لابد
من التنويه أن هناك فارقا بين الصلة أو البر وبين الطاعة لأن البعض جعلهما
شئ واحد وإذا قيل لهم أن الزوجة عليها أن تبر والديها ولو أمرها الزوج
بخلاف ذلك قالوا طاعة الزوج أوجب من طاعة الوالدين , والطاعة وإن كانت فرع
من البر إلا أنها ليست من لوازمه أن تكون في كل شئ فلو أمر الوالدين
بمعصية لا يجوز طاعتهما لكن لا يمنع إستمرار البر بهما , قال تعالى " وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" ففي هذه الآية نهى الله عن طاعة الوالدين إن أمرا بالشرك ولكن أمر بالمصاحبة بالمعروف
والمصاحبة معلومة تقتضي مؤانستهما حتى لا يشعرا بالوحدة والوحشة والإنفاق
عليهما إذا احتاجا , وتمريضهما أو عيادتهما إذا مرضا , ويدخل في ذلك أيضا
طاعتهما مالم يترتب على الطاعة معصية أو اهدار حق
والمعروف معناه العرف الذي لا يخالف الشرع وهو ما استحسنته النفوس وشاع العمل به
هذا هو البر المقصود , فليس البر هو الطاعة
صلة الرحم و البر بالوالدين هما طاعة لله تعالى
فعندما نتكلم عن الزوجة وبر الوالدين
فليست المسألة طاعة الزوج في مقابل طاعة الوالدين
بل هي طاعة الزوج في مقابل طاعة الله
فبر الوالدين يشبه أي واجب آخر من الواجبات الشرعية كالحجاب مثلا
هل لو أمر زوج زوجته بخلع الحجاب مثلا هل يطاع في هذا؟
لا لأن الحجاب واجب شرعي أمر الله تعالى به
مثال آخر لو أن الزوجة عليها دين لشخص أجنبي
هل لو نهى الزوج زوجته أن تقضي دينها يطاع في هذا؟ هل يصح حينها أن نقول أن
حق الزوج أكبر من حق الأجنبي وأن طاعته أوجب من طاعة الأجنبي فيلزم
الزوجة طاعته في عدم قضاء الدين؟
طبعا لا أحد يقول بهذا لأن المسألة هنا ليست مَن طاعته أوجب ومَن حقوقه
أكثر , المسألة أن قضاء الدين واجب شرعي حتى لو سكت عنه صاحب الدين ولم
يطالب به , فلو نهى الزوج عن قضاء الدين فقد أمر بمعصية وبأكل حقوق الغير
فلا يطاع في ذلك
فكذلك بر الوالدين , فلو حتى لم يطلب الوالدين من الابن أو الابنة صلتهما
وبرهما لما رفع ذلك واجب البر والصلة عن الأبناء لأن البر برهما وصلتهما
طاعة لله أولا ثم حق لهما ثانيا
ويدل على ذلك أيضا ويؤكده حديث "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري
دل ذلك على أن ذوي الأرحام حتى لو قطعوك وهجروك ولم يدعونك لزيارتهم أو
لوصلهم , فعليك أن تبادر أنت بوصلهم , لا طاعة لهم هم لأنهم لم يدعوك أصلا ,
بل لأن في ذلك طاعة لله ثم حقهم عليك كحق الدائن على المدان.
