الشعـــــية المعاصرون وصلتهم بأسلافــــــــــهم !!!!!

الملتقى العام

الشعية المعاصرون وصلتهم بأسلافهم
تمهيد:

سأتناول بمشيئة الله في هذا الباب بيان مذهب المعاصرين من الاثني عشرية، ولذلك لا تجد فيه إلا كلام هؤلاء المعاصرين، اللهم إلا ما جاء عرضاً في مناقشة بعض الأقوال، وأعني بالمعاصرين، من عاش في المائة سنة الأخيرة من زمننا.

وسأوضح مدى موافقتهم ورضاهم عن مصادرهم القديمة التي ورد فيها تلك الطامات التي مرَّ ذكر جملة منها.

ونوع علاقتهم بالفرق الشيعية القديمة، وهل هي علاقة رضى وقبول أو رفض وإنكار؟

ثم أوضح جملة من آرائهم العقدية؛ ليتبين من خلالها هل حدث تغير في المذهب الاثني عشري في هذا العصر.

ثم يكون الحديث بعد هذا عن "دولة الآيات" وحقيقة التشيع من خلالها.

الفصل الأول

الصلة في مصادر التلقي

إن وحدة مصادر التلقي هي العامل الأول والأخير في اتفاق الاعتقاد والوجهة عند أية طائفة من الطوائف.. وهي التي تصل اللاحقين بالسابقين.
والشعية المعاصرون قد اعتمدوا في التلقي على أصولهم القديمة المجموعة في الكتب الأربعة الأولى، وهي: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه. كما قرر ذلك طائفة من شيوخهم كآغا بزرك الطهراني في الذريعة ، ومحسن الأمين في أعيان الشيعة ، وغيرهما .

قال شيخهم وآيتهم في هذا العصر عبد الحسين الموسوي عن كتبهم الأربعة: "وهي: الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة، ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها" .

فبعد هذا هل يختلف المعاصرون عن طبقة الكليني وأمثالها من الغابرين وهم يرجعون إلى مَعِين واحد ومصدر واحد؟

بالطبيعي لن يختلفوا، ولا سيما في الأصول الأساسية، لكن الأمر لم يقتصر على هذا الحد.

بل عدّ شيوخهم المعاصرون ما جمعه متأخروهم في القرن الثاني عشر والثالث عشر والتي كان آخرها ما جمعه شيخهم النوري المتوفى سنة (1320ه‍) في مستدرك الوسائل – عدوها مصادر للتلقي سموها "الكتب الأربعة المتأخرة"، وبغض النظر عن اعتمادهم لروايات سجلت في القرن الرابع عشر عن الأئمة في العصر الأول.

وما يقال في ذلك، فإن تلك الكتب – ما عدا مستدرك الوسائل – قد ألفت وجمعت إبان الحكم الصفوي، لذلك حوت من الغلو والبلاء ما لم يخطر ببال الشيعة السابقين كما ترى في البحار للمجلسي، وأصبحت – مع ذلك – عمدة عند شيعة هذا العصر، وهذا يعني بطبيعة الحال تطوراً خطيراً عند المعاصرين ينقلهم إلي دركات من الضلال والتطرف.

وليس ذلك فحسب، بل إن المعاصرين اعتمدوا عشرات المصادر التي وصلتهم منسوبة لسابقيهم واعتبروها في المنزلة والاحتجاج كالكتب الأربعة الأولى. كما تجد ذلك في مقدمات تلك المصادر، وهذا منهم متابعة لشيخ الدولة الصفوية المجلسي الذي عدها في "بحاره" بهذه المنزلة.

وليس هذا فقط، بل إن بعض المصادر الإسماعيلية قد أصبحت عمدة عند المعاصرين من الاثني عشرية مثل كتاب "دعائم الإسلام" للقاضي النعمان بن محمد بن منصور، المتوفى سنة (363ه‍) وهو إسماعيلي كما تؤكد ذلك بعض مصادر الاثني عشرية نفسها . ومع ذلك فإن كبار شيوخهم المعاصرين يرجعون إليه .

ويشير بعض علماء الاثني عشرية المعاصرون إلى وحدة الأصل في التلقي بين الإسماعيلية والاثني عشرية فيقول: "وإذا لم يكن الفاطميون على المذهب الاثني عشري فإن هذا المذهب قد اشتد أزره ووجد منطلقاً في عهدهم فقد عظم نفوذه ونشط دعاته... ذلك أن الاثني عشرية والإسماعيلية وإن اختلفوا من جهات، فإنهم يلتقون في هذه الشعائر بخاصة في تدريس علوم آل البيت والتفقة بها وحمل الناس عليها .

