السباق إلى العقول الحلقة (40)

ملتقى الإيمان

السباق إلى العقول بين أهل الحق وأهل الباطل الحلقة (40)

الأمر الرابع: مراعاة الفوارق بين الذكور والإناث.

بعد مراعاة فروض العين وفروض الكفاية، والإعداد لما قد يتهيأ له المسلم من تخصصات.

فالمرأة يجب أن تهيأ في الأصل لشؤون المنزل وتدبيره، وتربية الأولاد الأسرية، التي هي أساس لتربية المدرسة والمجتمع، والمجالات التي تنتظر قيام المرأة بالواجبات المناسبة لها، لا تحصى كثرة..

وهي لو صرفت كل أوقاتها فيها لكانت جديرة بها، كتهيئة المنزل وترتيبه وإعداد الغذاء، والتنظيف، وإرضاع الأطفال، والعناية بتغذيتهم ونظافتهم وتوجيههم التوجيه الإسلامي المبكر المناسب لأعمارهم..

والعناية بالمريض وإسعافاته الأولية التي تقتضي تدربها على وسائل التمريض والإسعاف، والعناية بالمسنين من أقربائها كالأب والأم والجدة ونحوهم، وتعليم بناتها ما يحتجن إلى تعلمه من شؤون المنـزل وتربية الأولاد وغيرها مما ذكر.

إن المرأة المسلمة هي المحضن الأول لتربية الطفل تربية إسلامية، وهي أول السباقين بالحق إلى عقل أبنائها وبناتها..

ولو أن النساء المسلمات كلهن عنين بتربية أبنائهن وبناتهن تربية إسلامية سليمة في كل منزل، لكان جيل الأمة الإسلامية في كل عصر على هدى من ربه..

فقد يكون في المنزل الواحد عشرون ابنا وبنتا أو أكثر أو أقل، فإذا تربى الولد الأكبر تربية سليمة، كان قدوة لمن بعده وخف العبء وأصبحت الأسرة كلها مسلمة بإذن الله.

وإن ما يعانيه المسلمون اليوم من تفلت كثير من الشباب وبعدهم عن التمسك بالإسلام، من أهم أسبابه عدم قيام الأسرة في المنزل وبخاصة الأم بهذا الواجب العظيم، إما جهلاً به، وإما تكاسلاً، وإما اشتغالاً بغيره مما ليس بأولى منه..

ولذلك يسبق إلى عقل الطفل بالتدريج الباطلُ.. إما عن طريق أهله بالقدوة السيئة والتربية الفاسدة، وإما عن طريق الخادمات الأجنبيات غير المسلمات، أو المسلمات الجاهلات اللاتي هن في حاجة إلى التربية الإسلامية والتوجيه.

هذا هو الأصل الذي ينبغي أن تعد له المرأة.

وهذه المعاني، مع منهاج الحياة الزوجية وحقوق كل من الزوجين وواجباته، وحقوق الأولاد والآباء والأقارب والجيران، وفقه أحكام النساء هي التي ينبغي العناية بها في تعليم الفتاة ومنهاج دراستها.

ثم ينظر بعد ذلك في العلوم التي تحتاج الأمة إليها للنساء خاصة، بحيث تنشأ لهن مدارس ومعاهد وكليات، وتوضع لها مناهج تشتمل على مواد تلك العلوم التي تتخصص فيها النساء للقيام بتدريسها لبنات جنسها، أو بالوظائف التي يحتاج إلى أن تقوم المرأة بها..

ولا مانع من مشاركتها في العمل في خارج منزلها في تعليم وخدمة نساء الأمة، إذا استغني عنها بيتها بغيرها من نساء أهل المنزل..

كأن تكون غير متزوجة أو لا أولاد لها، والحاجة تدعو إلى مشاركتها في خارج المنزل، في تدريس الفتيات وإدارة مدرستهن، من روضة أطفال إلى الكليات، أو طبيبة في أمراض النساء في عيادة خاصة بهن أو مستشفى خاص بالنساء، ولا يدخله الرجال أطباء أو عاملين إلا عند الضرورة في حدودها..

وما أحوج المسلمين إلى أمثال هذا المستشفى في كل مدينة وبلد ليستقل النساء فيه عن مخالطة الرجال! ولاسيما المخالطة مع الخلوة، ويمكن أن تتولى المرأة إدارته وجميع أعماله، كما هو الحال في مدارس البنات وكلياتهن في المملكة العربية السعودية..

وهكذا العمل في خدمات اجتماعية أخرى خاصة بالنساء وأعمال مالية خاصة بهن، كالمصارف التي يحتاج إليها النساء المسلمات في كثير من الأحيان، بسبب عدم وجود أولياء أمور لهن، فيضطررن إلى الذهاب إلى البنوك والانتظار هناك ومخالطة الرجال.

إنه لا يوجد مانع شرعي من خروج المرأة من منزلها للحاجة الخاصة بها أو حاجة المجتمع إليها، ولكن ينبغي الأخذ بالأسباب المانعة من الفتنة ما دامت ممكنة، أما عند الضرورة أو الحاجة القريبة منها، فإن المرأة تقوم بالأعمال لمساعدة الرجال كمداواة جرحاهم أو نقل موتاهم في وقت الحروب..

وكذلك تختلط بالرجال في العبادات التي لا يمكنها الاستقلال فيها عنهم، كالطواف والسعي وغيرهما من أعمال الحج، إلا أنه يجب والحالة هذه الإكثار من تقوى الله ومراقبته - وإن كان ذلك مطلوباً في كل الأوقات - من الرجال والنساء معاً، اتقاءً لما قد يحصل من فتنة المخالطة..

كل هذه المعاني ينبغي مراعاتها في مناهج التعليم.

وليس من الحكمة جعل المنهج للرجال والنساء سواء، مع وجود الفوارق بينهم في مجالات العمل، وفي قوة التحمل وضعفه، وفي الخروج من المنزل وعدمه أو قلته، وفي المشي في مناكب الأرض والأسفار وغيرها.

ويجب التنبيه هنا إلى ما يحصل من بعض الغيورين من منع النساء من حضور المساجد لسماع الخطب والمواعظ والاستفادة من العلماء في أمور دينهن، هو تشدد في غيره محله..

وقد كان النساء يحضرن صلوات الجماعة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في أوقات معينة يعظهن فيها ويعلمهن، وغاية ما نصح به الرسول صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء هو الورع والبعد عن الفتنة فقال - كما روى عنه أبو هريرة - : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) .

ولا زال النساء يحضرن المساجد ويسمعن المواعظ في كل المساجد الكبيرة كالمسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما..

وإذا احتاجت المرأة إلى السؤال عن أمر من أمور دينها فلها أن تسأل العالم، بل إذا احتاج الرجل أن يسأل المرأة التي عندها علم يحتاج إليه فله أن يسألها..

كل ذلك في حدود الحاجة والأدب الإسلامي لا مانع منه، فلا تفريط ولا إفراط.
0
324

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️