ثبت من ذلك أن بر الوالدين ليس مرادفا لطاعة الوالدين وصلة الرحم ليست طاعة
ذوي الأرحام بل كلاهما أمر الله تعالى به سواء طلبوه هم منك أم يطلبوه
فهو بمثابة الدين الذي يجب أن يُقضى , فكما أنه لا يجوز للزوج أن ينهى عن
الصلاة والزكاة ولا يجوز له أن ينهى عن قضاء الزوجة دينها ولا يُطاع في
ذلك فكذلك لا يجوز له أن ينهى عن بر الزوجة لوالديها وصلة رحمها ولا يُطاع
في ذلك
ولا تعارض أصلا بين حقوق ذوي الأرحام وحقوق الزوج وإن حصل فإن منشأه هو
الشخص الذي أحدث التعارض بأن أمر بأمر خارج عن حدود حقوقه الشرعية
فلو أمر الأب ابنته أن تهجر زوجها في الفراش لا تطيعه في ذلك لأنه أمر فيه
تجني على حق الغير وهو حق الزوج هنا في المضاجعة , وكذلك لو أمرها أن تترك
البيت وتقيم مدة طويلة خارجه بدون إذن زوجها فهذا أمر بمعصية أيضا لأن
فيه تعدي , عقد الزواج يقتضي أن تسكن الزوجه مع زوجها قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا" فالسكنى هي من مقتضيات عقد الزواج
فالله تعالى أعطى للزوج حق أن تسكن زوجته معه وأن تجيبه إذا دعاها للفراش -
وبطبيعة الحال لمقدماته - وألا تدخل غريبا بيته بغير إذنه ولا تصوم تطوعا
أو أي نافلة من شأنها أن تحجبها عنه فترة طويلة كقيام الليل مثلا إلا
بإذنه , وأن تطيعه إن أمرها بواجب شرعي أو نهاها عن مُحرم شرعا
وحق زوجته عليه أن ينفق عليها ويوفر لها السكن المناسب ولا يهجر إلا في
البيت ولا يهجر أكثر من أربعة أشهر ويحسن معاشرتها, وإن كلفها بأعمال أو
أرضعت أن يعطيها أجر إن طلبته و قبلت أن تقوم بذلك أو يكون بالتراضي لا
بالإلزام
وحق الوالدين أن تصلهما بالمعروف وتطيعهم في غير معصية وفي غير تعدي على حق الاخرين
وكل من يدعي أن عموم أحاديث حفظ حقوق الزوج مُخَصِّصَة لعموم الآيات
الصريحة والأحاديث الصحيحة التي تأمر ببر الوالدين وصلة الأرحام نسأله
ولماذا لم تجعل عموم الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة التي تأمر ببر
الوالدين وصلة الأرحام مُخَصِّصَة لأحاديث حقوق الزوج؟ هذا إن كان أصلا
بينهما عموم وخصوص على طريقة الأصوليين
والأسلم أن نقول:
كل منهما باق على عمومه طالما وضعنا كلمة الطاعة في
مكانها المناسب وفي الحدود المشروعة التي لا تتعدى إلى معصية أو التعدي على
حقوق الآخرين
وبذلك نكون خرجنا من هذا الإشكال وأرحنا واسترحنا
أما إن أصر المخالف على أن عموم أحدهما مخصص للآخر بشكل مطلق قلنا له تعال
نبحث المسألة من الناحية الأصولية البحتة وستجد أن ذلك يؤدي لنفس النتيجة
لكن من طريق أطول وبطريقة أكثر تعقيدا
وذلك لأن علم أصول الفقه له جانبان:
- جانب مقبول: يحسن بالمسلم أن يعرف مسائله وهذا الجانب المقبول المستحب
معرفته هو القواعد العامة التي اتفق عليها العلماء لأنه مما يعين على ترتيب
المسائل في الذهن ومن ثم سهولة استنباط الأحكام الشرعية ومن أمثلتها
قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" و "الضرورات تبيح المحظورات" و "المشقة تجلب التيسير" و "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" ومنها أكثر تفصيلا من ذلك مثل تعريفات "العام والخاص" و "المطلق والمقيد" و "العلة والحكمة" وغيرها
- ولكن له جانب آخر: وهو الذي يتعدى حدود الحاجة إلى الاستغراق في
التفريعات والتفصيلات وفي مسائل ومباحث نظرية معقدة تختلف فيها المذاهب
اختلافا كبيرا كاختلافهم في الأحكام
مثل اختلافهم في العام المتأخر فالجمهور يقول يبنى العام على الخاص
والحنفية يقولون العام المتأخر ناسخ , ومثل حجية قول الصحابي فهو حجة في
مذهب مالك ويقدم أهل المدينة على غيرهم ليس حجة عند الشافعية , الحنفية
يقدمون عمل الصحابي على روايته والجمهور العكس , ومثل مفهوم المخالفة في
القرآن بعضهم يأخذ به وبعضهم لا يأخذ , والأمثلة السابقة اختلافات بسيطة
يتم تحملها في مقابل النفع العائد منها , لكن هناك أمور أكثر تعقيدا
والاختلاف حولها أكثر كمسالك استخراج العلة وهل العلة هي السبب أم السبب هو
علة العلة وأمور كثيرة أكثر الخلاف فيها نظري فلسفي
وفي هذا ما فيه من التكلف المنهي عنه شرعا ويصرف صاحبه عن تدبر القرآن وحفظ
السنة فيفوت على صاحبه خيرا كثيرا ولهذا فإن جمع من أهل العلم ينهون عن
الاستغراق في المطولات الخاصة بهذا الفرع وتوفير وقت هذا لحفظ وتعلم وتدبر
الكتاب والسنة
وهذا الدين في الأصل نزل على أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب وخطاب التكليف فيه
موجه للإعرابي في الصحراء وللفلاح ولربة البيت وكان الأعرابي من البادية
يسمع من النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام حديثا فيفهمه ويعمل به ويرجع
يعلم قومه.