وقد جاء في دائرة المعارف عن انفتاح الاثني عشرية على الغلاة هذا القول: "على أن الحدود لم تقفل تماماً أمام الغلاة، يدل على ذلك التقدير الذي دام طويلاً للكتاب الأكبر للإسماعيلية وهو كتاب "دعائم الإسلام" " .

ومن يطالع بعض الكتب الإسماعيلية يرى وفاقاً في جملة من الروايات بين الطائفين .

وهذا كله يعني أن هذه الطائفة في العصر الحاضر قد وضعت نفسها في بحر مظلم عميق تتقلب بها أمواجه، حينما ارتضت أن تضع معظم ما وصلها من كتب السابقين مصادر معتمدة لها.

وقد قامت في هذا العصر حركة نشطة لبعث التراث العشبي القديم وتعريف الناس به وترويجه بينهم. وهذا التراث مليء بالطعن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومليء باللعن والتفكير والتخليد بالنار لرجال الصدر الأول للإسلام، وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة، وبعض أمهات المؤمنين ومن معهم المهاجرين والأنصار ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه بنص القرآن.

وحركة النشر هذه قام بها علماء من أشهر مجتهدي الشيعة في هذا العصر وعلى كثير من هذه الكتب تصحيحاتهم، وتعليقاتهم وتقريضاتهم، ومع هذا لم نر اعتراضاً ولا انتقاداً من أحد منهم لما في هذه الكتب من كفر وإلحاد، أليس في ذلك إقراراً من هؤلاء لما فيها؟

وقد توجه د. علي السالوس إلي أحد علماء الشيعة المعاصرين وسأله عن رأيهم فيما اشتمل عليه أصول الكافي من روايات طافحة بالغلو فأجابه – كتابة بخطه -:

"أما الروايات التي ذكرها شيخنا الكليني في كتابة الكافي فهي موثوقة الصدور عندنا.. وما ورد في الكافي أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل، وأنهم إذا شاء أن يعلموا علموا، ويعلمون متى يموتون ولا يموتون إلا باختيار منهم، ويعلمون علم ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء، لاشك أنهم أولياء الله وعباده الذين أخلصوا في الطاعة، ثم ذكر قولاً عن أئمتهم وهو: "قولوا فينا ما شئتم ونزهونا عن الربوبية" .

وهذا لا يحتاج إلى تعليق إذ أقر وصف أئمته بما لا ينبغي إلا للخالق جل شأنه، وليس هذا هو رأي الكفائي وحده في مضامين أصول الكافي المتضمنة للغلو في الأئمة، بل للخنيزي الذي ألف كتاباً يدعو فيه إلى وحدة أهل السنة والإمامية جواب عن هذه المسائل لا يخالف جواب الكفائي في حقيقته ، مع أنه يقرر ذلك في كتاب قد وضع بأسلوب التقية؛ لأنه منشور للدعوة للوحدة المزعومة بينهم وبين أهل السنة، والتي هي في حقيقتها تبشير بالرفض في صفوف أهل السنة.

وكذلك أجاب شيخهم الآخر لطف الله الصافي على محب الدين الخطيب الذي عرض في خطوطه العريضة بعض عناوين أبواب أبواب الكافي الطافحة بالغلو ، فقال الصافي: بأن الأبواب المعنونة في الكافي ليست إلا عناوين لبعض ما ورثوا عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

بل إن تلك المصنفات التي حوت ذلك الغلو هي موضع الفخر والتباهي عند المعاصرين.

استمع لأحد آياتهم يتحدث عما تركه أئمته من آثار تدل بزعمه على إمامتهم يقول: "إن لهم آثاراً تدل على تلك الإمامة المقصودة، ولا أريد أن أدلك على مجاميع عديدة رويت عنهم وألفت في عصورهم أو ما قاربها.. أمثال تحف العقول، وبصائر الدرجات، والخرائج والجرائح، واحتجاج الطبرسي، والخصال والتوحيد للصدوق.. إلى ما يكثر تعداده. بل إنما أريد أن أدلك على أثر واحد جامع، وفيه القدح المعلى لكل إمام، ألا وهو أصول الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، وقد ألّف هذا الكتاب النفيس في عشرين عاماً وأثبت فيه لكل إمام في كتبه وأبوابه من الأحاديث ما ينبيك على أن ذلك الفرات السائغ يمتد من ينبوع الفيض الإلهي، وإن الناس فارغة الحقائب عن مثل تلك النفائس" .

