بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده،والصلاة والسلام على من لانبي بعده،أمابعد:
فهذه قصص بعض التائبات من نساء شهيرات وغير شهيرات كتبها محمد بن عبد العزيز المسند:
لكل فتاة تريد الحياة ..تريد السعادة..ترجو النجاة ..قبل الممات وبعد الممات راجياً أن تكون مفتاحاً للتوبة
ومجدافاً لقارب الأوبة ..
توبة الداعية سوزي مظهر على يد امرأة فرنسية:ـ
لا تزال قوافل التائبين والتائبات ماضية لا يضرها نكوص الناكصين،ولا نباح النابحين..ولسان حالها يقول:
إذا الكلب لا يؤذيك إلا بنبحه
فدعه إلى يوم القيامة ينبح
ومن أواخر من التحق بركب الإيمان الفنانة سوزي مظهر التي صار لها أكثر من عشرين عاماً في مجال
الدعوة إلى الله،ارتبط اسمها بالفنانات التائبات وكان لها دور دعوي بينهن ..روت قصة توبتها فقالت:
تخرجتُ من مدارس(الماردي دييه)ثم في قسم الصحافة بكلية الآداب،عشت مع جدتي والدة الفنان أحمد مظهر فهو عمي ..كنت أجوب طرقات حي الزمالك،وأرتاد النوادي وكأنني أستعرض جمالي أمام العيون
الحيوانية بلا حرمة تحت مسميات التحرر والتمدن.
وكانت جدتي العجوز لا تقوى علي،بل حتى أبي وأمي،فأولاد الذوات هكذا يعيشون،كالأنعام،بل أضل سبيلاً
إلا من رحم الله عزوجل.
حقيقة كنت في غيبوبة عن الإسلام سوى حروف كلماته،لكنني برغم المال والجاه كنت أخاف من شئ ما..
أخاف من مصادر الغاز والكهرباء،وأظن أن الله سيحرقني جزاء ما أنا فيه من معصية،وكنت أقول في نفسي
إذا كانت جدتي مريضة وهي تُصلي،فكيف أنجو من عذاب الله غداً،فأهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالإستغراق في النوم أو الذهاب إلى النادي.
... وعندما تزوجت،ذهبت مع زوجي إلى فرنسا لقضاء ما يسمى بشهر العسل،وكان مما لفت نظري
هناك أنني عندما ذهبت للفاتيكان في روما وأردت دخول المتحف البابوي أجبروني على ارتداء
البالطو أو الجلد الأسود على الباب ..هكذا يحترمون ديانتهم المحرفة ..وهنا تساءلت بصوت خافت
:فمابالنا نحن لا نحترم ديننا؟؟!
وفي أوج سعادتي الدنيوية المزيفة قلت لزوجي أريد أن أصلي شكراً لله على نعمته،فأجابني إفعلي
ما تريدين،فهذه حرية شخصية(!!!)
وأحضرت معي ذات مرة ملابس طويلة وغطاء للرأس ودخلت المسجد الكبير بباريس فأديت الصلاة
وعلى باب المسجد أزحت غطاء الرأس وخلعت الملابس الطويلة وهممت أن أضعها في الحقيبة
وهنا كانت المفاجأة ..اقتربت مني ..
فتاة فرنسية ذات عيون زرقاء لن أنساها طول عمري،ترتدي
الحجاب..أمسكت يدي برفق وربتت على كتفي،وقالت بصوت منخفض:لماذا تخلعين الحجاب؟!
ألا تعلمين أنه أمر الله!!..كنت أستمع لها في ذهول،والتمست مني أن أدخل معها المسجد بضع
دقائق،حاولت أن أفلت منها لكن أدبها الجم،وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول..
سألتني :أتشهدين أن لا إله إلا الله؟..أتفهمين معناها؟؟..إنها ليست كلمات تُقال باللسان،بل لابد
من التصديق والعمل بها ..
لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة ..اهتز قلبي،وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني
قائلة:انصري يا أختي هذا الدين.
خرجت من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أحس بمن حولي،ثم صادف هذا اليوم أن صحبني زوجي
في سهرة إلى (كباريه....)
