الشـــــــــــلال ( قصة من سلسلة أيام من حياتي أوردها هنا للعبرة )
نمتلك دموعنا , نمتلك فرحنا ولكننا أحيانانظن أننا لا نمتلك أن نوقف شلالا وقت جريانه حيث يأخذ من أرواحنا وأعمارنا وأحلامنا واتزاننا الشيء الكثير . وعند مصب الشلال إن كان هناك متسع من وقت لننظر فسنجد بعضا منا ملقى هنا وهناك فهل نستطيع جمع ما تبعثر منا وإعادته ....؟؟؟؟!!!!
ونجد أنا قد كنا في غفلة عن فهم أو أن وعينا جرفه ذاك الشلال في طريقه .
وكم من شخصيات تمر علينا أو تتغلغل في أيامنا , ساعاتها ودقائقها , وتقترب من أن تتوحد معنا حتى نستسلم لاندماجنا فيها .
هذه الشخصيات كانت تتوالى علي في بواكير خطوي العملي نحو دنياي التي كانت كذاك الصرح الزجاجي البراق أينما وجهت بصري أجد صورتي فيه ممتزجة بإمضاءات عدة .
.... وصورة من تلك الشخصيات تلح علي في هذا الصرح تخرج مخزونا خبأته منذ سنين نشرت عليه ظلال العتم حتى لا أراه .
تفيأت النسيان مدة طويلةواستمتعت بظله فالتذكر أحيانا شمسه حارقة مؤلمة ..
ولكن الصورة الآن ماثلة أمامي .. ها أنا أراها أنظر إليها .. أتت علي وأنا ابنة الثامنة عشر كمارد أسطوري خرجت لي من مصباح حياة جديدة , تحمل ضياء , تحمل أشياء جديدة لم أعهدها
وقدمت لي معها الإرشاد والنصح , الإرتواء . وفي كل مرة تتساقط أشياء من طفولتي المتأخرة على أعتابها أراها تلملمها لتعيدها شابة ناضجة ..
تلك كانت خولة
وهكذا نظرت إليها , وهكذا تعمقت صداقتنا
ومع تدفق الشباب الهادر وبيض صفحاته وقلة مفرداته وجدت خولة مناخا ملائما لأن تضع كل يوم توقيعها بكل فنون الخط الدنيوي , ولتنشد قصائدا من نظمها في روحي المتعطشة للمعرفة . ورغم أني كنت ألمح شرخ القوافي وانعدام الوزن إلا أنني ظننت أنها تضيف إلى لغتي بحرا جديدا لم يستطع شعراء حياتي من حولي تفهيمي إياه .
فأغرقتني بالدنيـــــــا وحبها , وتلهت نفسي التي فطرت على السكينة والهدوء , فطرت على الصلاة والعبادة , فطرت على حب الخير , تلهت باللهاث خلف آخر ما يلبس وآخر ما يصنع من عطور وزخرف ..
ورغم نظرات الإعجاب من هيئتي الجديدة الجميلة مما يرفعني إلى السحاب فأوهم نفسي بالتحليق ..! إلا أن شيئا ما كان يشعرني بالثقل والطيران البطيء على رمل غير نقي ...
وظللت هكذا واللهاث يشتد أواره في صدري حتى بات نيرانا كدت أن أحترق فيهـــــا
وخولة تذكيها بالمديـح والإحتواء الخانق
حتى كــــــــــــان يوم ....
... وهذا اليوم يلفه الغموض ,فمنذ الصباح الباكر والنفس مثقلة , فقد فاتتني صلاة الفجر وذاك ما كان ليحدث من قبل. جررت نفسي إلى المدرسة ..ودخلت الحصص والشحوب في داخلي وخارجي .
وما أن عدت إلى البيت حتى ألقيت بجسدي المنهك تفكيرا علني أنال الراحة لتفوتني صلاة العصر .
ضاقت علي الدنيا بما رحبت , وهرعت إليها , إلى خولة أبكي على كتفها الحاني أشكو إليها تقصيري في الصلاة ..
وصعقتََ لما سمعت , وببساطة وعدم اكتراث أجابتني
--- لا تهتمي ! اقضيها .. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها , نحن نصلي ونصوم دائما وإن فاتنا شيء لا تنطبق الدنيا علينا كما تفعلين وووو...