ثم مضى يعظم من أمر أصول الكافي حتى طلب من القارىء أن يراجع أبوابه ليعرف الحقيقة .

وقد ثبتت الحقيقة – فيما مر من فصول – أن هذا الكافي قد جمع من الغلو والكفر ما لا يخطر بالبال، ويكفي النظر في أبوابه فضلاً عن مراجعة أخباره.

الفصل الثاني

صلتهم بالفرق القديمة

ما صلة هؤلاء بالفرق الشيعية القديمة التي يرد ذكرها في كتب الفرق والمقالات؟
لقد لاحظت أن شيوخ الشيعة المعاصرين و"آياتها" إذا تحدثوا عن طائفتهم ورجالها ودولها نسبوا لها كل الفرق والدول والرجال المنتمين للتشيع، وإن كانوا من الإسماعيلية والباطنية، أو من الزنادقة الدهرية، أو من المجسمة الغلاة.

فهم إذا تحدثوا – مثلاً - عن دول الشيعة ذكروا الدولة الفاطمية في صدر دولهم مع أنها غير اثني عشرية .

وإذا جاء ذكر رجالهم رأيت منهم كثيراً من رؤوس الضلال والزندقة ممن تنسب إليهم فرق خاصة ليست من الاثني عشرية، بل تحمل النسبة لأسمائهم بأعيانها.

لهذا ترى – على سبيل المثال – شيخ الشيعة محسن الأمين يقول عن الهشامية أتباع هشام بن الحكم، واليونسية أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي، والشيطانية أتباع محمد بن النعمان شيطان الطاق وغيرهم: "أنهم عند الشيعة الإمامية كلهم ثقات صحيحو العقيدة فكلهم إمامية واثنا عشرية" .

بل الأخطر من ذلك أننا نجد الاثني عشرية تحاول أن تحتضن كل فرقة تنتسب إلى التشيع، وإن كانت من فرق الكفر باعتراف كتب الشيعة القديمة نفسها.

فتلحظ - مثلاً – أنهم يضفون صفة الشرعية على بعض الغلاة الكفرة باتفاق المسلمين كالنصيرية.

وقد كتب أحد علماء الاثني عشرية المعاصرين وهو المدعو حسن الشيرازي رسالة سماها (العلويون شيعة أهل البيت) - والعلويون لقب للنصيرة - وذكر في رسالته هذه أنه التقى بالنصيريين في سوريا ولبنان، وذلك بأمر من مرجعهم الديني محمد الشيرازي وقال: بأنه وجدهم كما يظن من شيعة أهل البيت الذين يتمتعون بصفاء الإخلاص وبراءة الالتزام بالحق، وينتمون إلى علي بن أبي طالب بالولاية، وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب... وقال بأن العلويين والشيعة كلمتان مترادفتان مثل كلمتي الإمامية والجعفرية .

هذا ولم ينكر على هذا الشيرازي أحد من شيوخ الاثني عشرية، مع أنه قد عرف واشتهر عن النصيرية الكفر والزندقه ، بل إن كتب الشيعة القديمة تكفر النصيرية وتعتبرها فرقة خارجة عن الإسلام .

والمعاصرون يرونها من الجعفرية وإن تسمت بغير هذا الاسم. وذهب بعض كبار مراجع الشيعة في هذا العصر إلى أنه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض فرقة من الفرق الغالية مع وجود النصيرية والدروز والأغاخانية وغيرها، فكأنه يحكم علية بعدم الغلو.

يقول محمد حسين آل كاشف الغطا:

"إن جميع الفرق الغالية قد بادت ولا يوجد منها اليوم نافخ ضرمة" .

وقد علق د. سليمان دنيا –رحمة الله -على ذلك بقوله: "فيما يكون الأغاخانية، أليسوا قائلين بالحلول؟! أم ليسوا مع قولهم بالحلول ملاحدة؟! أم ليسوا منتسبين إلى الشيعة، ثم أليسوا على رقعة الأرض اليوم .

