حقائق وتخمينات
ولذلك ليس من المثير للدهشة والحالة هذه أن تكون العلاقة بين الغذاء والإصابة بالسرطان أمراً لا يزال يخضع للتخمين. وفي حالات كثيرة اتضح أن التخمين لم يكن صحيحاً. فخذ مثلاً التخمين الذي انتشر كثيراً عن العلاقة بين زيادة الدهون في الغذاء والإصابة بسرطان الثدي. إن النساء اللاتي يعشن في المجتمعات الغربية التي تكثر الدهون في الأنظمة الغذائية فيها تكثر لديهن الإصابة بسرطان الثدي. ولتأكيد ذلك فإن النساء اليابانيات الأصل اللائي يعشن في الولايات المتحدة الأمريكية يصبن بالمرض بمعدل ست مرات أعلى من إصابة جداتهن وأمهات جداتهن في اليابان. ولكن دراسة ضخمة أجريت مؤخراً على 90.000 امرأة دحضت الصلة بين الدهون وسرطان الثدي. وقد اعتقد كذلك أن الدهون تعمل كحافز لسرطان القولون وسرطان البروستاتا وسرطان المثانة. ولكن لم يتوصل أحد إلى دليل قاطع على أن الإقلال من الدهون سيقلل من أخطار الإصابة بأي من تلك الأمراض (نحن نتكلم هنا عن دليل قاطع.. والحذر مطلوب).
لا للحبوب نعم للطبيعي
وقد أدى نوع مشابه من التخمين والخطأ إلى قيام الناس باستهلاك مكملات البيتاكاروتين (على شكل حبوب) في بداية التسعينيات. فقد أشار العلماء إلى أن أولئك الذين يتناولون الكثير من الفواكه والخضراوات تقل إصابتهم بالسرطان، ولذلك خَمَّن العلماء أن الكاروتينات (نفس المواد المضادة للأكسدة التي يبدو أنها تحمي من أمراض القلب) مسؤولة عن ذلك. وقد ركز العلماء، بشكل محدد على البيتاكاروتين الذي يعتبر أكثر أنواع الكاروتينات انتشاراً كمانع لنشوء السرطان.
دعوة للخضار والفواكه حتى وإن لم..
ولا يزال المختصون بالصحة غير مستعدين بعد إلى تعداد الأطعمة التي تقي من شر السرطان. ولكن هناك خطوطاً عريضة لنظام غذائي مضاد للسرطان في طور التكوين، فربما لم يكن البيتاكاروتين هو الحل، ولكن يبدو أن الفواكه والخضراوات التي تحتوي عليه تساعد على الوقاية من السرطان، ولربما لم يكن الليكوبين كذلك حلاً ولكنه يتواجد كذلك في الفواكه والخضراوات وكذلك الألياف لها دور، وهي متوفرة كذلك في الفواكه والخضراوات (وخصوصاً البقول) والحبوب الكاملة. لذلك من الأفضل ترك التدخين (سرطان الفم والحلق والرئتين)، وترك شرب الكحول (سرطان الكبد)، وأفضل طريقة للحماية من قطاع عريض من أنواع السرطان، في ظل المعلومات الحالية، هي تناول كميات أكبر من الفواكه والخضراوات. وهذا النوع من الغذاء سيساعد على تخفيف الوزن ومنع حدوث أمراض القلب فإن لم يكن له أي تأثير على السرطان فلن يكون ضاراً بالتأكيد.
الطعام أقرب طريق إلى السرطان!

إذا كانت بعض النسوة تظن أن أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته، فإن ثمة رهط من العلماء يعتقدون أن الطعام قد يكون أقرب طريق إلى السرطان، فقد دلت دراسة أجراها معهد أبحاث السرطان في أمريكا على أن السمنة تعتبر بعد التدخين من أهم الأسباب إلى السرطان، لكنها لم تثبت العلاقة بين حمية إنقاص الوزن وتجنب الإصابة بورم خبيث، ووجدت الدراسة أن نسب السرطان قابلة للانخفاض، إذا تجنب الناس الكحول وأشعة الشمس والتدخين والسمنة وتلوث الهواء وما إلى ذلك. وفي دراسة أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في عشر دول تبين أن ثلث حالات السرطان ناجم عن تناول الأغذية غير المناسبة، وأوضحت الدراسة التي شملت أكثر من 500 ألف شخص أن الاستهلاك المنخفض للخضر والفواكه يتلازم دوماً مع ازدياد في سرطانات الأمعاء، وأن تناول القمح والأرز وغيرهما من الأغذية الغنية بالألياف يقلص هذا الاحتمال بنسبة 40%، ووجدت الأبحاث أن ارتفاع معدل تناول الأغذية المحفوظة مثل السلامي والسجق يزيد من معدل الإصابة بسرطان القولون فيما يقلل السمك منه. وأخيراً نشير إلى أهمية تناول حبوب النخالة لدورها الفعال في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون. فقد بينت الأبحاث التي أجرتها إدارة الزراعة الأمريكية أن تغيير معالجة النخالة ـ التي تتم عادة بالتسخين والتحريك ثم العصر قبل تحويلها إلى رقائق ـ قد يزيد من خصائصها المضادة للسرطان. فقد وجد الباحثون بعد حقن 120 فأراً بمادة كيميائية تحفز تكوين الخلايا المخفية الزائغة، التي تعد إحدى المراحل الأولية للإصابة بسرطان القولون، ووضع لمجموعة من هذه الفئران نخالة القمح المعالجة وللمجموعة الأخرى نخالة قمح خام، فتبين أن عدد الخلايا السرطانية قل بنسبة الثلث عند الفئران التي تناولت النخالة المعالجة، مقارنة بالتي تناولت النخالة الخام، ولكن أسباب هذا الانخفاض لم تتضح بعد.
منقول للفائدة