ويبعد بل يستحيل أن ينزل الله تعالى دينا للأمة كلها ليوم الدين لا يُفهم
ما فيه ولا تُعرف أحكامه إلا بالخوض في هذه التعقيدات النظرية والمباحث
الفلسفية التي يخوضها بعض الأصوليين فلازم هذا أنه لا يمكن أن يهتدي بهذا
الدين إلا طائفة قليلة من البشر هم من قرأوا كتب الأصول هذه بشروحها على
مختلف المذاهب والتي تنقضي فيها الأعمار فهذا لا شك باطل فما أدى إليه فهو
باطل
نعود للموضوع:
المسألة المطروحة كالآتي: نصوص بر الوالدين وطاعتهما وصلة الرحم من جهة ونصوص طاعة الزوج من جهة
كل منهم عام في لفظه
فأي منهم يُخصص الآخر؟
مثل هذه النوعية من المسائل قد يعتبرها بعض الأصوليين مما تدخل تحت باب ما
يسمى "العموم والخصوص الوجهي" (وأنا شخصيا لا أعتبرها كذلك)
وذلك أن كل نص يبدو أنه عام من وجه وخاص من وجه
فنصوص طاعة الزوج تبدو عامة في ما فيه صلة رحم أو قطعها وما فيه بر للوالدين أو عقوقهما وخاصة بالأزواج
ونصوص صلة الرحم وبر الوالدين عامة في ما فيه طاعة للأزواج وما فيه معصية لهم و خاصة لذوي الأرحام
فأي منهم يُخصص الآخر؟
فهل نقول طاعة الأبوين مقدمة على طاعة الزوج؟
أم طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين؟
والمعتمد في مثل هذه النوعية من المسائل الأصولية هو
- البحث عن مرجح خارجي وهو نص ينهي الإشكال
- فإن لم يوجد نص نبحث أيهم أكثر عموما وأوكد من الاخر فيخصصه ويُقدم عليه
- فإن تساووا فلهم مسالك أخرى ليس الان مقام بسطها
نطبق هذا على مسألتنا هذه:
- هل هناك نص من آية أو حديث يقدم حق الزوج على الوالدين باللفظ أو العكس؟
لا يوجد باستثناء هذا الخبر الباطل عن المرأة التي أمرها زوجها ألا تخرج
ومرض أبوها ولم تصله حتى مات وقيل لها إن الله قد غفر لوالدك بطاعتك لزوجك
ونقلنا حكم المحدثين عن هذا الخبر بأنه باطل لم يصح
- إذن يبقى أن ننظر - باستثناء المسألة محل الخلاف - أيهم عمومه محفوظ أكثر
وأيهم عمومه دخله تخصيص أكثر؟ فيكون الأول مخصص للثاني ومقدم عليه.
فباستثناء المسألة محل الخلاف نجد أن عموم نصوص بر الوالدين محفوظ لم يخصصه شئ حتى الكفر
قال تعالى "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"
بينما الزوج لو كفر انفصلت عنه زوجته ولا يجوز أن تبقى معه ويجوز لها أن تتزوج غيره
قال تعالى " فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ"
كذلك طاعة الوالدين واجبة حتى في التصرف فيما يملكه الابن أو الابنه
لحديث "أنت ومالك لأبيك" رواه ابن ماجه،
والإمام أحمد، والحديث معتضد بأحاديث أخرى منها : حديث عائشة الذي رواه
الحاكم وابن حبان في صحيحه، ولفظ أحمد أخرجه الحاكم وصححه أبو حاتم،
وأبوزرعة. ذكر ذلك الشوكاني في نيل الأوطار. و صححه الألباني في صحيح
الجامع والعمل عليه عند أهل العلم
وإذا كان هذا للأب فللأم من باب أولى لحديث "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك"
أما الزوج فلا حق له في التصرف في مال زوجته إلا بإذنها ورضاها بالإجماع
كذلك ذوي الأرحام تجب على الزوجة صلتهم ولو قطعوها هم
لحديث (ليس الواصل بالمكافيء، لكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري
بينما إذا هجرها الزوج بغير ذنب منها هجر البيت مثلا فليس عليها شرعا أن
تذهب إليه وتسترضيه , بل الشرع يلزمه هو ألا يهجر إلا في البيت ولا يهجر
أكثر من أربعة أشهر وبعدها إما أن يعود أو يُطلقها
قال تعالى "لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ
نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ"
كذلك من حيث التأكيد فإن الأمر في بر الوالدين وصلة الرحم جاء مقترنا بالتوحيد
قال تعال "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
ولقد بلغ من أهمية صلة الرحم في هَدْي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن قرنها بالتوحيد، وجعلها من الأمور التي بُعِثَ من أجلها
لحديث عمرو بن عبسة ـرضي الله عنه ـ لما سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : بأي شيء أرسلك الله؟، قال : ( بكسر الأوثان، وصلة الرحم، وأن يُوحَّد الله لا يُشْرَك به شيء ) رواه مسلم
