الرعب يجتاح البيوت الإسرائيلية

الملتقى العام

كتبته نهي سلامة

"ليلة سعيدة أيها اليأس" جملة شهيرة في إسرائيل تعكس مدى اليأس والألم الذي يعاني منه اليهود من جراء الانتفاضة، قالتها يديعوت أحرونوت لأول مرة بتاريخ 11-11-2001م ولم يبتعد عنها كثيراً الشعار الذي رفعته جريدة هآرتس الذي قال: "دعونا نأكل ونشرب فسوف نموت غداً" (23/11/2001م).

الدلائل التي لا يختلف عليها أحد داخل المجتمع تشير إلى أن الانتفاضة قد دخلت كل بيت إسرائيلي وأصبحت ضيفاً ثقيلاً يغيّر من الجدول اليومي للأسرة الإسرائيلية.. كتب ميشيل فروند.. تحت عنوان ماذا يعني العيش في إسرائيل قائلاً: "إن الحياة داخل إسرائيل أصبحت لا معقولة، كل عمل بسيط لا بد أن تفكر فيه أكثر من مرة حتى تفعله، كل مشوار إلى السوبر ماركت أو المراكز التجارية فيه مجازفة.. ندخل في يوم جديد مع خوف بأن لا يعود إلينا، وكلنا مدفوعون إلى أخذ قرارات كان المفروض ألا نواجهها" (15/4/2002م Israel insider I.I).

وقد ازداد القلق الأُسري على الأطفال الصغار بشكل كبير داخل كل بيت إسرائيلي.. وزاد الطلب على المدارس خارج المستوطنات، لما تواجهه المدارس داخل المستوطنة من حراسات أمنية مشددة تؤثر على الأطفال بصورة سلبية.. يقول فروند أيضا: "تحولت مدارس أطفالنا إلى مركبات مصفحة، وأصبح من العمل اليومي تفقُّد حوش المدرسة مرتين قبل وبعد اليوم الدراسي للتأكد من عدم وجود قنابل.. والعيش في هذا الوضع كاف بأن يسبب انهيارا نفسيا لأي إنسان وزرع الخوف في مستقبله". ويقول أحدهم: نحن ننظر إلى الأولاد وقلوبنا تتقطع، كل ما يريدونه الآن هو البقاء في البيت ليكونوا أمام أعيننا طوال الوقت (أحرونوت 2/4/2002م).

والحقائق تقول بأن النفسية الإسرائيلية قد اهتزت بشكل كبير وواضح.. لخصتها معاريف بقولها في 10/2/2002م: "صغيرة هي المسافة بين الخوف والذعر.. والجمهور الإسرائيلي يعيش بين هذا وذاك".

ويقول رعنان كوهين عضو المعارضة في الحكومة الإسرائيلية: "إنجاز الفلسطينيين الحقيقي يكمُن بأنهم زرعوا أجواء من الخوف والجزع في الوقت الذي لم تنجح فيه إسرائيل بزرع خوف مشابه في أوساطهم"*.
2
341

هذا الموضوع مغلق.

سوزانا
سوزانا
أرقام ومعان

كشف تقرير الجمعية الإسرائيلية للاستشارات النفسية عن عام 2001م المعروفة بـ "عيران" الذي نشرته أحرونوت عن التالي:

- الارتفاع الهائل في عدد المتوجهين لطلب الاستشارات النفسية بنسبة 12% عن العام السابق.

- زيادة حالات الاكتئاب حتى بلغت 14%.

- ارتفاع تناول المهدئات إلى 50%.

وذلك - كما يقول التقرير- بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة من جهة وتردي الوضع الاقتصادي من جهة أخرى.. ولا شك أن هناك ضغوطاً على المواطن الإسرائيلي ساعدت بشكل كبير في خلق مثل هذه النفسية المهتزة في مجالات كثيرة في المجتمع.

بل وتشير الإحصائيات إلى:

- انخفاض أعداد المهاجرين إلى إسرائيل بنسبة 1.9% مقارنة بالسنة الماضية.. وهو الأقل منذ عام 1990م (أمنون أطاد 9/1/2002).

- أن 42% من الإسرائيليين يودون مغادرة إسرائيل والإقامة في دولة أخرى أكثر أماناً.

- أن 10% بدءوا في الإجراءات الفعلية للمغادرة (استطلاع للرأي، القناة الثانية 17/8/2001م)، وظهر ذلك جلياً في انخفاض بيع الوحدات السكنية داخل المستوطنات إلى النصف (هآرتس 9/8/2001م).

والجيش الإسرائيلي لم يكن بمنأى عن هذه التغيرات النفسية، فلقد ظهرت حركات كثيرة مضادة للمواجهة مع الفلسطينيين، مثل: "الشجاعة في الرفض"، و"نساء يرتدين السواد" التي تقودها أمهات الجنود القتلى.. وأخذت تدعو بقوة إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية حتى حدود 67.. وقد سجّل أحد هؤلاء الجنود قوله: "أخاف أن أموت كالأبله.. فأنا أشعر بأن الجالسين في أبراجهم العالية لا يتابعون إطلاقا ما يحدث لي ولكتيبتي.. ذلك بأنه لم يعد ممكناً إقناعي بأنه جيد أن نموت من أجل بلدنا في غزة". ويرتفع عدد الرافضين لأداء الخدمة بشكل متزايد بلغ الألف بعد شهرين فقط من التوقيع على وثيقة رفض الخدمة في يناير 2002، وملئت السجون العسكرية لرافضي الخدمة للمرة الأولى منذ سنين (هآرتس 11/2/2002م).
سوزانا
سوزانا
القنبلة الذكية.. وأشياء أخرى

العمليات الاستشهادية تأتي على رأس القائمة المسببة لحالات الذعر وعدم الأمن التي يعيشها الإسرائيلي، وما أبلغ ميشيل فروند الذي كتب يقول عنها:

"العملية الاستشهادية ليست حدثاً مروعاً في موقع بعيد عنك حتى تستطيع أن تنساه، ولكنها حقيقة تخرج وتدخل مع نفسك.. إنها هنا.. إنها الآن.. إنها مرعبة كالجحيم" (15/4/2002م Israel insider I.I).

وقد نشرت دراسة لـ "ناعومي بت ستور"، الدكتور في مركز دراسات الأمن القومي في حيفا عن شخصية الاستشهادي (148 شهيدا) في مطلع شهر مايو الماضي.. قرر فيها أن الفلسطينيين هم أكثر الاستشهاديين عدداً في العالم وتكهّن بوجود 600 متطوع سجلوا أسماءهم في كشوف الاستشهاد في غزة ومثلهم في الضفة.

وقد أزعجه بوضوح أن تكون الكثرة من هؤلاء من المتعلمين؛ حيث أظهرت الدراسة أن 53 منهم دراسات عليا.. و58 تعليما ثانويا و42 فقط من غير المتعلمين.. وقد أطلق في بحثه لقب "القنبلة الذكية" على العملية الاستشهادية.

أما آري كاسبي فيرى أن "القوة الكامنة التي تسمح لنا أن نكسب غير موجودة؛ لأن الفلسطيني يشعر أكثر من الإسرائيلي بأن الموت في سبيل الوطن شيء عظيم" (30/4/2002م I.I).

ولم تكن القنبلة الذكية وحدها هي شكل المقاومة الأوحد الذي أرّق المجتمع الإسرائيلي، بل العمليات النوعية التي قامت بها المقاومة مثل اختراق المستوطنات المصفحة والتصويب عن بعد بالبندقية البدائية ثم تحطيم الأسطورة ميركافا أكثر من مرة، كل ذلك انضم إلى القائمة المفزعة داخل المجتمع. يقول "يوسي ساريد في معاريف: "إن الردع الذي حققه المخرب مع بندقية كاربين خردة فاق ألف مرة الردع الذي حققه الجيش الإسرائيلي في مخيم بلاطة وجنين مع كل دباباته ومروحياته" (4/3/2002م).

هذا فضلاً عن العبوات الناسفة التي بدأ يزرعها المقاومون في أماكن أكثر دقة وحساسية مثل تلك العبوة التي زرعت في أكبر صهريج للنفط في إسرائيل.. والتي قال عنها موشين يعرون رئيس مجلس المستوطنات، نقلا عن تلفزيون المنار التابع لحزب الله: إنها كانت أكبر قنبلة وجدت في الدولة، لو عبئت بالغاز بدلاً من المازوت لشملت بتفجيرها 2400 متر حولها (طبقاً لدراسة للتلفزيون الإسرائيلي).

أما القسام "2" المرعب فهو الذي يتخطى الحواجز والأبواب وينزل فوق الرؤوس في مفهوم النفسية الإسرائيلية. يقول "ميشيل فروند": "آلاف الإسرائيليين يقبعون في بيوتهم في انتظار القسام 2 أن ينزل فوق رؤوسهم ويخترق أسطح منازلهم التي لا تستطيع حتى أن تقيهم المطر، يقولون بأنه غير دقيق.. حسناً ولكنه قد يصل إلى رأسك" (6/2/2002م I.I).

منقووووووووول من اسلام اون لاين