وحاولت إغرائي بترك التزمت ( على حد زعمها ) فالدنيا مشرقة ولا ينخسف القمر إذا لم نصل أو فاتتنا صلاة !!!
وذهلت لأرى جل الأمور لا تشكل عندها إلا زاوية صغيرة تجملها بمساحيق التعذر التي تتفنن في اقتنائها .
وكأنني أسمع تكسر شيء أمامي ولكن صوتها الهادر كان قويا جدا لدرجة أن طغى على ما أسمعه من داخلي .
فجاهدت بالخروج من حيزها مما جعلني أستنشق بعضا من هواء خاص لي حبسته أياما طويلة كدت فيه أنسى طيب ما فطرت عليه .
وسامرت الليل والنجوم أدعو الله أن يلهمني حسن النظر فيما أنا فيه وابتدأت أراجع أعمالي ولم أنا أشعر بالثقل والهم.
ومن بعيد حيث كانت النجوم تتلألأ في السماء كأنها تضع لي نقاطا على حروف تائهة تتركني أنظمها تسبيحا بقدرة الله , تتركني أمشي على أنوارها العاليةفإذا بخطوي يرقى ليرى أعلى مما كنت أتراكض و أنأ أقضي الساعات في اقتناء آخر صرعات الموضة وما يصنع من تفاهة في التبرج وحب القشور.
ومع الإقتناع الكامل بتفاهة ما كنت فيه بدأت نفسي ترتاح وأحسست برعشة خفيفة تعتري كياني وكأن يدا حانية خفية تمسح هما وراء هم , وابتدأت بالتحليق فانطلق قلبي يستغفر مع انطلاق آذان الفجر...
وعلى صوت خرير المياه الطاهرة سكنت نفسي , وأشرق ضياء ماء الوضوء في روحي المتعطشة للسكينة. ونظرت إلى الماء وهو منسكب بقوة أمامي وكأنه الشلال , وضعت يدي تحته فأحسست أنه يأخذ معه زخرف الدنيا ومتاعها .. يأخذ أردانا رانت على قلبي فأثقلته باللهاث وراء التبرج والظهور .
وكان هذا الشلال الطاهر الطهور قد جرف معه كل ما صنعته خولة في روحي الشابة .
وشتان بين شلالها, الذي كاد أن يجرفني ويلقي بي في مصبها فلا أرى بعد ذلك إلا بعضا من نفسي مبعثرة هنا وهناك, وبين هذا الشلال الطاهر النقي الذي أعاد لي نفسي كلها .
وجمعت مفرداتي كلها في مواجهة مع خولة .... لأرى صورتها على مرآة حياتي الزجاجية الشفافة وقد بدأت تتلاشى قليلا ..قليلا حتى عاد النقاء .
صباح الضامن @sbah_aldamn
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
رااااااائعة
الكثير غاليتي ممن يعتبرون ذلك تزمتا
وما أكثر القائلين
__ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ___
(( اقضيها فيما بعد )) هذه العبارة تصبيني في مقتل
تذبحني وكان سكينا انغرز في قلبي
بارك الله لكِ وجزاكِ الله كل خير
في انتظار باقي السلسلة فلا تحرمينا:26:
الكثير غاليتي ممن يعتبرون ذلك تزمتا
وما أكثر القائلين
__ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ___
(( اقضيها فيما بعد )) هذه العبارة تصبيني في مقتل
تذبحني وكان سكينا انغرز في قلبي
بارك الله لكِ وجزاكِ الله كل خير
في انتظار باقي السلسلة فلا تحرمينا:26:
الصفحة الأخيرة
في الحقيقة لم يسعفني الحظ لان أقرا لك الا القليل والان أشعر بالندم على ما فاتني من روعة وجمال ابداعك
تجربتك هذه ربما ليست بغريبة عني وقد أكون عايشتها في واقعي مع اختلاف في التفاصيل ولكن الحمد لله ان النهاية السعيدة كانت مشابهة لتجربتك
والحمد لله اللذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
جزاك الله كل خير اختي وبارك فيك
تحياتي وتقديري