وحديث : ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ) رواه مسلم
فلما كان ليس أمر في الإسلام أهم من التوحيد وليس أفظع من الحرمان من الجنة كان الأمر بصلة الرحم أوكد من الأمر بطاعة الزوج
وعليه فتكون نصوص صلة الرحم وبر الوالدين عمومها محفوظ
أما نصوص طاعة الزوج فدخلها كثير من التخصيص
فيكون عموم نصوص صلة الرحم وبر الوالدين مُخَصِّص لعموم نصوص طاعة الزوج
وبالتالي فحق الوالدين وذوي الأرحام مقدم على حق الزوج
ويبقى أن الله حرم الظلم ونهى عنه وأمر بالوفاء بالعقود
قال تعالى "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"
والزواج عقد من هذه العقود ومعنى الزواج هو أن تسكن الزوجة مع زوجها و
يضاجعها في الفراش هذا بالنسبة لمعناه , و زاد الشارع على ذلك المعنى
الأصلي أن ينفق الزوج على زوجته وتحفظ الزوجة عرض زوجها ولا تأذن لغريب في
بيته بغير إذنه.
هذا فقط هو مقتضى أي عقد زواج بغير زيادة على ذلك , وهو الذي أبرمه ولي
المرأة وباركه ووافق هو وهي عليه فوجب عليه وعليها الوفاء به
فيكون الوفاء ببنود عقد الزواج في الاتجاه المقابل مخصص لعموم طاعة الوالدين
فتكون طاعة الوالدين وصلة الأرحام عامة بعد عبادة الله أوجب من طاعة الزوج
إلا فيما يخل بمقتضى العقد يعني إلا فيما يتسبب في عدم مضاجعة الزوج في
الفراش أو هجر بيته والمبيت خارجه أو عدم حفظ عرضه أو إدخال غريبا يكرهه
بيته بغير إذنه
وكنا في غنى عن هذا الطريق الوعر الذي تتزاحم فيه العموميات والمخصصات لو
سلكنا الطريق الأول وقلنا كل منهم له حقوق حددها الشرع ويطاع في حدود هذه
الحقوق ولا يتعدى على حقوق الله ولا حقوق البشر
كان هذا أيسر بالتأكيد
وعلى كل قد فقد توصلنا لنفس النتيجة بكلا الطريقين , طريق السلف وطريق الأصوليين فثبت المراد و لله الحمد.

سها7887 @sha7887
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

سها7887
•
قال ابن حزم:
وإن كان الأب ، والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة - الناكح أو غير الناكح - لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ، ولا تضييع الأبوين أصلا ، وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة - فإن لم يكن بالأب والأم ضرورة إلى ذلك فللزوج إرحال امرأته حيث شاء مما لا ضرر عليهما فيه .
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { أن اشكر لي ولوالديك } فقرن تعالى الشكر لهما بالشكر له عز وجل .
وقوله تعالى : { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } فافترض الله عز وجل أن يصحب الأبوين بالمعروف - وإن كانا كافرين يدعوانه إلى الكفر - ومن ضيعهما فلم يصحبهما في الدنيا معروفا .
وقوله تعالى : {وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } .
وقد ذكرنا آنفا قول الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم { من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ قال : أمك ثم أمك ثم أباك } . وقوله عليه الصلاة والسلام { عقوق الوالدين من الكبائر } ، وقد اختلف قوم فيما ذكرنا واحتجوا بأخبار ساقطة - :
منها - خبر رويناه من طريق الحارث بن أبي أسامة عن يزيد بن هارون عن يوسف عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك { أن رجلا غزا وترك امرأته في علو وأبوها في سفل وأمرها أن لا تخرج من بيتها فاشتكى أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره ؟ فقال لها : اتقي الله وأطيعي زوجك - ثم كذلك إذ مات أبوها ولم تشهده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك } . يوسف بن عطية متروك الحديث ولا يكتب حديثه .
ومن طريق مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن ابن عمر { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حق الرجل على زوجته ؟ فقال كلاما منه : أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب ، قيل : يا رسول الله وإن ظلمها ؟ قال : وإن ظلمها } .
