية لها عمومية اللفظ في التطبيق والقياس وليس بخصوص السبب الذي من أجله نزل الحكم أو الآية موضوعة البحث .

ولقد كان القرشيون أصحاب فطرة سليمة توصلوا من خلالها إلى زيادة الصفات الحميدة في المولود من خلال إختيار المرضعات السليمات لأولادهم وأعظم مثال على ذلك إرضاع حليمة السعدية لرسول الله rحيث سئل مرة عن سر فصاحته فقال (أنا أعرَبكم : أنا من قريش، ولساني لسان بني سعد بن بكر) السيوطي / الجامع الصغير / حديث صحيح 2696/ ص 413/ دار الفكر/ ج1 /ط1/ بيروت. 1981م.
فاكتسب رسول الله عليه الصلاة والسلام فصاحة النطق وغيرها من الصفات الحميدة وراثة وإرضاعاً إذ إن قبيلة بني سعد التي رضع فيها من اشهر قبائل العرب فصاحة وصحة
لذا فقد شجع القرآن الكريم على الرضاعة الطبيعية من الأم أو المرضعة وإذا كان حليب الأم غير متوافر لأي سبب كان من الأسباب فليختر له مرضعة تملك الصحة النفسية والبدنية الجيدة حتى ينشأ صحيحاً لانتقال الصفات السليمة الصحيحة وتغلبها أو إًزاحتها للصفات الوراثية السقيمة في حالة وجودها عند تشخيص مرض وراثي موجود كما ذكرنا في افتراضنا وبالطبع إن ذلك يحتاج إلى تحقيق وتطبيق وابحاث مستفيضة لمعرفة ذلك وفي حالة نجاحه فإنه سيحقق فتحاً طبياً كبيراً وفائدة عظيمة للبشرية . قال تعالى :( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) الإسراء/9


أدعـــــــــــواا لي بالذرية الصالحة



7
929

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

..*.+لمووويه+.*..
..*.+لمووويه+.*..
تسلمين عالمشاركه الرائعه
ضايعة في دنيا البشر


الله يخليك اختي

مشكووووووره
لجونه المجنونه
جزاكي الله الف خير تعبت من طول الموضوع
ضايعة في دنيا البشر


يسلمووووو لجونة

المهم استفدتي
abanoo
abanoo
يسلمووووو لجونة المهم استفدتي
يسلمووووو لجونة المهم استفدتي
موضوع جدا رائع
جزاكي الله الف خير