وهو مكان إباحي يتراقص فيه الرجال مع النساء شبه عرايا،ويفعلون كالحيوانات،بل ان الحيوانات
لتترفع من أن تفعل مثلهم ..كرهتهم وكرهت نفسي الغارقة في الضلال ..لم أنظر إليهم،ولم أحس بمن حولي،وطلبت من زوجي أن نخرج حتى أستطيع أن أتنفس ..ثم عدت فوراً إلى القاهرة،وبدأت أولى خطواتي للتعرف على الإسلام.
وعلى الرغم مما كنت فيه من زخرف الحياة الدنيا إلا أنني لم أعرف الطمأنينة والسكينة،ولكني اقترب إليها كلما صليت وقرأت القرآن.
واعتزلت الحياة الجاهلية من حولي ،وعكفت على قراءة القرآن ليلاً ونهاراً ..وأحضرت كتب ابن كثير وسيد
قطب وغيرهما..كنت أنفق الساعات الطويلة في حجرتي للقراءة بشوق وشغف ..قرأت كثيراً وهجرت حياة النوادي وسهرات الضلال ..وبدأت أتعرف على أخوات مسلمات.
ورفض زوجي في بداية الأمر بشدة حجابي واعتزالي لحياتهم الجاهلية،لم أعد أختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم،ولم أعد أصافح الذكور،وكان امتحاناً من الله،لكن أولى خطوات الإيمان هي الإستسلام لله،وأن يكون
الله ورسوله أحب إلي مما سواهما،وحدثت مشاكل تكاد تفرق بيني وبين زوجي ..ولكن الحمدلله فرض الإسلام وجوده على بيتنا الصغير،وهدى الله زوجي للإسلام،وأصبح الأن خيراً مني ،داعية مخلصاً لدينه،
أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحداً.
وبرغم المرض والحوادث الدنيوية،والإبتلاءات التي تعرضنا لها فنحن سعداء مادامت مصيبتنا في دنيانا وليست في ديننا.
===================
القصة الثانية:توبة أشهر عارضة أزياء فرنسية:ـ
"فابيان"عارضة الأزياء الفرنسية،فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها،جاءتها لحظة الهداية وهي غارقة في عالم الشهرة والإغراء والضوضاء..انسحبت في صمت..تركت العالم بمافيه،وذهبت إلى أفغانستان!لتعمل في تمريض جرحى المجاهدين الأفغان!وسط ظروف قاسية وحياة صعبة!
تقول فابيان:"لولا فضل الله علي ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ".
ثم تروي قصتها فتقول:
"منذ طفولتي كنت أحلم دائماً بأن أكون ممرضة متطوعة،أعمل على تخفيف الآلام للأطفال المرضى،ومع الأيام كبرت،ولفت الأنظار بجمالي ورشاقتي،وحرضني الجميع بما فيهم أهلي ـــ على التخلي عن حلم طفولتي،وإستغلال جمالي في عمل يدر علي الربح المادي الكثير،والشهرة والأضواء،وكل مايمكن أن تحلم به أية مراهقة،وتفعل المستحيل من أجل الوصول إليه.
وكان الطريق أمامي سهلاً ــ أو هكذا بدا لي ــ فسرعان ماعرفت طعم الشهرة،وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم أكن أحلم بإقتنائها.
ولكن كان الثمن غالياً..فكان يجب علي أولاً أن أتجرد من إنسانيتي،وكان شرط النجاح والتألق أن أفقد حساسيتي،وشعوري،وأتخلى عن حيائي الذي تربيت عليه،وأفقد ذكائي،ولا أحاول فهم أي شئ غير حركات جسدي،وإيقاعات الموسيقى،كما كان علي أن أحرم من جميع المأكولات اللذيذة،وأعيش على الفيتامينات الكيميائية والمقويات والمنشطات،وقبل ذلك أن أفقد مشاعري تجاه البشر ..لا أكره ..لا أحب ..لا أرفض أي شئ .
إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك مهمته العبث بالقلوب والعقول ..فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس،فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر،ولم أكن وحدي المطالبة بذلك،بل كلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم البارد ..أما إذا خالفت أياً من تعاليم الأزياء فتعرض نفسها لألوان العقوبات التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسماني أيضاً!
وعشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل مافيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل أوحياء".
وتواصل فيبيان حديثها فتقول:
"لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ ــ إلا من الهواء والقسوة ــ بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصياً واحترامهم لما أرتديه.