والواقع أن أسماء الكثير من الفرق الشيعية قد اختفى وبقيت آراؤها وعقائدها في كتب الاثني عشرية.

والمعاصرون اليوم حينما يقررون أن الكتب الثمانية وما في منزلتها هي مصادرهم في التلقي، إنما هم بهذا يرتضون كل آراء وعقائد الفرق الشيعية التي وجدت علي مدار التاريخ.. ذلك أن هذه المدونات هي النهر الذي انسكبت فيه كل الجداول والروافد الشيعية الأخرى، وهذه حقيقة واقعة شواهدها كثيرة؛ حيث نلاحظ أنه ما من عقيدة من عقائد تلك الفرق إلا ولها شاهد ودليل في كتب الاثني عشرية.

فأنت تلاحظ أن عقيدة البداء اعتبرها أصحاب الفرق من عقائد الغلاة ونسبوها للمختارية ، ومع ذلك - كما مر - قد ورد في صحيحهم الكافي ستة عشر حديثاً في البدء، وفي البحار في باب البدء والنسخ أكثر من سبعين حديثاً، وصار البداء من عقائد الاثني عشرية، وإن حاول شيوخهم أن يلتمسوا مخلصاً لينجو من تكفير المسلمين لهم لقولهم بهذه العقيدة الضالة.

ومثل ذلك عقيدة الرجعة اعتبروها من عقائد الغلاة.

وقد ذكرت كتب السنة، واعترفت الكتب الاثني عشرية أن الرجعة من أصول عقيدة ابن سبأ، ومع ذلك هي من أصول عقائد الاثني عشرية .

وعقيدة "تأليه الأئمة" هي من عقائد الفرق الغالية كالسبئية وغيرها، وتجد عند الاثني عشرية في الكافي والبحار، وفي كتب التفسير بالمأثور كتفسير القمي والعياشي، وكتب الرجل كرجال الكشي نصوصاً كثيرة تؤله الأئمة - كما مر نقل بعضه -.

ومسألة تفضيل الأئمة على الأنباء كان مذهباً لغلاة الروافض، كما قرر ذلك الإمام عبد القاهر البغدادي (ت429ه‍)، والقاضي عياض (544ه‍)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (ت728ه‍)، فورثت هذه العقيدة طائفة الاثني عشرية .

وبسط هذا الموضوع يحتاج لبحث مستقل، وإن دراسة آراء الفرق الشيعية القديمة ومقارنتها بما جاء في كتب الأثني عشرية ومدوناتهم لهي دراسة جديدة تكشف الصلات بين هذه الطائفة والفرق القديمة.

لقد تسللت آراء الفرق الشيعية الغالية إلى كتب الاثني عشرية على شكل روايات منسوبة للأئمة وارتضى ذلك المعاصرون.

وكان السبب وراء حدوث هذا "التسرب" هو شيوخ الشيعة أنفسهم الذين حملهم التعصب على قبول رواية الشيعي أيًا كان مذهبه والإعراض عن رواية ما يسمونهم بالعامة وهم "أهل السنة". وقد اعترف شيخهم الطوسي بأن معظم رجالهم في الحديث من أصحاب المذهب الفاسدة، ومع ذلك قال بأن كتبهم معتمدة. ومن يراجع تراجم رجالهم يلحظ ذلك.. حيث فيهم الواقفي، والفطحي .. وغيرهما.

وقد أقر بعض مفكري الشيعة في العصر الحاضر بأن الفكر الاثني عشري قد استوعب آراء وعقائد الفرق الشيعة القديمة، حيث قال: "ولكن يجب أن نشير قبل أن نضع القلم بأن ما مر بنا من أفكار الشيعة مما كان خاصاً بفرقة بعينها لم يلبث أن دخل كله في التشيع الاثني عشري ودعم بالحجج العقلية وبالنصوص. والتشيع الحالي إنما هو زبدة الحركات الشيعية كلها من عمار إلى حجر بن عدي إلى المختار وكيسان إلى محمد بن الحنفية وأبي هاشم إلى بيان ابن سمعان، والغلاة الكوفيين إلى الغلاة من أنصار عبد الله بن الحارث إلى الزيديين والإسماعيليين، ثم الإمامية التي صادرت اثنا عشرية، وقام بعملية المزج متكلمو الشيعة ومصنوفها" .

