ثلاث صور تمر على الذاكـــرة
أو بالأحرى تسقط من الذاكـرة
تعالي معاً .. نمر عليها ونتعرف بها ..!
الصورة الأولى -
شارع الآجر الأصفر..
شارع فارغ ..
أول مؤشر لنا على المرور فيه هو ( السقوط من الذاكرة ) حينما نستيقظ ..
فماذا يعني شارع الآجر الأصفر ،..؟
في الحقيقة وأنا أتابع مشاهد متقطعة من برنامج طبيٍّ ..
بما يسمح به وقتي صباحاً... التقطت هذا العنوان واطلعت على خبيئة الموضوع
ولم يكن ماعرض دسماً يشبع الحاجة .. فقررت أن أتابع ..
وأتجول بين معالم مدينة المعارف حتى أكتسب مايفي بالحاجة ويلقي الضوء على مسألة
تمر بنا جميعاً .. لكنني لم أجد مايشبع الفضول ..
وإنما اطلعت في قراءاتي على حالات أخرى من النسيان .. وضعف الذاكرة .. سنطرقها .
أما البداية فهي حيث تكون المنطقة المفقودة من الذاكرة
والتي تستمر لثواني أو دقائق ،
بعد الاستيقاظ من النوم العميق .. حتى نستعيد كامل وعينا ..
من أنا ؟ .. أين أنا ؟ ~
قد تستيقظ إحدانا .. وتتساءل وهي في أولى درجات الوعي :
هذه إمرأة تتحدث خلال برنامج طبي أدركت مشاهد منه .. تقول :
" تكررت معي حالة غريبة لم أعهدها من قبل ..
أستيقظ .. وقبل عودة نشاطي الكامل أتساءل : من أنا .. ؟ .. أين أنا..؟
ماذا طبخت بالأمس ؟ .. ماالمواعيد التي أنا مرتبطة بها ؟ ..
ولا أذكر أي شي سوى أنني موجودة وأنني أتكلم ...
أمّا هويتي ، ومكان وجودي ، ومن هم على صلة بي .. فلا شيء
كأنني مفرغة الذاكرة ..
ولا أستوعب ذاتي إلا بعد دقائق أجمع فيها أفكاري المشتتة ،
وأركز على تساؤلاتي.."
وتعترف هذه المرأة للدكتور بهواجسها في أن يكون ذلك مؤشر خطير.
هذه الحالة من فقدان الارتباط بالزمن حال الاستيقاظ من النوم العميق الثقيل ..
قد تكون مرّت على الكثيرات ..
مررت أنا بها .. وهذا ماحدث لي ذات يقظة:
كنت قد دخلت في قيلولة نومٍ عميق ظهر أحد الأيام ...
وحين انتزعت نفسي من السبات انتزاعاً..
وفتحت عيناي بتثاقل ..وكأنني آتية من مكانٍ بعيد..
أو كأنني خرجت من بئر .. لم آعي الزمن حيث أنا.. وظننت أن الوقت صباحاً..!
وتساءلت :
ماهذا النور الذي يملأ الغرفة ؟ ..
انفعلت.. وفوراً جلست من رقدتي .. وقلبي يخفق بشدة :
ياااه .. لقد أدركني الشروق وأنا غارقة في نومي
وفاتتني صلاة الصبح ... وفاتني موعد عملي ..
كنت أشعر بضبابية وعدم تركيز ..
لكني تذكرت أن القيام بسرعة ضار هذا المؤشر لم يغادر ذاكرتي
فلبثت جالسة على حافة الفراش لأترك لنفسي فرصة تجميع ذاتي ..
وبعد أقل من دقيقة أدركت أن الوقت عصراً..
وأنني كنت في قيلولة .. فابتهجت .. واسترددت هدوئي .. وقمت على مهل ..!
تحذير من أجل صحتك ~
مهما كانت دواعي استعجالك لاتقومي مباشرة من نومك وتسرعي ..
اجلسي دقيقتان بهدوء على سريرك بعد النهوض ..
ثم قومي بعدها بروية .. واذهبي إلى غايتك ..
ذلك حتى ينشط القلب والدورة الدموية ..
فربما ستصابين بدوار .. أو تقعي .. أو يضطرب نبضك ..
بضع ثوانٍ فقط .. دعي قلبك فيها يستعيد نشاطه.!
نظرة الطب لهذه الظاهر~
يعتبر الطب هذه الظاهرة عادية.. إذا :
- حدثت معك بضع مرات وليس كل يوم ..
- لم تستغرق سوى دقائق قليلة .. أقل من خمس دقائق..
- لم تكوني تشتكي من كوابيس أو مرض عصبي أو نفسي ..
- لم تكوني تعاني من النسيان الكثير أو فقدان الذاكرة المؤقت ..
أما إذا كنت تعانين من كل ذلك أو بعضه ..
فيمكنك معاودة إختصاصي جهاز عصبي للكشف عن أي علامة سريرية ..
أو أي تفاصيل في تاريخك المرضي وفي نمط حياتك..
فهي قد تساعد في تحديد السبب .. والعلاج المناسب .!
الصورة الثانية -
حالة النسيان خلال اليوم ~
أحياناً حين نود استرجاع بعض ذكرياتنا نحس بالعجز عن التذكر ..
وهذا يحدث للبعض خاصة إذا كانت الذكريات بعيدة ..
فيقال أنه ضعيف الذاكرة ..
ولا داعي للقلق أو الفزع في حالة النسيان أو صعوبة التذكر
ولكن يجب ملاحظة ما إذا كان هناك زيادة في معدل النسيان
وصعوبة التذكر باستمرار بشكل يؤثر على ممارسة حياتنا اليومية،
فهنا يجب القلق..!