كما كنت أسير وأتحرك ..وفي كل إيقاعاتي كانت تصاحبني كلمة(لو)..وقد علمت بعد إسلامي أن لو تفتح عمل الشيطان..وقد كان ذلك صحيحاً،فكنا نحيا في عالم الرذيلة بكل أبعادها،والويل لمن تعترض عليها
وتحاول الإكتفاء بعملها فقط".
وعن تحولها المفاجئ من حياة لاهية عابثة إلى أخرى جادة تقول:
"كان ذلك أثناء رحلة لنا في بيروت المحطمة،حيث رأيت كيف يبني الناس هناك الفنادق والمنازل تحت قسوة المدافع،وشاهدت بعيني انهيار مستشفى للأطفال في بيروت ولم أكن وحدي،بل كان معي زميلاتي من أصنام البشر،وقد اكتفين بالنظر بلا مبالاة كعادتهن.
ولم أتمكن من مجاراتهن في ذلك ..فقد انقشعت عن عيني في تلك اللحظة غلالة الشهرة والمجد والحياة الزائفة التي كنت أعيشها،واندفعت نحو أشلاء الأطفال في محاولة لأنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة.
ولم أعد إلى رفاقي في الفندق حيث تنتظرني الأضواء،وبدأت رحلتي نحو الإنسانية حتى وصلت إلى طريق النور وهو الإسلام.
وتركت بيروت وذهبت إلى باكستان،وعند الحدود الأفغانية عشت الحياة الحقيقية،وتعلمت كيف أكون إنسانة
وقد مضى على وجودي هنا ثمانية أشهر قمت فيها بالمعاونة في رعاية الأسر التي تعاني من دمار الحروب،وأحببت الحياة معهم،فأحسنوا معاملتي.
وزاد إقتناعي بالإسلام ديناً ودستوراً للحياة من خلال معايشتي له،وحياتي مع الأسر الأفغانية والباكستانية،وأسلوبهم الملتزم في حياتهم اليومية،ثم بدأت في تعلم اللغة العربية،فهي لغة القرآن،وقد أحرزت في ذلك تقدماً ملموساً.
وبعد أن كنت أستمد نظام حياتي من صانعي الموضة في العالم أصبحت حياتي تسير تبعاً لمبادئ الإسلام وروحانياته".
وتصل "فابيان"إلى موقف بيوت الأزياء العالمية منها بعد هدايتها،وتؤكد أنها تتعرض لضغوط دنيوية مكثفة ،فقد أرسلوا عروضاً بمضاعفة دخلها الشهري إلى ثلاثة أضعافه،فرفضت بإصرار..
فما كان منهم إلا أن أرسلوا هدايا ثمينة لعلها تعود عن موقفها وترتد عن الإسلام.
وتمضي قائلة:
"ثم توقفوا عن إغرائي بالرجوع ..ولجأوا إلى محاولة تشويه صورتي أمام الأسر الأفغانية،فقاموا بنشر أغلفة المجلات التي تتصدرها صوري السابقة أثناء عملي كعارضة للأزياء، وعلقوها في الطرقات وكأنهم ينتقمون من توبتي،وحاولوا بذلك الوقعية بيني وبين أهلي الجدد، ولكن خاب ظنهم والحمدلله".
وتنظر فيبيان إلى يديها "لم أكن أتوقع يوماً أن يدي المرهفة التي كنت أقضي وقتاً طويلاً في المحافظة على نعومتها سأقوم بتعريضها لهذه الأعمال الشاقة وسط الجبال،ولكن هذه المشقة زادت من نصاعة وطهارة يدي،وسيكون لها حسن الجزاء عند الله سبحانه وتعلى إن شاءالله".
القصة الثالثة:توبة الراقصة هالة الصافي .وتقول: روت الفنانة الراقصة،المعروفة،هالة الصافي،قصة إعتزالها الفن وتوبتها،والراحة النفسية التي وجدتها عندما عادت إلى بيتها وحياتها،وقالت بأسلوب مؤثر عبر لقاء صحفي معها:
"في أحد الأيام كنت أؤدي رقصة في أحد فنادق القاهرة المشهورة،شعرت وأنا أرقص بأنني عبارة عن جثة،دمية تتحرك بلا معنى،ولأول مرة أشعر بالخجل وأنا شبه عارية،أرقص أمام الرجال ووسط الكؤوس.
تركت المكان،وأسرعت وأنا أبكي في هستيريا حتى وصلت إلى حجرتي وإرتديت ملابسي.
