السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
هذه وقفة مع إشراقة من إشراقات هدي النبي صلوات الله وسلامه عليه في تطبيب الأسقام ....
وفي هذه الوقفة نتناول موضوع تكاثفت حوله البحوث و الدراسات والتي وصلت في مطافها إلى تطابق ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة منذ أربعة عشر قرن مع الأبحاث العلمية التي أفرزها العلم الحديث ...
نتناول معكم موضوع الحجامة .... فلتتفضلوا
تعريف الحجامة
هو تحجيم الشيء و إعادته إلى وضعه الطبيعي . و المقصود هنا هو الدم بعد تنقية نسبة كبيرة من التوالف والشوائب و الخلايا الهرمة و الشاذة فيه . و من خلال الحجامة و إخراج الدم الفاسد تحجمه و تعيده إلى وضعه الطبيعي ....
أنواع الحجامة
الحجامة نوعان :
رطبة : و يستخدم فيها المشرط في منطقة الكاهل التي حددها رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم .
جافة : و التي يمكن عملها دون استخدام المشرط .. في أي موضع وحسب موقع الألم .
لماذا الحجامة ؟؟؟
معروف أن كميات الدم في الإنسان الطبيعي تتراوح بين 6- 7 لتر، وفيها كريات الدم الحمراء ، و كريات الدم البيضاء ، والبلازما ...
إن كريات الدم الحمراء ... و هي كريات أسطوانية الشكل لها أغلفة مرنة لا تسمح لها بالتلاصق و التراكم على جدران الأوعية الدموية ، والتي تبلغ في الإنسان الطبيعي 25 ألف مليار خلية ... يموت ويتجدد منها يومياً 250 مليار خلية ... و معدل حياة كل خلية دموية 120 يوم ... و بعد هذه الفترة تتعرض هذه الخلايا لواحدة من الحالات الثلاث الآتية :
إما أنها تتكسر و تخرج بشكل حر - أي تتفكك إلى مكوناتها – ( حديد ، أحماض أمينية ، بروتينات ، دهون ) .
أو لا تتكسر وتفقد خاصية المرونة ... و هنا تكمن الخطورة ... حيث تبدأ بالتلاصق و التراكم ، وتنشأ أمراض لا حصر لها .
أو تظل خلايا هرمة ( فاسدة ) لا تستطيع القيام بوظيفتها .
موقع الحجامة و شروطها :
موقع الحجامة :
حدد رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات و التسليم موقع الحجامة بالكاهل .
و منطقة الكاهل من الناحية العلمية هي الواقعة حول العمود الفقري من أعلى الظهر إلى فوق مستوى الكليتين .
و هذه المنطقة هي أهدأ و أركد منطقة في الجسم ، إذ لا توجد فيها حركة للدورة الدموية ، كما أن منطقة الكاهل تمتاز بشبكة دموية شعيراتها دقيقة جداً ... و شبهت بأنها تعمل كشبكة الصياد . أي أن الشوائب و التوالف و الخلايا الهرمة إذا دارت مع الدروة الدموية ذهبت إلى منطقة الكاهل فتستقر هناك ... إضافة إلى ذلك فإن منطقة الكاهل لا تحتوي على أوعية دموية كبيرة تجعل الشخص يتخوف من مضاعفات و أعراض جانبية بسبب الحجامة .....
شروط الحجامة :
منع الحجامة للذكور إلاّ بعد اكتمال سن النمو لديهم ..... لماذا ؟؟؟
إن عملية النمو عند الإنسان ، وبالذات العظام تحتاج إلى حديد حر ، و هذا يوجد في كريات الدم الحمراء ، و الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام منع الحجامة منذ الصغر حتى سن البلوغ ، فالإنسان منذ ولادته إلى البلوغ يكون في أمس الحاجة إلى الخلايا التي تتكسر و الأحماض الأمينية لارتباطها بعملية النمو .....
أما الإناث فقد حدد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الحجامة بأن تكون بعد مرحلة انقطاع الحيض ..... لماذا ؟؟؟
لأن العادة الشهرية عند المرأة تعتبر عملية حجامة طبيعية ... ! فقد وجد أن الدم الذي يتم استخراجه بالحجامة و كذا دم الحيض عند المرأة متطابقان من حيث احتواء كل منهما على خلايا هرمة وشوائب .
وقضت الحكمة الإلهية بإن العادة الشهرية في فترة الحمل بدلاً من خروجها من المرأة تبقى ليستلمها الجنين عبر الحبل السري ، وكذلك عند المرأة المرضع فإن الطفل يستلم ما يتحطم من الخلايا بدم الأم مع ما يرضعه من حليبها ؛ لأنه يحتاج لها في عملية نموه .
(( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ))
مواعيد إجراء الحجامة :
فصل الشتاء و الربيع
جاء في الحديث الشريف ( نعم العادة الحجامة ) والعادة كما فسرها العلماء (السنة) ، وفي حديث آخر ( استعينوا على شدة الحر بالحجامة ) .
و المقصود أن الحجامة تفضل قبل الصيف .. أي في فصل الربيع .. و هذا ينطبق على البلدان ذات الفصول الأربعة ... اما البلدان ذات الفصلين فيفضل أن تكون الحجامة في فصل الشتاء ...!
لماذا في فصل الشتاء ؟
لأنه كلما ارتفعت درجة الحرارة زادت ميوعة الدم وبالتالي زيادة في نشاط الدورة الدموية ... فتنتشر معها الشوائب والتوالف و الخلايا الهرمة ولا تستقر في منطقة الكاهل ، فلا تكون الحجامة مفيدة حينئذ ...!
حركتي المد والجزر
حدد سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه للحجامة أيام محددة من الشهر الهجري ، وهي من 17- 27 ، فقد جاء في الحديث (( الحجامة تكره في أول الهلال و لا يرجى نفعها حتى ينقص )) .
إن حركتي المد و الجزر في البحر تتم وفق حركة القمر ؛ حيث يحصل المد عندما يكون القمر مكتملاً ، و يحدث الجزر عندما ينقص حجم القمر .... و لأن الكرة الأرضية ثلاثة أرباعها سوائل ( محيطات والبحار) ، و كذلك الإنسان ثلاثة أرباع جسمه سوائل .
نعود لعلاقة الحجامة بحركة القمر ....؟؟؟
إن الدورة الدموية في الأيام الأولى من الشهر تكون في قمة نشاطها ، و تنتشر معها الشوائب و الخلايا الهرمة بدلاً من أن تكون مجتمعة في منطقة الكاهل ؛ لذلك فالحجامة في تلك الفترة تكون لا فائدة منها ....
كما أضاف العلماء الذين أجروا دراسات و بحوث حول الحجامة شروط أخرى مفادها أنه يفضل يوم الحجامة ألاّ يغتسل الشخص المحتجم ، و إذا كان لابد من الاغتسال فيفضل أن يكون بماء عادي أو بارد ، بمعنى ألاّ يكون الماء دافئ لأن البرودة تعمل على تضييق الشرايين فيبقى الدم في أماكنه . و أن تجرى في وقت مبكر ؛ لأنه في وقت الظهيرة ترتفع حرارة الشمس فتتوسع الشرايين فتتحرك الشوائب مع الدورة الدموية ....
الفرق بين التبرع بالدم و الحجامة
معروف أن الدم ينتج في نخاع العظام ( نقي العظام ) ، فلو تبرع الشخص اليوم برطل من الدم ... يعطي الدماغ أمر للنقي حيث يقوم بالتعويض خلال 48 ساعة ... ثم جاء الشهر الثاني و تبرع نفس الشخص مرة أخرى بنفس الكمية ، فيقوم نقي العظام بالتعويض .... و إذا تكرر ذلك أكثر من خمس مرات ثم توقف الشخص عن التبرع ؛ فإن النقي يظل ينتج المزيد من الدم لأن الخلايا قد أثيرت ...!
و في هذه الحالة يضطر الشخص للتبرع حتى لو لم تكن لديه رغبة لذلك .
لكن في حالة الحجامة فإن الدم الذي يخرج هو دم فاسد قد سبق إنتاجه ، فلا يقوم بإثارة نقي العظام لإنتاج البديل من الدم المفقود ، لأن ذلك الدم المفقود بواسطة الحجامة هو دم فاسد و خلايا ميتة .
وقاية من الأمراض الخطيرة
أثبتت الدراسات و الأبحاث حول الحجامة أن الدم الذي يستخرج بالحجامة يحتوي فعلاً على خلايا هرمة و شوائب ، و لوحظ بعد فحص دم الشخص المحتجم أن قدرة خلايا الدم البيضاء تتضاعف نحو عشرة أضعاف لإنتاج مادة (الأنترفرول) .. و هذه المادة تعتبر خط الدفاع الأول عند الإنسان .
و وجد من خلال الأبحاث و الدراسات أن الحجامة تفيد في تدفق الدم في الشرايين و إعادة الضغط إلى حدوده الطبيعية . و بالتالي فإن أكثر الحالات المرضية استفادة من الحجامة هم مرضى الضغط و السكر و الصرع .....
تمنياتي للجميع دوام الصحة و العافية
