المؤمن بفطرته وميوله واستعداداته يأخذ المنهج الإلهي بيده؛
ليرتفع به إلى أقصى درجات الكمال الإنساني الصاعد إلى الله.
والحقّ في هذا المنهج أصيل في بناء هذا الوجود..
وما الخير والصلاح والإحسان والصدق وسائر القيم والأخلاق
إلا وهي قيمٌ أصيلةٌ كالحق باقية بقاءه في الأرض ..
أما مادون ذلك من الباطل فهو زائل ..
لأن الزبد يذهب جفاءً، ولا يمكث في الأرض إلا ماينفع الناس
فأيّ طمأنينة وسكينة يفيضها التصور الإسلامي
لقيم الحق والعدل والخير ؟!
وأيّ قوة وشموخ على الواقع الضئيل
يسكبها هذا الإيمان في الضمير ؟!
** الصّمتْ **
إذا جلست لإنسان
ولم تنبس ببنت شفة
وأجدت الإصغاء إلى صوت قلبه
وأقبلت عليه بكليتك
وكان هو معك كما أنت معه
فذلك الصمت المشترك بينكما
هو مقياس دقيق ، واختبار حقيقي
لارتياحك به ..!
الصمت ثمرة الحكمة
وهو في موضعه سلامة ..
كما أن النطق في موضعه لايأتي إلا بخير
والصمت ..صمتان :
أما أولهما فبالظاهر
وأما الآخر.. فيمتلك القلوب والضمائر..
ومن قديم عرف أن الحكماء ورثوا الحكمة باعتناق الصمت ،
ولزوم طرائق التفكير ..!
ذلك لأنهم أدركوا أن السكوت أجدى من النطق فيما لايعني المرء..
وأن أصْوَنَ الناس لنفسه.. أملكهم للسانه..!
رويَ أن أحد الصالحين دُعي إلى وليمةٍ ،
فلما جلس انبرى أحد الحاضرين في خوض الغيبة ،
فقال الرجل الصالح : عندنا يؤكل اللحم بعد الخبز
وأنتم بدأتم باللحم ..
قال تعالى :" أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه".
إذن علينا أن نتعلم لغة الصمت ..
كما تعلمنا النطق ، وكما نجيد لغة الحديث..
فإن كان من ثمين الكلام مايهدينا ،
فإن الكثير من السكوت مايقينا..
قيل أن الصمت منازل :
فصمت العوام بألسنتهم..
وصمت العارفين بقلوبهم ..
وصمت المحبين في خواطرهم وأسرارهم .
فأنظري أيّ منزلة تضعين نفسك هنا..؟!
غالياتي :
لكلّ إنسانٍ أسوار لاينبغي اقتحامها
وأسرار لايجوز أن نقفوها..
أو نستبيح ألسنتنا حرمة من أودعناها
ليكن في منطقنا ميزان حساس
نوزن به كلماتنا قبل أن تقال
يحذّرنا من مغبة النطق دون تفكير
واختراق الصمت الحميد
والهويّ في مزالق اللسان
فكم من كلمة قيلت دون تروي أعقبها الندم..!
وكم من متاعب يجترحها اللسان حين يخون صاحبه
وكم من الناس من كانت عاقبة أمرهم خسرا
فأوردتهم النار حصائد ألسنتهم ..؟!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )).
ولو كان الناس يراقبون ما تتفوه به ألسنتهم ويفكرون قبل النطق به لكانت الدنيا بخير ..
وخاصة نحن النساء أصبحت الثرثرة لدينا شيئاً حيوياً ومع تلك الثرثرة تأتي النميمة والغيبة!!
لأن الثرثرة تبدأ بمواضيع عامة وبريئة وتنتهي بالغيبة أجارنا الله !!
سلم الفكر يافيض .. كفيتِ ووفيتِ
تقبلي مروري