بسم الله الرحمن الرحيم
يذكر رجل يسمى ابن جدعان وهذه القصة حدثت منذ أكثر منمائة سنة تقريبًا.. يقول: خرجت في فصل الربيع، وإذا بي أرى
سماناً يكاد أن يُفجَر الربيع الحليب منها، كلما اقترب ابن الناقة من أمه دَرّت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير، فنظرت إلى ناقة من نياقي وابنها خلفها وتذكرت جارًا لي له بُنيَّات سبع، فقير الحال، فقلتُ والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري، والله يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ، يقول: أخذت هذه الناقة وابنها وطرقت الباب على جاري وقلت خذها هدية مني لك .. يقول: فرأيت الفرح في وجهه لا يدري ماذا يقول، فكان يشرب من لبنها ويحتطب على ظهرها !!
فلما انتهى الربيع وجاء الصيفبجفافه وقحطه، تشققت الأرض وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ، يقولشددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول -حفر في الأرض توصل إلى محابسمائية لها فتحات فوق الأرض-، يقول: فدخلت إلى هذا الدحل لأُحضر الماءحتى نشرب ـ وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج !
وانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتىيئسوا وقالوا: لعل ثعبانًا لدغه ومات .. لعله تاه تحت الأرض وهلك .. ولعلهموالعياذ بالله ينتظرون هلاكه طمعًا في تقسيم المال والحلال، فذهبوا إلى البيتوقسموا الميراث فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره، فلنأخذ بعيرًا فنعطيه الجار ونسحب منه الناقة وابنها،فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار وقالوا: أخرج الناقة .. قال: إن أباكمأهداها لي .. أتعشى وأتغدى من لبنها ، فقالوا: أعد لنا الناقة خيرٌ لك، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآنعنوة، ولن نعطك منها شيئًا ! قال : أشكوكم إلى أبيكم .. قالوا: اشكِ إليه فإنه قدمات !!
قال: مات .. كيف مات؟ ولما لا أدري؟
قالوا : دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج، قال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم، فلماذهبوا به وراء المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ذهب وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ثمربطه خارج الدحل فنزل يزحف على قفاه حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه .. وشم رائحة الرطوبة تقترب، وإذا به يسمع أنينًا وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلامويتلمس الأرض، ووقعت يده على طين ثم على الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعدأسبوع من الضياع، فقام وجره وربط عينيه ثم أخرجه معه خارج الدحل وأعطاه التمروسقاه وحمله وجاء به إلى داره، ودبت الحياة في الرجل من جديد، وأولادهلا يعلمون، قال: أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت !!
قال: سأحدثك حديثاً عجيباً، لما دخلتالدُحل وتشعبت بي الطرق فقلت آوي إلى الماء الذي وصلت إليه وأخذت أشرب منه، ولكنالجوع لا يرحم، فالماء لا يكفي ..
يقول: وبعد ثلاثة أيام وقد أخذ الجوعمني كل مأخذ، وبينما أنا مستلقٍ على قفاي سلمت أمري إلى الله وإذا بي أحس بلبنيتدفق على لساني فاعتدلت فأرتويت، فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاث مرات، ولكن منذ يومين انقطع .. فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت! ظن أولادك أنك مت، وجائواإلي فسحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها .. فجمع أولاده وقال لهم: أخسئوا .. لقد قسمت مالي نصفين، نصفه لي، ونصفه لجاري !
المسلم في ظل صدقته
وصنائع المعروف تقي مصارع السوء!
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجتوكنت أظنهـا لا تفرج
من ايميلي..!
شموخي مجروح @shmokhy_mgroh
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة