
__________
«الروبوت» الأميركي يفشل في كشف أسرار بناة الهرم في مصر
البحث يسفر عن الوصول فقط إلى جدار آخر * الفنانة نادية لطفي حضرت المؤتمر الصحافي وثارت عند سؤال يربط بين احتفالات اليهود بـ«عيد الغفران» وتجربة اختراق الهرم
القاهرة ـ لندن: «الشرق الأوسط»
تبددت كل التوقعات التي أطلقها الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار في مصر حول الحدث التاريخي الذي اذاعته شبكة «ناشيونال جيوجرافيك» فجر أمس الثلاثاء ودخول «روبوت» الى احدى فتحات الهرم الأكبر «خوفو».
وبالرغم من أن التوفيق لم يحالف البعثة المصرية ـ الاميركية لاكتشاف أسرار الهرم الأكبر، حيث لم تسفر التجربة التي استمرت ساعتين عن شيء ملموس، الا ان د. حواس يؤكد ان التجربة كانت مفيدة للغاية.
وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عقب انتهاء الحدث التاريخي قال حواس: الاستفادة جاءت بالكشف عن باب سري جديد خلاف الباب الأول المعروف من قبل، الأمر الذي قد يفسر أسرارا جديدة وراء هذا الباب وهو ما يحتاج الى دراسة، قد تستمر لمدة عام لاعادة تجربة مماثلة للكشف عما وراء هذا الباب.
والباب الجديد المكتشف عبارة عن سدة ضمن السدات المصرية القديمة التي كان يلجأ اليها الفراعنة لاخفاء أسرارهم خلفها، خاصة الملك «خوفو» الذي عرف عنه اخفاء أسرار بنائه للهرم الأكبر الذي ما زال يثير الكثير من الغموض.
وقال ان هذه هي المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن أحد اسرار الهرم الأكبر وهو الباب السري الذي يبدو عبارة عن حجر به العديد من الشروخ، ويحتمل ان يكون «خوفو» قد وضع أثاثه وراء هذا الباب الذي يقع على بعد 40 سم من الباب الأول.
وأضاف ان هناك استفادة أخرى من هذه التجربة تتمثل في انها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام التكنولوجيا بهذا الشكل في الكشف عن اسرار التراث المصري نتيجة لاستخدام «الروبوت» في معرفة اسرار الهرم الأكبر، مشيرا الى أن مصر هي التي طلبت من الجمعية الجغرافية الاميركية تصنيع مثل هذا «الروبوت».
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده حواس عقب انتهاء التجربة سيطرت لهجة حادة منه في الردود على استفسارات الصحافيين التي تساءلت عن مدى التهديد الذي يمكن ان يحدثه ثقب الهرم الأكبر لمرور «الروبوت» والوصول الى آخر نقطة يمكن ان يتوقف عندها.
وأكد حواس ان التجربة لا تعد تهديدا للأمن القومي المصري واستنكر هذه الأقاويل، مشيرا الى أن أحد المغامرين اليهود قضى يوما كاملا في فندق «ميناهاوس» بالهرم حيث انعقاد المؤتمرالصحافي للنيل من هذا الحدث، والتشكيك في صحة وجود مقابر العمال المصريين المكتشفة أخيرا، والتي لم تفتتح منذ 4500 عام تؤكد مصرية الأهرام.
ومن أبرز الأسئلة التي أثارت جدلا عنيفا داخل أروقة المؤتمر الصحافي كان سؤالا حول ما اذا كان هناك ارتباط بين بث البرنامج في هذا التوقيت وبين احتفالات اليهود بعيد الغفران، ولم يكد السائل يفرغ من تساؤله حتى ثارت الفنانة نادية لطفي التي حرصت على حضور المؤتمر الصحافي واعترضت على التساؤل.
