هذا مقال رائع للدكتور ابراهيم بن حسن الخضير استشاري الطب النفسي
كتبه في جريدة الرياض لهذا اليوم الجمعة :1/3/1426هـ
أحببت أن نستفيد منه جميعا...... أترككم مع المقال...
الشُح العاطفي..!!
لا أدري لماذا يشغل بالي دوماً هذا الموضوع.. موضوع الشح العاطفي عند الرجل، وبالذات الرجل العربي وعلى وجه التحديد الرجل السعودي..!! لأ اقول هذا الكلام من فراغ، فمعظم من أعرف من الرجال لديهم شُح عاطفي- وما أبرئ نفسي-، فعندما يتكلم احد من الرجال في جهاز هاتفه الجوال، مع زوجته مثلاً، تجده يتكلم كأنما هو في مُهمةٍ رسمية.. فتجد كلماته مُقتضبة.. جافة، بعيدة تماماً عن الرقة، والكلام العاطفي والرومانسي.. كلامه عبارة إجاباتٍ قصيرة، لاتتجاوز بضع كلمات، وأسئلته لاتتعدى «ماذا يفعل الاولاد» او «ماذا طبختم لنا للغذاء أو العشاء».. قطعاً لا أقول بأن الجميع يتصرف بهذه الصورة.. ثمة اشخاص يختلفون عن ذلك، ولكن أعتقد انهم قلة..! لا أعرف لماذا هذا الجفاف والشح العاطفي عند رجالنا؟ هل هي من الاسلوب التربوي الذي نشأ عليه مُعظمنا، أم انه شئ وراثي، ورثناه من «الجينات» الوراثية للاباء والاجداد..!
لقد تغير مجتمعنا في العقود الثلاثة أو ألاربعة الأخيرة تغُيراً جذرياً من الناحية المدنية.. اصبحنا نسكن افخم المساكن، ونركب أكثر السيارات فخامةً، وتغيرت طريقة لبسنا، واصبح اكثرنا يُسافر كل صيف إلى عواصم العالم المختلفة كلٌ حسب قدرته.. وبالتالي عاد هذا علينا بتغير في سلوكنا، فأصبحنا- إلى حدما- أكثر لطفاً ومدنيةً «وليس حضارةً..!!)، وأصبحنا نتعامل مع الآخرين بنوع به الكثير من الدماثه واللطف. خاصةً مع الجنس الناعم من خارج نطاق مجتمعاتنا.. فترى الشاب أو الرجل العربي يتعامل بمنتهى الرقة واللطف مع امرأة اجنبية، تجعل المراقبين يندهشون لهذا التصرف النبيل والراقي من الاشخاص العرب عندما يتعاملون مع سيدة أجنبية، ويزداد الامر غرابةً عندما يرون كيف يُعالج ويتعامل هذا الرجل الراقي (الجنتلمان) زوجته، والتي هي أقرب شخص له، والتي تكون هي المفروض ان تحظى بتلك اللمسات الرقيقة والتعامل اللطيف الذي يتسم بالتقدير واشعار الشخص الآخر بمدى أهميته وكذلك إشعار هذه الزوجة بأنه يُحبها..!! للأسف لاتجد فرقاً كبيراً في التعامل العاطفي بين - مثلاً - المتعلمين او حملة الشهادات العليا فالجميع يشترك في عدم إعطاء المرأة (الزوجة) حقوقها العاطفية والتي ليست كثيرة ولا تُكلف مبالغ او مجهوداً شاقاً. إن مطالب المرأة العاطفية، لاتزيد على اللمسات الحنونة التي تُشْعرها بالأمان مع شريك حياتها، الكلمات الرقيقة التي تُشعرها بانوثتها وانها لازالت انثى مرغوبة من قبِل الرجل الذي يُشاطرها حياتها..!!
أسمع كثيراً من سيدات كيف أن أزواجهن في مُنتهى اللطف والرقة والادب مع الآخرين لكن عندما يصل الامر إلى زوجته.. هنا يقف هذا السلوك وهذا الاسلوب الراقي في التعامل. كثير من الازواج لايلتفتون إلى ماذا تلبس زوجته أو ما غيّرت في تسريحة شعرها.. هل قصرّته أم غيّرت لونه.. او انها ترتدي ملابس جديدة لتُلفت انتباهه، وتُفاجأ بأن زوجها لم يلاحظ أي شء.. ولم يذكر أي كلمة أو يقوم بأي تعليق عن ماحدث.. وتكون الصدمة اكبر، عندما تسألة عما اذا لاحظ شيئا متغيرا في المنزل، فربما يتطرق إلى مقاعد او سجاد، وعندما تُلفت انتباهه إلى انها قصّرت شعرها أو غيّرت لونه، فربما مط شفتيه مسُتسخفاً هذا السلوك، واذا كان جافاً ربما القى بكلمة تُدمر كل المشاعر وهي التي كانت تنتظر أي لفته او لمسة حنونة يُعبّر بها عن إعجابه بها.. بل ربما حوّل هذه السلوكيات إلى شئ سلبي بدلاً من إيجابي.. قد يسألها: وبعد ماغيّرتِ لون شعرك أو قصتها، ماذا يعنى هذا؟ أو ربما تكّلم بتذمّر «والله حُرْمة فاضية.. ما بقي الانتكلم عن قص الشعر ولون الشعر..