كلنا نعلم أن كل مافي الكون مُسخّر للإنسان يستفيد منه مادياً أو قد يستفيد معنوياً،فنحن نتعلّم من الحيوانات بعض الصفات التي تصقل شخصياتنا غير المنفعة المادية من طعام ولباس وسكن وغيره ، وكما نستفيد من الحيوانات نستفيد من أي شيء آخر في هذا الكون ..فمثلاً نتعلم من الجبل الشموخ والصبر والتسبيح الدائم..فما الذي يمكننا ان نتعلمه من الشجرة؟..
الشجرة ذلك المخلوق اللطيف الجميل رمز الخير والعطاء ..بتأمّلنا بكل ما يتعلق بالشجر سنتعلم الكثير والكثير..
سأتحدث عن الشجرة في خمس محاور ومن هذه المحاور نستخلص الدروس والعبر والفوائد..
أولاً:علاقة الشجرة مع خالقها: علاقة ذلّ وخضوع وطاعة وتسبيح "والنجم والشجر يسجدان"..إنها تسبح ليلاً ونهاراً "ولكن لا تفقهون تسبيحهم"..يقول البعض أن حفيف الأشجار هو تسبيحها ولكن هذا في علم العليم ..المهم أنها تسبح.
الشجرة تضرب بجذورها في التربة تمتص منها ما يعينها على السموّ والإرتقاء وتسمو بنفسها للأعلى ودائماً للأعلى ..تتجه لخالقها وتصل إليه بأجمل ماعندها قممها وجزئها العلويّ..لم نرَ شجرة تنحني للأسفل ولم نرَ شجرة تنبت بالعكس فتظهر جذورها القبيحة وتخفي قممها الجميلة..بل هي دائماً تسمو لتُظهر أجمل مالديها ولا تنحني لأي شيء أو أحد ..اتجاهها الدائم نحو السماء..نحو خالقها.
هكذا يجب أن نكون ..نسمو بأنفسنا على المغريات والأمور الدنيوية ونعطي لخالقنا أجمل ما عندنا ونسبّح ونشكر ونخضع ونذل لله سبحانه وتعالى.
ثانياً: علاقة الشجرة مع الرسول عليه الصلاة والسلام: علاقة حب وحنين وطاعة..وكلنا نعرف قصة حنين الجذع الذي سمع أنينه كل من في المسجد والذي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه"والله لو لم ألتزمه لما سكت إلى قيام الساعة"_أو كما قال عليه الصلاة والسلام..وحق له أن يبكي وأن يحن وأن يشتاق فقد فارق خير البشر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..وفي رواية عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في أرض فضاء وأراد عليه الصلاة والسلام أن يقضي حاجته ولم يكن هناك أي شيء يستتر خلفه سوى شجرتين متباعدتين فأمر جابر أن ينادي على الشجرة فتعجب جابر وقال"أناديها؟!"قال "نعم"فذهب إليها جابر وقال لها "إن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوكِ لتأتي إليه" فيقول "فوالله رأيتها تسير على الأرض حتى جاءت إلى الرسول صلى عليه وسلم " ثم أمره أن يفعل مع الأخرى نفس الشيء فجاءت وتشابكت الشجرتان إلى أن قضى عليه الصلاة والسلام حاجته ثم أمرهما بالإنصراف فعادت كل شجرة إلى مكانها ..سبحان الله..وكان عليه الصلاة والسلام يمر على الشجر فيسلم فترد الأشجار السلام.
وهكذا تكون العلاقة مع حبيبنا عليه الصلاة والسلام ..حب وطاعة وشوق وحنين
ثالثاً:علاقة الشجرة مع المؤمنين:علاقة حب وولاء ودفاع وحماية ومشاركة في طاعة الله عز وجل ..فلقد ورد أن الشجرة تردد وراء المؤذن ووراء الملبّي وتسبح بسماع تسبيح المؤمنين..ومن علامات الساعة في حرب المؤمنين ضد اليهود أن الأشجار تتحدث وتساعد المؤمنين وتقول" يامسلم هذا يهودي خلفي فتعال واقتله"..كما أنها تشهد يوم القيامة لمن ذكر الله أو صلى أو سبح تحت ظلها.
فأقل واجب علينا تجاه الشجرة أننا إذا مررنا بها سلمنا عليها وسبحنا فترد علينا السلام وتسبح بتسبيحنا.
رابعاً:علاقة الشجرة مع عامّة البشر:علاقة إيثار وعطاء وتضحية..فهي تمتص من الإنسان أكثر مايضره(ثاني أكسيد الكربون)وتعطيه في المقابل أجمل ماعندها وأفضله من ثمر وظل وأكسجين وخشب وراحة نفسية وهدوء وصفاء....الخ.
خامساً:علاقة الأشجار بعضها ببعض:علاقة حب وإخاء وتعاون وتضحية وتكاتف..فالشجر دائماً متكاتف متعاون متلاصق حتى لا تستطيع التفريق بين أغصان شجرة وأخرى ..ونلاحظ أن كل شجرة كبيرة تنمو بجانبها شجرة صغيرة تستند عليها لتساعدها فتحنو عليها ولا تبعدها عنها إلى أن تنمو ويشتد عودها وحينها يقوم البستاني بنقلها إلى مكان آخر لتستقل وتأخذ فرصتها لتثبت وجودها وتضرب بجذورها في الأرض ..انظروا إلى عريش العنب إنه لايستطيع أن يمتد ويكبر إلاّ بتكاتف الأغصان وتشابكها أمّا إذا استقل فلن ينمو أبداً بشكل صحيح..فسبحان الله.
هذه بعض النقاط عن الشجرة للتّأمل والتدبر...فهلاّ تعلمنا؟