إذن التشيع الحالي قد استوعب خلاصة الاتجاهات الشيعية بكل ما فيها من غلو وتطرف. حتي رأينا النزعة السبئية بكل غلوها في علي تطل علينا من خلال رويات الاثني عشرية، يدرك هذا من راجع مجرد عناوين أبواب الكافي والبحار.

كما أن الاتجاه الباطني واضح في كتب الاثني عشرية من خلال تأويلهم لآيات القرآن وأركان الإسلام وما قالوه في التقية والكتمان.. فأصبحت الاثنا عشرية هي المصب الأخير لكل الروافد الشيعية بكل ما فيها من شطحات، ويجد كل صاحب غلو وتطرف بغيته وما يؤيد مذهبه في كتب هذه الطائفة.

ولقد صدر إقرار خطير، وبيان مثير من أكبر شيخ من شيوخهم المعاصرين في علم الرجال يتضمن الاعتراف بتغير المذهب وتطوره، وأن ما عليه المذهب الاثنا عشري في العصر الحاضر يعتبر غلوًا وتطرفًا عند قدماء الشيعة، وأن شيعة العصر الحاضر يعتقدون عقائد يرونها من ضرورات المذهب وأركانه، وهي عند قدماء الشيعة من الغلو والكفر.

يقول هذا الشيخ وهو عبد الله الممقاني في معرض دفاعه عن المفضل بن عمرو الجعفي فيما رمي به من قبل بعض علماء الشيعة القدماء، يقول: "إنا قد بينا غير مرة أن رمي القدماء الرجل بالغلو لا يعتمد عليه ولا يركن إليه لوضوح كون القول بأدنكى مراتب فضائلهم (يعني الأئمة) غلواً عند القدماء، وكون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب التشيع غلواً عند هؤلاء، وكفاك في ذلك عدّ الصدوق نفي السهو عنهم غلوًا، مع أنه اليوم من ضروريات المذهب، وكذلك إثبات قدرتهم على العلم بما يأتي (أي علم الغيب) بتوسط جبرائيل والنبي غلواً عندهم ومن ضروريات المذهب اليوم" –374) من هذه الرسالة.].

من هذا النص يتبين أن شيعة العصر الحاضر لم يكتفوا بمتابعة سابقيهم حتى زادوا عليهم في الغلو والتطرف حتى أن شيوخ الشيعة في القرن الرابع كالصدوق وغيره يرون أن من يعتقد أن الأئمة لا يسهون، أو أن الأئمة يعلمون ما يأتي أو حسب عبارة الكليني: يعلمون ما كان وما يكون، ولا يخفى عليهم الشيء. من يعتقد هذه العقائد وأمثالها هو في نظر كبار شيوخ الشيعة في ذلك العصر من الغلاة الذين لا تقابل رواياتهم عن الأئمة، ولكن المذهب تغير وأصبح ذلك اليوم من ضرورات مذهب التشيع، كما يعترف الممقاني، ومعنى هذا أن الشيعة المتقدمين يعتبرون - بناء على ذلك – المعاصرين من الغلاة ولا يثقون بأقوالهم.

ولاحظ أن الحكم بغلو أصحاب هذه العقائد صدر من قبل شيوخ الشيعة لا من قبل علماء السنة، ثم إن هذا رأيهم في القرن الرابع بعدما تغير التشيع وتطور، فكيف يكون موقف الشيعة الأول الذين كان تشيعهم هو في تقديم علي على عثمان فقط؟!

ولعل هذه الظواهر هي التي دعت الشيخ محب الدين الخطيب يحكم بأن مدلول الدين عند الشيعة يتطور، وأشار في هذا إلى كلام الممقاني السالف الذكر، ثم قال: "هذا تقرير علمي في أكبر وأحدث كتاب لهم في الجرح والتعديل يعترفون فيه بأن مذهبهم الآن غير مذهبهم قديماً، فما كانوا يعدونه قديماً من الغلو وينبذونه وينبذون أهله بسبب ذلك صار الآن - أي الغلو – من ضروريات المذهب، فمذهبهم اليوم غير مذهبهم قبل الصفويين، ومذهبهم قبل الصفويين غير مذهبهم قبل ابن المطهر. ومذهبهم قبل ابن المطهر غير مذهبهم قبل آل بويه، ومذهبهم قبل آل بويه غير مذهبهم قبل الشيطان الطاق، ومذهبهم قبل شيطان الطاق غير مذهبهم في حياة الحسن والحسي وعلي بن الحسين" .