ومن المعروف أنه كلما تقدم الإنسان في العمر ضعفت ذاكرته..
ولكن مما يستدعي العجب في أيامنا هذه .. أنه حتى الصغار
أصبحوا عرضة للنسيان ..
فالطالب نسي أن يؤشر على صفحة الواجب ..
والصغيرة نسيت لعبتها المفضلة في مكان عام كالمجمع أو الحديقة ..
والبنت نسيت أن تذكر أمها بما أوصتها به .. وهلمّ جراًً ..
النسيان تفشى بشكل رهيب .. كأنه أصبح ظاهرة العصر
كأن الإنسان بتسارع الزمن والمعلومات والمستجدات والتقنيات
يريد وسط هذا كله لذاكرته المتعبة فترات راحة تامة ..
وإليك هذه الصورة الواقعية لمايحدث في حياتنا اليومية..
في أغلب الأحيان :
- شابٌ يقلب البيت بحثاً وهو يصيح :
هل رأى أحدكم أين وضعت مفاتيح سيارتي ؟
قبل قليل كانت هنا ..! من أخذها ؟!
ولم يكن هناك من أخذها .. ولكنه نسي أين وضعها ..
فتراه أحياناً يتذكر ويعود فيجدها حيث وضعها .
- تدخل الأم مسرعة إلى الغرفة لإحضار شيء ما
وقبل أن تصل يسألها الأب عن حاجةٍ فتجيبه ، ولكنها حين تدخل الغرفة ..
لاتتذكر ماالذي جاءت تبحث عنه ..!
-الأب في حالة راحة يأتيه اتصال يذكره أنه على موعد هام ،
وأن هناك من ينتظره.. فيسرع للخروج ولسان حاله يقول :
أوه ..! كيف نسيت ..؟!
الصورة الثالثة -
ضعف الذاكرة ~
وهو يرتبط كثيراً بالنسيان ولكنه يختلف عنه في كونه
حالة ملازمة للذاكرة ، وفي بعض الأحيان، يكون السبب
وراء ضعف الذاكرة هو الآتي :
- قلة التركيز.. ويستلزم التفكير مدة لاتقل عن 8 ثواني لتخزين الذكرى.
- الاكتئاب .. حيث يواجه المصاب به صعوبة في التركيز، والبقاء منظماً
وإنجاز ما يطلب منه من الأعمال.
- نقص فيتامين B12..حيث يعمل هذا على حماية النهايات العصبية ،
والوظائف الحيوية للدماغ، ومن هنا تكمن أهمية عدم إهمال انخفاض معدله.
- سوء التغذية ..التعرض بشكل مستمر للتوتر النفسي والجسدي
والإصابة ببعض الأمراض؛ مثل الصرع وأورام الدماغ.
- ضعف الذاكرة الطبيعي المرتبط بالتقدم بالعمر.
ولأجل علاج هذا الضعف لمن تعاني نقدم هذه الوصايا :
أولاً~
احرصي على الغذاء الصحي الذي يحفز الذاكرة ..
وهذا ينطبق على الغذاء الغني بالمعادن والفيتامينات
والدهون omega 3 ويتوفر في :
السمك باختلاف أنواعه ...
والمكسرات؛ مثل اللوز والبندق والكاشو.
والحليب ومشتقاته.
والتوت البري، الفراولة، التوت الأسود. و الأفوكادو.
والحبوب الكاملة؛ مثل خبز القمح، الذرة،
والأغذية الغنية بالبوتاسيوم؛ كالموز.
والبندورة، البروكلي، الملفوف الأحمر، الباذنجان، السبانخ.
ثانياً~
احرصي على ممارسة عادات صحية للنوم مثل
? تنظيم ساعات النوم، فإن ذلك يوفر للجسم فرصة لاستعادة الطاقة،
كما ويوفر للدماغ فرصة للراحة ولاستيعاب الأحداث اليومية.
- الحرص على أخذ قسط كاف من النوم يومياً لمدة لا تقل عن 6-8 ساعات.
? أخذ قيلولة في منتصف النهار يساعدك على تصفية ذهنك وتجديد طاقتك.
ثالثاً ~
قومي بممارسة تمارين عقلية بشكل مستمر،
وذلك للحفاظ على انسياب الأوامر الدماغية وتقوية العضلات،
ومن الأمثلة على هذه التمارين المفيدة التي يمكنك ممارستها:
حل الأحجيات أو الكلمات المتقاطعة،
أو مساعدة أبناءك في حل مسائل الرياضيات.
عزيزتي :
من أجلنا ..
لأجل أن نعي كل مايلمّ بنا أو يحيطنا .. من أجل صحة أفضل ..
قمنا معك بهذه الجولة مابين .. حالة النسيان العابرة بعد اليقظة ..
وحالة النسيان الطارئة والمترددة علينا في حياتنا اليومية ..
وحالة ضعف الذاكرة المستمر .
وهناك حالات كثيرة .. صعبة كمثل فقدان الذاكرة المستمر " الزهايمر "
وهو موضوع متشعب وحالة تفرد لها الصفحات ..
وهي حالة تصيب بعض كبار السن - وقانا الله وأحباءنا منها-
نرجو أن نكون قد وفقنا في إلقاء الضوء والإفادة..
وأخيراً .. لكنّ دعواتنا الصادقة بذاكرة قوية ..
ووصية طيبة بأخذ علاج ناجع ..
كل يوم يقي إن شاء الله من النسيان ..
ألا وهو..
ورداً يومياً تخصصينه لقراءة وتدبر القرآن ..
فهو نور القلوب وجلاء الأذهان .
دمتنّ بصحة وعافية .
فعلا النسيان مشكلة الله يعيننا