كلام وسواليف حريم فاضيات..!!». مثل هذا السلوك عند الرجل قد يُحّطم المرأة ويكسرها عاطفياً.. وربما يجعلها تُهمل في هندامها ويُرسّخ عندها الشعور بعقدة الدونية وأن النساء غيرها أفضل.. بل ربما أثَّر عليها وسبب لها الكآبة، مما يعود بمردود سلبي في حياتهما الجنسية..!! إن الجنس عند المرأة ليس العملية الميكانيكيه في الفراش.! إن المرأة بحاجة ماسة لأن تشعر بأنوثتها من زوجها ليس في الفراش فقط وانما بالسلوك اللطيف والكلمات التي تلمس وتر القلوب وتُحرك المرأة بكل ذرة من مشاعرها وكل خلية في جسدها.. المرأة تستطيع ان تجعل المنزل جنة ومكان يشعر فيه الرجل بالاكتفاء عن جميع من حوله.. لكن ذلك لايحدث والزوج بعيدا عاطفياً ومشاعره ليست زوجته التي تنتظر أي اشارة أو إيماءة من زوجها الذي احبته (او حتى إن لم تكن تُحبه قبل الزواج لكن المرأة بصورة فطرية حسّاسة وتميل إلى الشخص الذي يُشعرها بانوثتها، ويُشعرها بأنها اجمل امرأة في العالم في نظره..! إما اذا كان كلما قامت بفعل يُفعل يُقربها منه عاطفياً ويُشبع غزيزتها الانثوية بالمشاعر والعواطف واللمسات الحانية..! تروي زوجة بأنه أرادت أن تصنع مُفاجأةً لزوجها عند عودته، فأطفأت الاضاءة وجميع المصابيح واشعلت شموعاً وموسيقى شاعرية، وعندما دخل المنزل ووجد الاضاءة مُطفأة و الشموع تتلالأ في صالة زيُنت ببعض الزهور.. تساءل ممتعضاً: هل الكهرباء مقطوعة؟ فأجابته بأنها أرادت تجعل هذه الامسية خاصة بتناول العشاء على ضوء الشموع..! فما كان منه الا أن عبّر بتقاطيع وجهه بأنه لايستطيع ان يأكل في هذا الظلام، وقام واشعل المصابيح.. وقال لها: الآن الواحد يعرف ياكل ماهو شغل المراهقين شموع وظلام وخرابيط كأننا مراهقين..!! فما كان منها الا ان مسحت دموعها وجلست معه على المائدة وهو يلتهم الاكل بشراهة، دون أن ينظر ماذا فعلت بنفسها عند الصالون النسائي لعمل تسريحة جديدة لشعرها وتغيير لونه، وعندما لفتتْ أمره إلى هذ الأمر إضافةً إلى ملابسها الجديدة.. فما كان منه الا أن قال لها: ماذا كان في شعرك سابقاً.. كان شكله زين..!! عندئذ ادركت بأن الحديث لاجدوى من ورائه، وعندما عاتبته بدلال عن انه لايُعّبر لها عن مشاعره.. أجابها اذا كانت المرأة تأخذ حقها الشرعي (يقصد الجنس والفراش)، فماذا تريد زيادة؟
إن تعبير الرجل لمن يُحبها عن مشاعره ليس به ما يُنقص من رجولته، بل على العكس هذا يدل على ثقته بنفسه.. اما الفكرة بأن المرأة اذا دلّعتها (تفْرعنت) م -ن مصدر فرعون - أي انها تتمرد، وهذا خطأ كبير يقع به كثير من الرجال في بلادنا.. والنتيجة حياة زوجية روتينية مملة، وفراغ عاطفي للطرفين، ومنازل بها التحف والأثاث الفخم لكن ينقصه دفء الحب الذي لايستطيع أي مُصمم ديكور أو أي تحف او لوحات أن تملأ هذا الفراغ الرهيب والحاجة إلى الرومانسية والكلام الجميل بين الزوجين.. لا أكون متفائلاً كثيراً ولكن لن استسلم لهذا الفكر الخاطئ والذي يُحطم البيوت والناس داخل هذه المنازل كصور داخل إطار جميل لكن بدون روح..!!

رابية نجد @raby_ngd
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

جنونــــــة العالم
•
موضوع رائع مشكورة عليه:26: :26:

مجرووحه
•
الله موضوع رهييييب ويجسد حياتنا الواقعيه ..
والاحلى انه من قلم رجل .. هذا كافي بان يجعلنا نتأمل بغد افضل باذن الله..
سلم الناقل والمنقول عنه
والاحلى انه من قلم رجل .. هذا كافي بان يجعلنا نتأمل بغد افضل باذن الله..
سلم الناقل والمنقول عنه

كلام سليم 100% ويارييييت كل رجل يقراء هذا المقال بتعقل شويه وتفكير شنو راح يصير اذا دلع الزوج زوجته شويه والله راح يحميها من كثير اشياء ويحمي بيته من الملل والروتين والبرووود أوجه هذا الكلام لكل رجل وأترجاه ان يراجع نفسه ويفكر قليلا وأولهم زوجي العزيز.

الصفحة الأخيرة