انتابني شعور لم أحسه طيلة حياتي مع الرقص الذي بدأته منذ كان عمري 15سنة ،فأسرعت لأتوضأ،وصليت،وساعتها شعرت لأول مرة بالسعادة والأمان،ومن ذلك اليوم ارتديت الحجاب على الرغم من كثرة العروض،وسخرية البعض.
أديت فريضة الحج،وقفت أبكي لعل الله يغفر لي الأيام السوداء.."
وتختم قصتها المؤثرة قائلة:"هالة الصافي ماتت ودفن معها ماضيها، أما أنا فاسمي سهير عابدين،أم كريم،ربة بيت،أعيش مع ابني وزوجي،ترافقني دموع الندم على أيام قضيتها من عمري بعيداً عن خالقي الذي أعطاني كل شئ.
إنني الآن مولودة جديدة،أشعر بالراحة والأمان بعد أن كان القلق والحزن صديقي،بالرغم من الثراء والسهر واللهو".
وتضيف:"قضيت كل السنين الماضية صديقة للشيطان،لا أعرف سوى اللهو والرقص،كنت أعيش حياة كريهة حقيرة،كنت دائماً عصبية،والآن أشعر أنني مولودة جديدة،أشعر أنني في يد أمينة تحنو علي وتباركني،يد الله سبحانه وتعالى".
القصص المقبلة:توبة فتاة مصرية ، توبة فتاة في العشرين ، توبة فتاة في روض القرآن .
أحـلام مشرقة @ahlam_mshrk_3
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أمونة المصونة:27:
مانقلته لكم ليس من كتاب وإنما من مطوية وُزعت علينا أيام الدراسة وعنوانها هو نفس عنوان الموضوع ..
شاكرة لتواجدك الرائع عزيزتي:)
مانقلته لكم ليس من كتاب وإنما من مطوية وُزعت علينا أيام الدراسة وعنوانها هو نفس عنوان الموضوع ..
شاكرة لتواجدك الرائع عزيزتي:)
الصفحة الأخيرة
*أ.هـ. فتاة في العشرين من عمرها،أراد الله بها خيراً فوفقها للتوبة والهداية،تروي قصتها فتقول:
كانت حياتي أشبه بحياة الجاهلية على الرغم من أني ابنة أناس محافظين ومتمسكين بالقيم والمبادئ الإسلامية،كنت لا أحافظ على أوقات الصلاة،حتى أن صلاة الفجر لا أصليها إلا بعد الساعة العاشرة صباحاً.
أرى إخوتي يسهرون في رمضان لقيام الليل وقراءة القرآن،وأنا أحيي الليل بالسهر على أشرطة الفيديو والنظر إلى ما يُغضب الله.
*وفي ليلة من الليالي وبعد أن أويت إلى فراشي رأيت فيما يرى النائم أني مع مجموعة من الصديقات"قرينات السوء"،وكنا نلعب كعادتنا،فمرت من أمامي جنازة،فجلست أنظر إليها،وكن يحاولن صدي عنها،حاولت أن ألحق بها فلم أستطع،فركضت وركضت إلى أن وصلت إليها،وبعد مرورنا بطريق وعر عجزت عن مواصلة الطريق ،فوجدت غرفة صغيرة مظلمة،دخلتها وقلت:ماهذه؟!قالوا لي:هذا قبرك،هذا مصيرك،عندها أردت أن أتدارك عمري،فصرخت بأعلى صوتي:أريد مصحفاً،أريد أن أصلي،أريد أن أخرج دمعة تنجيني من عذاب الله الأليم.
فجاء صوت من خلفي قائلاً:هيهات،انقضى عمرك وأنت منهمكة بالملذات.
وفجأة،استيقظت من نومي على صوت الإمام في صلاة الفجر وهو يتلو قوله تعالى(ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق).(سورة الحديد،الآية16).
