waft air

waft air @waft_air

محررة ذهبية

الشيخ الطريري في منزل عمر المختار

الملتقى العام

الإسلام اليوم/ أيمن بريك

أَعْرب فضيلة الشيخ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري - نائب المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" - عن سعادته الغامرة بزيارة الجماهيرية الليبية، مشيرًا إلى أن زيارته وفضيلته الشيخ سلمان العودة إلى منزل شيخ المجاهدين "عمر المختار" كان لها بالغ الأثر في نفسه، لافتًا إلى أنه كان يسمع في الصغر عن عمر المختار وكأنه أحد الصحابة.
وقال الشيخ الطريري - في محاضرة له بمسجد الأنصار في مدينة بنغازي: لقد استنهضتنا هذه الزيارة وبثَّت في نفوسنا شحنات من الحرارة والحيوية والعزيمة ما ذقناها قبل هذا اليوم، فرحم الله هذا الشيخ المجاهد ورفاقه المجاهدين، وبارك الله في هذا البلد الطيب أهله المباركة أرضه، وجعلها للإسلام وأهله مددًا.

شيخُ المجاهدِين

وأضاف الدكتور الطريري : لقد شعرت خلال زيارتي لمنزل شيخ المجاهدين وكأن شواظًا يختلج جوانحي، وذلك بعد أن حدَّثنا ابنه وأقاربه والشيخ علي الصلابي عن زوايا في حياة هذا المجاهد لم نكن نعلمها، فلقد علمت أنه كان يختم القرآن كل خمسة أيام، فضلًا عن أنه عندما سُئل عن الطلب الذي يطلبه قبل أن يُنفذ فيه حكم الإعدام؟ قال: ألا تزوروا التاريخ فتذكروا أني قد طلبت عفوًا! وعندما سُئل: لو أفرج عنك كم من الوقت ستمتنع عن القتال؟ قال: بقدر ما أعبِّئ بندقيتي.
وتابع فضيلته: إن هذه المعاني جعلتني أشعر كم يمرق من حياتنا هباء وكم نُضيِّع من أعمارنا سُدى، في حين أن شيخًا في الثالثة والسبعين كان يتحامل على مرّ السنين لينتقل من جهاد الفرنسيين إلى جهاد الطليان.

دمَاءٌ.. وعزَّة

وأردف الشيخ عبد الوهاب، مخاطبًا الليبيين، قائلا: إن بلدكم مدرسة تعطَّرَت أرضها بدماء آبائكم، وتلجلجت في سمائها تكبيراتهم، فالدماء التي كانت تجري في عروقهم تجري في عروقكم، والعزَّة التي كانت تبلِّل رءوسهم تبلل رؤوسكم، والفجر الصادق الذي سيشرقُ على هذه الأمة سيشرق من وجوهكم.
وأوضح فضيلته: إنني عندما أتذكر عمر المختار أتذكر ما قاله أحمد شوقي:

رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواء يَستَنهِضُ الغادي صَباحَ مَساء


حبٌّ في الله

وأنشد الدكتور الطريري، في أهل ليبيا، قائلا:

أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم لا تقبح الدنيا وفيها أنتمُ!

حيث أشادَ فضيلتُه بالشعب الليبي، مشيرًا إلى أنه ما التقى بأحد من الإخوان في طرابلس أو بنغازي إلا وشعر أنه محتشد ليفيض ما في قلبه من حب، ويتنفس ما يختلج بين جوانحه من مشاعر، مضيفًا: إنني كلما التقيتُ بكم ووجدت عيونكم ووجوهكم المشعة بالمشاعر الجميلة، تساءلت في نفسي: إن لم يكن هذا هو الحب في الله، فما هو الحب إذن ؟!
واستطرد فضيلته : لقد التقينا بكم فبرقت العيون وتهلَّلت الوجوه وتعانقت القلوب قبل الأيدي، فلقد تعلمنا من عفويتكم وعذوبة مشاعركم وطيب وجدانكم ما لم نتعلمه في حياتنا، كما تعلمنا كيف تكون حرارة الأخوة وأواصر القربى بين أناس لا تربطهم أرحام ولكن رابطتهم وعصم المودة بينهم هذا الدين الحنيف، فلقد أتينا ونحن نظن أنّا سنفيض حيوية وحياة، فإذا بنا نتروى بالحيوية والحياة، ونتشبع بها!

