سيدة الوسط

سيدة الوسط @syd_alost

عضوة شرف في عالم حواء

الطلبة المشاغبون تحت السيطرة!

الطالبات والمعلمات

في مقدمة الصف، وهو يسير في الممر، والباب مفتوح فلاحظ هدوءاً استغربه. كان يتفقد المدرسة في فترة «ما بعد الفسحة» واضطرته رغبته في الاستيقان.. (هل المعلم موجود؟).. إذ لم يتمكن من رؤيته، في النظرة الأولى.. ومع صرير الألمنيوم، انفتح الشباك.. فوجد نفسه وجهاً لوجه مع المدرس.. حياه.. وانصرف. لم يكن مع المعلم عصا.. وليس لديه وصفة سحرية «يمارسها».. فيصمت تلاميذه.. ويفقدون قدرتهم على «الشغب» و«الفوضى»! -إنهم يعملون! - «وعناصر الشغب» تحت السيطرة. هذان العنصران هما «الوصفة» السحرية التي يحتاج إليها المعلم في الصف، «لإنتاج العلم» في هدوء، وبأقل «تكلفة» ممكنة!.. تعريف نجده في أدبيات الإدارة الحديثة.. هي من أولويات ما يعلمه المعلم.. عندما تؤهله دراسته في التربية التطبيقية! لم تذكر هذه «الوصفة».. العصا.. كعنصر من عناصر الإنتاج التعليمي -التعلمي. نحن -معشر المعلمين- بحاجة إلى تذكر.. عناصر إدارة الصف.. لأن اتقان المعلم لهذه «المهارة».. هو «ملخص لأستاذيته».. والمؤهل العملي الذي يلج به إلى عالم «المعلم».. الرحب، بكل ما فيه من عناصر البناء والتكوين.. العلمي والسلوكي. هذه «تذكرة».. تحضر في المواجهة الدائمة بين أنصار العصا بدون قيد، والإفراط في استخدامها، وبين «الأنصار» الذين لا يجعلون لها مكاناً في غرفة الصف.. وقد يرون لها «فوائد» في ظروف معينة.. يفصل فيها إداريو المدرسة! عندما يوجه التلاميذ للعمل، بعد فهم، وعندما يسيطر المعلم على «واحد» أو «اثنين»، هما منتجا الشغب في الصف، يستطيع أن يملك في أصبعه، عناصر الإدارة الفعالة.. وعندئذ يملك الوقت الكافي في تعليمهم.. ويملكون هم، الوقت الضروري.. بل «الحالة المثلى».. للتعلم والإنتاج! إن المدرسة «وحدة بناء» اجتماعية، هامة وحيوية، لأنها تملك مقومات، ولبنات المستقبل.. بهذا الإنتاج الإنساني.. إذ هي الرحم الذي يتكون فيه، هذا المستقبل، قطعة، قطعة، بتمثيل صادق، يحاكي الحقيقة ويماثلها، وليس على سبيل التجوز أو التشبيه، كما تقتضي صنعة البلاغة. لذلك كله، يحرص التعليميون، دائماً، على ألا تتحول المدرسة إلى «وحدة هدم» لسوية الشخصية الإنسانية، أو حقل لتجارب الضعف الإنساني.. بالإفراط في العقاب، سواءً باللسان أو العصا.. أو بوسائل الترهيب الكثيرة.. كالإهمال والحرمان والكراهية!. مازالت صورة أستاذي، في ذهني، منذ عقود.. وهو يدخل علينا: جاحظ العينين، متجهم القسمات، حاد النبرات.. نسرق أنفاسنا في حضرته.. ينتفض مع كل كلمة.. نحسبه ذلك «الغول» الذي كانت جداتنا تخوفنا به!.. فأصابني، منذ ذلك الحين، ردة فعل منعكسة.. لازمتني فترة طويلة.. لم يخلصني منها، إلا نضج وسيطرة.. جاءتني مع توالي الأيام.. والنظر المستمر! لم يقدر لي، أن أتعرف، على مشاعر العشرات من الذين شاركوني مقعد الدراسة في ذلك الوقت، فأحصي ما حل بهم، من ندوب نفسية، وشروخ في الشخصية، ومخاوف مرضية، من تأثير تلك «التربية» السيئة!!.. لكني أقطع، وبحكم تجربتي أن كثيراً منها، قد اتخذ طريقه إلى تلك النفوس، ولازمها زمناً وقد يكون بعضه، لازال، يفعل فعله، حتى الآن! إن «الإفراط» في العقوبة، بكل ألوانها وطيفها.. البدني والنفسي هو تعسف في استخدام «الأستاذية».. هذه الأستاذية التي يجلها المجتمع ويقدرها، رغم كل ما يقال في هذا الشأن من أحاديث.. لا تزيد عن كونها لوناً من ألوان النقد لمظاهر السلبية في الآداء التعليمي.. كما نجد في كل حرفة أو مهنة، أو نشاط بشري! إن هذا التعسف، كان دائماً، وما زال، مخالفة صريحة لقاعدة مقررة: «لا يجوز».. يتم اجتراحها، وفي أوقات كثيرة.. ونجد الطالب ضحية لها! لا يمل المهتمون، من التنبيه والتنويه.. ولفت النظر.. وإعادة «القضية» إلى بؤرة الاهتمام.. حتى لا نخسر «شيئاً» من وحدات البناء الإنساني، التي ندخرها لمستقبل، نريده مضيئاً نافعاً.. يساهم في بناء إنساني، يزيد عن رقعته الوطنية أو الإقليمية.. وحتى يلقاك، تلميذك، أيها «الأستاذ»، بعد زمن، فيندفع إليك، بكل مشاعره، محيياً ومسلماً.. لما يجده في أعماق ذاكرته، من ذكرى طيبة، لا زالت تملك عليه نفسه،.. وحرصاً على الوقت.. والدعوة الحارة، الصادقة، النابعة من يقين.. إلى تحصيل العلم.. والتوجيهات المتئدة.. الخالية من قسوة التأنيب.. الداعية إلى تغليب «الحلم» على «الاندفاع» .. ولا للعصا في غرفة الصف!!
نشر في مجلة ( المعرفة) العدد (54) بتاريخ ( رجب 1420هـ).
2
694