سبحان الله،شريط حياتي أخذ ينطوي أمامي،وقد تداركتني نعمة ربي بأن جعلني أتوب إليه قبل الوفاة،فلله الحمد والمنة
==================
توبة فتاة مصرية:ــ
تقول هذه الفتاة:
تجولت مع أسرتي في أكثر من دولة عربية كانت بلاد الحرمين هي آخرها ..والدي خريج أزهري متدين ومدرس للدراسات الإسلامية،أما والدتي فثقافتها الإسلامية قليلة جداً،لذا فهي دائمة الخلاف معي حول مسائل دينية في الحياة..أثناء سفراتي المتعددة لاحظت أن بعض نساء الريف يلبسن ملابس طويلة ساترة،ولا يظهرن أمام الرجال الأجانب(غير المحارم)،ولكني إعتقدت أنهن يلبسن هذا اللباس اتباعاً لعادات وتقاليد تمسكن بها،ولم أعرف أنها إسلامية..لم أعرف في حياتي شيئاً اسمه الحجاب رغم سفري المتعدد،رغم أن والدتي تلبس ملابس طويلة،وتغطي شعرها ب"إيشارب"،ولما إستقرينا في مصر لأول مرة،وانتقلت إلى المرحلة الثانوية،جلست بجواري فتاة محجبة..سألتني من أول يوم:لماذا أنت لست محجبة يا...؟!ولكني لم أرد عليها،وإنما اكتفيت بالنظر إليها باستغراب،ثم تركتها وانصرفت،لكنها لم تتركني فأخذت تعلمني طوال العام تعاليم الدين،وأشياء لم أتصور في يوم من الأيام أنها محرمة،ومما ساعدني على تقبل نصائحها أنني كنت أحبها لأدبها وحيائها،واجتهادها في الدراسة.
وانتهى العام الدراسي،وأحسست بالوحشة لإبتعادي عنها،وابتعدت رويداً رويداً عن الإهتمام بالحجاب،وكنت أنظر إلى الفتيات المحجبات وأتمنى أن أكون مثلهن وأن أغطي وجهي،كما كنت ــ في الوقت نفسه ــأنظر إلى الفتيات السافرات فأطمح أن أكون مثلهن في إهتمامهن بأنفسهن وحركتهن..أصبحت هكذا في دوامة إلى كنت آنذاك قد نجحت إلى الصف الثالث الثانوي،فالتحقت بإحدى المدارس الثانوية للبنات فرأيت الفتيات وجمالهن في المدرسة ومدى الحرية التي يتمتعن بها حيث يتعلمن ويسرحن ويمرحن دون أن ينظر إليهن رجل ثم يخرجن من المدرسة وهن يرتدين الحجاب ويغطين وجوههن..تأثرت كثيراً بهذا المنظر الرائع،وعندما خرجت من المدرسة وأنا أغطي وجهي كنت في غاية السعادة وكأنني ملكة قد لبست أفخر الثياب.
وفي العطلة الصيفية كنا نخرج أنا وأسرتي إلى السوق لشراء بعض الحاجات،فيبهرني مافيه من الحياة الناعمة،والسيارات الفاخرة،و(الإكسسوارات)والذهب والملابس،وسائر المتع والملذات الدنيوية الزائفة،فقد كان لها في عيني بريق خاص،فقلت في لنفسي:لابد أن أحقق أمنياتي،وهي أن أكون فنانة)،ممثلة..أو مغنية..أو ملحنة..أو مضيفة في طائرة..هذا ماكانت تحدثني به نفسي الأمارة بالسوء،وحينما أعود إلى البيت أتخيل نفسي وقد أصبحت ثرية،وتأخذني الأماني الكاذبة،والدنيا بزخرفها الزائل.
وفي إنتهاء الإجازة الصيفية،عدنا إلى المدرسة،وكنت قد أعدت السنة بسبب بعض الظروف المتعلقة بإنتقالنا من مصر،وفي المدرسة بدأت أكون صداقات كثيرة مختلفة،وأثناء الفسحة المدرسية أجلس في مصلى المدرسة لأستمع إلى الدروس والندوات التي تُلقى،فأخرج منها في كثير من الأحيان وأنا باكية وفي داخلي عزم أكيد على أن أكون صالحة مستقيمة،وميزتي أنني لا أكره النصيحة،بل هي شئ محبب إلى نفسي وخاصة إذا صدرت من أهل الدين والصلاح أو كبار السن المتدينين،فتظل عالقة في ذهني أتذكرها دائماً،وأعمل بها بكل صدق وأمانة قدر طاقتي ووسعي..