دَورٌ.. ومبادَرَة

وأكد الشيخ عبد الوهاب أنه يجب على جميع أبناء هذه الأمة أن يشاركوا في إعادة بنائها، مشيرًا إلى أن السبيل إلى ذلك يكمُن في قيام كل شخص بدوره في سبيل نصرة هذه الأمة ورفعة شأنها، لافتًا إلى أن ذلك قد يكون من خلال عدة أوجه، منها: الحرص على التميز في الدراسة، وعناية الإنسان بنفسه تعليمًا وتثقيفًا وتربية وتعبدًا، أو من خلال برّ الوالدين، وحسن الخلق، والتخطيط لهدف أو مشروع يمكن إنجازه في المستقبل.
وضرب فضيلته مثالًا للحرص على قيام الإنسان بدور في حياته، قائلا: لقد كان هناك أمة رقيقة خادمة عند قوم ساموها السوء ولاموها وآذوها حتى اتهموها بتهم هي منها بريئة حتى أعتقها الله، فهاجرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوت إليه، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تُبنى لها في المسجد حجرة لتسكن فيها، حيث سكنت هذه الأمة المرأة المهاجرة حديثة عهد بحرية في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أنها أبت إلا أن يكون لها دور ومبادرة، وأثر في الأمة، وإن كانت امرأة، فقيرة، ضعيفة، لا حول لها ولا قوة ولكنها رأت أنها يمكنها أن تشارك وأن تبادر وأن تحدث أثرًا ؟

دورٌ مفقُود

وأردف الدكتور الطريري: ففكرت هذه المرأة واستعانت بخبرتها السابقة كخادمة واختارت أن تطبقها في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت تميط الأذى وتلتقط القذاة وتنظف مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون لائقًا بجلوس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودروسه وخطبه -صلى الله عليه وسلم- فإذا ذاك المسجد البسيط المتواضع مسجد وضيء نظيف يتعاهد بالصيانة، ثم استمرت هذه المرأة السوداء على هذا العمل حتى مرضت ثم توفيت، فدُفنت في الليل ولم يعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم.
ففقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك لأنه فقد الأثر والعمل، والدور الذي كانت تقوم به، فقال: أين المرأة التي كانت تقمّ المسجد؟ قالوا: ماتت يا رسول الله، ففزع النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: أفلا كنتم آذنتموني ألا أخبرتموني عن وفاتها يوم توفِّيَت حتى أشهدَها وأصلي عليها؟ قالوا: يا رسول الله ماتت في الليل فكرهنا أن نوقظك، قال: دلوني على قبرها، فأوقفوه على قبرها، فصلى عليها وكبر ودعا فلما انصرف من صلاته قال لأصحابه: إن هذه القبور مملوءة ظلمةً على أهلها وإن الله ينوِّرها بصلاتي عليهم.

درسٌ.. وأُحبولةٌ شيطانية

وأوضح الدكتور عبد الوهاب أن هذه الأمة قدمت درسًا للأمَّة كلها، ليس فقط أنها نظفت المسجد لكنها علمتنا أنه لا يوجد شخص يبحث عن دور إلا وجد له دورًا؛ ولذلك فإنه يجب علينا أن يكون لكل منا دور فعَّال في بناء هذه الأمة، محذرًا مما سماه بـ "الأحبولة الشيطانية"، والتي هي عبارة عن حِيل يستخدمها الشيطان للفتك بالإنسان، مثل المخدرات، أو أن يطمع الإنسان بهدف مستحيل ويجعله يتعلق به.
ولفت فضيلته إلى أن الشيطان قد يُقنع الإنسان بتغيير على مستوى الأمة، فيطمعه بأنه سيغير الكون، ويُسقط أمريكا بعد ثلاثة أيام، ويُسقط إسرائيل بعد ساعتين ونصف! ثم يهوي به بعد ذلك فلا يحقِّق شيئًا.