هذا الموضوع مغلق.

إشراق 55
إشراق 55
شكراً لك أختي سيدة الوسط على موضوعك القيم .. والمعلم الناجح في تعليمه هو الذي لا يلجأ للعصا في حل مشاكله مع طلابه في حالة عصيانهم له او تقصيرهم في واجبالتهم با يتعامل معهم بطرق تربوية خاصة مناسبة لوضعم ولإصلاحهم .
atheer
atheer
جزاك الله الف خير اخيتي سيدة الوسط على هذا القيم والمفيد ... و أود أن أضيف شيئا وهو أن العصا التي لا يجوز استخدامها و التي تتسبب في كل تلك الشروخ و الندوب ليست فقط عصا حسية بل هي ايضا عصا معنوية ...
فكما ان هناك معلم يمسك بعصا في يده و يجلد الطلبة و يتسبب لهم بكل تلك الندوب على اجسادهم الطرية , فهناك عصا معنوية قد تسبب في شيء أعمق من الندوب تتسبب في شروخ داخلية قد تكسر شيئا في نفس الطالب و الى الأبد بحيث يصعب جبر هذا الكسر عندما يتقدم به العمر ...
فالمعلم يملك اذن عصاتين احدهما في يده و الاخرى في لسانه و سيد الخلق و معلمهم اجمعين صلى الله عليه وسلم اخبرنا ان المسلم من سلم الناس من لسانه و يده و قد سبق اللسان اليد فهو اذن قد يكون وقعه و أذاه أقوى في النفس ...

وسلم الله الايادي اختنا سيدة الوسط على هذا الموضوع المهم ...