هذه الحياة المدرسية القصيرة التي لم تتجاوز الأشهر جعلتني أفكر كثيراً،وأعرف الكثير عن ديني..حلاله وحرامه..كنت ـــ مثلاً ـــ أعتقد وأنا في مصر أن غطاء الوجه فضيلة وليس بواجب،ولكن عندما قدمت إلى هذه البلاد،وبسماعي للأشرطة وقرآتي للكتب،عرفت أنه واجب،وعندما دخلت هذه الفكرة في رأسي،واقتنعت بها،فكرت أن ألبس الحجاب المصري(وهو خمار فوق الرأس إلى منتصف الجسد ثم تحته فستان واسع)ولكني سمعت شيخاً يقول إن الحجاب لابد أن يكون من أول الرأس إلى أسفل القدمين قطعة واحدة فيغطي جميع البدن،عندها صممت أن ألبس العباءة..لا لأكون سعودية،بل لأكون مسلمة حقيقية أتبع مايريده الله عزوجل..
ولكني ..
أن سافرنا مع والدي إلى السعودية وهي البلد الوحيد حسب علمي الذي ليس فيه مدارس مختلطة في جميع المراحل الدراسية..
بعد هذا التغير الذي طرأ على حياتي،سألت نفسي مرة:كيف أغطي وجهي وألبس العباءة وأنا أريد أن أكون فنانة ومضيفة..؟!فقلت لنفسي:إنني أحب التدين،وإذا تزوجت أحب أن يكون زوجي صالحاً،وأن يكون أولادي كذلك مثل أولاد المسلمين الأوائل..فإذا أصبحت فنانة،لابد أن ينحرف أولادي،وكذلك زوجي..لا،بل سيتعدى ذلك إلى إخوتي البنين اللذين هم في سن المراهقة،وسيندمجون مع أولاد الطبقات الفاسدة التي ال تعرف إلا طريق الفساد والإنحراف..وأختي من المؤكد أنها ستنزع الحجاب،وكذلك أمي..
وإذا أصبحت مضيفة فمن يضمن لي ألا أحترق في الطائرة فأكون قد خسرت الدنيا والآخرة..تساؤلات كثيرة ومثيرة كادت تحطم رأسي فأحس به يكاد ينفجر..لقد تواردت علي تلك التساؤلات دفعة واحدة،فسيطرت على كياني وكأنها شبح يخنقني،ولا يفارقني حتى وأنا أقوم ببعض أعمال البيت،فأترك مافي يدي،وأضرب رأسي بكفي،وأقول..كفى..كفى..لن أتخلى عن الفن مهما كانت العواقب..
أحسست أن هناك صراعاً داخلياً في نفسي بين شخصيتين،الأولى:تقول لي :إياك أن تبتعدي عن الفن،إنه حلم حياتك..إنه المجد والشهرة والغنى والسعادة..!
والثانية :تأمرني بأن أبتعد عن الفن،وتقول لي إياك إياك..فإنه الخسران المبين وسوف تندمين..
واحتدم الصراع في داخلي،حتى إنتهيت إلى قرار يريحني ويرضاه عقلي،وقبل ذلك يرضاه ربي وخالقي..فقد رفضت أن أكون فنانة ماجنة،أو دمية متحركة باسم الفن،أو خادمة بإسم مضيفة،واستسلمت لله،وقلت:ما أحلى الحياة مع الله والعيش في كنفه،وسحقاً لهذه الحياة الزائلة،وملذاتها وبريقها الخادع:
(من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون(النحل:79).
وبعد هذا أصبحت أكثر إطمئناناً..لا أرهب الموت،ولا أقيم للقيامة وزناً..أنظر إليها وكأن أجلي سيكون غداً أو في أقرب لحظة،وكلما رأيت شيئاً جميلاً أو حديقة غناء أقول لنفسي الجنة أجمل وأدوم،وكلما رأيت نفسي تجنح لسوء أو شئ يغضب الله عزوجل أتذكر على الفور جنة الخلد ونعيمها السرمدي الأبدي،وأتذكر لسعة النار على يدي فأفيق من غفلتي..هكذا كنت أدرب نفسي بنفسي على تقوى الله عزوجل والخوف منه..وكما كنت في الماضي أتشوق إلى أن أكون فنانة أو مغنية أو مضيفة..أصبحت الآن أشتاق لإن أكون داعية لديني..والحمدلله تخلصت من كل مايغضب الله عزوجل من مجلات ساقطة،وروايات ماجنة وقصص تافهة،أما أشرطة الغناء فقد سجلت عليها مايرضي الله عزوجل من قرآن وحديث..كل ذلك حدث بعد تأديتي فريضة الحج للمرة الثانية،وقد أديت عمرتين في رمضان ولله الحمد..
