الضربة الواحدة بعد المائة

الشيخ سليمان ،

ذاك الباذنجاني اللون ،

نحيل كغزالة الإمبالا ،

تعلو وجهه ابتسامة..تبرق منها أسنان ناصعة البياض - لشدة بياض أسنان الأفارقة -

سألتهم ذات يوم عن ذلك ؟

فرد أحدهم : يبردوها ليأكلوا أمثالك …

قلت أنا (نوا شف)

شوفوا صالح ينفع لحفلة نصف الشهر …

ضحكنا كثيرا يومها

…الحقيقة أنها عادة بدائية لا زالت متجذرة رغم التمدن …

شيخ سليمان ، ذوالإبتسامة ، ذو الوجه الأنور ،

هل أعي ما أقول ؟

أي والله في وجهه وضاءة رغم لونه الباذنجاني الغامق...

سألته مازحا: حدثني بموقف طريف ...

امسك دفة الحوار وأبحرنا ...لعالمه الدعوي ..

هل سبق أن أبحرت في الضياء …؟

قال : لدينا في نهاية البرنامج في المعهد أسابيع تطبيقية يطبق

الطلاب ماتعلموه من فنون الدعوة والعلوم الاخرى …

جهزنا أنفسنا لرحلة إلى الأدغال، حيث قرى الوثنيين، واستوطنا

بقربهم ..

نصبنا مخيمنا ..

وبدا البرنامج ..

تعريف بسيط بالإسلام ..وتزويدهم بالغذاء والكساء..

كانت القريه تعدادها قرابة ألفين ..





مكثنا أسبوعين ،

والنتيجة ..

لا نتيجة ..



ياللغرابة والعجب

لم يسلم أحد

رغم وشك إنتهاء البرنامج كنت أتساءل : بالتأكيد سبقتنا

الكنيسة .. بالتأكيد..




في اليوم الأخير




تجمعنا للوداع ..

أصر رئيس القبيلة على حفل وداعي ..

من بعيد كنا نسمع قرع الطبول إيذانا ببدء الاحتفال ..

طبل وقمر وليل ..

ذاك الليل الأفريقي..

- تفضلوا لنشرب نخبكم ..

تفضلوا خمرة الكاسافا المعتقة ..ليست

خسارةبكم ..تفضلوا ..وابتسم رئيس القبيلة ،فلمعت أسنانة في الظلام ..

قلت بهدوء :نشكر لكم كرمكم .. لكننا لانستطيع

الشرب ..فلتعذرنا ..نحن مسلمون لانشرب الخمرة ..!!

هنا …!!!؟؟؟


وجدته قبالة وجهي ممسكا بتلابيبي ..


صارخا : لاتشربون ..!!!!!!….




نظر لقومه وصاح بهم : أرأيتم لا يشربون الخمر ..!!


نظر بعضنا الى بعض ،



كنت أردد بسرعة مرعوبا : اللهم اكفناهم بما شئت

وهمست بها بالعربية لتلاميذي ..ليرددوها

- قل لهم لم لاتشربوها ..قال رئيس القبيلة.

- تحدثت عن تحريم ديننا لها وأنه يسميها أم الخبائث ،

بعد شربها يصبح المرء كالسبع قد يقتل ابنه، امه ،يفتك بمن

بجانبه ..يصبح حيوانا ..

أخذت أتحدث ..وقلبي ينبض بشدة ، حتى خلته سيخرج من قفصي الصدري ..
ثم سكت ..




القوم برماحهم


مطرقة رؤوسهم ،


رئيس القبيلة أكلني بعينيه


.. ثم أخيرا تكلم :
كنت أقول أن أولئك الحمر لايأتي منهم خير _يقصد المنصرين _ يأتون يشربون خمرنا ،
ينشرون البذاءة بين فتياتنا ..
أنا لا أشربها وقد كنت آمر قومي ألاّ يشربوها ...



هيا قم لقني طقوس دينكم ..!!



- ماذا يفعل من أراد دخول دينكم ؟؟؟...

نظر بعضنا إلى بعض نظرة مختلفة عن النظرة الأولى التي تبادلنا بها

الدعاء .. كانت أعيننا فرحة .. تنطق بالحمد، بالشكر لله ..حقا

إن ديننا دين الفطرة










- شيخ سليمان هل أسلمت القريه ..؟؟

بالطبع..

وتركنا معهم معلما وداعيه .. اخذنا المتعلمين منهم لدورة

المهتدين الجدد ليدرسوا شهرين ويعودوا معلمين هناك ..

ثم أردف:

حقا الضربة الواحدة بعد المائة قد تفلق الصخرة الكبيرة..




ثم سَكَتَ

وسكتّ …….









مجلة شباب العدد 35.