السلبيون في حياتنا

أكثر من أشفق عليهم في هذه الحياة هم السلبيون ، الذين لا يرون في الأشياء إلا وجهها القبيح ، ولا يتذوقون في النكهات إلا المرارة .. يعيشون في زحام من النعم ولكن لسان حالهم لا يتحدث إلا عن الحرمان والابتلاء والضنك . لا يتوقعون من الأقدار إلا أسوأها ، ولا ينتظرون من الحياة إلا قسوتها . وهم في ذلك درجات متفاوتة .. تحاول جاهداً أن تلفت أنظارهم إلى ما يحيط بهم من جمال فلا تبصر عيونهم منه شيئاً ، أشفق على قلوبهم المنهكة التي قست وأظلمت وغادرها البشر والفرح . أي حياة تلك التي يعيشونها، وأي معاناة تلك التي يكابدها المقربون منهم .
أجالس أحدهم لنصف ساعة فأشعر بالاختناق ، كيف يتنفس هو هذه المشاعر السلبية طوال اليوم !!
أتساءل كثيراً .. ما الذي يجعل البعض محبطاً وسلبياً إلى هذا الحد ؟ لاشك أن التربية التي تعرض لها وتجارب الحياة التي خاضها والأشخاص الذين عاشرهم والبرامج والمسلسلات التي تابعها والروايات التي قرأها ، خلفوا آثارهم في شخصيته ، فالأمر في النهاية طريقة تفكير تشكلت عبر الزمن وأصبح يحكم بها على الأشياء من حوله .
لا أوجه حديثي هنا إلى السلبيين ، وإن كنت أتمنى أن ينقذوا ما تبقى من حياتهم ، ولكنني أتوجه بهذه الكلمات إلى كل من كان له تأثير على غيره ، والداً أو معلماً ، زوجاً أو صديقاً .. انتبه لكل فكرة تحاول أن تبثها في نفوس من تتعامل معهم .. راقب كلماتك وأفعالك وإيماءاتك ، لا تسمح لنفسك أن تسرق الفرح من حياة أحدهم ، لا تحرمه لذة المغامرة ومتعة التجربة ، لا تجرد حياته من التفاؤل والأمل .. لا تكن سببا في سوء ظنه بربه وبالناس من حوله . كيف يمكنك أن تحمل هذا الوزر العظيم ؟
ليتنا ندرك أن كلماتنا قد تكون مشاعلاً تضيئ الطريق للآخرين ، وقد تكون خناجر مسمومة يبقى نزيفها في حياتهم طوال العمر .
اللهم إن بعضاً من عبادك فقدوا الثقة بأنفسهم وبالحياة ، وحرموا أنفسهم السعادة والإيجابية والتفاؤل .. اللهم الطف بقلوبهم وأنزل فيها الطمأنينة والسكينة ، وردهم إليك رداً جميلاً .. اللهم نوِّر بصائرهم وعلمهم كيف يستمتعون بكل تفاصيل حياتهم . اللهم اشرح صدورهم للفرح والبهجة واكفهم شر نفوسهم وشر الشيطان وشر الناس المحبطين من حولهم .. اللهم أنزل في قلوبهم برد اليقين بك ، وجمال التوكل عليك ، والرضا بقضائك .. اللهم إنك الرحيم اللطيف الواسع الفتاح .. فاجعلنا نحيا بأسمائك وصفاتك واكتبنا من المؤمنين السعداء الإيجابيين . اللهم آمين