السعاده
الحمد لله المبدي المعيد ، القادر على كل شيء يفعله أو يريد ، أشهد أن لا إله إلا هو الواحد الفرد الصمد المجيد ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه العبيد ، صلى عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المزيد ، وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد عباد الله : فتعالوا نطرح نموذجا واقعيا في حياتنا نتلمس فيه كل ما قلناه من تلك المعاني والوقفات ، ذلكم هو نموذج فريضة الصلاة التي افترضها الله - عز وجل - علينا في كل يوم خمس مرات ؛ لنرى كيف يمكن أن تكون هذه الصلاة هي سعادة دنيانا ، ونجاة أخرانا وراحة نفوسنا ، وطمأنينة قلوبنا ، وانشراح صدورنا ، وهدوء بالنا ، ولذة حياتنا ، وسعادة أفراحنا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:153) فكلما ادلهمت الخطوب وعظمت الرزايا فلنفعل ما كان يفعله رسول الله ، حيث كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، ألق فيها همك ، واطرح فيها بين يدي ربك شكواك ، وارفع إليه مناجاتك ، وتضرع إليه فإن ذلك يحقق لك كل طمأنينة وسكينة. وتأملوا حديث المصطفى وهو يوجز الدنيا ومتعها ويجعل الكفة الراجحة في سعادة القلب والنفس في هذه الصلاة حينما قال : " حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة " تلك من متع الدنيا لكن قرة العين ، وهي منتهى السعادة ، وغاية اللذة وقمة السرور وأقصى ما يجد الإنسان فيه راحته وسعادته ، في الصلاة تلقي همك وتبث شكواك إلى ربك ومولاك ، فأي شيء من هم يبقى بعد ذلك ؟ وكان ينادي بلالاً فيقول : " أرحنا بها يا بلال " راحةٌ من كل تعب ، وهدوء من كل صخب ، وسعادة من كل شقاء ، نجدها في تعليق القلوب إلى الله ، في تعليق القلوب بالله وصدود الجباه لعظمته - سبحانه وتعالى - وتسبيح الألسنة له وذكرها له - سبحانه وتعالى - ونرى ذلك واضحاً فيما بينته سنة النبي في كيفية إزالة الكدر والهم والغم ؟ وكيفية تطهير الأبدان والأرواح ؟ " أرأيتم لو أن نهرا غمرا يجري بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " ويمحو كذلك - سبحانه وتعالى -كدر النفوس ، وهمّ القلوب ، وضيق الصدور بإذنه جل وعلا ، وكذلك نجد ذلك في السير وفي الأحاديث والنصوص ، وحسبنا في ذلك أن نذكر الحديث العظيم الذي أخبر فيه نبينا عن رب العزة والجلال أنه قال : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، نصف لي ونصف لعبدي ، فإذا قال : { العبد الحمد لله رب العالمين} ، قال الله جل وعلا : حمدني عبدي ، وإذا قال : {الرحمن الرحيم }، قال : أثنى عليَّ عبدي ، وإذا قال : { مالك يوم الدين } قال الله جل وعلا : مجدني عبدي ، وإذا قال :{إياك نعبد وإياك نستعين}، قال : وذلك بيني وبينه وإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم * ولا الضالين } ، قال : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل " . فتأمل أنت العبد الفقير الحقير إذا وقفت بين يدي الله كل كلمة تتلوها من آياته يرد بها عليك ، إذا وقفت بين يدي الله في مقام الصلاة والمناجاة ؛ فإنك ببصر الله وإنك بسمع الله وإن الله يرى مقامك ويسمع مناجاتك ويرد على تلاوة آياتك فأي شيء أعظم من ذلك ؟! وأي مقام أرفع من هذا ؟! تأمل هذا وأعلم أن هذا نموذج فحسب وإلا ففي الذكر فسحة واسعة وفي الدعاء لذة غامرة وفي الإحسان إلى الخلق سرور عظيم وفي كل طاعة من طاعات الله عز وجل ما تسكن به النفوس وتسعد ، نسأل الله - عز وجل - أن يردنا إليه ردا جميلا وأن يبصرنا بعيوب أنفسنا .
إخواني في الله : صلوا وسلموا على خير من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه في قوله: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ، اللهم ارزقنا شفاعته ، وأوردنا حوضه ، واجعلنا من إتباع ملته وسنته . اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ، اللهم ارحم ضعفنا واجبر مصيبتنا وكسرنا برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم ارحم ضعف اخواننا المستضعفين في كل مكان ، وفك أسراهم ، وارحم موتاهم ، واشف مرضاهم ، واجعل ما أصابهم تكفيرا لذنوبهم وتفريطهم إلى حين يا رب العالمين . اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين ، وانصر عبادك الموحدين المجاهدين ، اللهم سدد رميهم ، واجمع شملهم ، ووحد صفهم ، واربط على قلوبهم ، وثبت أقدامهم ، وانصر دينك بهم يا قوي يا عزيز يا رب العالمين . سبحانك
دمي ولادمعة أمي @dmy_oladmaa_amy
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جزاك الله خير-- وبارك الله فيكجزاك الله خير-- وبارك الله فيك
اشكر مرورك ولا حرمنا الله واياك الاجر
الصفحة الأخيرة
وبارك الله فيك