Zena

Zena @zena

عضوة نشيطة

الزهرة السوداء والعصفور الأعمى

الأدب النبطي والفصيح

مشهد1:

- …إلهام أليس كذلك؟

- تناديني باسمي يا سيدي أتعرفني ؟ إنني لم أرك قبل اليوم، من أنت ؟‍

- أنا لا أعرفكِ أنتِ بالضبط، ولكنني أعرف جيدًا أهلك جميعًا هناك فيما وراء البحار وعلى مر العصور …

- تعرف أهلي ؟‍ ما هذه الألغاز ؟‍ من أنت يا سيدي؟‍

- نعم أعرف أهلك.. آه يا إلهام لو تعلمين.. إن أهلك من أبهى عائلات الزهور وأنبلها …زهور.. آية في الجمال والطهر.. غاية في النضارة والنبل…. أما أنتِ….؟

- غريب أمرك يا هذا… أما أنا ماذا؟‍

- أتجهلين أم تتجاهلين ؟.. انظري ما أسودك وأنت من أصل الأزهار البيضاء الطاهرة... انظري ما أقبحك وأنت بنت الجمال المطلق الخالص…

- كفاكَ تطاولاً وألغازًا يا هذا.. أنا الزهرة بنت الزهور أنا الجميلة الوسيمة.. متأكدة أنا من ذلك كل أصدقائي يشهدون بما أقول، ومرآتي التي أنظر فيها كل يوم وأنا أُلوّن أوراقي بشتى الألوان الزاهية تثبت لي مدى حسني وبهائي..

- كذبت المرآة وكذب الأصدقاء… خذي هذه المرآة التي جئتُ بها من قصر عائلتك العريقة وانظري…فهي المرآة، المرآة لا تكذب ولا تجامل.

- آه.. ما أبشعني.. يا إلهي ما أسودني… ما هذا ؟‍

- وماذا عن رائحتك ؟



- لا إنك تجاوزت حدودك.. أنا لا ينبعث مني إلا أنفس العطور وأزكى الروائح أنا…أنا..

- مغرورة أيتها المسكينة.. زائفة هي عطورك … ولَكَم أرثي حالك.. فَقَدَ أَنْفُكِ القدرة على التمييز بين رائحة المسك الزكية وريح نافخ الكير النتنة، منذ أن حطت بكم الطائرة في هذه الأرض الباردة وأنتِ ما زلت وقتها بذرة بريئة.. فأصبحت كل الروائح عندك سيان. أليس كذلك ؟

- بلى.. بلى…صدقت سيدي.

- خذي هذا الدواء ضعيه في أنفك ثم تنفسي …..نعم هكذا.. ممتاز…. والآن ؟

- آه.. الآن أشم أفضل.. ولكن. النجدة ما هذه الروائح الكريهة ؟

- إنها ريحُكِ الحقيقية – بنيتي – منذ تنصلت عن فصيلة الزهور البيضاء.. أَصْلُ عائلتك النبيلة الطاهرة.. فيا أسفي وحزني عليك .

يا إلهي.. يا ليتني مت قبل هذا..

- بنيتي إنك ميتة، نعم إنك ميتة…فوا لهفي عليك .

- ميتة؟ لا .. لا .. كنت الساعة في ساحة الثانوية وخرجت لملاقاة …..

- لملاقاة من؟

- لملاقاة صديقي.. آه…أيكون فعلها …فعلها العصفور الأحمق ………….؟ قتلني وقتل أحلامي ؟

مشهد2:

-لم أكن أقصد سيدي القاضي.. إنها هي التي…..

-هوِّن عليك أيها العصفور ابن النسور الأبطال والبلابل النبيلة… لست القاضي ولست في المحكمة ……………

-أين أنا ؟ ومن أنت؟

-أنت في قفص الجهل والعمى …….أنت في سجن قريب من المقبرة التي دفنت فيها أختك القتيلة.. إلهام.

-لا تذكر اسمها.. إنها الزهرة السوداء.. سوَّد الله ثراها .. إنها باعت لون زهور عائلتنا النبيلة، باعت البياض ولبست السواد بأن سمحت للفاجر أن يقطفها ويدنسها … فاستحقت الموت…الذنب ذنبها.. الذنب ذنبها..

- لك الحق أيها العصفور أن تغار على زهور عائلتك الثمينة البيضاء، لكن بأن تحافظ وتحنو عليها وترعاها وتوجهها.. لكنك أخطأت الطريق ولم تتصرف بحكمة.. فقتلت النفس التي حرم الله إلا بالحق.. فمن أعطاك هذا الحق ؟

- الذنب ذنبها.. ليس ذنبي …

- الحق أن الذنب ذنبي.. وذنبك وذنبها وذنب الأرض الباردة والشمس الغائبة.. ذنب الوعي المفقود والمرآة الكاذبة، ولكنه في الأخير: ذنب البستاني.. لم يحفظ الأمانة.. لم يَعْتَنِ بالبذور والطيور كما اعتنى بها أجدادك في كل العصور… أتى بالبذور فسقاها خمرًا بدل الماء العذب الصافي… كانت في أَمَسِّ الحاجة إلى شمس ساطعة فلم يدفع عنها الصقيع في هذه الأرض الباردة بدفء الحنان والحب ونور الإيمان……. لم يعتنِ بالبذرة إطلاقا.. ثم إنه أهمل بعد ذلك الزهرة وانشغل عن رعايتها باللهث وراء جمع المال والحطام….. كانت في حاجة لمن يسقيها إيمانًا وعلمًا وفهمًا وفقهًا ووعيًا وحبًّا وحنانًا كما سقاه وعلمه وورَّثه الأجداد .. كل هذا لم يحمله البستاني معه في حقائبه يوم حطت بكم الطائرة في هذه الأرض… ثم إنه أهملك أنت بدورك أيها العصفور الأعمى ولم يعلمك الحكمة ورجاحة العقل؛ ليمنعك من الوقوع في أبشع جريمة.. قتل النفس…