أختي الفاضلة:ألا ترين أن الله كان معي حين أنقذني من الضلال،وجاء بي إلى هذه الأرض المقدسة،ولبست الحجاب الشرعي،وتخلصت من الأفكار الفاسدة التي كانت تجول في خاطري..وأيضاً أصبحت حاجة ومعتمرة وأنا في زهرة شبابي..حقيقة..إنها نعم عظيمة أجد نفسي عاجزة عن شكرها والثناء على مسديها سبحانه وتعالى مهما لهج لساني بشكره،وكلت جوارحي بالعمل فيما يرضيه..
وأخيراً:نصيحة غالية أقدمها لفتاة الجزيرة:
القرار ...
تمسكي بحجابك المميز،فإنه رمز عفتك وشرفك،وعزتك وجمالك الحقيقي،وإياك أن تتخلي عنه مهما كانت الضغوط ومهما كانت الأحوال..تمسكي به واحرصي عليه كحرصك على الحياة..
أنت يافتاة الجزيرة أكثر الفتيات حظاً في الدنيا ــ والآخرة إنشاءالله ــ لإنك أكثر فتاة تنعم بالحرية..إنها حرية مع مراعاة حدود الله،والدليل على ذلك أنني مصرية،وألبس النقاب في بلدي..ألبسه في المحاضرات فتحتبس أنفاسي لمدة ساعتين أو أكثر بسبب الإختلاط ووجود الرجال،أما أنت فتدخلين المدرسة أوالكلية وليس فيها رجل واحد،فتكشفين وجهك وشعرك دون أن يعكر صفوك رجل يختلط بك..
احذري أن تقولي إن الفتاة المصرية أو غيرها تتمتع بالحرية..لا وألف لا،بل أنت التي تنعمين بأكبر قد من الحرية والإحترام،وأماحرية الفتاة المصرية،حرية الإختلاط والتبرج والسفور فنحن لا نسميها حرية بل هي عبودية للنفس والهوى والشيطان،ورق عصري في ثوب جديد حيث تتحول المرأة إلى دمية متحركة لا روح فيها ولا حياة.
أختك في الله.....
=================
القصة الأخيرة:توبة فتاة في روض القرآن:ــ
تقول هذه التائبة:
أنا طالبة في المرحلة الثانوية،أعيش في دولة الإمارات العربية ولها معزة خاصة عندي،ففي هذا البلد اختار الله لي طريق الهداية.
منذ قدومي إلى هذا البلد الشقيق وأنا قد عقدت حلفاً مع حضرة الأستاذ الموقر!!(التلفزيون)..كنت لا أفارقه لحظة..لا أترك مسلسلاً ولا برنامج أطفال ولا أغنية ولا تمثيلية إلا وأشاهدها،فإذا ماجاء برنامج ثقافي أو ديني فسرعان ما أغلق الجهاز،فتسألني أختي:لم فعلت ذلك؟!فأجيبها بخبث محتجة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزلية،فتقول لي:الآن تذكرت الواجبات!!أين كنت عند مشاهدتك لتلك المسلسلات والأغاني والبرامج التافهة؟!فلا أرد عليها.
أختي هذه كانت بعكسي تماماً..منذ أن علمتها أمي الصلاة لم تتركها إلا لعذر،أما أنا فلا أحافظ عليها،بل لا أكاد أصليها إلا في الأسبوع مرة أو مرتين.
لقد كانت أختي تتجنب التلفاز بقدر الإمكان،وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها على فعل الخير،وقد بلغ من صلاحها أن خالتي لما أسقطت طفلها وهي في المستشفى وكانت في غيبوبة،رأت أختي وهي تلبس ملابس بيضاء جميلة وهي تطمئنها،فاستيقظت خالتي وهي سعيدة مطمئنة القلب.
كانت دائماً تذكرني بالله وتعظني،فلا أزداد إلا إستكباراً وعناداً،بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوماً بعد يوم،والتلفاز يتفنن في عرض أنواع من المسلسلات التافهة والأفلام الهابطة،والأغاني الماجنة التي لم أدرك خطورتها إلا بعد أن هداني الله عزوجل،فلله الحمد والشكر.