ووسط ضجيج القاعة بين مؤيد لطرح السؤال ومعترض عليه، أعلن حواس عدم علمه بأن اليهود يحتفلون هذه الايام بعيد الغفران، وان بث البرنامج في هذا التوقيت جاء في الوقت الذي لا توجد فيه برامج أخرى منافسة، للبرنامج الذي رددت مصادر بهيئة الآثار المصرية ان بث البرنامج سبقته بروفة، ولكن نفى المسؤولون ذلك مؤكدين ان ما قام به الروبوت هو ثقب الجدار للمرور فقط.
وبسؤاله عن موعد بدء المرحلة الثانية، قال حواس انه يصعب تحديد وقتها حاليا، الا انها لن تكون قبل عام من الآن، للكشف عن اسرار جديدة لملك «خوفو» الذي سبق ان تم اكتشاف اسمه لأول مرة في منطقة سقارة، على أيدي البعثة اليابانية وعثر عليه مدونا على قاعدة من الفخار، هي كل ما تبقى من حطام تمثال بهيئة أبو الهول، مشيرا الى أن اسمه ظهر داخل خرطوش يسبقه لقب «نيسوبيتي»، أي ملك الوجه القبلي البحري، كما أن اسمه ظهر منقوشا على الجعارين في العام 500 ق. م، وهي الفترة التي كان يقوم فيها الشعب باحياء عقدة الملك «خوفو». كما اكتشف اسم «الملك خوفو» في منطقة أبو صير، وظهر منقوشا على العمود الخلفي لتمثال الألهة «سمخت».
أما المبنى الاداري الملكي لمقابر بناة الأهرام التي شهد البرنامج افتتاحها لأول مرة منذ 4500 عام، فقد اكتشفته البعثة الاميركية برئاسة مارك لينر الذي شارك حواس في تجربة الانسان الآلي، وفيها تم اكتشاف قطع أثرية كانت تستخدم في عمليات عد العمال المشتركين في بناء الهرم، وبيان اعداد الأدوات التي كانت تسلم للعمال.
كما عثرت البعثة على بقايا مبنى ملكي ضخم يقع الى الجنوب من تمثال أبو الهول بحوالي 500 متر، والى الشرق من مقابر بناة الأهرام، والتي كشفتها البعثة المصرية من قبل.
ويعد هذا المبنى هو أقدم مبنى اداري ملكي تم العثور عليه، ويعود تاريخه لحوالي 4500 عام لعصري الملك خفرع ومنكاروع.
وكانت تجربة ادخال «الروبوت» الى فتحة التهوية بالهرم الأكبر قد استغرقت ساعتين هي وقت البرنامج، حيث تم تزويد «الروبوت» بكاميرات تصوير، وتمكن فريق العمل من متابعته عبر الشاشات بالصورة والصورة.
ومن جهتها تقيم الاكاديمية المصرية للفنون في روما في الحادية عشر والنصف صباح اليوم الاربعاء مؤتمرا صحافيا عن الكشف الاثري. ويتحدث في المؤتمر على الهواء مباشرة من القاهرة الدكتور زاهي حواس الامين العام للمجلس الاعلى للآثار، ومن روما الدكتور الفانو خبير الاثار المصرية لتوضيح الجوانب المختلفة للكشف والاجابة عن اسئلة الصحافيين كما يذاع في المؤتمر الشريط التلفزيوني الذي سجلته قناة الناشيونال جيوجرافيك من الهرم عن الكشف الاثري.
ومن جهته قال الباحث الاثري احمد عثمان في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن ان الكشف الجديد يؤكد وجود حجرة بعد الحائط الذي اكتشفه «الروبوت» امس. واضاف في ما يتعلق بالهيكل العظمي المكتشف داخل التابوت، فهو يؤكد ان المصريين القدماء لم يكونوا يعرفون التحنيط في الدولة القديمة عهد الملك خوفو كما ظهر بعد ذلك عن اجادتهم لهذا الفن في الدولة الحديثة».