فإلى كل بستاني أقول: رحمة بالبذور فارْعَهَا .. رفقًا بالزهور فحافظ عليها.. عليك بالطيور فوجهها.. فما أقسى مآسي الزهور السوداء والطيور العمياء في بلاد أرضها باردة وشمسها غائبة …..

هذه قصة حقيقية جرت أحداثها في فرنسا.. فتاة من المغرب الأقصى مسلمة اسمها الحقيقي إلهام. ترتبط بعلاقة تعدّت حدود ما يسمونه الصداقة مع فرنسي مسيحي يكبرها سنًّا كثيرًا، وهي طالبة في الثانوية فقام أخوها بقتلها وهي خارجة لملاقاة صديقها الفرنسي…، وكم من أخريات لحقن بمسيرها، فلقين مصير الموت.. موت الروح والنفس فعشن موتى وهن على ظهر الأرض بين الأحياء، أو موت الجسد على يد أسرة هي الجانية في حق الضحية.. مرتين.

د.سامية حوسينات
5
1K

هذا الموضوع مغلق.

yasmine
yasmine
اني احتج سيدي القاضي "مادمنا في محكمه حبيت اجربها" :21:
اسلوب ذكي في طرح الحوار ومعنى اسمى
وبارك الله فيك
شكرا:13: :13:
Zena
Zena
شكرا لك ياسمين على تعقيبك الخفيف الدم.

دائما اجدك كريمه في مساهماتك في الرد على
مواضيعي وبقية الاخوات.

شكرا مره ثانيه......
عاشقه الشهاده
اخيتي الحبيبه زينه000
ما اجمل اختيارك للمواضيع لنقلها لنا00
الامس نفس روحك في نقلك
واسمع همس القلم على ورقك
وارى ظل يداك في كتابتك
المنقول منك والمحصول كلاهما يحملا لنا الفائده والمتعه
فشكرا لك اخيتي على ما نقلت يداك وما خطت
وفعلا اختيار للمواضيع موفقه
وشكرا لك
كل الحنان
كل الحنان
رائعة رائعة

ماشاء الله عليك يا زينة دائماً تأتيننا بك ما هو راقي وهادف
فعلاً قصة أكثر من رائعة ... ولكنها محزنة ... نعم محزنة ... هي حال تلك الفتيات الولاتي يركضن وراء هذه الحياة بلا وعي ... وينساقن وراء شهواتها دون أن يراعن في ذلك أهلا أو دين ... حتى يسقطن في الوحل فما تكون النهياية إلا كنهاية الهام وذلك في أغلب الأوقات..

ولكن كما ذكرت الكاتبة فالذنب هنا لا يقع على الفتاه فقط ولكن يقع على أسرة الفتاه وكيفية تربيتها منذ نعومة أظافرها..

لقد أعجبتني هذه الفقرة جداً يا زينة فهي فعلاً نصيحة لابد أن تكون في قاموس الأباء في تربية أطفالهم وهي:

فإلى كل بستاني أقول: رحمة بالبذور فارْعَهَا .. رفقًا بالزهور فحافظ عليها.. عليك بالطيور فوجهها.. فما أقسى مآسي الزهور السوداء والطيور العمياء في بلاد أرضها باردة وشمسها غائبة …..

شكرا لك على هذا النقل الرائع جداً
بارك الله فيك ... وجزاك الله الف خير
مع أرق تحياتي ومحبيتي



:26: :22: :27: :34:
Zena
Zena
فراشات الواحه

عاشقة الشهاده: انا التي اشكرك على رقة كلماتك التي
تفاجأيني بها في كل مره.
وانا اوافقك الرأي ان كل انسان يعكس نفسه بالمواضيع
التي ينشرها سواء كانت منقوله او مؤلفه فأن في الكلمات
والاسلوب مرآة لكاتب الموضوع يمكن للمقابل ان يكون فكره
عن شخصية كاتبها.

كل الحنان: اسعدتني جدا كلماتك فأنتي دائما حكيمه ورايك
بليغ في كل المواضيع واتمنى ان اصرخ بأعلى صوتي واقول

إلى كل بستاني: رحمة بالبذور فارْعَهَا .. رفقًا بالزهور فحافظ عليها
.. عليك بالطيور فوجهها.. فما أقسى مآسي الزهور السوداء
والطيور العمياء في بلاد أرضها باردة وشمسها غائبة …..

والله انها جريمه لاتغتفر مايفعله الاباء بأبناءهم لجهلهم وضلالهم
وقد نقلت لكم في موضوع "لااستطيع" قصه حقيقيه ومؤثره للغايه
عن استهتار الاباء وضياع الابناء.

مره ثانيه اشكركم بعنف صديقاتي الغاليات جدا.