عَملٌ خالِص

وأكد الدكتور الطريري أن الشيطان له براعة في مخاتلة الإرادات، مشيرًا إلى أنه من ذلك أن يطمع الإنسان بما لا يستطيع حتى يزهدَه فيما يستطيع، وتكون النتيجةُ أنه لم يفعل ما لم يستطيعه لأنه لا يستطيعه، وترك ما يستطيعه لأنه ازدراه، ثم ينتهي عمرُه عدمًا، لافتًا إلى ضرورة أن يبادر الإنسان إلى ما يستطيع، موضحًا أنه كلما ركَّز الإنسان على ما يستطيع اتسعت دائرة تأثيره حتى تصل إلى ما كان يظن أنه لا يستطيعه.
وأضاف فضيلته: ولتكنْ لنا أسوةٌ حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي احتفى بالمواهب والإيجابيات، ولم يزدرِ إنجازًا مهما كان صغيرًا، فكان يبثُّ الحياة والحيوية في كل مشروع كبيرًا كان أم صغيرًا، داعيًا إلى ضرورة أن يكون عند كل إنسان مشروع يروِّج له داخل نفسه وبيته وحيِّه وعملِه، وهو أن يكون عملنا كله خالصًا لوجه الله، وعبادةً له وابتغاءً لمرضاته، يقول تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162).

نفحاتُ مدرسةِ النُّبوَّة

وأردف الشيخ عبد الوهاب أن هذه هي نفحات مدرسة محمد -صلى الله عليه والتي يفوح عبقُها ويبحر ألقُها، والتي عشنا فيها معانٍ كثيرةً أعظمها أنها حرَّكت في قلوبنا دفقات من الحب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- معربًا عن سعادته بوجوده بين أهله وأحبابه، وفي بيتٍ من بيوت الله يُذكَر فيه اسمُه وتتزاحف فيه الجموع المؤمنة برسالتك.
وتابع فضيلته: لقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد مساحته ألف متر في حاشية من الأرض، ونحن اليوم نتنقل في أصقاع الدنيا، ما أتينا بلدًا إلا وفيه مسجد يقال فيه: "أشهد أن محمدًا رسول الله".

وفي الختَام دعاءٌ

وختم الدكتور الطريري محاضرته بالدعاء، قائلًا: "اللهم إنا آمنا بنبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وأحببناه واتبعناه واشتقنا إليه وما رأيناه يا ربنا، اللهم يا ربنا لا تحرمنا رؤيته يوم القيامة، يا رب أسعدْ قلوبنا برؤيته، فأوردنا حوضه، وارزقنا شفاعته، واحشرنا في زمرته، وارزقنا مرافقته في جنات الفردوس الأعلى مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، اللهم اجعل هذا بلدًا طيبًا مباركًا تُجبى إليه ثمرات كل شيء، اللهم اصرف عنه الفتن والمحن، واجمع قلوب أهله على طاعتك ورضاك، اللهم ألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، اللهم أصلح الراعي والرعية، اللهم أصلح الشعب والقيادة، اللهم أصلحْهم جميعًا، اللهم اجعلْهم جميعًا هداةً مهتدين، صالحين مصلحين، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا يخافون فيك لومةَ لائم يا رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على عبدك ورسولك إمامنا وحبيبنا وسيدنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهداه.
15
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

برنسيسة الشمال
ماشاء الله بس خسسسساره نبي صوووور


يعطيك ربي الف عاااااافيه
✿ أم مــصــعـــب ✿
أهل ليبيا..أهل شرف وأصاله..
بارك الله في شيوخنا..
جزاك الله خيرا..
نسمة من الخيال
الله يحفظ الشيخ ويحفظ ليبيا
الجليله!
الجليله!
ماشالله
حبيبه هاشم
حبيبه هاشم
جزاك الله خير