الفـــــــارسـة @alfars_3
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

أشكركِ شكراً جزيلاً على كلماتك المشجعة .. ومديحك الحار
زادك الله من فضله .. وزادك تأملاً وتفكراً في مخلوقاته.
جزاكِ الله خيراً.
زادك الله من فضله .. وزادك تأملاً وتفكراً في مخلوقاته.
جزاكِ الله خيراً.

أحببت أن أسجل توقيعين هنا .. توقيع حضور وتوقيع اطراء ..
وأظن أن هذا الموضوع يناسب المجلس العام أكثر من الواحة ما رأيك ؟؟
أنا لا أحب أن أضع موضوعاتي الا هنا تعبيرا عن ولائي .. لكنها مجرد ملاحظة قد تلاقي صدى لديك .. :26:
وأظن أن هذا الموضوع يناسب المجلس العام أكثر من الواحة ما رأيك ؟؟
أنا لا أحب أن أضع موضوعاتي الا هنا تعبيرا عن ولائي .. لكنها مجرد ملاحظة قد تلاقي صدى لديك .. :26:

بحور 217
•
جميل جدا أن نحقق ما أمرنا الله عز وجل به من التفكر والتأمل في مخلوقاته تعالى ...
ورائع أن يكون تأملنا بكل هذا العمق ...
أعجبني كثيرا المحور الأول وكذلك المحور الأخير ...
جزاك الله خيرا يا فارستنا .. :26:
ورائع أن يكون تأملنا بكل هذا العمق ...
أعجبني كثيرا المحور الأول وكذلك المحور الأخير ...
جزاك الله خيرا يا فارستنا .. :26:

الصفحة الأخيرة
جعلت من الشجرة نباتا عظيما أمام ناظري .. كيف لا ؟؟ وهي مثلي ..
تعبد الله وحده ولا تعبد غيره .. وتحب النبي صلى الله عليه وسلم
كما أحبه أنا ..
جزيت خيرا أ ختي على كلماتك الدفاقة التي أشعلت جزءا من قلبي
يحب التفكر في مخلوقات الله ..