ليث ضعيف ، وحاش لله أن يبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ، وهي زيادة موضوعة ليست لليث بلا شك .
ومن طريق قاسم بن أصبغ أنا ابن أبي العوام ثنا عبيد بن إسحاق - هو العطار - أنا حيان بن علي العنزي عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن بريدة { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيما لحقه } .
ومن طريق وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حرفا حرفا ، ليس فيه " تعظيما لحقه " .
ومن طريق خلف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها } .
ومن طريق أبي داود أنا عمرو بن عون أنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك بن عبد الله القاضي عن حصين عن الشعبي عن قيس بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق } .
أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور أنا أحمد بن الفضل الدينوري أنا محمد بن جرير الطبري أنا إبراهيم بن المستمر أنا وهب بن جرير بن حازم أنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن سراقة بن جعشم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
قال أبو محمد ( ابن حزم) : كل هذا باطل
وإن كان الأب ، والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة - الناكح أو غير الناكح - لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ، ولا تضييع الأبوين أصلا ، وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة - فإن لم يكن بالأب والأم ضرورة إلى ذلك فللزوج إرحال امرأته حيث شاء مما لا ضرر عليهما فيه .
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { أن اشكر لي ولوالديك } فقرن تعالى الشكر لهما بالشكر له عز وجل .
وقوله تعالى : { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } فافترض الله عز وجل أن يصحب الأبوين بالمعروف - وإن كانا كافرين يدعوانه إلى الكفر - ومن ضيعهما فلم يصحبهما في الدنيا معروفا .
وقوله تعالى : {وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } .
وقد ذكرنا آنفا قول الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم { من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ قال : أمك ثم أمك ثم أباك } . وقوله عليه الصلاة والسلام { عقوق الوالدين من الكبائر } ، وقد اختلف قوم فيما ذكرنا واحتجوا بأخبار ساقطة - :
منها - خبر رويناه من طريق الحارث بن أبي أسامة عن يزيد بن هارون عن يوسف عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك { أن رجلا غزا وترك امرأته في علو وأبوها في سفل وأمرها أن لا تخرج من بيتها فاشتكى أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره ؟ فقال لها : اتقي الله وأطيعي زوجك - ثم كذلك إذ مات أبوها ولم تشهده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك } . يوسف بن عطية متروك الحديث ولا يكتب حديثه .
ومن طريق مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن ابن عمر { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حق الرجل على زوجته ؟ فقال كلاما منه : أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب ، قيل : يا رسول الله وإن ظلمها ؟ قال : وإن ظلمها } .
ليث ضعيف ، وحاش لله أن يبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ، وهي زيادة موضوعة ليست لليث بلا شك .
ومن طريق قاسم بن أصبغ أنا ابن أبي العوام ثنا عبيد بن إسحاق - هو العطار - أنا حيان بن علي العنزي عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن بريدة { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيما لحقه } .
ومن طريق وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حرفا حرفا ، ليس فيه " تعظيما لحقه " .
ومن طريق خلف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها } .
ومن طريق أبي داود أنا عمرو بن عون أنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك بن عبد الله القاضي عن حصين عن الشعبي عن قيس بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق } .
أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور أنا أحمد بن الفضل الدينوري أنا محمد بن جرير الطبري أنا إبراهيم بن المستمر أنا وهب بن جرير بن حازم أنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن سراقة بن جعشم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
قال أبو محمد ( ابن حزم) : كل هذا باطل

احس فيك شي مدري بس يابنت الحلال هونيها وتهون الدنيا زائله وفضفضي هنا عادي كلنا خواتك ونوقف معك

الموضوع طويل نبي الخلاصة
اذا جاها أمرين متعارضين واحد من زوجها وواحد من أمها ولا أبوها تطيع من ؟
من ولي أمرها في شرع الله في حال كونها زوجه ؟
اذا أجبت على السؤال انحل الاشكال الطاعة غير البر وصلة الرحم
الطاعة تكون لولي الأمر في غير معصية لله
اذا جاها أمرين متعارضين واحد من زوجها وواحد من أمها ولا أبوها تطيع من ؟
من ولي أمرها في شرع الله في حال كونها زوجه ؟
اذا أجبت على السؤال انحل الاشكال الطاعة غير البر وصلة الرحم
الطاعة تكون لولي الأمر في غير معصية لله
الصفحة الأخيرة
ترى تقدرين تكتبين باسلوبك احسن من سالفة النسخ واللصق