الزواج ومقاصد الاسلام منها
إن الزواج سنّة من سنن الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى : وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة)الرعد: 38
وقد أمر الله عزوجل المؤمنين بالزواج ، وهو بذلك استجابة لأمر الله سبحانه حيث قال : وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْعِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنفَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَنِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِالنور:32-33
فهذا أمرٌ من الله عز شأنه للأولياء بإنكاح من تحت ولايتهم بانكاحهم طلباً للعفة والصيانة من الفاحشة.
وهو استجابة لأمر رسول الله حيث قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءةفليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء » متفق على صحته.
والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة منغريزة النكاح -الغريزة الجنسية- بطريق نظيف مثمر.
ولهذه المعاني وغيرها لايختلف المسلمون في مشروعية الزواج، وأن الأصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنتوالوقوع في الفاحشة، لا سيما مع رقة الدين، وكثرة المغريات، إذ العبد ملزم بإعفافنفسه، وصرفها عن الحرام، وطريق ذلك: الزواج.
ولذا استحبَّ العلماء للمتزوجأن ينوي بزواجه إصابة السنة، وصيانة دينه وعرضه، ولهذا نهى الله سبحانه عنالعَضْلِ، وهو: منع المرأة من الزواج، قال الله تعالى﴿فَلاَتَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُن ﴾ البقرة: 232.
ولهذا أيضاً عظَّم الله سبحانه شأن الزواج، وسَمَّى عقده: مِّيثَاقاً غَلِيظاًفي قوله تعالى:
﴿ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ النساء: 21.
وانظر إلىنضارة هذه التسمية لعقد النكاح، كيف تأخذ بمجامع القلوب، وتحيطه بالحرمة والرعاية،فهل يبتعد المسلمون عن اللقب الكنسي (العقد المقدّس) الوافد إلى كثير من بلادالمسلمين في غمرة اتباع سَنَن الذين كفروا ؟!!
فالزواج صلة شرعية تُبْرمبعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعاً. ولأهميته قَدَّمه أكثرالمحدِّثين والفقهاء على الجهاد، ولأن الجهاد لا يكون إلا بالرجال، ولا طريق له إلابالزواج، وهو يمثل مقاماً أعلى في إقامة الحياة واستقامتها، لما ينطوي عليه منالمصالح العظيمة، والحكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها:
1 – عبادة الله عز و جل :
ينوي المسلم والمسلمة من الزواج هو عبادة الله عزوجل وهو الهدف الأول من الزواح: والدليل على ذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان حريصا على إسلام المشركين ، فعلى سبيل المثال لما ذهب إلى الطائف ليدعو ثقيف وهوازن ردوه أسوأ رد حيث سبوه ووصفوه بالكذب وسلطوا عليه الصبيان والسفهاء حتى أدموا قدماه الشريفتين ، جاءه جبريل عليه السلام مع ملك الجبال ، فقال إن ربك يقرئك السلام وقال لوا شئت أمرت ملك الجبال فيطبق عليهم الجبال ، فقال – صلى الله عليه وسلم – لا فإني أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ) .
انظر ماذا قال الرسول – أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ، أي من أبناءهم وأحفادهم .
وبالفعل وبعد غزوة حنين دخلت هوزان وثقيف في الدين الاسلامي .
2ـ حفظ النسلوتوالد النوع الإنساني جيلاً بعد جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامة الشريعةوإعلاء الدين، وعمارة الكون، وإصلاح الأرض، قال الله تعالى: يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءًالآية ، وقال الله تعالى: { وَهُوَ الَّذِيخَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَقَدِيراً } الفرقان:54]. أي: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الآدمي منماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقين ومجتمعين،والمادة كلها من ذلك الماء المهين، فسبحان الله القادر البصير.
ولذا حثَّالنبي على تكثير الزواج، فعن أنس أن رسول الله قال: « تزوجوا الولود الودود، فإنيمكاثر بكم الأمم يوم القيامة » رواه الإمام أحمد في مسنده.
وهذا يرشح الأصلالمتقدم للفضيلة: (القرار في البيوت) لأن تكثير النسل غير مقصود لذاته، ولكنالمقصود -مع تكثيره- صلاحه واستقامته وتربيته وتنشئته، ليكون صالحاً مصلحاً في أمتهوقُرَّة عين لوالديه، وذِكراً طيباً لهما بعد وفاتهما، وهذا لا يأتي من الخرّاجةالولاّجة، المصروفة عن وظيفتها الحياتية في البيت، وعلى والده الكسب والإنفاقلرعايته، وهذا من أسباب الفروق بين الرجل والمرأة.
3ـ حفظ العرض، وصيانةالفرج، وتحصيل الإحصان، والتحلي بفضيلة العفاف عن الفواحش والآثام. وهذا المقصديقتضي تحريم الزنى ووسائله من التبرج والاختلاط والنظر، ويقتضي الغيرة على المحارممن الانتهاك، وتوفير سياجات لمنع النفوذ إليها، ومن أهمها: ضرب الحجاب على النساء،فانظر كيف انتظم هذان المقصدان العمل على توفير أصول الفضيلة -كما تقدم- .
4ـ تحقيق مقاصد الزواج الأخرى: من وجود سكن تطمئن فيه الزوجة من الكدروالشقاء، والزوج من عناء الكد والكسب: ]وَلَهُنَّ مِثْلُالَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف البقرة:228 .
فانظر كيف تتمصلة ضعف النساء بقوة الرجال، فيتكامل الجنسان.
والزواج من أسباب الغنى ودفعالفقر والفاقة، قال الله تعالى: }وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَىمِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَيُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{ النور:32.
والزواج يرفع كل واحد منهما من عيشة البطالة والفتنة إلى معاش الجد والعفة،ويتم قضاء الوطر واللذة والاستمتاع بطريقه المشروع: الزواج .
وبالزواجيستكمل كل من الزوجين خصائصه، وبخاصة استكمال الرجل رجولته لمواجهة الحياة وتحملالمسؤولية. وبالزواج تنشأ علاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة والعطفوالتعاون، قال الله تعالى: ]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُممِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُممَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الروم:21
وبالزواج تمتد الحياة موصولة بالأسر الأخرى من القراباتوالأصهار، مما يكون له بالغ الأثر في التناصر والترابط وتبادل المنافع. إلى آخر ماهنالك من المصالح التي تكثر بكثرة الزواج، وتقل بقلته، وتفقد بفقده. منقول
توووجي @tooogy
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️