الفصل الثالث

الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين

ومادامت وحدة المصدر في التلقي موجودة، فهل نحتاج للحديث عن الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين، ولا سيما أن تلك المصدر قد استوعبت – كما بينا – معظم ما تناقلته كتب الفرق والمقالات من آراء غلاة الشيعة، وما لم تنقله؟‍‍!‍
فهل هناك من داع لدراسة هذه الصلة العقدية؟

الواقع أن هناك حاجة.. ذلك أن المعاصرين قد أكثروا من طبع الكتيبات والرسائل، وبعث الدعاة للعالم الإسلامي.. لبيان أن مذهب الشيعة لا يختلف عن مذهب أهل السنة.. وأن هذه الطائفة مظلومة مفترى عليها من قبل الخصوم والأعداء، فنسب إليها عقائد وأقول هي بريئة منها.. ونشط دعاة منهم للدعوة للتقريب بين أهل السنة والشيعة، ورفعت شعارات الواحدة الإسلامية.. وأقيمت مراكز وألفت كتب، وتخصص دعاة لهذا الغرض..

وقيل بأن المعاصرين قد تخلوا عن ذلك التطرف والغلو المعهود عند سابقيهم.

وأنه قد آن الأوان لأن تلتقي السنة والشيعة على كلمة سواء فكيد الأعداء كبير ووضع العالم الإسلامي خطير.

ثم ما أكثر ما يقول بعض شيعة العصر الحاضر حينما تقول لهم بأن عندكم حديث يقول بكذا، أو أن شيخكم فلان يقول بكذا.. فيقولون: ليس كل ما ورد في كتبنا نرتضيه.

أو ما يقول به الشيخ فلان هو المسؤول عن قوله ولا حجة إلا في كلام المعصوم.

أو يقولون بأن أهل السنة يقولون مثل ذلك، وكثيراً ما يفترون ويتجاوزون ويتحايلون في هذا بشكل عجيب، ولهذا دعت الحاجة لبيان رأي المعاصرين في القضايا الأساسية والخطيرة التي تفصل بينهم وبين الجماعة، أو تحول بينهم وبين الإسلام.

وهناك أقلام شيعية كثيرة قد وظفت للكتابة للعالم الإسلامي، والرد على ما يثار حول الشيعة، وأعطتهم عقيدة التقية حرية القول وإطلاق الأحكام بلا تأثم بينما هناك كتب خاصة لا تنشر في العالم الإسلامي .

أو بعبارة أخرى أن هناك وجهاً ظاهراً للاثني عشرية تقدمه وسائل الإعلام الشيعية المختلفة للترويج للمذهب ونشره في العالم الإسلامي، ووجه باطن لا يظهر إلا في الحوزات العلمية وفي المجتمعات الشيعية، وفي أمهات مصادرهم كالكافي وتفسير القمي.

وقد صدّق من صدّق ذلك الأسلوب "الدعائي" أو الوجه المعلن.. وتأثر بذلك من تأثر.. ووجد التشيع طريقه إلى قلوب أعداد غير قليلة من شباب العالم الإسلامي، والمنتسبين للحركات الإسلامية، الذين أرق عيونهم الواقع المفجع للعالم الإسلامي، فطفقوا يبحثون عن طريق ومخلص.. وكانت صورة العدو الظاهر أمامهم بكل غطرسته وكيده قد حجبت عنهم العدو الكامن بينهم، والمتستر بإسلامهم فصدقوا ما يقال.. وتعجلوا الخطى.. وظنوا أن كل ما يقال من خلاف بين السنة والشيعة هي ضجة مفتعلة، لا رصيد لها من الواقع .


كاتبة فيصل نور اطال عمره بالطاعة
10
993

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حروف ساكنه
حروف ساكنه
حسبي الله وكفى
سود العيووون
سود العيووون
الله يلعنهم
عاشقة الصداقة
اشكر مروركن بارك الله فيكن ،،،
إيلافا
إيلافا
الشيعة قاضين منتهين



امس في وصال شفت مقابلة مع شيعي تسنن

كانت رووووووووعه

وان شالله تكون هدايه لعوامهم
بسبوسه حنونه
بسبوسه حنونه
الهم اهدي ضالت المسلمين والمبتدعين وثبت قلبي على دينك