السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحثت عن أكثر الكلمات تداولاً وأوسعها انتشاراً في لغة المسلمين وعلاقاتهم فوجدتها تنحصر في ثلاث:
الأولى: الشهادة بشطريها والتي بها يدخل المسلم بوابة الإسلام ويرددها في مناسباتها الشرعية وفي أي وقت طلباً للأجر وتجديداً للتوحيد وأنساً بربه.
الثانية: البسملة (بسم الله) وهي استفتاح لكل خير واستعانة برب العالمين في أداء المهمات وإنجاز الأعمال وطلب نجحها؛ فالمسلم يقولها كلما بدأ بأمر فردي أو جماعي.
الثالثة: هي تحية السلام " السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " وحقيقتها تأسيس العلاقة الراقية وتأصيل الروابط السامية بين أفراد المجتمع بجميع طبقاته ومستوياته.
وفي هذه التحية – كما في البسملة – تبوبهذا يتضح أن التحية الشرعية الكاملة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) اشتملت على المعاني الثلاثة: السلام، والرحمة، والبركة.
وبدأ بالسلام بمعنى السلامة من الشر، بيد أن الإنسان قد يسلم من الشر ولا يصيبه خير؛ ولهذا تأتي "ورحمة الله" وهي دعاء بالخير ثم البركة بأن تكثر الرحمة وتدوم.
ولو بحثت في أي تحية يؤديها شعب من الشعوب أو أمة من الأمم على وجه الأرض فلن تجد مثل تحية الإسلام في معناها وخيرها وبركاتها ورقيها.
فأهل الجاهلية يقولون مثلاً: "عم صباحاً" أو "عم مساءً" أو "أبيت اللعن" عند مخاطبة الملوك. وعند الأمم الأخرى كالإنجليز مثل ذلك، وللأسف انتشرت على ألسنة بعض المسلمين تقليداً لهم واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيقول أحدهم هاي (hi) وليس لها معنى أكثر من أنها تحية متعارف عليها، أو جود مورننج (good morning)، أو جود أفتر نون (good after noon)، أو (بنسوار) بالفرنسية، أو غير ذلك مما خلا من الفصاحة ومن معاني البلاغة والشمولية والدعاء والرقي مما يوجد في تحية الإسلام.
إن المصلي عندما ينتهي من صلاته فإنه يخاطب من على يمينه بالسلام عليكم ومن على شماله بالسلام عليكم إيذاناً بانتهاء الصلاة، فالمؤمن في أحد حالين: إما في حال تلبس بعبادة؛ فهو يتوجه إلى ربه ويكبره ويعظمه ويرجو رحمته، وإما فرغ من عبادة فقضيته بعدها علاقته مع الآخرين فهو يفتتحها بالسلام عليهم ورحمة الله.
فما أعظم هدي الإسلام، وأجل تعاليمه، وما أحوج المسلم إلى ترطيب علاقته, وتقوية أواصرها بمن حوله من جيران أو شركاء أو قرابة, بنسمات الحب واللطف والوداد, وألا يسمح لعوارض الخلاف والشحناء أن تحل عرى الأخوة أو ترثّ حبلها الوثيق.
والقرآن ينادينا (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)، فلنتهيأ لهذه المعاني الراقية ثم نهتف بالتحية ابتداءً وانتهاءً, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.رز صفة "الرحمة" التي هي أصل في علاقة المسلم بربه
منقول بإختصار من موقع الشيخ سليمان العودة