كنت أفعل ذلك وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام،وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه،فكانت نفسي كثيراً ماتلومني،وضميري يعذبني بشدة،لا سيما وأن الأمر لم يكن مقتصراً على إرتكاب المعاصي بل تعداه إلى ترك الفرائض..لذا كنت دائماً أتجنب الجلوس بمفردي،حتى عندما أخلد إلى النوم والراحة فإني أحاول أن أشغل نفسي بكتاب أو مجلة حتى لا أدع مجالاً لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير.
وظللت على هذه الحال مدة خمس سنوات حتى كان ذلك اليوم الذي إختار الله لي فيه طريق الهداية.
كنا في إجازة نصف السنة،وأرادت أختي أن تلتحق بدورة في تحفيظ القرآن الكريم بإحدى الجمعيات الإسلامية،فعرضت علي أن أذهب معها،فوافقت أمي ولكني رفضت..بل رفضت بشدة،وأقمت الدنيا وأقعدتها،وقلت بأعلى صوتي لا أريد الذهاب)..وكنت في قرارة نفسي عازمة على العكوف أمام ذلك الجهاز الذي أصبح جزءاً لا يتجزء من حياتي العابثة..فمالي ولحلقات تحفيظ القرآن..
حب القرآن وحب ألحان الغنا
في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
وحضر أبي..فشكوت له ماحدث،فقال دعوها،ولا تجبروها على الذهاب واتركوها على راحتها..
وكانت لي عند أبي معزة خاصة لأني ابنته الوسطى فليس لي سوى أختي الكبرى،وأخي الذي يصغرني بكثير،وقد قال ذلك وهو يظن أنني محافظة على صلاتي،ولم يكن يعلم بأن الأمر مختلف جداً..
صحيح أني لم أكذب عليه حينما يسألني(أصليت؟)فأقول:نعم...فقد استطاعت أختي أن تخلصني من داء الكذب،ولكن كنت أقوم فأصلي أمامه عندما يكون موجوداً،فإذا ذهب إلى عمله تركت الصلاة،وكان أبي يمكث في عمله من 3ــ4أيام.
وذات يوم طلب مني أبي بلطف أن أرافق أختي ولو لمرة واحدة،فإذا أعجبني الحال وإلا فلتكن المرة الأولى والأخيرة،فوافقت لأني أحب أبي ولا أرد له طلباً.
وانطلقت إلى روضة القرآن.
وهناك..
رأيت وجوهاً متوضئة مشرقة بنور الإيمان،وأعيناً باكية لم تدمن النظر إلى الحرام مثل ما كنت أفعل،فتمالكني شعور فياض لا أستطيع له وصفاً..شعور بالسعادة والرهبة،يخالطه إحساس بالندم والتوبة،وأحسست بأني قريبة من الله عزوجل،فرق قلبي،وانهمرت دموعي ندماً على الأوقات التي ضيعتها في غير مرضات الله..أمام شاشة التلفاز..أو في مجالس اللغو مع رفيقات السوء الاتي لا هم لهن إلا القيل والقال.
كم كنت غافلة عن مثل هذه المجالس التي تحفها ملائكة الرحمن،وتتنزل على أهلها السكينة والرحمة والإيمان.
(لقد من الله علي بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمن، ذقت فيها من نعمته مالم أذق قط في حياتي..عشت في ظلال القرآن هادئة النفس،مطمئنة السريرة،قريرة الضمير،وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا صلاح لهذه الأرض،ولا راحة لهذه البشرية،ولا طمأنينة لهذا الإنسان،ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة.إلا بالرجوع إلى الله..
إن الحياة في ظلال القرآن نعمة..نعمة لا يعرفها لا من ذاقها نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه..)فما أروع العيش في ظلال القرآن.
نعم لقد هداني الله عزوجل،وقد كنت أبارزه بالعصيان،وأقدم مايرضي نفسي على مايرضيه ــ سبحانه ــوما يأمرني به الشيطان على ما يأمر به الواحد الديان..
باختصار،
لقد كنت غافلة فأيقظني القرآن..(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين اللذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً)..
واليوم أتسآءل:
كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني..حقاً إنني خجلة من نفسي،وقبل ذلك من ربي،وصدق القائل:
فيا عجباً كيف يُعصى الإله
أم كيف يجحده الجاجد
وفي كل شئ له آية
تدل على أنه واحد
أتوب إليك ربي وأستغفرك إنك أنت التواب الرحيم
أختي الحبيبة:حلقات تحفيظ القرآن بانتظارك فلا تترددي في الإلتحاق بها..
***والله يحفظك ويرعاك***